وصايا المصطفى صلّى الله عليه وسلّم

اللهم لك الحمد والشّكر كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك اللهم إنّا نسألك من جودك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً ودعاءً مستجاباً وشفاءً من كلّ داء .

في هذا الشهر المبارك الذي ولد فيه المصطفى صلّى الله عليه وسلّم ولد فيه النّور والهدى ، ولدت سعادة البشريّة ، إذا أردنا أن نتعرف على هذا النبي العظيم صلّى الله عليه وسلّم عندما نسمع وصاياه فينا وهو أحنّ علينا من آبائنا وأمهاتنا فمن وصاياه التي يوصي بها قال : يا معاذ أوصيك بتقوى الله تعالى.
كيف يكون الإنسان متحصّن داخل قلعة من عدوّه كذلك تقوى الله هي الدّرع الحصين للإنسان كي لا يتعرض له الشّيطان .

إذاً يا معاذ أوصيك بتقوى الله فهي وصيّته لسيّدنا معاذ ولنا نحن نسمع كلام المصطفى صلّى الله عليه وسلّم ونردد كلامه، يا معاذ: اتقّ الله وأوصيك بتقوى الله والقرآن يقول : ” يا أيّها الذين آمنوا اتقوا الله حقّ تقاته ” ، فالقرآن يوصي بتقوى الله والنبي صلّى الله عليه وسلّم يوصي بتقوى الله فمن سيكون معاذ ويأخذ هذه الوصيّة بالعمل وليس بالإهمال .تقوى الله عز وجل ستغير نظرة النّاس إليك فيأمنوك على أموالهم عندما تكون تقي ويأمنوك على أعراضهم وأسرارهم وأرواحهم ولكن عندما يكون العكس فأنت الخاسر لأنّك خسرت ثقتهم .

) صدق الحديث): إذا أتى خاطب لابنتك شخصين أحدهما صادق والآخر كاذب فمن تختار ؟ وإذا أردت أن تختار شريكاً لك في العمل تختار كاذباً أم صادقاً ؟ وإذا أردت أن تسافر مع من تسافر مع شخص كاذب أم صادق ؟ فالصدق رأس مال المرء قال تعالى : ” ليجزي الله الصادقين بصدقهم “، واقرأوا بسورة المرسلات عشر تهديدات من الله : “ويلٌ يومئذٍ للمكذبين ” كررها الله عشر مرّات حتى نعلم مخاطر الكذب وإلى أين يوصل .

النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ( مازال الرجل يكذب ويتحرّى الكذب حتّى يكتب عند الله كذّاباً ) يتحرّى أي يتهاون ويقول هذه كذبة نيسان هذه كذبة على صغير أو حيوان ، عندما تكذب أنت كذبت مع الله الذي أمرك بعدم الكذب لا تقل صغير أو كبير أو حيوان أنت بكذبتك خالفت خالق السموات والأرض ، فإذا سُطّرت عند الله أنّك كذّاب لو أنّ أهل الأرض دعوك يا صادق كلام من سيثبت ؟ كلام الله ، فاحذروا هذه الوصيّة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واجعل كلامك صدقاً ، فإذا كان الكذب ينجي فالصدق أنجى وأنجى .

(وأداء الأمانة) : كلّ نصيحة أغلى من الجوهر وتكتب بماء الذهب وهنيئاً لمن يأخذها ويعمل بها ، النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : ( أدِّ الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك ) ، أحذر أن يستدرجوك فإذا خانك أحدهم يقول لك الشيطان أن تردّ عليه بالمثل فتخونه فاحذر من ذلك . (ورحم اليتيم ) :الذي قال عنه عليه الصّلاة والسّلام : ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة ) وأشار إلى أصبعيه ، فعندما نحنُّ عليه سيشعر أنّ المجتمع جميعه أبٌ له ويكون إنسان صالح في المجتمع أمّا عندما نهمله سيكون عنده رغبة في الانتقام من أي إنسان لأنّه كان معذباً بسبب غياب أبيه فيفشل المجتمع بهذا الأمر .

)وحفظ الجوار) : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ( وما زال جبريل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورثه) عليك أن تعلم أنّ من جيرانك الملائكة الموجودة على كتفيك فأعطهم حقّهم بأن يكتبوا الحسنات ولا يكتبوا السيئات ، ولا تنس أن هناك جار له ثلاثة حقوق وجار له حقّين وجار له حقّ واحد فالجار الكافر له حقّ واحد وهو حقّ الجوار والجار المسلم له حقّين حقّ الجوار وحقّ الإسلام والجار المسلم من ذي الأرحام له ثلاثة حقوق حقّ الجوار وحقّ الإسلام وحقّ القرابة .

) وحفظ الجوار وكظم الغيظ ) فعندما لا تكظم غيظك ماذا ستفعل ؟ إمّا أن ترتكب جريمة أو تكفر وتسب الدّين فتطلق زوجتك أو … لذلك كظم الغيظ يحتاج إلى إرادة والإرادة تحتاج تربية والتربية تحتاج إلى ذكر ( برنامج ذكر) حتّى تملك نفسك ، فإذا لم تستطع أن تكظم غيظك فكلّ ما تجنيه من حسنات وعبادة ستذهب في ساعة غضب لأنّ الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخلّ العسل هكذا قال صلّى الله عليه وسلّم .

) ولين الكلام) فالمؤمن يبحث عن الكلمة الطيبة قال تعالى : ” وهدوا إلى الطّيّب من القول ” ، حتّى ولو كان مع الجاهل ” وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ” ، إذا كان يكلّمك بكلام فظ غليظ فهذه لغته أمّا أنا فأكلّمه بلغتي .

) وبذل السّلام ) عندم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ( وبذل السّلام ) قالوا : يارسول الله على من ؟ قال : على من تعرف ومن لا تعرف ، هذه هي حقيقة السّلام ، أمّا نحن لا نسلّم إلّا على من نعرفه هذا ليس السّلام لله إنما لمصالح ، هناك قصر في الجنّة لمن يسبق أخاه بالسلام وهو قصر السّلام .

) ولزوم الإمام ) الإمام هو المربّي هو المعلّم هو الشيخ الذي يجب أن يكون أغلى من الأم والأب لأنّه عندما سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : ( آبائكم وأمهاتكم يخافون عليكم من نار الدّنيا والعلماء يخافون عليكم من نار الدّنيا ونار الآخرة ) ، فالشيخ يريدك أن تعيش في الدّنيا دون هم وغم وضيق وكرب وفي الآخرة لا يريدك أن تكون من أهل النار يريدك أن تعيش في سعادة بالدنيا والآخرة ” ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ” .

لزوم الإمام من أجل أن نربّي نفوسنا على الإداستقامة ولساننا على الكلمة الطّيّبة ونربّي عيوننا فلا تنظر إلى الحرام وإلى أعراض الناس فكل ذلك دين وسيأتي يوم وتنظر الناس إلى عرضك، ويربّي لك أذنك كي لا تتلذذ بالغيبة والكذب والنميمة فتربّى على سماع العلم والخير والقرآن هذا هو لزوم الإمام الذي فقده كثير من النّاس فقدنا هذه التربية ولم تبقى مهمّة الشيخ إلّا أن يعلّمك الوضوء والاستنجاء وأحكام الجسد أما أن يعلّمك كيف تتخلّص من أخلاقك الرذيلة وتتوب توبة نصوحة وتلبس لباس التقوى الذي قال فيه الله : ” ولباس التّقوى ذلك خير” هذا العالم أصبح أندر من النّادر .

) والتفقه في القرآن ) عليك أن تفهم ما تقرأه فإذا لم تفهم آية اسأل عنها فغداً يوم القيامة سيسألك الله عن كلّ آية من آيات القرآن أربع أسئلة هل قرأتها ؟ هل فهمتها ؟ هل عملت بها ؟ هل علّمتها لغيرك ؟ إن كان الجواب نعم فهنيئاً لك أمّا أن تقول قرأتها ولكن لم أفهما فما هو عذرك هل سألت أحداً ورفض أن يعطيك العلم ؟ عندما يكون الأمر دنيوي تسأل عنه حتّى تصل إلى الهدف والمعنى إذاً عليك أن تقرأ وتفهمها وتعمل بها ثمّ تعلّمها هكذا انتشر القرآن فالنبي صلّى الله عليه وسلّم لم يذهب إلى الصين لينشر الإسلام إنما الصحابة والتابعين هم من نشروا الإسلام .

) وحبّ الآخرة ) فاجعل قلبك يتعلّق بالآخرة ولا تعلّقه بالدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة فانظر إلى قارون كم جمع من المال ماذا نفعه؟ وفرعون ذو الأوتاد ماذا نفعه ملكه ؟ هذه الأمم السابقة هي مدرسة لنا لنعلم أنّ كلّ من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام فعندما نحب الآخرة نعمل لها وعندما نحب الدنيا نعمل لأجل الدنيا ، بعض الخلفاء دخل عليه أحد المشايخ فقال له الخليفة : لماذا تحبون الموت ونحن نكرهه فقال الشيخ : تكرهون الموت لأنكم خرّبتم الآخرة وعمّرتم الدنيا فتنتقلون من العمار إلى الخراب فتكرهون الموت أمّا نحن عمرنا الآخرة وخربنا الدنيا لذلك ننتقل من الخراب إلى العمار ذلك نفرح .

)والجزع من الحساب ) فتبقى خائفاً من الوقفة بين يدي الله عندما يفتح لك صندوق أعمالك ويريك بضاعتك التي أحضرتها فيقول لك ” هذه بضاعتكم ردت إليكم” ، ” هذا ما قدّمتم لأنفسكم” ماذا وضعت في صندوق أعمالك ؟ الكذب والخيانة والأكل الحرام وإيذاء الناس ، لذلك عندما تخاف من الحساب سوف تنقي بضاعتك وإذا زلّت قدمك تبكي وتستغفر وتنظم وتتوب هذا هو الجزع من الحساب .

) وقصر الأمل ) لا تجعل أملك طويل دائماً إذا أصبحت لا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، لا تدري بأي وقت يقولون لك تفضّل عندها لن تستطيع أن تتقدّم أو تتأخر لحظة ولا يستطيع أهل السماء أو أهل الأرض أن يشفعوا لك أو يؤذن لك بصلاة ركعتين فتقول : ” ربّ ارجعون لعلّي أعمل صالحاً ” فالله يجيب ” كلا إنّها كلمةٌ هو قائلها ” قصر الأمل يجعلك تضع الآخرة نصب عينيك .

) وحسن العمل ) فكن دائماً من كمال إلى أكمل هكذا المؤمن دائماً مشغول بأعماله ويحسّن بها ( وأنهاك أن تشتم مسلماً) اللعنة لم تحملها الجبال وعندما تخرج من صاحبها تدور الآفاق فتبحث إن كان صاحبها يستحقّها وإلّا رجعت إلى من لعنها ، النبي صلّى الله عليه وسلّم في سفره سمع امرأة تلعن الناقة لأنها تمشي ببطء فقال : خذوا الأحمال التي فوقها ودعوها لا تصحبنا ناقة ملعونة ، لم يقل لهم اذبحوها واستفيدوا من لحمها فكان الصحابة يمرّون بتلك النّاقة ويقولون تلك النّاقة الملعونة .

قال ( وأنهاك أن تشتم مسلماً أو تصدّق كاذباً ) لا يلدغ المؤمن حجر مرتين فعندما يكذب أحدهم يسقط من عينك فكيف إذا كذبت على أمك أو أبوك أو جارك أو شيخك هل تستطيع أن تكذب على طبيبك ؟ هذا كلّه ستحصده في إيمانك .

) أو تكذّب صادقاً ) إذا عرفت إنساناً صادقاً واشتُهر بالصدق لا تتهمه بالكذب بل شجّعه وقل له إذا رأيتك تكذب أنا لا أصدق لأنك تربيت على الصدق وأنت صادق ، بهذا الكلام تشجعه على أن يزداد صدق .

) أو تعصي إماماً عادلاً ) ويقصد بالإمام رئيس المعمل أو رئيس الورشة أو إمام مسجد ما دام عادلاً فخذ بنصيحته .
) أو تفسد في الأرض ) فعندما تقع في مثل هذه الأمور الأمر يعود إليك فعندما تلقي الحجر إلى الأعلى سيعود على رأسك .

وصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غالية فالموفق من سجّل هذه الوصيّة أو كتبها في دفتره لأنّ كل كلمة تكتب بالذهب فهذا كلام سيّد الخلق الحنون ، الرحمة المهداة ، صاحب الخلق العظيم نحن نقول أننا نحب النبي ونفرح بمولده وأحاديثه ووصاياه نهملها فإذا كنّا كذلك نحن كاذبون وندّعي محبته إنما علينا أن نكثر من الصلاة عليه هذا هو الحب الصادق لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم

أماّ مثل بعض النساء تقول : يقبرني رسول الله وأعمالها يكرهها رسول الله وجميع تصرفاتها مع زوجها وأولادها يكرهها رسول الله وتدّعي محبّة رسول الله هذه كاذبة من يحب رسول الله ينفّذ كلامه ويكثر من الصلاة عليه ويتبع سنّته ” قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ” .

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: