صفات المنافق

استفتح سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس داعياً اللهم إنا نسألك من فضلك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً ودعاءً مستجاباً وشفاءً من كل داء، اللهم إني أبرء إليك من حولي وضعفي والتجئ الى حولك وقوتك يا ذا القوة المتين علمنا يا مولانا ما ينفعنا وينفع الخلائق اجمعين.
نحن أخوة الإيمان في قاعة أختبار وامتحان وقبل الإمتحان توجد فترة استراحة للطالب حتى يراجع معلوماته ويحضر ثم يدخل القاعة مستعد فينال أكمل العلامات وكذلك نحن في هذه الحياة الدنيا يجب أن نستعد حتى إذا جاءنا الاختبار (مع العلم أن الحياة كلها امتحان ) لكن هناك فارق بين اختبار وآخر فعندما تأتيك المحنة عليك أن تتلقى هذه المادة الصعبة بصبر كي لا تندم وتقول يوم القيامة كان بإمكاننا تجاوز المشاكل بيني وبين فلان بهدية بسيطة أو باعتذار أو …..حتى لا نخسر حسانتنا مقابل أذى كنا سببه أو أخذنا شيء من غير ارادته .
علينا أن نستدرك من الآن فالنبي صلى الله عليه وسلم يوصينا بالاستدراك فيقول في حديث لأبي هريرة في البخاري ((من كانت له مظلمةٌ لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون ديناراً ولا درهماً إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته))إذا كان بينك وبين أي انسان خلل،مظلمة فبإمكانك في حياتك الدنيا إرضاءه بكلمة طيبة أو باعتذار أو بأي وسيلة تستطيع أن تدخل لقلبه و ترققه وتجعله يسامحك ذلك أفضل من أن تنتظر إلى يوم القيامة فيأخذ من صالح أعمالك وعندها سيأخذ من أفضلها وعندها لن يأخذ الصلاة التي فيها السهو أو صلاة الرياء إنما سيأخذ أفضلها خشوعاً وإخلاصاً وإذا نقصت حسناتك لن تُرشح لدخول الجنة أو أنك لن تحصل على المرتبة التي تصل بها إلى أحبابك وإخوانك فأي حرمان هذا ؟؟
((وإن لم يكن لديه حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحُمِّلت عليه)) فلا مهرب من أداء الحقوق لأصحابها يوم القيامة.
الله وصف أولياء الله ((ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون ((ما تفسير آمنوا؟ اذا قلت لك في المكان الفلاني يوجد فخارة مليئة بالمجوهرات إن آمنت بكلامي دفعك ذلك لان تذهب وتحفر حتى تجدها.
وكذلك اذا آمنت بلقاء الله جعلت لك وقاية بأن تمتثل أمره حتى لا تدخل بعذابه أو غضبه أو يُعرض عنك بوجه الكريم.
أيضاً عندما نؤمن أن كأسه الماء بها سم يدفعنا ذلك أن لا نقدم على شربها.
فما دام الإيمان يستوجب العمل فلماذا لا نعتذر ممن أسأنا اليهم؟ لماذا لا نرد المظالم لأصحابها؟ لماذا نُكذب ونكون ذو وجهين؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول ((ذو الوجهين لا يكون وجيها عند الله (( ليس له كرامة لأنه منافق والمنافقين ليسوا بجهنم فقط إنما تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار والنبي صلى الله عليه وسلم عندما وصف المنافقين قال ((مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة )) وفي حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم ضرب لنا مثالاً قال مثل المؤمن والمنافق والكافر كمثل رهط ثلاث حتى مروا بجوار نهر فاجتاز الاول النهر ونجا وهو المؤمن أما المنافق عندما نزل ليجتاز النهر دعاه الكافر أن يُقبل اليه فأقبل ثم دعاه المؤمن ليقبل إليه فعنده النجاة والخير فبقي المنافق يتردد بين المؤمن والكافر حتى غرق وخسر ومات بنفاقه ولم يستجب للمؤمن بالتوبة النصوح والصحبة والملازمة حتى يتخلص من هذا المرض الذي قال فيه الله سبحانه وتعالى ((ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون )) لماذا ؟؟ ((في قلوبهم مرض))اذا رأينا رجل يعرج ذلك لأن في رجله كسر، واذا رأينا رجل اصطدم بالحائط هناك مشكله بعينيه، وكذلك خداع المنافقين لأن قلوبهم مريضة إذاً دعونا نستكمل التوبة بتطبيق ما نسمعه على قدر استطاعتنا مرة على مرة مثل من ينظف حاله من الاوساخ عندما يأتي يوم اللقاء ويزوره كبار القوم تكون ثيابه من أجمل ما يكون أما تأجيل النظافة وكل مرة اهمال وراءه اهمال وجبت الزيارة سواء كنت نظيف ام غير ذلك ستقابل وبوجه اسود هذا يشجعنا أن لا نقع في مظلمة قال النبي صلى الله عليه وسلم ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً قالو يا رسول الله ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالما قال خذ على يده ))
فإذا سمعت مظلمة ضد أخيك او أحد أحبابك أنه فرضاً استدان مبلغا ولم يعده فلا تنتصر له حتى تسمع من الطرف الاخر ثم تعين أخاك على رد الحق لصاحبه فتقول له أنت إنسان واعي وتخاف الله وأنا لا أريد أن تزداد المشاكل وأن يتكلم الناس عنك بسوء وتحاول بأي أسلوب أن تعيده الى طريق الحق فتكون قد أطفأت شرارة الحقد ونصرت أخوك على نفسه وشيطانه وأهوائه وسيأتي يوم ويقول لك جزاك الله خيراً لولاك كنت سأقع في مشاكل كثيرة وآكل حقه وسيأخذ يوم القيامة من حسناتي.
علينا أن نحذر من الظلم الذي هو صفة من صفات المنافقين قال صلى الله عليه وسلم ((من ظلم من الارض شبراً طوقه من سبع أراضين يوم القيامة ))أي سيكون سجن لك من جميع الجهات.
من فضل الله علينا أنه اخبرنا بهذه الأمور عن طريق إخبار الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم كي لا نقع في كثير من المهلكات التي لا نعطي لها اهتمام وهي توبق بنا في النار وتهلكنا وتذهب حسناتنا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم))أربع من كن فيه كان منافقاً))وفي رواية اخرى ((كان منافقاً خالصاً وإن صام وإن صلى)) (( ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب))
هذه اللغة أصبحت منتشرة بين الناس(الكذب ملح للرجال، ما بمشي حالنا اذا ما كذبنا) هذه لغة المنافقين فالمؤمن يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقا وكذلك العكس بالعكس فالفاجر والمنافق يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً فلا تحاولوا أن تشوهوا الإسلام بتصرفاتكم فأنتم تمثلون الإسلام وعندما تسئ فأنت تسئ الى الدين ليس إلى فلان بحد ذاته.
سائق تكسي ركب معه أحد المشايخ وعندما أعاد السائق للشيخ تكملة الأجرة أعطاه زيادة عن حقه فأعاد له الشيخ ما زاد عن حقه فكان ذلك سبباً في إيمان السائق ودخوله في الاسلام.
قصة أخرى أحدهم أستأجر منزلاً فوجد فيه النافذة تحتاج لإصلاح فأصلحها وعندما رآها صاحب المنزل سأله عن التكلفة فرفض أن يأخذ أجرته وقال له أن دينه هو من يأمره بذلك وأن عمله هو خدمة إنسانية فسامحه صاحب البيت بأجرة الشهر واعتنق الاسلام.
الصدق يرفعك فعندما تطبق الدين أنت إذا خسرت شيئاً تخسره في سبيل الله فحقاً على الله أن يعوضك أضعافاً مضاعفة لكن حاشى ان تخسر إلا أن الشيطان يخوفك ويوسوس لك ((الشيطان يعدهم الفقر ويأمرهم بالفحشاء ))يخوفك من الصدق ((اذا صدقت سيخصم من راتبك … ))
دع الدنيا تزول واصدق مع الله فسيعزك الله ويغنيك وسيرفعك وسيكون سبباً لثباتك على الإيمان.
الغاية أن نحافظ على إيماننا قبل أن نخرج من هذه الدنيا حتى نخرج مؤمنين ونلتقي بأسيادنا في جنات النعيم، ولا نكون كالإمعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا تكونوا إمعة إن أحسن الناس أحسنتم وإن أساؤو أسأتم)) أي أحسنوا إن أحسن الناس وإن أساؤو، إذا كان أحدهم أخرس هل تسكت وتقلده وتقف عن الكلام ، إذا أحدهم أعرج تعرج مثله؟! إذاً علينا أن نطبق من الشريعة ونعطي درس على جمال الإسلام ومهما كانت من خسارة ما آمن بالله على يدك أحد؟
النبي صلى الله عليه وسلم يقول؛ ((لأن يهدي الله بك رجلاً واحدأً خير لك مما طلعت عليه الشمس)) ونحن أكرمنا الله بمادة غالية ومفقودة في العالم هي سبب النجاح هي مادة ذكر الله ومحبة أهل الله فإذا وفقكم الله أن تنشروا هذه المادة لغيركم وتجعلونهم يتذوقون طعم الإيمان،
قل له الإنسان مثل السيارة تحتاج لزيت وبنزين وماء حتى تمشي وأنت جسدك بحاجة إلى زواج حتى تستمر الحياة وبحاجة إلى طعام حتى ينمو الجسد وبحاجة الى لباس حتى تستر عورتك وروحك أيضاً بحاجة الى لباس قال تعالى ((ولباس التقوى ذاك خير ))وتحتاج الى طعام ((وتزودوا فإن خير الزاد التقوى )) وتحتاج الى زواج (ازدواجية الروح ) عندما يفهم لباس التقوى وزوادة التقوى وتشرح له عن ازدواجية الروح والصحبة الصالحة فالصحبة الصالحة في الدنيا ستكون معه في الاخرة والصحبة الفاشلة في الدنيا ستوصله الى النار في الآخرة وستكون حسرة وندامة لهم يوم القيامة قال تعالى((وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعاً فهل انتم مغنون عنا نصيباً من النار قال الذين كفروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد))فعندما تشرح له أن صحبته هنا ستكون نفسها هناك فإذا كان صاحبك من أهل جهنم ستكون معه هناك وإن كنت مع إنسان من أهل الجنة ستكون معه في الجنة
قال تعالى ((واذا النفوس زوجت)) ((إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وازواجهم ….))هل هذا معناه أن فرعون سيكون مع زوجته آسيا؟! أو سيدنا لوط مع زوجته ؟! أو سيدنا نوح مع زوجته ؟! بالتأكيد لا في الدنيا تكون الازدواجية بين الذكر والانثى أما يوم القيامة الازدواجية تكون ازدواجية الأصحاب فإن كان صاحبك صالح فأنت صالح وإن كان فاسد فأنت فاسد ((المرء مع من أحب ))
فكونوا رمزاً للصدق والمحبة والإيمان فعندما تعمل صالحاً مع أحدهم لا تنتظر الرد او الشكر منه بل اعمله لان الله امرك به لأن دينك يأمرك به.
وروى لنا سماحة الشيخ محمود المبارك قصة : أحدهم تاجر أقمشة جاءه أحدهم ليشتري جاكيت جلد النمر فوجد أثنين متشابهين فكان سعر الأول ألف وخمسمئة دولار والثاني مئتي دولار فتعجب كيف الفارق بالسعر مع انهم نفس الشي ولا فارق بينهم مع أنه كان بإمكانه أن يبيع الثاني بسعر الأول دون ان يلاحظ المشتري الفرق وعندما استفسر المشتري قال التاجر أن ديننا يأمرنا أن نبيع هكذا فنوعية الأول من النوع الثقيل أما الثاني من النوع الخفيف فإذا بعتك بنفس السعر هذا غش فما كان من المشتري إلا أن أحب هذا الدين وأسلم. كم مربح هذا الرجل؟ لو أنه باع وكسب مال ماذا سينفعه هذا المال لكنه ربح ((ليجزي الله الصادقين بصدقهم)).
إذا دخلنا بنك وطلبنا من كل شخص أن يختار ما يريده تجد من يختار جوهرة بمئة مليون دولار وآخر يأخذ سلة الاوساخ وآخر يملأ كيس من الليرات ويُفكر نفسه اصبح غنياً وكل ما حمله لا يكفوا لصندويشة فلا تأخذوا الخفيف وتنشغلوا فيه ابحثوا عن الغالي فعندما تمثل الإيمان بصدقك بوفائك وبخفة مروتك وبوفائك بعهدك تصبح كالمنارة ويُضرب بك المثال فمن احتاج الى شيء ينتظرك حتى تجد الوقت لتقضي له حاجته كالضائع الذي تعطيه كأس من الماء فيعلم انك قدمت له الإحسان ولن يصدر منك الاذى انظروا إلى الحيوانات في البرية إذا قدم لها إنسان مساعدة أو طعام تجد المودة والحب من الحيوان لمن اطعمه، أوآواه، قدم له دواء،…. عمل معه خير تجد الحيوان لم ينسى المعروف فما بالك اذا صنعت المعروف مع من حولك((الخلق كلهم عيال الله…))
فكونوا دائما أساتذة تعلمون الناس بأعمالكم وأفعالكم قبل أقوالكم أما ان تبقوا على القول فتكونوا ممن ذمهم الله ((ومن الناس من يقول آمنا))
((قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا))
((إذا جاءك المنافقون قالو نشهد إنك لرسول الله ….))
وختم افتتح سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس مذكراً أن :على كل واحد من أن يصحح الخلل الموجود به لنصبح دعاة صادقين مخلصين بأعمالنا، النبي يبشر ويقول ((اول هذه الامة وأخره فيه خير)) لا ندري لعل الله يُجري هذا الخير على أيدينا وأيديكم بصدقنا وبذل جهدنا ما استطعنا فالنبي صلى الله عليه وسلم اول ما بدأ بمن بدأ؟ بواحد سيدنا ابو بكر الصديق والله بارك وجعل الخير الكثير، لا ندري لعل الله يجعل البركة والفتح والخير ولم شمل هذه الامة على أيدينا وأيديكم ان شاء الله((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون الى عالم الغيب والشهادة فتنبئون بما كنتم تعملون))
جزاكم الله عنا خيراً زادكم الله توفيقاً واخلاصاً جمعنا الله وإياكم في مستقر رحمته تحت لواء سيد الأنبياء والمرسلين غير خزايا ولا نادمين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: