دواء لكل داء

                 السيرة النبوية الشريفة الحلقة ٦٦
                         ٢٠٢١/١٠/٢٢

استفتح سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس ب :درس السيرة مثل الصيدلية يوجد فيها جميع الأدوية كل الأمراض ولكن نفقد من يختار لنا من هذه
الصيدلية الدواء المناسب لأمراضنا المنتشرة بيننا حتى يكون الدواء للداء سبباً لشفاء العلة وسوف

نعود للمرحلة الثانية عندما أيقن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن قريشاً أخذت تستعد لقتال المسلمين
فأخذ النبي كذلك يجهز استعداداً لغدر قريش فعلم بقافلة بعد مدة من زمان بأنها راجعة من الشام وهي

قافلة كبيرة وعظيمة وهذه القوافل عندما يبعثون فيها التجارات كانوا يبيعون بيوت المسلمين وغنائمهم
وينمون هذا المال ويبعثوه للتجارات من أجل أن ينمو ويقاتلوا المسلمين بهذا المال ويقضوا عليهم

فالنبي صلى الله عليه وسلم أخذ يعترض لهذه القافلة وخرج مع عدد من أصحابه خروج اختياري فلو
أمرهم أن يخرجوا بالإجبار وأمامهم معركة يمكن أن يكون الأمر غير ذلك فالنبي يعطي لنا درساً

بالشورى مع أصحابه قبل أن يقدم على هذا العمل العظيم فجمع الصحابة الكرام يستشيرهم في الأمر قبل
تنزل عليهم آيات تامرهم بهذا وقال أشيروا علي أيها الناس لأنهم خرجوا من أجل القافلة والقافلة غيرت

طريقها فلم يحظوا بالقافلة فقد يكون خرجت قريش لنصرة القافلة وقد يحدث اصطدام مع قريش فما هو
رأيكم وقد كان النبي عندما بايعهم بايعهم لكي ينصروه في المدنية اما خارج المدنية فلا يوجد بيعة وهذا

الأمر حصل خارج المدنية فيحب أن يستشيرهم فعندما استشارهم وقال أشيروا علي أيها الناس لأنهم خرجوا
للعير أي القافلة والتجارة أمام قريش عندما جاءها النذير أي ابو سفيان عندما علم بأن النبي صلى الله عليه وسلم يتعرض للقافلة

ويتعرض طريقه أرسل إلى قريش نذيراً …… انجدوني فالقافلة بما فيها سوف تذهب للمسلمين غنيمة فجهزت قريش الأمر
بأسرع ما يكون من أجل أن تنصر ابا سفيان والقافلة فوصل إليها الخبر وبدأت بتجهيز نفسها حتى أن من

لديه أمر طارئ مثل مرض أو غيره كان يستأجر من يخرج عنه بالمال وكان هناك منهم من يستخدم عقله فلا
يريد الخروج للقتال يأتون إليه الخبثاء بالعطور والمكحلة لأنه سيصبح كالنساء لا يذهب للقتال فيلبس ويذهب

مسرعاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة ما ترون في قتال القوم فقال بعض الصحابة والله يا رسول الله
ليس لنا طاقة بالعدو أي أنهم هم خرجوا مجهزين للقتال ونحن. لسنا مجهزين سوى ببعض السيوف والرماح ولكن أردنا
للعير وقال البعض لم تعلمنا أننا سنلقى العدو فنستعد للقتال قال فظهرت الكراهة في وجه النبي صلى الله عليه وسلم وقال. ما ترون في قتال

القوم اشيروا علي أيها الناس قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه قال خيراً ما تشيره أنت يا رسول الله فأثنى عليه النبي
وقال قلت خيراً ثم قال عمر خيراً وأثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال اشيروا علي أيها الناس والنبي يريد أهل

يثرب الأنصار الذين بايعوا معه أن يحموه في المدنية قال ثم قام المقداد بن الأسود وهو من المهاجرين وقال يا رسول الله
امض بما أمرت به فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هنا قاعدون بل

اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم لمقاتلون فسر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام ثم قال والذي بعثك بالحق نبياً لنقاتل
عن يمينك وشمالك وبين ايديك ومن خلفك حتى لو وصلت بنا إلى بر الغماد وهو موقع في اقصى اليمن جنوب اليمن و

منهم من قال جنوب البحرين وكان يضرب به المثل بالبعد ولكن النبي يريد أن يعرف رأي الأنصار ثم قال اشيروا علي
أيها الناس قال لأن الذين تكلموا جميعا من المهاجرين وطبيعة حال المهاجرين سيكونون على هذه الصفة فأما الأنصار

فكانت المعاهدة بأن يحموا النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل ديارهم وليس فيها أن يقاتلوا مع النبي خارج المدنية فأراد النبي أن يقاتلوا لهذا
السبب ولأن الأنصار أكثر عددا فكانوا ما يقارب مئتان من الأنصار ومئة وثلاثة عشر من المهاجرين ومنهم من قال ما

يقارب المهاجرين حول سبعين قال ولذلك حتى عندما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قول أبو بكر وعمر والمقداد
كرر عليهم اشيروا علي أيها الناس فقام سعد بن معاذ وهو سيد الأنصار في قبيلة الأوس والخزرج هل عرفتم هذا البطل

الذي شيعه سبعون ألف ملك واهتز عرش الرحمن عند وفاته وكان متكفل بالطعام للنبي صلى الله عليه وسلم وضيوفه فقد أسلم عمره ثلاثون
عاماً وتوفى عمره ستة وثلاثون فعاش في الإسلام ستة سنوات فهناك رجل عند فتح خيبر راعي غنم عندما أخرج غنمه

من الحصن ليرعاهم فوجد جيوش المسلمين محاصرة السور فأمسكوا به واخذوه للنبي فأعلن إسلامه فقال له يا رسول الله
الغنم الذي معي هو أمانة ماذا أفعل به فقال له النبي ردهم إليهم وجهها إلى السور فتذهب وفتحوا لها ويأخذوها فكان من

هذا الرجل منافع كثيرة على مداخل وأمور والشاهد بأنه شارك بالقتال وقاتل وقتل ولم يصلِّ أي ركعة فكان النبي يضرب به المثل
بأنه نال هذه الدرجة ولم يصلّ أي ركعة.
نعود عندما قال النبي اشيروا علي أيها الناس فوثب سعد قائماً وقال والله

لكأنك تريد يا رسول الله رأينا فقال النبي صلى الله عليه وسلم أجل أريد رأيكم فقال سعد بعد أن حمد الله وأثنى عليه يا
رسول الله لقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا بأن ما جئت به هو الحق واعطياك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع

والطاعة وأنك خرجت تريد أمراً ولعل الله أراد غيره يا رسول الله امض لما اراد الله.
ما نكره بأن تلاقي بنا عدوّنا غداً
ولو استعرضت بنا هذا البحر وخضته لخضناه معك يا رسول الله صل حبال من شئت وادقطع حبال من

شئت ..
سالم من شئت وعاد من شئت وخذ من أموالنا أحب إلينا من الذي تدعه لنا وإننا لنصبر بالحرب صدق عند
اللقاء فقد كانت قريش تحسب لأهل يثرب حساباً كبيراً لكن كان هناك اليهود تفسد بينهم والأوس والخزرج مع بعضهم

فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأصلح بينهم وعندما أصلح بينهم أصبحت العرب تهابهم لانهم أهل حروب فلما سمع النبي بهذه الكلمات من
سيدنا سعد بن معاذ وكان قد قال له ايضاً ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك وما تخلف منا رجل عنك قط فامض بنا

على بركة الله يا رسول الله فقال الصحابة فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم فرحاً وسروراً واشرق وجهه كأنه شمس
تضيئ وقال للقوم ابشروا وسددوا وقاربوا إن الله وعدني إحدى الطائفتين فو الله كأني الآن أنظر إلى مصارع القوم وفعلاً

في نهاية المطاف كما وصف النبي جثث هامدة فرموهم البئر وألقوا عليهم التراب ووقف النبي يخاطبهم بأسمائهم يا فلان
يا فلان هل وجدتم ما وعد ربي حقا وعدكم بالنار هل وجدتم النار وقد وعدني بالنصر فهل رأيتم النصر فإني رأيت ما

وعدني ربي حقا فقد وعدني بالطائفتين بلا شوكة هي القافلة وذات الشوكة لقاء العدو فلنا قال المقداد بن الأسود للنبي امض
إننا معك .. كما ذكرناها سابقاً هذه مقولة اليهود لموسى عليه السلام عندما أمرهم أن يكونوا معه لفتح البلاد الكافرة حتى

تدخل بالإيمان فقالوا له إن فيها قوماً جبارين اذهب أنت وربك فقاتلا وعندما تنتصر ندخل نحن فسجل القرآن هذه الحادثة
حتى لا يكون هناك مجال للنقاش ومن هذا أيضاً شق لهم البحر وانقذهم من عدوهم فرعون وعندما خرجوا إلى البر أول

قرية ووجدوا فيها أناس يعبدون صنماً فقالوا يا موسى اجعل لنا صنماً نجعله الهاً . المهم هذه صفة الصحابة الكرام .

تلك آبائي فأتني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع.
ومضى الحبيب وأصحابه الكرام إلى مواجهة العدو قريش وهذا موقف

يظهر شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأعداد القليلة بأنه سيلاقي جيشاً جرّاراً تعداده أكثر من ألف فيه الخيل والإبل والرماح والقوة مع
العلم انّ أبا سفيان عندما وصل إلى مكة بعث لهم أن القافلة وصلت بسلام فلا نريد حرباً فكان رأس الكفر أبو جهل يجب أن

نصل إلى موقع يسمى بدر ونخيم فيه ونشرب الخمور وترقص الراقصات وتسمع فينا العرب حتى تهابنا وهذا هو النبي صلى الله عليه وسلم
يظهر مدى شجاعته وهو الذاكر بقتال قريش لأن قريشاً إن لم تقاتله في نفس الشهر والعام فإنها ستقاتله لاحقاً ويظهر في

ذلك حنكته السياسية لأسباب عدة اولاً المسلمون بحاجة ماسة إلى تثبيت هيبتهم في الجزيرة في تلك المرحلة لأنها دولة
ناشئة وكل الأنظار مركزة عليها.
وانسحاب المسلمين من هذه المواجهة في هذه معركة بدر كانت ستستغل قريش في
الدعاية لنفسها وكان سيضعف من هيبة المسلمين وسيجري القتال على المسلمين ويقضوا عليهم وسيكون لها آثار كثيرة.

وخطيرة على المسلمين في المدنية .
خامسا انسحاب المسلمين إلى المدينة كان ربما تشجع قريشاً على أن تواصل سيرها
وتهاجم المسلمين في عقر دارهم في المدنية .
وصل النبي إلى بدر وأمامه الآبار وهو في انتظار جيش قريش للمواجهة

ووصل قبل قريش وكان قد أشار أحدهم بأن يكونوا مكان الآبار حتى يسدوا جميع الآبار ويتركوا بئراً واحداً ليشربوا منه
ويحاصروا الكفار فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطاعة من أشار فمشوا كما أمرهم وهو رأي واحد من الصحابة وتراجع النبي عن رأيه

وختم سماحة الشيخ محمود المبارك بقول : أمرهم شورى بينهم من أجل نجاح الدعوة ونشر الهدى والمحبة وفعلاً كان رأيه مصيباً رضي الله عنه و أرضاه. والحمد لله ربّ العالمين.

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: