ثمرة ذكر الله

الحمد لله وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم يا ربنا لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
لو نظرنا إلى ما في القرآن العظيم نرى أن الله يوجه العبد إلى دوام الصلة به ولله المثل الأعلى إذا أردنا أن نضرب مثالاً على ذلك فالأب الحنون الذي يوصي ابنه الصغير دائما أن يمسك بيده ولا يتركها لأنه بمجرد تركها سيتعرض للخطف او الأذى او ….
هذا من حنان الاب على ولده يأمره أن يكون متصل به هو الضعيف وأبوه القوي ودائماً اتصال الضعيف بالقوي سعادةٌ ونجاةٌ وعزٌ وكرامةٌ وحفظٌ للضعيف.
نرى كثير من الآيات توجهنا للاتصال بالله فقال تعالى : ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ ))سورة البقرة الآية رقم 152
عندما تكون يدك في يد أبوك عندما تقع يرفعك عن الخطر لكن عندما تتركها فأنت معرض للخطر
فذكرنا لله نحن المنتفعين به، دائماً الضعيف ينتفع من القوي ويأخذ مدده من القوي وينمو بصلته من القوي ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )) ماذا نفهم منها؟ أنسوني أنساكم وقد ذكر لنا الله في آية أخرى(( نسوا الله فأنساهم أنفسهم ((
أي نسوا الله فأنساهم سعادتهم
وهناك آيات أُخر ترغب بالذكر(( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ))
الاطمئنان هو السعادة ولا تنال إلا بذكر الله ودوام اتصالك بالله
والذكر هو التذكر فعندما تتذكر الدَّين وصاحب الدَّين وأنت في بيتك مغلقٌ عليك الباب في ظلمات الليل تجد في نفسك رهبة وهم وغم وضيق كيف ستؤدي له دينه ؟؟ أنت قطفت من تذكرك للديان الهم والغم
وعندما تذْكُر رحلة مع أحبابك وكان فيها من السرور تجد أنك سُررت ودخلت السعادة على قلبك بتذكرك لهذه الرحلة
وعندما تذكر مناماً مفزعاً أو ترى حادثة مفزعة تتأثر وتتكدر وتدعوا الله أن لا تعاد
الآن صار لديك يقين أن التذكر له ثمرة كل تلك المواقف لها ثمار وذكرك لله ولقاء الله والدار الآخرة والقبر و…… ليس له ثمرة ؟!
أم نحن على مذهب الأولاد اذا لم يتحرك الطعام بين أسناننا لانعرف ان الطعام قد دخل للمعدة
ليس كل الغذاء يجب أن يدخل للمعدة هناك غذاء للقلب وهو النور
وهناك غذاء يدخل للمعدة ويتحول الى دم وقوة وتذهب فضلاته الى الحمام.
فذكر الله غذاء للقلوب، نور للقلوب، زوادة للآخرة، صلة بالله، سعادة للذاكر.
فالذاكر يرى ما لا يراه غيره ويسمع ما لا يسمعه غيره، يتسلح بقوة لا توجد مع غيره.
أنت عندما تنس الذكر تُجرم بحق نفسك ،عندما تغفل تأخذ: (( فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ))سورة الزمر الآية رقم 22
تكون في ضياع والضياع ظاهرٌ على الملأ.
قال الله تعالى ((الذين يذكرون الله))
وقال ايضاً: ((الذاكرين الله كثيرا والذاكرات))
هذه الآيات ليست جديدة علينا أنما مشكلتنا مثل المصفاية نسكب الماء من الاعلى تنزل من الاسفل متى ستحتفظ المصفاة بما تضع فيها؟!
معنى ذلك أن قلبنا نادر حتى تركز به الآية وتتحول إلى غذاء وقوة وعمل وكأن الآيات جاءت من أجير عندنا لم نعطها أي اهتمام هذه صفة المستهزء والذي لا يعمل بما علم.
عندما يصبح لديك العلم النافع وهو التطبيق والعمل فعندما نقول لك أن هذا كأس الماء فيه سُم عندما تتيقن من ذلك يدفعك ذلك أن لا تشرب منه و إذا أراد أحد أن يسقيك إياه تهرب منه هذا العلم النافع بالتطبيق والعمل أما إذا شربته فهذا علم غير نافع وهذا هو العلم الذي كان يتعوذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (( اللهم إني أعوذ بك من علمك لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع ودعاء لا يرفع))
حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربع من أعطيهن فقد اعطي خيراً كثيراً))أي أُعطي خيري الدنيا والآخرة
((قلباً شاكراً)) تجد أُناساً يملكون الأموال الكثيرة و بالملايين ولا يكونوا شاكرين وبالمقابل هناك من لا يملك سوى قوت يومه ويحمد الله في السراء والضراء ويشعر بفضل الله عليه ويحمد الله ليس عليه دين ،يحمد الله ويشكره أنه يستطيع النوم بدون مهدئ، يحمد لله أنه لا يقضي وقته بالذهاب من طبيب الى طبيب ……شاكر من فضل الله عليه
إذا بحثت وراء هذا الرجل تجد ان هناك من زرع به الشكر لله وإلا
أرض قاحله لا تنبت شجرة تفاح من تلقاء نفسها إنما تحتاج الى سقايه ورعاية، أما الاشواك فإنها تنبت لوحدها دائما الاشياء الضارة تنتشر لوحدها أما الشيء الغالي فإنه يحتاج للزرع والحماية والرش التلقيح والتطعيم حتى يخرج الشيء الثمين.
((ولساناً ذاكراً))أنظر حولك تجد الجميع لديهم ألسنة لكن أي لسان؟
لسان اللغو هذا إن كانوا صالحين أما غيرهم تجد لديهم لسان الكذب الحقد الغيبة النميمة البهتان، فلان قال وهو لم يقل هذا هو البهتان هذه جريمة بحق نفسك
النبي صلى الله عليه وسلم عندما مدح السيدة صفية غارت السيدة عائشة فقالت للنبي حسبك من صفية أنها قصيرة فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وظهر في وجهه الغضب فكانوا يخافوا من غضبه أن ينزل بلاء قالت يا رسول الله قلت قصيرة وهي قصيرة
قال ((لقد قلت كلمة لو مزجت بكاء البحر لمزجته)) أي لو اختلطت بماء البحر لأنتنته.
هذه الكلمة(قصيرة)وهي فعلا قصيرة، انتنت البحر الذي إذا حُولت مجاري الأرض إليه لبقي هو الماء طاهراً ولا يُنتن او تُؤثر، كلمة عن القصير قصير أو تقول عن الطويل طويل أو تصف الذي يعرج بالأعرج وهو يعرج حقيقة انتن البحر
من كلمة انتن البحر فما حال أرواحنا إذن؟! أرواحنا منتنة ولكي تصفى روحك وتعود إلى نقائها ويقال لك طبيتم فادخلوها خالدين فإنها تحتاج إلى تصفيه وتحلية والسبيل الى ذلك بمصاحبة أهل الله وذكر الله فيعود صفائنا الروحي الفطروي الذي جعله الله فينا صافية نقية لا فيها كذب ولا بهتان ولا غيبة ولا نميمة إنما طاهر نقي ونفخت فيه من روحي فلا يأتِ من عند الله إلا الكمال.
لكن عندما تُلبسك أمك الثياب البيضاء الناصعة فجلست في أي مكان وفي أي مكان تسطحت كيف أصبح هذا الثوب الأبيض؟! أصبح مضحكة وصار البياض الناصع كثوب (المشحمجي). لوثته، يا ترى أمك تتركك تقعد مع الناس بهذا الثوب دون أن تغسله لك!، وإذا افترضنا أنها ستغسله وأنت ترتديه ماذا سيحصل لك ؟!
وأنت سوف تُغسل نفسك يوم القيامة وأنت ترتديها، فنظفها بالدنيا وصفها واغسلها وأعمل لها تحلية حتى يعود لك صفائها.
هبطت إليك من المكان الارفع… ورقاء (بيضاء) ذات تعفف وتمنع؛ كانت في البداية إذا أردت أن تعصي الله تهرب من المعصية لأنها نقية وطاهرة وهذه هي الفطرة السليمة أما لما جالست وخالطت أهل المعاصي مالت قلوبنا لأهل المعاصي وتكلمنا بكلمات ليس لها نفع أصبحنا نتلذذ بالمعصية ومجالسة أهل المعصية.
مثال ذلك عندما تُدخن أمام أحد ما زال عالفطرة يقول لك اطفئ السيكارة اختنقنا، سوف تخرج روحي….. ،لكن إذا واظب بالجلوس مع المدخنين يستنشقها بأنفه حتى يألفها ثم يقبلها ممن يضيفه إياه ثم هو يقوم بتضيف السيكارة لأنه تروَّض، كذلك مجالسة العصاة تروض الانسان أن يقع في المعصية ويتلذذ فيها لأن الشيطان عندما يريد أن يوقعك في المعصية ويُبعدك عن الحق يأتي معك بالتدريج أول يوم يجعلك تميل ميلي (مسافة قصيرة)
يوسوس لك هذه المرة فقط و….في الاسبوع الثاني تميل ٢ميلي وهكذا فلا تجد نفسك إلا قد هلكت وهكذا الإنسان الشيطان يوسوس له هذه السنه لا تفعلها أنت مشغول، التسبيحات دعها الواقعة تبارك يس دعها واليوم صلاة الضحى أيضاً دعها كل مرة يبعدك فيها الطاعات
ثم تأتي لتحاسب نفسك تجد أنك لم تصلِ الضحى من أسبوعين اذاً تحقق ما يريده الشيطان بإبعادك عن الطاعات وإذا ذهبت الطاعات اقتربت من اللغو واللهو والمعاصي
تقرر أنك لا تريد أن تتكلم على فلان وفلان فلان لا تستطيع لأنك جالست من يحمل هذه الصفات فطُبعت فيك
أما صفة الإنسان المؤمن فإنه ينتقي الكلمة كما ينتقي أحدكم اطايب الطعام.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((مررت ليلة أسري بي برجل مغيب بنور العرش قلت من هذا ملك! قيل لا، قلت نبي! قيل لا))
من هو اذاً وكيف وصل الى هذه الدرجة العالية ؟وصلها باستخدامه للسانه بالأذكار ومن انواع الذكر ان تذكر الناس بلقاء الله بنعم الله بالخوف من الله اتق الله ولو بشق تمرة اتق الله حق تقاته ليس بالكلام فقط إنما بالعمل مع الكلام
((وقلبا معلق بالمساجد)) عندما يتعلق قلبك بالمطاعم يكون معلقاً بأثاث المطعم من طاولات وكراسي وصحون وملاعق وسلة الاوساخ!! ام يكون معلق بالطباخ لأنه اذا لم يكن هناك طباخ لن يكون هناك أطايب الطعام والشراب!
وأيضا عندما يكون معلقاً بالمسجد تقول لأجل الصلاة، النبي صلى الله عليه وسلم قال جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأين ما كنت تستطيع الصلاة.
اذاً قلبٌ معلقٌ بالمساجد أي قلب معلق بالعلم والعلماء، فعندما يتعلق قلبنا بالذكر والعلم نجد من يعلمنا الذكر و يعرفنا ماهي المعصية وماهي ثمارها فمن ثمارها سخط الله تعالى وضيق وضنك في الحياة الدنيا و لأنك أعرضت عن ذكر الله ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ))سورة طه الآية رقم ١٢٤
أما ثمرات الطاعة في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ومن حسنات الدنيا البركة في العمر والزوجة الصالحة والأولاد الأبرار والجيران الاخيار الذين لا يؤذونك ولا يزعجوك ولا يحسدوك أو يمكرون بك
اذا ((من هو ملك؟ قيل: لا، قال: نبي؟ قيل: لا، وفي بعض الروايات ما اسمه؟ فقيل له: وما يعنيك ما اسمه! سل عن عمله؟)) عن العمل الذي أوصله الى هذا النور وهذا المكان ((فقلت: وما عمله؟ قيل: كان له لسانا ذاكرا وقلب معلق بالمساجد ولم يستتب لوالديه))
لا يؤذي أحدا حتى لا يورث والديه دعاء من أحد.
((إذا مات ابن أدم انقطع عمله إلا من ثلاث……ولد صالح يدعو له )) ولد صالح يدعو له وبالمقابل هناك ولد يرسل لأبيه في قبره كل يوم مئة لعنة إذا آذى اكثر
وهناك ولد يقول له الناس يا ليت أباك أنجب مئة واحد مثلك لأنك كلك خير ونفع خاصة عندما يكون أنسان ضائع وساعدته تخدمه وتعينه
كم الفارق بين الولدين ؟؟
الحصيلة سوف تعود إليك فما أرسلته لأبيك سيرسله أولادك لك ، فإن ورَّثت لأبيك المسبات واللعنات سيكون ابنك ارذل منك ويرسل لك كما ارسلت لأبيك، أنت زرعت وستحصد ما زرعت ، سيحصد عبد الله ما كان زارعا فطوبى لعبد كان لله يزرع
((ولم يستتب لوالديه )) بار بهما في حياتهما وبعد موتهما(( ولا تقل لهما اف ولا تنهرهما ))
والصنف الاخر وصفهم الله ((وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ)) سورة الأحقاف الآية رقم ١٧-18
وصفه الله انه من الخاسرين، بينما الصالح التقي بار بوالديه …..
كان أولاد أمنا فاطمة لا يأكل معها حتى لا تسبق يده يدها في لقمة كانت تشتهيها فيدخل في العقوق
فمعاملتك مع والديك شيخك هي ديون ستحصدها إن كان خيراً فخير وإن كان غير ذلك فأسرع بالتوبة قبل أن يحين وقت الحصاد
اساس الاسس ذكر الله مثال ذلك
الفركونه عندما ترتبط بالقطار من المنتفع القطار أم هي ؟ إذا لم تقيدها بالقطار ستأخذها الحرمية لكن برباطها بالقطار حملت البضائع وقبض صاحبها الثمن ووصلت بدون بنزين ولا دركسيون
بالرباط وحده وصلت وكذلك رباطنا هو الحب والذكر عندما يكون لديك الحب اجباري ستقلد حبيبك وإذا قلدت حبيبك فهنيئاً لك لكن إذا كان الحبيب من الاشقياء وقلدته؟ كمن قال للقرد لأدور بك الدنيا ولأشقيك
أجابه رجلي ع رجلك إذا أردت أن تشقيني ستشقى معي
احذروا من مجالسة الاشقياء لأنك لا تشقى إلا بمجالستهم ولا تسعد الا بمحبة الأتقياء و محبتهم وامتثال أمرهم
نسال الله التوفيق جعلنا الله ممن يتبع القول فيتبع أحسنه هداة مهديين غير ضالين ولا مضلين وسلام على المرسلين والحمد لله ب العالمين

(Visited 4 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: