
وقل اعملوا
بسم الله الرحمن الرحيم
النبي صلّى الله عليه وسلّم أخبرنا بأنّه أوقف بعض الصحابة بين يديه وقال له : (يا عويمر كيف بك إذا أوقفك الله غداً بين يديه يوم القيامة وسألك أتعلمت أم جهلت؟ فإن قلت تعلمت قال لك : ماذا عملت بعلمك ؟ وإن قلت جهلت ،قال لك :ما هو عذرك ؟) هذا الكلام ليس فقط لهذا الصحابي كل واحد منا سوف يقف ويُسأل .
النبي صلّى الله عليه وسلّم عندما كان جالساً مع أصحابه فأخبرهم أنّ الله عندما يحاسب العبد إذا لم يكن لديه عملٌ صالح فيقول : اذهبوا به إلى النّار، فرجل أمر الله به إلى النار فمشى مع الملائكة إلى النار ويلتفت فيقول الله تعالى : عبدي لمَ تلتفت فيقول : يارب عسى أن تدركني رحمتك ، فيقول الله تعالى : هل رحمت أحداً من خلقي هاتِ ولو عصفور إن كنت رحمت عصفور في الدّنيا أنا أرحمك ، فقال الصحابة : كنّا نشتري العصافير من الأطفال ونطلقها لعلّنا أن نكون ممن رحموا عصفور فيرحمنا الله .
يوم القيامة يقف العبد بين يدي الله فعندما يسأله يقول يارب : أنا كنت عبدك لا أستطيع أن أصلي ، أنا عبد ملك شخصٍ آخر ، يجلب الله سيّدنا يوسف ويقول له : هذا عبدٌ وأنت عبد لماذا لم ينشغل عن عبادتي وأنت انشغلت عن عبوديتك؟ فيقيم الحجة عليه، لا تستهن بالحساب وتقل الله غفورٌ رحيم، فالنبي أعلم منا بهذا الكلام لكن كانت تتورم قدمه من كثرة القيام وكان بعض الأوقات يجلس في التعليم حتى العشاء بشكل متواصل ثم إذا على بيته نزل عليه ” فإذا فرغت فانصب” أي إذا فرغت من الناس ارجع إلى الله .
إذا كان العبد غنياً يسأله الله، فيقول العبد: أنا انشغلت بالمال لكي أنفقه على دينك، فيجلب الله له سيّدنا سليمان هذا الغني لم يشغله عن عبادة الله ونشر الدّين والهداية ، وإذا جاء المريض كذلك يجلب له سيّدنا أيوب ويقول: هذا مرضه أشدّ منك لم يشغله ذلك عن عبادتي ، إذاً لا تستهن بالحساب وسوف يسألنا الله ماذا كان يشغلنا في الدّنيا . وإن قال عبد آخر أنا كنت مهاجراً من بلدي ،فيأتي الله بسيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم ويقول لك: هذا خرج من بلده لكن لم يمنعه ذلك من العبادة ونشر الهداية، أي كلّ سؤال له إجابة لا نستطيع إخفاء الأمر .
يجب أن نشد الهمّة ونتشبّه بالصحابة مع أسيادنا لنكن لهم أجنحة بتبلّيغ العلم وننشره ونبيع النفس الأمّارة بالسوء ” إنّ الله اشترى من المؤمنين أموالهم وأنفسهم ” لا تفكر عندما تستخدم مالك وولدك وكل ما تملك في نشر الهداية أنّك ستصبح فقيراً فالله يبدلك أفضل منهم أو يصلحهم لك . عندما أمر الله أن يذهب إلى النار رأى أباه أيضاً ذاهباً إلى النار فقال يارب أريد أن أدخل النار بجرمي وجرمه وأدخل أبي الجنّة فيقول الله تعالى : عققته في الدّنيا وبررته في الآخرة خذ بيد أبيك وادخلا الجنّة .
قم واجمع خير زاد ولا تركن إلى الدّنيا فإنّ المال يجمع للنفاد أترضَ أن تكون رفيق قوم لهم زاد وأنت بغير زاد ، إذاً نعتمد على الله ثمّ نعمل ونستعين بالله فإن كنّا على هذا كما قال الشبلي: ( حاسبونا فدققوا ثمّ منّوا فأعتقوا ) هذا هو صاحب العمل والنيّة السليمة ، إذا منّ الله عليك قال إذا أراد إظهار فضله عليك خلق الفضل ونسبه إليك فكن أنت على مستوى تستحق هذه المرتبة والله ييسر لك الأمور .
إذا كنت لا تملك شيئاً للزراعة إلّا أن تضع البذور هذا العمل والجهد يقدّره الله ويخرج لك الموسم هذا من فضله. إن كنت معتمداً على الله وليس على جهدك أمّا إذا كنت معتمداً على جهدك تحمّل مسؤولية نفسك بين يدي الله إذاً كما قال عليه الصّلاة والسّلام ) أخلص دينك يكفك العمل القليل) ، لو تقدم صلاة الفريضة فقط الله يجعلها ” إنّ الأبرار لفي نعيم ” ، ” كلّا إنّ كتاب الأبرار لفي عليين ” ، عملك وإن كان قليلاً إذا كان فيه إخلاص فهو ثقيل في الميزان وإن لم يكن فيه إخلاص فهو خفيف ولا يُقبل .
لذلك يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم : ( أخلص دينك يكفك العمل القليل )ثمّ قال: ( طوبى للمخلصين ) . سيّدنا يحيى التقى بالشيطان فقال له : من أين تأتي للإنسان؟ فأجابه الشيطان: كيف جعلتك لا تقوم الليل؟ عندما أكلت كثيراً أنا أشهّي الإنسان حتّى يزيد في طعامه ،فقال يحيى عليه السّلام :والله لا املأ بطني بعد اليوم، فقال الشيطان :والله لن أعطي نصيحة لابن آدم بعد اليوم.
يقول النبي : الله عليه وسلّم : ( لا تشمت بأخيك فيعافيه الله ويبتليك ) إنسا مرّ بظروف وقصّر لا تشمت به بل شجعه وخذ بيده ولا تجعل نفسك أفضل منه فإن فعلت ذلك يبدّل الله أعمالكم بشكل معاكس، كان أخوة من بني إسرائيل أحدهم متعبّد دائماً وملتزم والثاني مبتلي بالخمر وغير ذلك وكلّما مرّ عليه الأخ المتعبّد ينصح العاصي فيقول له :إن شاء الله ،وبعد مرور الزمن قال: المتعبد دائما تقول إن شاء الله والله إنّ الله لن يغفر لك فقال الله نبي ذلك الزمان: من المتألي علي إني قد غفرت له وأحبطت عملك .
انتبه إيّاك أن تتكبّر على نملة لأنّ النملة تأتي يوم القيامة لا مغتابة أخد ولا كذّابة ولا طعامها حرام ولا ناظرة إلى الحرام تكون أفضل منك . رابعة العدوية عندما بكت فقالوا لها ما يبكيك قالت : أبكي لأني رأيت الشاة تدخل النار لكي تصبح طعام وهي ميتة أنا نحن ندخل النار ونحن أحياء .
إذاً استقم ما استطعت واصحب المستقيمين ومجالسهم هذا يجعل الشيطان يبعد عنك ، إذا كذب العبد كذبة واحدة تباعدت عنه الملائكة ميلاً ( كيلو ونصف ) من نتن ما جاء به أمّا المؤمن لا يكذب،إذا شعر النبي صلّى الله عليه وسلّم في بيته كذبة واحدة أو أحدا كذب يهجره حتّى يتوب توبة نصوحا، كان أكره خلق على النبي صلّى الله عليه وسلّم الكذب أنت عندما تصدق تكبر عند الله يصبح لك القدر عند الله والملائكة والنّاس والله يبارك برزقك حتّى ولو لم تنتج إلّا القليل والذي يكذب يركض ولا يكفيه ويقول لماذا تحصل هذه الأمور، الأمور نجاحها من عند الله وفشلها من عند الله إذا دفعت ثمنها الكذب لا يمكن أن يعطيك الله الننجاح ، النجاح ثمنه الصدق والإيمان الذي هو أمانة ووفاء وإخلاص وشفقة على الناس ( الخلق كلّهم عيال الله وأحبّ الخلق إلى الله أنفعهم لعياله ) هكذا يجب أن نكون دائما نحب الخلق ونكره العاصي لمعصيته فإذا ترك المعصية فهو أخ وحبيب لنا نسأل الله أن يعيننا على ذلك .
نسأل الله أن يجعلنا أهلاً لنكون من المؤمنين ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ” .