جزاء الصبر عند البلاء

العبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، اساسها معرفة يقينية، تقضي بسعادة أبدية …. هذه من ثمرات العبادة (وبالآخرة هم يوقنون) ليس فقط يؤمنون
تقضي بسعادة أبدية بجوار الله وبجوار رسول الله وأصحابه الكرام وبجوار اهل الله رضي الله عنهم اجمعين
إذاً لا تحزن إن الله معك، المؤمن مهما يمر بمحن يجتازها املاً (وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) والنبي يبشّر “ما يصيب المؤمن من نصبٍ ولا وصبٍ (يعني من همٍ وتعبٍ وبلاء) ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة التي يُشاكها إلا كفّر الله من خطاياه” حديث صحيح من البخاري ومسلم
وبيّن ذلك ﷺ وإن أعظم الجزاء مع عِظم البلاء … كلما عَظُمت المصيبة كلما عَظُم أجرها
يعني انت عندما تشغل أحد عندك ساعتين تعطيه اجر الساعتين، تشغله شهر تعطيه اجر شهر…. وهذه رحمة الله ان يعطيك على حسب البلية والمحنة التي مررت بها وصبرت عليها (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم أحسن عملا)
إذاً نحن في قاعة اختبار وقاعة امتحان، هم العيال وهم العبادة وهم العمل الهموم من كل جانب بالإضافة إلى الأذى يأتيك من كل جانب بالإضافة الى البلاء والمصائب والمحن التي تصيب المؤمن وهذه كلها يؤجر عليها
ثم بيّن ﷺ قال: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفّر الله عنه بها حتى الشوكة التي يُشاكها
رب العزة لن يترك لك الشوكة الصغيرة في يدك او قدمك او جسدك وسيكفّر عنك الخطايا ويمحو لك السيئات ويرفع لك من الدرجات ويكتب لك الحسنات، هذا الكريم الا يشكر؟؟ هذا الحليم الا يشكر؟؟ هل هذا يُكفر؟
(ونريهم من آياتنا فبأي من آيات الله تنكرون)
الله سبحانه وتعالى يسألنا …. أي آية تستطيع ان تنكرها (وفي انفسكم افلا تبصرون)
هل درست جهاز الهضمي لديك كيف يحول الطعام ويستخرج منه النافع ويلقي القذارة خارج جسدك … هل درست الدورة الدموية كيف تستنشق الهواء لتنظيف الدم من الأوساخ بجدار الرئتين ثم يذهب الدم الصافي النقي الى القلب إذا كان القلب ذاكر لله تعقم الدم بنور الله القلب الذاكر ثم انتشر في انحاء الجسد ويغذي سائر أنحاء الجسد بأنابيب بدقة الشعرة وأنابيب التي تغذي العين والمخ أرق من الشعرة ويسري بها الدم ويغذي الخلايا في كل مكان ويغذي العضلات واللحم والعظم والجلد والشعر … هل درست هذا الإله العظيم كيف يعاملك وكم يعطيك من النعم وأنت لا تشكر هذه النعمة وانت مشغول بجمع الدنيا (الهاكم التكاثر) ومشغول بشهوات نفسك وملذّاتها عن الله الذي لو رُفع الحجاب لوقعت مغشياً عليك من شدة عتاب الله ومن شدة رحمة فيك وانت غير سائل بأن الله يعطيك اهتمام كما قال عليه الصلاة والسلام: أن الله ليعامل كل واحد منكم كأنه آدم زمانه
انظروا أبانا آدم عندما نزل على الأرض كيف كانت العناية فيه ليولّد هذه البشرية كلها …كيف كانت رعاية الله له
وكذلك كل واحد من بني آدم الله يعامله كأنه آدم زمانه بالعناية والحفظ والرعاية.. فهذا المولى ألا يُشكر
نريد ان تكون العبادة طوعية ليست بالعصا (العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة) عندما تكون العبادة نابعة من القلب طاعة طوعية هذه علامة الحب انت تسارع لطاعة الله محبةً وهذا هو المؤمن (رضي الله عنهم ورضوا عنه) لأن الطاعة الطوعية محبة (لا إيمان لمن لا محبة له) يسارع الى الطاعة محبةً بالوقوف بين يديه، مهما تكون الطاعة بما ان ربنا يريدها، يسارع اليها يريد رضاء الله سبحانه وتعالى
هذه العبادة طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية اساسها معرفة يقينية فاعبدوا الله على بصيرة (قل هذه سبيلي فادعوا الى الله انا ومن اتبعني على بصيرة)
توصلك إلى السعادة الحياة الخالدة السعيدة ان تكون في جنان النعيم، مع الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا
الله يهنئه مع هذه الصحبة مع الاولياء والصديقين والشهداء…..
وإذا تريد ان لا تصبر فإن المصيبة تحل والمحنة والمرض والشوكة …فإذا صبرت نلت الأجر على المصيبة ان كانت صغيرة او كبيرة، وإذا ما صبرت قدر الله عليك شئت ام ابيت، لكن هناك فرق عندما تصبر وتنال الأجر، بينما تعترض وتخسر مع المصيبة الأجر
ما الشيء الذي أعظم من المصيبة؟ ان تخسر اجرها
المؤمن لا يخسر الأجر لأن عند الله خير عند البلاء
احياناً المحنة يكون فيها رحمة من الله سبحانه وتعالى
ماهي الرحمة؟ يكون لك منزلة عالية عند الله، الله يكتب لك اياها لكن بشرط أنك لا تنال بصلاة او زكاة او صوم …هذه الدرجة العالية لا تنال الا بصبر هذه المحنة الفلانية، فيرسل لك المحنة الفلانية ومن كرمه يصبرك عليه حتى تصل الى تلك الدرجة العالية التي لا تنال بطاعة وإنما تنال بصبر
فبيّن ذلك ﷺ إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمل، ابتلاه الله بجسده او في ماله او في ولده ثم صبّره على ذلك
وبعد الصبر وصلت الى تلك المنزلة العالية (ثم يصبره على ذلك حتى يبلغ المنزلة التي سبقت من الله جل جلاله)
هذا يدل على ان نشكر الله في السراء والضراء، ونشكر الله على المحبة وعلى المنحة ووراء كل محنة خلفها منحة …كل شيء آخرها ستقبض الأجر عليها
هذا للصابر المحتسب الراضي أما ذلك_ إن الانسان خلق هلوعا
تفسير هلوعا؛ إذا مسه الشر جذوعا وإذا مسه الخير منوعا الا المصلين
من هم اولئك المصلون؟ هؤلاء الذين تصنعوا، كان تراب وحديد في الجبل لا قيمة لهم فعندما صنعوهم أصبحوا سيارة وطيارة …أصبحوا غاليين وارتفعوا فوق الطيارة
هذا من فضل الله انه يوصلك الى المنزلة التي نلتها بالصبر كما ان هناك باب الجنة الذي لا تناله الا بالصيام وهو باب الريان
وكذلك منازل في الجنة الفردوس الأعلى لا تنالها الا بصبرك على العبادة والمشقة والزوجة التي تؤذي، والزوجة التي تصبر على اولادها او جيرانها او اهلها…. فكل الدنيا محن بمحن فما احوجنا الى الصبر فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط
عندما تقول الحمد لله فأن الله يخبرك من اجل ان تصبح في المرتبة العالية
عليك ان تقول ان شاء الله سأصبر واتحمل حتى انال المرتبة العالية فتمر المصيبة كأنها نسمة تحمل ريحة كريهة دقائق وانكشفت وغيمة ذهبت ورجع سطوع الشمس كما كان مع الرضا والرضوان
اما الذي يعترض ويقول يارب لماذا اخذته …. لم ينصح ولا مسلم، والتي تعاتب لماذا اخذت زوجي لم ينصح ولا مسلم نسأل الله السلامة
ثم بيّن ﷺ قال عجباً لأمر المؤمن ان صابه خير أمره كله خير… يعني كل شيء مع المؤمن يجد فيه خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن لا أحد يفهم تلك اللغة الا الذي قام بدورة فيها ان اصابه سرّاء صبر فكان خيراً له وان اصابه صرّاء صبر وكان خيراً له
في السراء والضراء صابر وفي الحالتين هو خير له
وغير المؤمن العكس بالعكس غير شاكر على السراء ولا خير له
ما كل أحد يستطيع الغطس عليك ان تلازم الدورة مع الاختصاصي حتى تصبح غطاس
يقول لك انا أستطيع ان اسوق الطيارة فإنها مثل الطنبر إذا اردت ان تقارن بينهما قل سهلة
على السراء والضراء عندما تأتي المحنة او البلوة يطير عقلك وتعترض ولا تعلم ما يصبح معك

  • كان ﷺ يسير فمر من جوار مقبرة ورأى امرأة تبكي على قبر، فقال يا أمة الله اصبري، فقالت اليك عني يا رجل لو اصابك مثل ما أصابني فإنك لن تصبر، فجاء رجل اليها وقال سامحك الله هل تعلمين من هذا الرجل الذي تحدثت معه هذا الكلام؟ قالت لا، من هو؟ قال لها هذا رسول الله، قالت اين منزله فذهبت اليه لتعتذر منه قالت يارسول الله أصبر أصبر … فقال رسول الله: إنما الصبر عند الصدمة الأولى
    من البداية كان لكِ ان تصبري بعدما انكسرت الزجاجة اصبحت تحملينها رويدا رويدا
    بعدما اطفأتِ الشمعة تقولي لن انفخ عليها
    عندما تكن متعلم وتأتي المحنة وتصبر عليها فهذا الأصول اما إذا تكون غير متعلم ولست متدرب على الصبر لا تصبر على الضراء ولا تشكر في السراء
    عندما يفقد الانسان أحد من عياله الله يسأل الملائكة
  • أقبضتم روح عبد ولد فلان؟
    الملائكة تقول نعم يارب نفّذنا الأمر
  • وأخذتم فلدة كبده الغالي؟
    يقولون نعم يارب
  • يقول على أي حال تركتم عبدي؟
    يقولون تركناه حامداً شاكراً غاضب
  • فيقول ابنوا له قصراً في الجنة وسموه قصر الحمد والشكر والرضا
    هو المعطي والذي يأخذ ويحرم ويمنع ويكافئ ويعاقب كونوا دائما من الشاكرين فإن بالشكر تدوم النعم
    (لإن شكرتم لأزيدنكم)
    عندما توفّي العباس عم رسول الله …وما أدراك ما العباس، كان له مكانة عالية عند رسول الله
    قاموا بالعزاء وجاءت الناس تعزي عبد الله ولده
    جاء رجل اعرابي لكنه مثقف قلبياً وايمانياً مدرسة رسول الله صنعته كذلك
    جاء ليعزي عبد الله رضي الله عنه فقال له ابيات من الشعر:
    اصبر نكُ بك صابرينَ وإنما صبرُ الرعية عند صبر الرأس
    خير من العباسِ صبرك بعده والله خيرٌ منك للعباسِ

يعني العباس ذهب الى شخص احن عليه منك
فقال ابن العباس؛ كفتني هذه للتعزية
هذه التعزية الحقيقية البريئة التي كلها حكم وأهداف ومعاني.
اسأل الله ان يجعلني واياكم أهلاً لهذه المراتب العالية بالأدب والأخلاق وبالعلم والتعلم والتعليم ونرجو من الله ان يجعلني واياكم ممن نستمع القول ونتبع أحسنه، هُداةً مهديين غير ضالين ولا مضلين.

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: