سيدنا سليمان عليه السلام الجزء 3

استفتح سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس بالحديث عن سيدنا سليمان عليه السلام الجزء 3
قائلاً كما وعدناكم بالأمس أن نلتقي بمثل هذا الوقت لنقتدي كما قال الله فيهم “أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده” ما زلنا في سيرة النبي سليمان عليه السلام وعلى جميع الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم جميعاً فهذه المدرسة هي مدرسة سليمان عليه السلام نتعلم منها الكثير والكثير .
من هذه المعلومات أولاً كيف وصفه الله سبحانه و تعالى أنه هبةٌ منه لداوود فقال جلّ شأنه في محكم كتابه “ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أوّاب” من يقول نعم العبد ؟ الذي خلقه رب العزة جلّ جلاله , لماذا سميته نعم العبد قال “إنّه أوّاب” أي يا ابني هذه ليست خاصّة بسيدنا سليمان كلّ أوّاب هو نعم العبد فكن أنت أوّاب , ومعنى الأوّاب هو كثير الرجوع إلى الله وكثير الإنابة وكثير التوبة وكثير الاستغفار وكثير الصلاح والعمل الصالح , قال تعالى “إذ عُرِض عليه بالعشي الصافنات الجياد ” (الصافنات هي الخيول وسميت بكذلك لأن الفرس عندما تكون واقفة ترفع يد من أيديها كأنها تريحها ), أي أصبح لديه عرض عسكري بعد الظهر أي سيرى الخيول وقدرة الخيول وعدد الجيوش وتنظيم الجيوش , إذا هجمنا على بلقيس وسبأ هل سيكون هذا كافي أم نحتاج إلى تجهيز أكثر فيعمل عرض للجيوش “بالعشي” أي بعد الظهر “الصافنات الجياد” أي الخيول المعدّة للكفرة الذين لا يريدون أن يدخل عليهم العلم والحضارة والإيمان والرقي ومعرفة الخالق يريدون أن يبقوا مقوقعين على أنفسهم يأكلون الحرام ويتفاسفدون كالطيور كلللواطة وغير ذلك ,لذلك يأتي العلم لكي ينقذهم ويأتي الأنبياء منقذين لهؤلاء المقوقعين الذين يغشون الناس على عقولهم الجاهلية القديمة ” إنا وجدنا آباءنا على أمةٍ وإنا على آثارهم مقتدون” .
قال سيدنا سليمان “إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب” انشغلت بالعرض والخيول حتى غابت الشمس وفاتتني صلاة العصر , “ردّوها علي” عيدوا هذا العرض حتى لو فاتتني الصلاة لأن بعض المفسرين وقع في أشياء (الله يسامحهم) قال أن سيدنا سليمان بسبب الخيول فوّت صلاة العصر ذبحها جميعها وتصدّق بلحمها , يا ابني مجنون يحكي وعاقل يفهم ! واحد يضيّع قوته ويذبح الخيول من أجل أن تأتي سبأ تحتله أين عقلنا ؟! , صار يمسح بيديه عرقهم , النبي أمرنا أن نمسح الخيول إذا عرقت لأن الخيول فيها الخير الكثير والبركة فقال النبي صلى الله عليه وسلم فيها : “الخيل معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة , وأهلها معانون عليها “(الذي لديه فرس الله يعينه عليها ) في بعض الروايات عن الخيول أنك عندما تربطها في سبيل الله كل ما تأكله وكل ما تروّثه في ميزان حسناتك , ” وأهلها معانون عليها , فامسحوا في نواصيها” امسح عرقها ودغدغها ولعبها “وادعوا لها فبالبركة وقلّدوها ” ضعوا لها الحلي بين عيونها برقبتها قلادة لأنها خير وبركة عليكم وعزّة , عندما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الخيول قال :”إنها عزٌّ لقوم وفخرٌ لقوم وذلٌ لقوم” الذل يكون لأهل الرياء فيكون ذل وخسارة عليه , أما الذي رابطها حتى إذا حصل على بلده اعتداء يقوم و يدافع عن بلده وعن أرضه و شربه لأن الإنسان بدون أرض ليس له عرض , “ولا تقلّدوها الأوتار” الأوتار أي لا تشغّل فرسك للتارات , هناك تار لجد جدي أريد أن أركب فرسي وأذهب “لتبلغوا عليها حاجةً في نفوسكم ” في سورة الزخرف , أي لا تجعل المركوب للتارات اجعله لخدمتك لخدمة بلدك وإذا حصل على بلدك اعتداء أنت احمي بلدك واحمي عرضك واحمي بيتك هكذا تكون لك الخير والعزة .
“فردّوها علي فطفق مسحاً ” كان يمسح لهم العرق ولم يكن يذبحهم بالسيوف , “ولقد فتنّا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب ” يقال سيدنا سليمان كان معه خاتم وهذا الخاتم سبحان الله هناك سر فيه إن كان الجن و تسخير الريح والطير وكذا فكان لا يدخل الحمام وهو يلبسه فكان حريص جداً , فمرة من المرات تركه مع زوجته و دخل إلى الحمام خرج وطلبه منها فقالت أنت لست سليمان ! لقد أتى سليمان وأخذه , فعرف أن الشيطان تمثّل في صورته وأخذ الخاتم , فذهب سيدنا سليمان يعمل بالصيد فلما عرف الشيطان أنه سينكشف فرماه في البحر من أجل أن يبقى سليمان بدون ملك , لأن سيدنا سليمان انكسر ظهره في تعطيل الفكر الذي هو تزمتي والذي هو فجور والذي هو كفر , فكلما كان يبني الشيطان شيء كان سيدنا سليمان يمحيه “إن الشيطان كان لكم عدوٌّ مبين” فألقاه في البحر ويقال أن سيدنا سليمان بالعناية الإلهية صاد سمك فلما نظّف السمكة خرج الخاتم , فلبسه وعاد إلى ملكه واستقبلوه , عند ذلك يقال أن سليمان دعا “رب اغفر لي وهب لي” وهذه الآية أتت بعد “وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب” الشيطان تمثّل بصورته وجلس على كرسي سليمان ولبس الخاتم و بعد أن حس أنه سينكشف لأنهم يسألوه عن أمور وهو لا يعرفها أحياناً يختفي فألقى الخاتم وهرب .
” وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب قال ربِّ اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي إنك أنت الوهاب ” فزاده الله بالعطاء , فعلمنا سماحة الشيخ محمود المبارك انه عندما تبقى ملتجئ على أعتاب الله لا تقف مرة على أعتابه إلا يعيدك بفضل وعناية , فأعاده الله بأن “سخرنا له الريح تجري بأمره رخاءً حيث أصاب”(هذه زيادة لم تكن لوالده ) “والشياطين كل بنّاء وغوّاص ” يقال انهم حفروا قبره في قاع البحر و خاتمه يقال أنه لازال معه .
“وآخرين مقرّنين في الأصفاد” وآخرين مربوطين بمهمات خاصة أو مهمات أخرى الله أعلم بها “هذا عطاؤنا ” هذا من فضل الله وعطاءه , فقط سيدنا سليمان الذي كان يعمل مع كل هذا الملك ! كان عمله بأن يأتي بجريد النخل ويصنع سلات و يبيعهم ويعيش من وراء عمله مع هذا الملك العظيم كان يأكل ويعيش من عمل يده ! أنت وأنت اعمل بتعبك , كُل من عملك , افتح مشروع , اعمل اقتصاد زراعي خضروي صناعي غير ذلك . “هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب وإن عنده لنا لزلفى مآب ” لديه أعمال عندنا ولديه رصيد يا ابني لما كان يريد أن يتعبد كان يقول للجن اعملو العمل الفلاني لا أحد يراجعني أبداً , فكان يبدأ بالعبادة وهم يقوموا للعمل وكلما ينظرون إليه يجدونه يتعبد ويصلي أو جالس يذكر , لما عرف بموته فجهّز نفسه ووضع العصا وجلس و قبض روحه ملك الموت وبقي جالس كما سند نفسه , فالجن كلما يريدوا أن يطلبو أذن فيجدوه جالس , فيبتعدوا عنه لأنه يذكر أو يتعبد , لم يعرفوا إلا بعد أن أتت السوسة وأكلت العكازة من تحت وانكسرت العكازة فوقع سليمان فعرفت الجن أنه مات ولم يكونوا الجن يعرفوا كل هذه الفترة , اعترفوا أنهم لا يعلمون الغيب .
“وورث سليمان ” أي ورث ملك والده داوود عليه السلام, كان يحب الخيول لأن الخيول هي قوة وخير ليس فقط خير إنما خير وبركة ووصف النبي صلى الله عليه وسلم الخيول “الخير معقودٌ في نواصيها” أي في مقدمتها لأنها عندما تهجم على العدو تأتي بالخير والغنائم والفتح وكلمة لا إله إلا الله تنتشر والمحبة والإخاء بين الناس ينتشر .
قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : “ليس من فرسٍ عربيٍ إلا يؤذن له مع كل فجر يدعو بدعوتين” النبي يخبرنا ما قيمة الفرس عند الله ,الفرس العربي خاصة مالها من كرامة , ليس فقط الخير معقود في نواصيها والفتح والنصر وتأتي بالخير والعز والفخر والتفاخر وكل شيء , “يقول : اللهم إنك خوّلتني من خوّلتني من بني آدم فاجعلني من أحب أهله وماله إليه أو حبّب أهله وماله إلي” أي اجعلني من أحب شيء من أهله وماله حتى يحبني , عندما تحب السيارة وتحافظ عليها فرفعت أثقالك وأخذتك إلى أعمالك واشترت لك , وكلما تريد السفر تقول لك أنا حاضرة , هكذا كانت الخيول عندهم أما نحن الخيول سيارات وطيارات وموتورات و دبابات كل هذه من أجل أن تحمي بلادنا من كل من يريد أن يستحلها , حتى تحمي عرضنا وتحمي مساجدنا وتحمي إخاءنا ومحبتنا بين بعضنا , هذه فضائل المركوب .
وختم سماحة الشيخ محمود المبارك غداً نلتقي لنتمم مع سير هؤلاء العظماء لنتعلم من مدارسهم ونسعد في تعاليمهم لعل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا أن نسير على نهجهم لنلتقي بهم إن شاء الله تحت لواء سيدنا محمد غير خزايا ولا نادمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: