خمس خصال لأمَّة النبي في رمضان

الحمد لله الذي شرَّفنا بهلال شهر رمضان ونسأل الله أن يجعلنا فيه من الفائزين المقبولين ومن عتقاء الله لهذا الشهر العظيم.
شهر رمضان فضائله جمَّة لا تُحصى. يكفي أن النبي ﷺ قال فيه في حديث قدسي ((كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به))
ويكفينا شرف أن الله سبحانه وتعالى خصَّ هذه العبادة فقال: الصوم لي وأنا أجزي به، ومن هدايا رمضان لهذه الأمة المرحومة التي سماها النبي ﷺ أمةٌ مرحومة فقال ﷺ: (( أُعطيت أمتي خمسٌ لم تعطهن أمةٌ قبلها « أي خصَّ الله سبحانه وتعالى هذه الأمة بعطايا خمس في شهر رمضان وهذه العطايا الخمس لم تنلها أمَّةٌ من قبلها »
العطيَّة الأولى قال: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا وتصفد فيه مردة الشياطين ويزين الله تعالى كل يوم الجنة ويقول لها يوشك عبادي الصالحون أن يكفوا عنهم السوء والأذى.

أول خصلة خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
انظروا لهذا الفضل الإلهي أن الله خصَّ الصائم بهذه الرائحة التي يراها الانسان كريهة لكنها عند الله أطيب من رائحة المسك ولا تنسَ أنَّ يوم القيامة يُعرف الصائمون بريح أفواههم فتقول الملائكة هؤلاء الصائمون.

الثانية تستغفر لهم الملائكة.
استغفار الملائكة مقبول لأن الملائكة ليس لديها ذنوب مثلنا ولا طمع ولا جشع وغفلة وحقد وليس لديهم شيء من هذه الصفات المذمومة ونحن في هذا الشهر الفضيل يجب أن نتخلص من هذه الصفات كما تتخلص الحية وتنسلخ عن جلدها في الصيف وهذا رمضان جاء بفضل الله وكرمه ومنَّته على هذه الأمَّة أنه شرفنا بهذا الشهر العظيم لنطهر من صفاتنا المذمومة وكل انسان كما قال تعالى: ((بل الانسان على نفسه بصيرة)). وقال تعالى أيضاً:(( كل نفسٍ بما كسبت رهينة ))
إذاً كل واحد منا يعرف ما هي الخصال المذمومة التي علقت به لأن الله خلقك على الفطرة سليماً طاهراً نقياً كالثوب الأبيض الذي لا دنس فيه لذلك يجب أن تعود إلى فطرتك السليمة فإذا عدت إلى الفطرة السليمة رجعت إلى الله بقلبٍ سليم وهناك القلب السليم ((سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين))
أما إذا رجع الإنسان إلى ربه وهو يحمل الصفات المذمومة كالكذب والحقد والأكل الحرام والغيبة وغير ذلك فكل صفة مذمومة لم يتخلى الإنسان عنها في الدنيا سيقال له يوم القيامة حِجراً محجورا أي يحجر في النار فلا يخرج حتى يتخلص منها ولا ندري كم المدة التي سيبقى فيها لذلك من الأولى للعاقل أن يتطهر من هذه الصفات في الدنيا ويُخلص النية ويصوم الصيام ليس عن الطعام والشراب والنكاح فقط بل يصوم عن اللغو ويترك الكذب والغيبة ويترك هذه الخصال حتى يخرج من رمضان طاهراً نقياً عند ذلك يكون قد حاز على العتق من النار وينال خير هذه الليلة التي هي خير من ألف شهر والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( من حُرمها فقد حُرم الخير كله ))
إذاً الملائكة تستغفر للصائمين لكن ليس فقط الصائمين عن الأكل والشرب لأنه ” رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنصب”

تستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا
إذا طال عليك النهار لا تتأفف وافرح لأن الملائكة تستغفر لك ولا تضجر وأنت تنتظر المغرب بعضهم يقول لولا الوضوء لمتنا من العطش وهذا يعني أنه في كل وضوء له يشرب بعض الماء هذا يضحك على نفسه ، القصد أننا يجب أن نتخرج من هذه الدورة دورة الطهر والنقاء دورة شهر رمضان دورة تزكية النفس وتطهير الروح من المعاصي والغفلات ونكثر من ذكر الله لأن النبي ﷺ عندما سئل أي الصائمين أعظم أجراً قال “أكثرهم لله ذكرا”

  • وتصفد فيه مَرَدة الشياطين
    احذر أن يلعبوا بعقلك ويغلبوك
    يعني باختصار الطريق صار أوتوستراد ونزول فإذا لم تسرع مركبتك في هذا الطريق الذي ليس فيه مطبَّات متى ستسرع إذاً وتقطع المسافات وتقترب من حضرة الله، هل ستبقى بعيد عن الله يابني؟
  • ويزين الله تعالى كل يوم الجنة ويقول لها يوشك عبادي الصالحون أن يكفُّوا عنهم السوء والأذى «الأذى من المستهزئين ومن المشقَّة في العبادة ومن الأمراض وتسلط الجهلاء عليهم و…و..»
    كل يوم يزيد فيها من خلقه من الجمال والإبداع، ويقول لها جلَّ جلاله أنا أُزينك وأُجملك و أُعطرك من أجل أن يأتوا عبادي ويجدوك من أجمل ما يكون لأني وعدتهم بقولي:((أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر))
    كم ترى عيوننا ومالا تراه أعيينا تسمعه آذاننا فهناك في الجنة مالم تره ولم تسمعه ولم يخطر على بالك ولا أحد ذكره لك ولا قرأته في مجلة ولا رأيته في منام من جمالها وسعتها
    النبي وصف أن الشَّجرة في الجنة الراكب الخيَّال يمشى في ظلها والفرس مسرعة مئة سنة حتى يخرج من تحتها
    ممكن واحد يقول يالطيف معقولة؟ نقول له أنت عندما كنت في بطن أمك وقلنا لك ستخرج من بطن أمك إلي مكان أوسع بألف مرة ستستغرب وتندهش كذلك أخبر الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى
    بتسبيحة واحدة يكتب لك الله شجرة وأفقر أهل الجنة اذا أراد أن يطوف على ملكه يحتاج ألفي سنة من سنين الآخرة التي هي وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون هناك الملك العظيم وهناك بجوار الله السعادة الأبدية
    كل مؤمن له في الجنة أبواب
    بابٌ بينه وبين أزواجه
    وبابٌ بينه وبين أهل النار كلما نظر إلى أهل النَّار ازداد شكراً على نعم الله
    هذا الباب يرى منه المؤمن أهل النار الذين لم يكونوا يؤمنون بوجود الآخرة ويعاتبهم بأن لم يرضوا بالنصح و الهداية من أهل الإيمان ((إنَّ الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون واليوم الذين آمنوا من الكفَّار يضحكون)).
    وبابٌ بينه وبين السَّلام ويُعنى بالسلام أنك متى أردت أن تُسلم على رب العزَّة تأتي إلى هذا الباب وتسلم عليه جلَّ جلاله
    أمَّا الخامسة قال: ويُغفر لهم في آخر ليلة فقال قائلٌ: يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: لا ولكن العامل يوفَّى أجره إذا قضى عمله.
    فالله أمرك بالصيام والتزمت أمره وصمت فأبشر لأنك ستأخذ في آخر ليلةٍ شهادة براءة من النَّار وهذا معنى المغفرة طهرٌ من الذنوب وبشارة (( ادخلوها بسلامٍ آمنين ))
    ولكن علينا أن نفهم هنا أنَّ هذه المغفرة العامَّة والشاملة هي ما بينك وبين الله فقط لأن الحقوق والدواوين ثلاثة
    ديوانٌ بينك وبين الله وديوانٌ بينك وبين الخلق هذا الديوان الذي لا يُغفر حتى تستسمح من الشخص الذي تسبَّبت له بظلمٍ أو إساءه فإذا عفا عنك يعفو عنك الله سبحانه وتعالى أمَّا أنك تدخل الجنَّة ولأحدٍ من أهل النَّار عندك حق أوقفوك ولم يدخلوك الجنَّة حتى ترجع ويسترد حقَّه بأن يأخذ من حسناتك فإن وفَّيت عند ذلك تدخل الجنَّة فعليك أن لا تغفل عن حقوق النَّاس
    والديوان الثالث هي أن تكن في استرداد حقوقك من النَّاس من المسامحين فاعفوا واصفحوا واغفروا وإن كنت من هؤلاء المؤمنين الموفقين تأخذ من الله (( فإنه الله غفورٌ رحيم )) فيما أنك عفوت عن الناس يعفو الله عنك.
    إذاً في آخر ليلة المغفرة فلنعسى أن نكسب هذه الليلة بالجد والعمل أما أنه يُغفر لإنسان كسلان يصوم يوماً ويُفطر آخر ولا يصلي ويتضجر من طول الصيام فلينظر بنفسه على أعماله هذه هل يستحق المغفرة؟ (( أقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا )). فهذه الأعمال تودي به إلى أنه قد خسر هذه الجائزة العظيمة.
    وصف النبي صلى الله عليه وسلم مَن ابتلى بقول الزور والعمل به فقال (( من لم يدع قول الزُّور والعمل به فليس لله حاجة ٌ في أن يدعَ طعامه وشرابه)) فإن لم تترك قول الزور والعمل به لا يريد منك الله حينها أن تصوم عن طعامك وشرابك فكل واشرب بما أنك تفعل الزور ولا تكفَّ عن غيبةٍ ولا نميمة فأنت تركت الحلال وأفطرت على الحرام. تركت الأكل والشرب الذي حلَّله الله لك وأفطرت على الغيبة والنميمة التي لا تُحَلَّل أبداً فليس مسموحٌ لك طيلة حياتك أن تستحلَّ محارم الله.
    احرصوا أخوة الإيمان أن نكون في هذا الشهر الفضيل في التقوى كالشخص الذي ارتدى ثياب عرسه وخرج يمشي في الشوارع الممتلئة بالطين والأوساخ من حوله فكيف به وهو يسير على رؤوس أصابعه خشية أن تُصيب ثيابه الأوساخ فالأولى والأحق أن نحافظ على نظافة قلوبنا في هذا الشهر الفضيل فإذا انتهت هذه الدورة ونحن ملازمون على طهارة قلوبنا ومحافظين على أن لا نتكلم بالكذب والغيبة لعلَّ الله في آخر الشهر يتفضَّل علينا ويثبت هذه الطهارة في قلوبنا ويكره إلينا الأعمال السيئة التي كنا تقول بها قبل رمضان من غيبة ونميمة وبُهتان وغير ذلك.
    نسأل الله التوفيق وجعلنا الله ممن نستمع القول فنتَّبع أحسنه
    المدَّة التي استغرقها الدرس 4 ساعات.
(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: