
معاناة رسول الله ليصل إلينا هذا الدين
2020-3-7
قال تعالى : ” هل أتى على الإنسان حينٌ من الدّهر لم يكن شيئاً مذكورا ” ، خلق الله تعالى الإنسان وأمره بطاعته قال تعالى : ” وما خلقت الجنّ والإنس إلّا ليعبدون ” ، أي ليعرفون فكلّما عرفت قيمة الشيء تمسّكت به أكثر ، عندما تعرف أنّ هذا المعدن ذهباً تتمسّك به لذلك لابدّ من معرّف ، أي معلّم ومرشد يرشدك إلى الله . كان سيّدنا جبريل عليه السّلام مرشداً ومعلّماً لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، عندما اختار الخلوة وذلك لفطرته السّليمة نزل جبريل إليه بالآية الكريمة ، قال تعالى : ” يا أيها المدّثر قُم فأنذر “.
فلن تحصّل البقاء الرّوحي بجوار الله إلّا بالتخلّي عن البقاء المادّي ، وهذه المرتبة العالية من البقاء تحتاج إلى همّة، لذلك قال عليه الصّلاة والسّلام : ( لا بُورك لي بصباحِ يومٍ لم أزددْ فيه من الله قرباً) . فالجسد كالسيّارة المأجورة كلّما عملت بها، استفدت منها، كذلك الجسد، كلّما أشغلته بالفضائل تكن رابحاً، فلا تلتهِ بهذا الجسد والمادّة فتخسر كلَّ شيء، قال تعالى: ” وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثورا ” .
لذلك انتبهوا قبل أن تندموا في يوم لا ينفع الندم، قال تعالى : “ربّ ارجعوني لعلّي أعمل صالحاً” ، يأتي الجواب في قوله تعالى : ” اخسئوا فيها ولا تكلّمون “. فأيُّ سعادةٍ لأهل الجنّة ” سلامٌ قولاً من ربٍّ رحيم ” ، وأيُّ شقاءٍ لأهل النّار” وامتازوا اليوم أيّها المجرمون ” . لذلك لا بدّ لنا من معلّمٍ يعلّمنا كيف نتصرّف بالمال في سبيل الله ، حيث أثنى رسول الله على سيّدنا عثمان وسيّدنا أبو بكر لكثرة صدقاتهم ، فقال: ( ما ضرّ عثمان ما فعل بعد اليوم ) وقال: (اللهمّ إنّي أمسيت راضٍ عن أبي بكر) . فأعمال الدّنيا إن كان همّك فيها الله ، فإنّك ستؤجر عليها .
قالت أمّ سلمة رضي الله عنها سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ( يا رسول الله إنّ المرأة تتزوّج الرجل فيموت ، ثم تتزوّج الرجل فيموت ، ثمّ تتزوّج الجل فيموت ، فيوم القيامة من هو زوجها ؟ قال: ( إن كانوا مؤمنين ، يخيّرها الله، فتختار أحسنهم خلقاً )، إذاً العلاقة بين الزّوجين حتّى تستمر ، يجب أن تكون علاقة إيمانية. كذبك العلاقة بالأبناء . وذلك عندما آثر سيّدنا إبراهيم ذبح ولده اسماعيل، وذلك بسبب ميول قلبه إليه، حيث آثر الشرع على الطبع . ففاز فوزاً عظيماً . قال تعالى: ” وفديناه بذبحٍ عظيم ” .
وكذلك أمّ سيّدنا موسى عندما اختارت أمر الله وألقت وليدها (سيّدنا موسى) في اليم ، وأيضاً سيّدنا يوسف عليه السّلام، فضّل الشرع على الطبع ، فرفعه الله إلى رتبة وزير، قال تعالى: “واجعلني على خزائن الأرض ” ، الأنبياء مدارس ” الله أعلم حيث يجعل رسالته “. وهذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كم تحمّل حتّى وصل إلينا هذا الدّين، عامل قومه باللطافة والحكمة، وهم يوجّهون إليه الإهانات ويسلّطون عليه الغلمان ليرموه بالحجارة، ويعذّبون من آمن به تعذيباً شديداً، ومع هذا فضّل الباقي على الفاني . هذا هو طريق أسيادنا طريق السّعادة .
هذا هو رسول الله صاحب الشّفاعة حيث قال: ( لكلّ نبي دعوةٌ مستجابةٌ، واستبقيت دعوني لأمتي يوم القيامة ) . ما هذا القلب الرحيم !!! دعا قريشاً إلى دين الله فأرادوا قتله، حتّى استجار بالمطعم بن عدي، حتّى سمحوا له الطّواف حول الكعبة، فوجد سعادته في طاعة الله، قال تعالى: ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب “. ثمّ اقترحوا أن يجمعوا من شتّى القبائل رجلاً رجلاً، فيضربوه ضربةً واحدة، فيضيع دمه بين القبائل، ويخضع أهله للديّة، ولكن شعار الدّاعي ( لا يذلّ من واليت ولا يعزّ من عاديت ) .
وحمى الله رسوله بأضعف خلقه(العنكبوت والحمامة)حيث دخل الغار ومعه صاحبه(أبي بكر) الذي خاف على رسول الله، فطمأنه رسول الله قائلاً:( يا رسول الله ما ظنّك باثنين الله ثالثهما ) كان أبو بكر خائفاً على رسول الله يحميه بنفسه . لذلك لابدّ لنا أن نأمر بالمعروف ،وننهي عن المنكر، حتّى لا يسلّط الله شرارنا على خيارنا فيدعوا الصّالحون فلا يستجاب لهم، ولكن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة وليس بالفظاظة والغلاظة، قال تعالى: ” ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ” .
.وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم .