نشر العلم

                                      السيرة النبوية الشريفة الحلقة (10) 
                                                 24/7/2020  بسم الله الرحمن الرحيم 

اللهم اجعلنا قرة عين لحبيبك المصطفى
الذي لا دين له يعيش عيشة الشقاء ، كما قال تعالى : { من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا } فكم نحن مدينون لله أن تفضل علينا بهذا الدين الحنيف و هنا النبي سأل الله أن نكون خير البريّة لكي نحمل هذه الأمانة ، ثقتنا بالله أن يبدل ضعفنا قوة و ذلنا كرامة
حياة النبي مدرسة كاملة في الإيثار و نشر الخير للخلائق .

خرج النبي صلى الله عليه وسلم مهاجراً فاستولوا على أملاكه وجاء إلى المدينة بثيابه و ناقة دفع ثمنها أبو بكر لكن الله عوضه في الدنيا و ما عند الله كبير.
إذاًهاجر النبي إلى المدينة فكان من الصحابة من تبعوه و من سبقوه و هو ينظر إلى فقرهم و كيف قريش سيطرت على أموالهم كصهيب الرومي وغيره ، فعلم النبي أنهم أرسلوا قافلة إلى الشام فرصد أمر القافلة حتى رجعت و عندما اقتربت أراد النبي أن يستولي على هذه القافلة كغنيمة و يرد أموال المسلمين لأنهم من شدة حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم.. جعلوا كل شيء رخيصاً في سبيل الله و رسوله ..تركوا أموالهم و نساءهم لمّا وجدوا هذا الدفء الإيماني ،فتعرض النبي لهذه القافلة خرج من المهاجرين و الأنصار عندما وصل الخبر لأهل قريش أخبروا أبا سفيان أن يغير طريقه عن المدينة فغير طريقه باتجاه ينبع البحر ووصلوا بأمان …لكن قريشاً أخذتهم العزة كيف يتعرض محمد لقوافلنا فأرسلوا له خبراً أنهم يتجهزون لقتاله .
عندها علم النبي أن القافلة نجت بدأ يتشاور مع الصحابة بخصوص المعركة قال : المسافة بيننا مئة كيلو متر فكانت منطقة بدر مكانا للاستراحة، فيها الماء و الجبال التي تحيط بها من ثلاث جهات ففكر النبي أنّه بإمكانه أن يحاصرهم من ثلاث جهات و يقضي على العدو.
خرج صلى الله عليه وسلم على قومه و قال أشيروا علينا أيها المسلمون فقال سعد بن معاذ وكان رئيس الأنصار قال : كأنك تُعرض بنا يا رسول الله (تلمح) والذي بعثك لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك
وكأنه يقول له نحن معك إن دخلت البحر سندخله معك فلماذا تشاورنا إن دخلت البحر ندخل وإن كنت في الوادي نحن معك فقال في ذلك سماحة الشيخ محمود المبارك : فما أجمل هذه الثقة بين القائد والمقود وما أجمل هذه الثقة بين المعلم والمتعلم وما أجملها بين الطالب والاستاذ، وبين الجندي والرئيس والمرؤوس.
ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن نلقى عدونا غداً إنا لنا صبراً بالحرب صدقٌ في اللقاء
ولعل الله أن يريك منا ما يقرّ عينك، فّسر النبي واستنار وجهه ثم قال :على بركة الله.
وكان مما قال سعد بن معاذ : والذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها (الإبل)إلى برك الغمام (إلى اليمن) لاتبعناك .
ثم قال عليه الصلاة والسلام : سيروا و أبشروا فإن الله وعدني إحدى الطائفتين أي إما أن نلتقي بالقافلة و نغتنمها وإما أن نلتقي بالجيش و الجيش سوف ننتصر عليه بإذن الله .
فنوه سماحة الشيخ محمود المبارك قائلاً : والنصر بحاجة إلى إيمان قوي فكيف لثلاث مئة رجل أن يتغلبوا على ألف ؟!! لكن عندما يريد الله يقذف في قلب عدوك الرعب وتزلزل الملائكة قلوبهم وتدافع معك أي أن ( وما النصر إلا من عند الله ) لكن أين توجد هذه الثقة ؟ لاتكن إلا في قلب المؤمن.

قال عليه الصلاة والسلام والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم الآن لذلك عندما وصل إلى بدر، قال لهم هنا سوف يموت فلان وهنا سيقتل فلان ، فقال الصحابة: و الله ما اختلف مكان أحدهم عما حدثنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وصفهم الله تعالى أنتم لا تحبون الشوكة (الحرب) إنما تحبون الغنيمة ،فبين لنا سماحة شيخ محمود المبارك حكمةً من ذلك أنَّ الله أراد للمؤمنين العزة، فأخذ القافلة لن يحقق لهم العزة مثل نصرهم على جيش مدججين بالسلاح والخيول والإبل أتو متكبرين .
فتابع الشيخ محمود الميارك راوياً لنا ما جرى : عندما وصل أبو سفيان أرسل خبر إلى أبي جهل و أيضاً سيدنا العباس الذي كان إسلامه خفاء…. عندما وصل إليهم الخبر بأن القافلة وصلت بخير وليس هناك داعي للقتال لم يتراجع أبو جهل بل أخذته العزة بالإثم وازداد إصراره على عدم العودة حتى يصل إلى بدر و يشرب الخمور و ترقص المغاني و تسمع بنا العرب أنه من يتعرض لقوافلنا يهلك وهولا يعلم أن رأسه سوف يصبح بين أقدام الخيول.
اتّفقوا اللقاء عند ماء بدر فوصل الصحابة قبلهم ونزلوا في الميدان فقال النبي انزلوا في هذا المكان فنزلوا فقال أحد الصحابة هو الحباب بن المنذر يا رسول الله هل هذا وحي أم اجتهاد؟! فقال النبي اجتهاد فقال يا رسول الله هذا المكان لا يصلح لنا لأن العدو سيسيطر على الآبار ويهلكنا عدونا وأشار عليه أن نسبقهم إلى الآبار ونقوى بالماء و نقطعها عن العدو فالنبي وافق وأمرهم أن يتّبعوا الحباب فاختار موقعا ً أعلى وأقرب من الآبار وصنعوا حوضاً و ملؤوها بالماء واخفوا الآبار الأخرى لكي لا يستفيد منها الأعداء.
فحدثنا سماحة الشيخ محمود المبارك عن قدرة الله وحكمته في خلقه عندما وصل العدو فرح أن مكانه أرض خصبة أي الخيول ثابتة أما المسلمون اختاروا الأرض الرملية لا تستطيع الخيل أن تثبت , ونسوا وجهلوا أن الله بيده يقلب الأمور، فقلبت الأمور بقليل من المطر فكان الصحابة بردانيين وأكثرهم محتلم فكان الماء طهوراً من الاحتلام و تثبيت الرمال لأرضهم.
أما بالنسبة لأرض الأعداء أصبحت تزحلق ولم يعد يثبتوا معنى ذلك كن مع الله ولو رأيت الامور غير مناسبة بما ان الله رسم لك المخطط فبإرادة الله كل شيء معقول.
فكان من هذه المطرة التي طهرتهم و أعطتهم الاطمئنان , فأرسلوا واحداً لديه خبرة كي يعرف عدد قواتهم فجاء و المشرك فطاف حولهم و كان لديه فطنة فوجد ملابسهم كلها ممزقة و سيوفهم بسيطة وأحذيتهم تألفه حالتهم مزرية فرجع و نصحهم بعدم القتال فسألوه عن السبب قال: هؤلاء ليس لديهم شيء يخافون عليه أي إما قاتل أو مقتول حتى لو قتل كل واحداً منهم مقاتلاً واحداً من عندنا و قاتلناهم يكفينا ذلاً إلى آخر الدهر.
أنا لكم ناصح والأمر لكم، لكن الله يريد ذلهم، فازداد عنادهم ولم يتراجعوا.
في اليوم الثاني كان النبي يريد أن يصفّهم وأحد الصحابة غير منتبه فالنبي اضطر أن يستعمل غصن شجرة ويقوم الصفوف فنخز الصحابي بالغصن وقال له يا سواد إلى الخلف فقال سواد يا رسول الله أوجعتني وأنت الرحمة، أنا أريد أن أقتص، فما كان من النبي بهذا الوقت الحرج إلا أن أعطاه الغصن و قال اقتص لنفسك يا سواد فقال الصحابي: أنا صدري مكشوف وأنت ترتدي الجبة فالنبي كشف عن صدره الشريف فما كان من سواد إلا أن عانق صدره الشريف فقال النبي : ما يحملك يا سواد على هذا قال يا رسول الله: أنت ترى ما بنا لا علم لي إن كنت من الشهداء فأردت أن يمس جسدي جسدك الشريف هذا آخر شيء اتمناه من الدنيا فدعا النبي له بالخير.
وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويصلي لله و الصديق يقول : هون عليك يا رسول الله والله إن الله لا يخزيك .
ومن حكمة الله كان العدو ينظر إلى الصحابة يجدونهم قله فيستخفوا بهم حتى يتم أمر الله والصحابة أيضاً كانوا ينظرون إلى الأعداء فيجدونهم قلة كي لا يدب الذعر في قلوبهم فكان اليهود في المدينة يقولون : نحن أقوى من قريش فكان المسلمون لهم بالمرصاد.
وبنى الصحابة للنبي عريشا فوق تلة حتى يدير المعركة ويشرف عليها وأخذ النبي يصلي إلى جذع الشجرة ويدعو الله حتى سقطت عن كتفه والصديق رضي الله عنه يقول والله إن الله لا يخزيك.
بات المسلمون تغمرهم الثقة وكان الله قد أنزل المطر كما قال: { إذ يغشيكم النعاس أمنة منه و ينزل عليكم ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجس الشيطان و ليربط على قلوبكم و يثبت به الأقدام }
و متابعاَ القَصَص علينا سماحة الشيخ محمود المبارك : و في صباح يوم الجمعة السابع عشر من رمضان السنة الثامنة للهجرة تراءى الجمعان فدعا النبي صلى الله وسلم بهذا الدعاء((اللهم هذه قريش أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك و تكذب رسول اللهم نصرك الذي وعدتني اللهم احنهم بالغداة))
ثم عدل الصفوف وأمرهم ألا يبدؤوا القتال حتى تأتيهم إشارة أما إذا اكتتبوكم (هجموا عليكم) فاسبقوا نبالكم (ارموهم بالنبال) ولا تسلوا سيوفكم حتى يغشوكم.
ثم رجع إلى العريش ومعه ابو بكر فبدأ يصلي ويبتهل حتى قال ((اللهم إن تهلك هذه العصابة(يقصد المسلمين)لا تعبد في الأرض)) وبالغ في التضرع والابتهال حتى سقط رداءه عن منكبه فقال له الصديق حسبك حسبك يا رسول إلحاحاً على ربك.
أما المشركون استفتح أبو جهل فقال اللهم اقطعنا للرحم (اكسر من قطع الرحم) وآتانا بما لانعرف فأحنه الغداة
اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عنك فانصره اليوم )
ثم بدأت المبارزة تقدم ثلاثة من خيرة فرسان المشركين عتبة وشيبة والوليد بن عتبه فقالوا يا محمد أخرج لنا أكفاءنا حتى نتبارز معهم فأرسل لهم ثلاثة من خيرة الأنصار فرفضوا وقالوا أخرج لنا بني عمنا فخرج عبيد بن الحارث وحمزة وعلي رضي الله عنهم ، فقتل علي الوليد واختلفت ضربتان بين عبيد الله وعتبة وهنا يحق للمقاتل أن يساعد أخاه فتقدم سيدنا علي وقضوا على عتبة وحملا عبيد الله لأنه جريح لكنه استشهد بعد أربعة أيام .
اثناء المبارزة ازداد غضب المشركين بسبب قتل فرسانهم فهجم المشركون وبدأت المعركة فبدأ المسلمون بالنبال امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فأكرمهم الله بالنصر وانظر إليهم يوم أحد عندما انتصروا ثم خالفوا انقلب النصر إلى هزيمة فنبهنا سماحة الشيخ محمود المبارك أنَّ ما حصل هو درس إلى قيام الساعة أن القائد لا يُخالف ولو رأيته يسير مغمض العينين ، لكن عندما تستخدم ذكاءك فعندما رأى المسلمون النصر تركوا أماكنهم ليجمعوا الغنائم فالتف خالد حول الجبل فأدى هذا الأمر إلى هزيمة المسلمين وذلك يوم احد ..أما في بدر كان النصر حليف المسلمين بسبب اتباعهم لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم .
فذكرنا سماحة الشيخ محمود المبارك أنه مع كل ذلك وقع المسلمون مرة ثانية بخطأ كخطأ احد بمعركة بويتيه مع الصليبين فالتف الجيش الصليبي على المسلمين فقضى عليهم وعلى نصرهم وقعنا في الخطأ مرتين ولم نستيقظ سبب ذلك أننا ننتفع بالطعام عندما تكون لدينا معدة وتنتفع بالعلم عندما يكون لديك قلب وفكر ((إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد )).
نعود إلى المعركة،أي غزوة بدر الكبرى …. ثبت المسلمون بالنبال فلما تقدم الجيش سحبوا السيوف وامدهم الله بالملائكة وكانت علامة إن الملك قتل أحداً أن تصبح رقبة المقتول سوداء وكأنه احتراق فنصرهم الله واعز الاسلام ((ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة)) ((وأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين)) فلا تبحث عن العزة من غير دين الله وشرعه، فلا تظن أن عزة فلان تدوم أو عزة الدنيا والطمع والمنصب أو عزة المال والاهل والزوجة هذا كله فناء بفناء فالعز الحقيقي ان تعتز بالله وبكتابه وبشرع الله وبرسول الله وبأحباب الله .
تم النصر لكن حصلت حادثة في المعركة أن النبي عندما شاور الصحابة وقالوا له لو أنك تمشي بنا لبرك الغمام ….
كان غلامان أراد النبي ان يردهما فقال احدهما أنا اعرف القتال وشهد له أخوه أنه يجيد القتال فسمح له النبي وأما الأخر فبكى فقال له النبي لماذا تبكي فقال الغلام هذا الذي قبلته أنا اقوى منه، تصوروا أن النبي جعلهما يتصارعان فغلبه، فأذن له النبي بأن يبقى بالمعركة
هذان الغلامان مدرسة، فقال لنا الشيخ محمود المبارك : انظروا كيف كانت الأطفال تبكي إذا حُرمت هذا الشرف وتجد اليوم يختبئ تحت سريره حتى يهرب من العسكرية، فكم هناك فارق؟ فما السبب ؟ السبب أنه كان هناك من يبني الرجال وغيره يبني القرى وشتان بين قرى ورجال.
لم يعد من يبني فينا العزائم الإيمانية كي نكون شجعان فأصبحنا آخر الأمم، انظروا إلى هذين الغلامين ماذا فعلا بدأا يسألان عن أبي جهل فلما عرفاه اقتربا من الناقة وقطعا لها الوتر فوقعت الناقة للخلف ووقع أبو جهل فبدأا يضربانه بكل مكان في جسده فلم يعد يستطيع الحراك فأراد الله أن يذله ذلاً آخر فأرسل له ابن مسعود أضعف المسلمين فبدأ يحاول أن يقطع رقبته فلم يستطع فقال له ابو جهل: يا رويع لقد ارتقيت ((أي نلت مكانة لأنك ارتقيت على صدري ))فقال ابن مسعود رضي الله عنه: ارتقيت بالاسلام وأذلك الله بالكفر. فقال له أبو جهل خذ سيفي فقطع رقبته سحب الرأس من الأذن إلى رسول الله فقال له رسول الله أنت قتلته فقال ابن مسعود نعم، فخرَّ النبي ساجداً لله وقال فرعوني أشد من فرعون موسى فنزل جبريل عليه السلام وقال أذن بأذن والرأس زيادة لأن أبا جهل كان قد قطع اذن ابن مسعود فيما مضى.
من كان الله معه فلا يخشى شيئاً فالله قال والعاقبة للمتقين وختم الحديث سماحة الشيخ محمود المبارك قائلاً : أسال الله أن يتمم الفضل علينا حتى نرى جمال الاسلام من غير حروب بل عن طريق الدعوة ودلالة الناس على الحق.
فاسع جاهداً لنشر العلم انظر إلى الصحابة كم تحملوا وكم عانوا لأجل أن يصل طريق الهداية وننعم ونرغد به.
وانت لأجل اولادك واحفادك هل تنشر الهداية أم تتكاسل حتى يخف النور ويكثر الظلام فيصبحوا اولادك ظلامين ولا يصلك منهم بعد موتك إلا اللعنات ؟
دعونا ننشر المحبة والإخاء والتسامح والألفة حتى يجد اولادنا النعيم والمحبة.

(Visited 5 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: