
يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم
الله سبحانه وتعالى المتفضل خلق الإنسان وتكفّل به علماً وتزكيةً ورزقاً،لكن عندما تكفّل الله بتعليمنا يجب علينا أن نأخذ بالأسباب أيضاً يوجد تزكية لأنفسنا إذا أخذنا بالأسباب تزكت نفوسنا فأصبحت أعلى من مرتبة الملائكة، فالملائكة لا يوجد لديهم العلم الذي وضعه الله بآدم لذلك الملائكة تنزل وتحضر مجالس العلم وترتقي درجات قال تعالى : ” كونوا ربانين بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون “
إذاً الله تعالى الذي يقول : ” هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ” ، القصد هو أمّي لكن تعلّم في أعظم مدرسة وعند أعظم معلّم وهو رب العالمين ، ” الرحمن خلق الإنسان علّمه البيان ” إذاً عرفنا من هو هذا القادر على أن يأتي بك من أي مكان وبأي طريقة تنام ولا تصحو ، قال تعالى : ” ومن آياته خلق السموات والأرض وما بثّ فيهما من دابّة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير” إذاً آيات الله كثيرة ومن آياته الشمس والقمر .
هل تعرّفنا على الله الإله القوي الكريم ،ما زال مثبّت الأرض تحت أقدامنا ، كلّ ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون ، قال بعض المشايخ : يا شيخنا اعمل لنا كرامة، فقال لهم: أنا فعلت لكم أكثر من كرامة ولم تشعروا، فقالوا: ما هي الكرامة ؟فقال : أنّكم جئتم والأرض تحتكم ولم تخسف بكم وهذه أكبر كرامة .
بعض التلاميذ قالوا يا شيخنا نريد أن نشكي لك الشيطان معذبنا كلما أردنا الذكر يخرب علينا ،فقال :عجيب تشكو الشيطان وهو كان منذ دقائق يشكو عنكم لي ! قالوا: لماذا؟ قال :لأنّكم متزوجون ابنته وعندما يأتي لكي يزورها تنزعجون، فقالوا: ومن هي ابنته؟ قال :هي الدّنيا أنتم وضعتم الدنيا في قلوبكم وهو يريد زيارتها أخرجوا الدنيا من قلوبكم لكن يجب أن تصحب أهل الله وخلوات وبكاء وسهر وأيضاً الهمّة والمعلّم ،هذا كلّه يساعدك على أن تزكّي نفسك وإذا تزكّت النفس أصبحت مثل المرايا النظيفة .
كذلك الروح ، الروح كالريح إذا مرّت على طيبٍ طابت وتخبث إن مرّت على الجيف ، عندما تخالط الفاسدين تتلّون روحك وعندما تخالط الصّالحين تتعطّر ، عندما يصفو قلبك يتوجّه إلى السماء فتنطبع به علوم السماء. إذاً اتعبوا على أنفسكم بالمجالسة والذكر والجهد ، ابذل الجهد خالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محضاك النصح فاتهم . دائماً خالف نفسك إن كنت تريد أن تشرب ماء قل لنفسك ليس الآن اقهر نفسك بأي وسيلة فهذا يعتبر جلاء لها بعد ذلك تنطبع العلوم الربانية في قلبك وتشع منك الأنوار وتضيء لك وللناس .
” انظرونا نقتبس من نوركم ” ، ” قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً ” مثلما كانوا يضحكون على المؤمنين في الدّنيا فإنّهم يضحكون على المنافقين في الآخرة ” فاليوم الذين آمنوا من الكفّار يضحكون ” فينظرون الفّار إلى الوراء لكي يروا من أين يأتِ النور لم يجدون شيئاً ثمّ يعودون فيقولون للمؤمنين انظرونا نقتبس من نوركم فيقوب الله تعالى : ” فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ” .
أنت عندما تتعرّف على الله ،والتعرّف على الله لا يكون إلّا بالحاسة السادسة وهي القلب وهذا القلب إذا لم تنظّفه ولم تذهب للطبيب لكي يداوي لك هذا البصر الداخلي ” فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ” إذا وفقك الله يجمعك بطبيب لديه جميع الاختصاصات ، وعندما يداوي لك نظرك تصبح كما قيل قلوب العاشقين لها عيون ترى مالا يراه الناظرون وأجنحة تطير بغير ريشٍ إلى ملكوت ربّ العالمين .
إذا استسلمت للمعلّم فتصبح أنت الذي جاء في ليلة القدر بل أفضل منه لأنّ الذي جاء في ليلة القدر من الممكن أن يطلب الدّنيا ويغوص بها أي سيدنا بلال عندما التقى برسول الله أفضل أمّا لو التقى بمئة ألف طن من الذهب أفضل عندما التقى بالنبي ليس فقط أتاه الغنى بل جاءه العز ، نحن الآن لا نعلم أننا نأخذ من عند أهل الله الجوهر ونقدّم لهم القمامة وليس فقط بل نقدّم الأذى والإهمال والإعراض لكن أهل الله قلوبهم كالبحور والمعلّم لا يريد منك إلّا أن تضع يدك في نشر الدعوة ولو إرسال درس واحد إلىصدقائك حتّى يوم القيامة لا يحاسبونك.
أنت مسؤول أمام الله عنهم لكن عندما تكون ناشر الدروس وهم لم يسمعوا أنت فعلت عملك اللهم فاشهد إذاً يجب أن نتعرّف على حضرة الله ،” هو الذي بعث في الأميين ” مهمات النبي يعلمهم الكتاب وليس الكتابة بالأحرف لكن تعليم الكتاب على نوعين الأول تعليم القراءة والنوع الثاني القرآن اسمه رسالة والنبي اسمه رسول لأنه يحمل هذه الرسالة فنحن لا نعلم من المرسل نقول الله لكن لا نعلم من هو الله لا نتعرّف عليه باللسان بل بالقلب .
فيجب أن يتكحّل القلب حتّى يرى قدرة الله والحقائق في هذا الكون الهائل ، لو يسمعون كما سمعت كلامها خرّوا لعزة ركّعاً وسجدا إذا عرفنا الإله العظيم الذي خلقنا من ماء مهين الله اختارك من بين خمسين ألف حيوان منوي فتريد أن تخيّب ظنّه فيك لكن يجب أن تقول سوف أعمل الذي يريده الله ولا أخيب ظن الله وسوف أكون قرة عين لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولأهل الله .
عندما تعلم حقيقة الرسالة تصبح ” كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون” وأيضاً ” تتجافى جنوبهم عن المضاجع ” لأنك علمت المرسل أمّا الآن قليلاً من الليل ما يصحون ، عندما تأخذ الوقاية مثلما علّمك الشرع والدين لتصل إلى الحقائق .
الدين يحصنك من الجن بهذه الأوراد خذ فيها آية الكرسي حراسة من أول نومك إلى أن تصحى ، كل عمل ابدأ بسم الله فإذا نسيت الجن يشاركك في طعامك ، الله تعالى عندما بعث لنا الشرع لم يدع صغيرة ولا كبيرة إلّا وبيّنها لنا لكي نمشي في طريق كلّه سعادة ، الله تعالى خلق كل شيء بقدر معلوم .
الإنسان عندما يستجيب إلى الأنبياء إلى أين يصل سورة الكهف التي نقرأها كل يوم جمعة في بداية السورة يقول تعالى : ” إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ” أي الذين يحملون الدين فتية شباب قوة الله لم يتخلّى عنهم ” وربطنا على قلوبهم ” أي نصرهم الله وحفظهم في النار من كل الحيوانات ثلاثمئة وعشر سنوات .
يعلّمهم الكتاب والحكمة هي مادة النجاح ، ” وأتوا البيوت من أبوابها ” إذاً المسلم ناجح لأنه يمتلك مادة النجاح وإذا رأيت مسلم فاشل ويصلّي مئة ركعة اعلم أنّه لا يملك الحكمة ، الله بقول : ” ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ” ومن يخسر الحكمة يخسر خيراً كثيراً بعد الحكمة قال :” ويزكّيهم ” ، عندما تنظف من الصدأ كما قال النبي ( إنّ القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد وإنّ جلاؤها ذكر الله وتلاوة القرآن ) عندما تتعب بكثرة الذكر في الليل والنهار ينظف القلب وتشرق به العلوم .
التزكية التي فقدها الكثير من الناس لأننا فقدنا المعلمين ، أسيادنا كانوا يقولون الجامع هو العالم الذي يجمع قلوب الناس على محبة الله بعد أن يزكّيها وتصبح إنساناً طيّباً عند الله ورسوله والملائكة وعندما تصعد روحك تقول الملائكة أهلاً بروح الطيبة الطاهرة وعكسها اخرجي أيتها الروح الخبيثة إلى عذاب الله .
إذاً عليك بلغة أهل الله يجب أن تتعلم النحو عند أهل الله يوجد معلم يعلّمك الأفعال والأسماء وهذا مفيد لكن أهل الله عندهم نحو ثاني وهو الفاعل والفعّال هو الله هو الفعّال لما يريد والكون مفعول به هو متصرف به يجب أن تفهم هذه اللغة حتّى تفهم على الله ، ” لا يُسأل عمّا يفعل وهم يسألون” .
إنّ الهوا لهو الهوان بعينه إنّ الهوان هو إنّ الهوان هو الهوى قلب اسمه فإذا هويت فقد لقيت هوانا ، يبدّل هذا الهوان بهول الوعيد أي يوجد أمامك موقف يجعل الولدان شيبا انتبهوا لهذا اليوم ، متى سوف تتخلص من الهوى ، المزكّي يبدل غفلتك بنور الذكر ( قلوب إذا منه خلت فنفوس لأحرف الشيطان اللعين طروس وإن ملئت منه ومن نور ذكره فتلك بدور أشرقت ) إذا ملئت قلبك بمحبة الله ونور ذكره جمعت الخيرات كلّها في قلبك وعندما يستقر نور الله في قلبك بدأت سعادتك وتصبح السعيد المسعد .
أمّا إذا كانت الآذان مثل القمع تدخل الكلمة من مكان وتخرج من مكان آخر فلا يستقر في القلب شيء ” وتعيها أذنٌ واعية ” الحكمة الإلهية لم يذكر وتعيها آذان بصيغة الجمع لأن تعيها من الوعي وهذا الوعي الذي يأخذ الكلمة وتستقر في قلبه ويذهب وينفذها هؤلاء أصبحوا نادرين .
المزكّي يبدل الهوى بانشغال الفكر أي لا تبقى شارد مثلما قالوا لسيّدنا عمر أنت لا تشرد قال نعم قالوا أين تشرد قال أدبر أمر الجيوش ، إذا كان شرودك بالدعوة وأمرها هذا ليس شرود ، هذه التزكية من مهمة الأنبياء والعلماء والورثة ، عندم يموت الإنسان يرثه الأولاد وليس كل الناس وهذا معنى ورثة الأنبياء.
الله تعالى يعلم حيث يضع رسالته ؛ الله تعالى بعث النبي أمّي وقادر أن يبعثه ومعه مليون شهادة لكن الحكمة الربانية لكي يكسر رؤوس المتكبرين ” وقالوا لولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ” وردّ الله عليهم ” أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ” فالله تعالى قسم المعيشة في الحياة وفضّل بعض الناس على بعض لكي نستمر
سيّدنا موسى دعا الله أن يجعل الناس سواسية فردّ الله وقال له لا يصلح الأمر يا موسى لكن موسى ألحّ فقال الله انظر ماذا يحصل الله أمطر عليهم سبعة أيام من الذهب فأصبحوا أغنياء فبعد أيام خرب المزراب وأصبحت الماء تتدفق فذهب لعامل المزراب فقال له تركت العمل وأغناني الله وخرب الباب فذهب للنجار وقال أيضاً أغناني الله فسيّدنا موسى دعا الله أن يعيدهم مثلما كانوا ، الحياة لا تصلح إلّا بتفاوت فربنا أحكم الحاكمين جعلنا الله أهل للتزكية .