المسلم أخو المسلم

في هذا الوقت المبارك مع صورة من صور يوم القيامة التي قال فيها مولانا جلّ شأنه في محكم كتابه: ((وعرضوا على ربك صفاً لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا))
هذه الصورة من صور يوم القيامة، ووضع الكتاب: أي بدأ الحساب، الكتاب الذي فيه كل صغيرة وكبيرة لذلك يقولون ((يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة)) أي من أعمالهم، إذا آمنت بهذه الآيات وبكل كلام النبي ﷺ القائل: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)) حديث صحيح متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
الله خالق السّموات والأرض وما بينهما القادر على كلّ شيء، يا ترى كرب الدنيا أعظم أم كرب يوم القيامة، كرب الدنيا لا بد من زوالها بأي وسيلة يمكن أن تتخلص منها أمّا كرب الآخرة هناك من لا تنفعهم شفاعة الشافعين ولا يؤذن لهم فيعتذرون، اذاً كرب الآخرة أشد والله يفرّج عنك كرب الآخرة إذا فرّجت عن أخيك كربة من كرب الدنيا.
ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة، هل يا ترى نحن نستر المسلم أم نفضحه؟؟ هل تكون لأخيك عوناً أم بلاءً؟ هل تطعمه الطّعام أم تحتكر عليه الطّعام لتميته؟ لكن الله تكفّل برزقه وأنت ستكون من المخزيين يوم القيامة قال تعالى: ((وأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون)).
يا أخي نصيحتي لك ولنفسي أن تكون كما قال النبي ﷺ في الحديث، وبيّن النبي في حديث آخر فقال: ((المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله كل المسلم على المسلم حرام عرضه ودمه وماله ثم قال: التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، ويشير الى قلبه الشريف ﷺ ثم قال: بحسب المرء من الشّر أن يحقر أخاه المسلم)) أي إذا لم يكن في قلبك وداخلك التقوى، التقوى الخارجيّة ليس لها نفع.
إذا ذهبت للحج وأقمت الصلاة وليس فينا نفع للنّاس فعبادتك مردودة عليك لأنّها شجرة بلا ثمار، الحج له ثمار والصلاة لها ثمار والصّوم له ثمار كل عبادة لها ثمار وثمار العبادة أن المسلم أخو المسلم، واسعَ أيها المؤمن أن يكون في قلبك التقوى فإذا صار في قلبك التقوى أصبحت عبادتك لها ثمار، والبستان الذي له ثمار يا سعادة صاحبه ويا سعادة من يدخل عليه، والبستان الذي لا ثمر فيه وإن كثرت أشجاره يدخل الانسان عليه جائع ويخرج جائع.
والعبادة كالشجر إذا لم يكن فيه ثمر فهو للحطب هكذا تكون العبادة صورة لا روح فيها والصّورة لا تسمن ولا تغني من جوع، إذا أحضرنا لك صورة عروس هل يأتيك منها أولاد؟ وكذلك عبادتك إذا لم تكن فيها هذه الصّفات فهي صورة لا ثمار لها ولا خير فيها وهي مردودة على صاحبها.
وهناك بعض الأحاديث يقول فيها النبي ﷺ: ((لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض)) ماذا يريد منّا النبي؟؟ يريد أن نعيش من غير أن نؤذي بعضنا كل شخص يسعى لسعادة الآخرين، أحد الشّيوخ أراد أن يعلّ/ إخوانه كيف يعتنوا بالآخرين كي يهيّئ الله له من يعتني به فدعاهم الى طعام وجعل الملاعق طويلة كل ملعقة طولها متر وقال لهم تفضلوا الى الطعام والأكل بهذه الملاعق فواحد منهم ألهمه الله أن يطعهم أخيه وأخوه أطعمه وكل واحد أطعم أخيه وأطعمه أخوه وأكل الجميع أمّا لو تكبّروا على بعضهم فلا أحد منهم يستطيع أن يأكل.
يا ابني عندما تسعى لسعادة الآخرين يهيّئ لك الله من يسعدك في الدّنيا والآخرة ولكن عندما تكون أناني تركض والرّغيف يركض أمامك والسعادة تسمع فيها سمع فقط، لأن السّعادة تحتاج الى ثمن وثمن السعادة هو أن تسعى لسعادة الآخرين وما أجمل المحبّة اذهب وتعلّم من القطط كيف يحبّون بعضهم ، قال ﷺ: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه)) هذا الحديث الصغير لو طبّقه المسلمون لعاشوا سعداء ، واذا كان لديك رغيفين وفكّرت بجارك الجائع فهذه هي السّعادة، اسأل الله أن يردّنا الى ديننا ردّاً جميلاً لأنّه أصبح بيننا وبينه مسافات كثيرة كما قال الشّاعر:
طلع الدين مستغيثاً إلى الله وقال ياربّ إن العباد قد ظلموني
يتسمّون بي وحقّك لا أعرف منهم أحداً ولا يعرفوني
أسأل الله أن يتعرّف علينا الدين ونتعرّف عليه ونعود الى عزّنا ومجدنا ومساعدتنا لبعضنا ونترك الاحتقار والتّكبر وغير ذلك وعندما نتراحم نستحق أن تنزل علينا رحمة الله القائل: ((ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء))
جعلنا الله وإياكم ممن نستمع القول فنتبع أحسنه والحمد لله رب العالمين.

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: