والله لتموتن كما تنامون

“استفتح سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس قائلاً : والله لتموتُنَّ كما تنامون ” يقسم يميناً بالله أنَّنَا سنموت كما ننام …”وَلتبعثنكما تستيقظون” سننام نومة لن نستيقظ منها إلا يوم القيامة …
لماذا يحلف النبّي صلى الله عليه وسلم …لأنَّ قليل من النّاس من يملك اليقين …لا يملكون التّصديق ..
ـ عندما تكون مؤمناً حقًّاً أنت كالعصفور في قفصه …عندما يكسر القفص تبدأ سعادته …تبدأ حريّته …وتغريده…وبناء عشّه …أما غير المؤمن سيكون موته انتقالاً من قفص إلى قفص من الدّنيا إلى جهنّم
“ولتسألُنَّ عمّا تعملون ” بعد الموت هناك حساب وسؤال
ولو أنّا إذا متنا تركنا لكان الموتُ راحةَ كلّ حي
و لكناّ إذا متنا بُعثنا ونسأل بعدها عن كلّ شيء
ـ عندما يفكّر المؤمن بأنّه سيحاسب يوم القيامة على كل صغيرة و كبيرة …”فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شراً يره” يحاسب نفسه ابتداءً من الدّنيا على كلّ عمل … قال عليه الصّلاة والسّلام : “اَطب مطعمك تجب دعوتك “
تكون مستجاب الدّعاء إذا حاسبت نفسك على كسب الحلال مثال على ذلك قصّة القوم الذين منعوا الغيث فذهبوا إلى رجل سمعوا عنه أنه مستجاب الدعّاء وأراد وا أن يطلبوا منه الدعّاء لكنّه كان مشغولاً ولم يجبهم.. ولم يكترث بهم فاستغربوا من أمره ….
ولكنه عندما فرغ من عمله سألهم حاجتهم ودعا لهم وأمطروا ببركة دعائه لماذا ؟ لأنّه كان يخاف الله في عمله ويحاسب نفسه على الكسب حتى يتأكد من أنّه حلال….اً.
ـ العبد الحقيقي إذا قال يا رب قال له تعالى : لبّيك عبدي سل تعطَ ، وإذا كان عبداً للدنّيا وقال يا ربّ يقول له الله ، كذبتَ لستَ عبداً لي إنما أنت عبد للدنّيا و الطّعام والشّراب والمال.
قال صلى الله عليه وسلم : تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدينار، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتفش “
يا ترى هل حصلنا العبوديّة الحقَّة …علامتها أن نستلذ بالطّاعة كما نستلذ بالماء البارد عند العطش
ـ اللهم ارضى عن أهل التدقيق وأهل التّحقيق وأهل التّرقيق وأهل التنميق وأهل الكمال
ـ أهل التّحقيق: هم الذين يذكرون أدلّة الكلام .
ـ وأهل التدقيق :أن يأتوا على الكلام بدليلين من القرآن والسنة
ـ وأهل الترقيق : أن تصاغ العبارة صياغة رقيقة يستأنس بها المستمع
ـ أهل التنميق : أن تزين الكلام بالمحّسنات البلاغية
ـ أهل التذويق : أن تدخل في كلامك أبياتاً شعرية جذّابة تساعدك على حفظ المعاني وفهمها
ـ العبارات اللّطيفة تقرّب المعنى إلى قلبك فالحقائق لوحدها كحبة الدواء المرّ تحتاج إلى تغليف حتى لا تشعر بمرارها .
ـ كذلك حقيقة الموت يجب أن يكون لديك من اليقين ما يكفيك للإعداد لهذه اللّحظة
ـ عندما يكون لديك يقيناً بأنّك عندما تصلّي الفجر فأنت في ذمة الله ….لن تضيعها… وستقبض عليها من الرّضى الإلهي وقرّب المعنى إلى عقلك عندما يعدك أحدهم بمبلغ من المال إذا استيقظت باكراً … هل تستيقظ أم تبقى نائماً …؟…
المال يغريك …كذلك يقينك بعطاء يجعلك تترك النّوم وتقوم ! إلى الصّلاة …أما أن تعيش بالأماني … الله يغفر لنا ، والنّبي يشفع لنا …
إذا تمنيّت بتَّ الليل مغتبطاً لأن المُنى رأس مال المفاليس
المفلس رأس ماله (أريد ) (أعطني ) والله كريم ..وأبي .. وأمي ..وشيخي ..والنبي ….يتمنىّ على الله الأماني … والنبي يقول :” يا فاطمة بنت محمد اشتري نفسك من الله فإني لا اُغني عنك من الله شيءً”
لا تقولي: ” أبي نبي يشفع لي فانتبهي واعملي ” .قال تعالى : ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم “
فالعاقل و الموفق هو الذي يبدأ هذا العام الهجري بمخطط وهمّة عالية ويأخذ عهداً على نفسه أن يتمسّك بالذكر الخفيّ و أن يبدأ بالعمل منه ألف ” لا إله إلا الله “، ليشتري نفسه من النّار يقسمها على الأيام والأسابيع والشّهور حتى ينهيها يضع لنفسه برنامجاً ، فيصبح لديه مغناطيساً و جاذبية لمن حوله ، يهديهم ويعلّمهم الذّكر… ويخرجهم من الأماني إلى العمل .
قصّة صاحب العسل: كان جحا في قيلولة فأخذ يحلم حلم يقظة أنه باع جرّة عسل ،واشترى الأغنام ،وأصبح غنياً ، وخطب بنت السلطان وتزوّجها وعندما أمرها ولم تطعه ضربها بالخيزران …وضرب جرّة العسل وخسر العسل مع الحلم …هكذا من يسوّف ويؤجل و يتمنى على الله الأماني وهو جالس في مكانه . لا تكونوا كأهل الأماني تؤجلوا التّوبة والذّكر و الصّلاة ، بل توبوا الآن وصلّوا الآن و اعملوا الخيرات .
قال صلى الله عليه وسلم : ” هلك المسوّفون ” فالشّيطان مهّمته أن يؤجّل توبتك فيقول لك: ابدأ
ابدأ صلاتك في يوم الجمعة القادم …وأنت لا تضمن حياتك هل ستعيش إلى يوم الجمعة …أو يقول لك أجّلها للغد …أو للشّهر القادم وهكذا …لا تسمع لوسوسة الشيطان بل اشترِ نفسك . قال تعالى : ” إنَّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم “
ـ انتقل من نفسك الأمّارة إلى اللّوامة
أموالنا لذوي الخيرات نجمعها و دورنا لخراب الدهر نبنيها
أموالك ستتركها للورثة ، ونفسك الأمّارة نظّفها …وإنك لا تدري متى تطهر… هل تحتاج إلى نار جهنّم لتكمل تنظيفها …فلو بقيت لعشرة أيّام في النّار لتستكمل نظافتها فهي تساوي عشره آلاف سنة … قال تعالى : ” إنَّ يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون”
ادخل هذه الصفقة الرابحة مع الله وتب إليه أنت الرابح ، قال تعالى: ” الله غني عن العالمين ” هو ليس بحاجة عبادتك و لكنك أنت بحاجة رضاه … اخرج من الإيمان القولي إلى الإيمان العملي . قال صلى الله عليه وسلم: ( لّيس الإيمان بالتحلّي ولا بالتمنّي ولكن ما وقر في القلب و صدّقه العمل )
ختم سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس داعياً : أسأل الله تعالى أن يفتح علينا وعليكم من أبواب رحمته و أن يتوب علينا ويتولانا برحمته ، فهو أرحم الراحمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

(Visited 2 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: