المؤمن بين أربع

حي قيوم باقي وله كنفٌ واقي نسأل الله أن يجعلنا وإياكم أهلا لهذه الموائد الربانية التي كادت أن تفقد في هذا الزمان إلا ما رحم ربي
نقرأ في كتاب الله تعالى بغد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم)
الله نور السموات والأرض مثل نوره في قلب المؤمن عندما يستقر حب الله وينغرس في قلب المؤمن
يكون مثله كمشكاة (المشكاة مثل مصباح السيارة ضوء باتجاه واحد) في قلب هذا المصباح زجاجة وفي قلب الزجاجة زجاجة كل ذلك وصف لنفس المؤمن وقلبه عندما يتطهران من حظوظ الدنيا ويتجهان بحب وشغف لله سبحانه وتعالى كيف يكون المؤمن إذا انغرس في قلبه اسم الله وانفتق منه هذا النور فكان كلامه نور ومنظره نور يجلب به من إذا رؤوا ذكر الله فكلامه نور وهم نور فجزاهم الله عنا كل خير أرشدونا إلى هذا الطريق، وهكذا المدّعي في طريق السلوك
على مذهب من قال له انبطح قال لا أستطيع يوجد بحصة بعض البلدان أقامت جندية وأصبحت تدرب الجنود فصاح المدرب انبطاح فاستجاب الجميع ونفذوا إلا جندي لم ينبطح قال هناك بحصة…
وكذلك من ادّعى تأتيه المطبات والمحن فيا ترى أصادق أنت فتصبر؟ من يخطب الحسناء يدفع مهرها
أما الكلام فقط باللسان لابدّ لمن يجمع العسل أن يكون فيه قرصة النحل، وأنت ان تصل إلى درجات العلا دون امتحانات لا يجوز
المؤمن في هذا الطريق الذي يسلكه إلى الله يمر بمحن كثيرة ومنوعة منها الخفيف ومنها الثقيل ومنها النفس أو تأتي بالمال أو الأهل أو تكلفك منصبك
في بعضهم حدث عنهم سماحة الشيخ أن شخصا كلّفته وزارته يقول فذهبت وزرته لأهون الأمر عليه أي لأنه خسر عمله في سبيل دينه
فقال له يا سيدي انا أعمل سائق تكسي ولا تحزن على لست أهتم لكل هذه الدنيا لكن لا تشغل بالك فيّ وكل هذه الدنيا ليست لعيني لا أسأل على شيء وكل قصدي ان اخدم فيها دين الله سبحانه وتعالى
سيدنا قال يابني كم كبر بنظري عندما رأيته بهذه الأخلاق العالية
المحنة تأتي ربما بوظيفته وناس بمالها وناس بجسدها وناس بأهله إذا كنت صادق في هذه المحن تهنئ أنت الذي تكون سعيداً مُسعداً
وتصل إلى المراتب العالية من طلب العلا سهر الليالي أما إذا ببعض الغيم كما قالوا (يوم الغيم تفرح الكسلانة)
الكسول إذا استيقظ ورأى الغيم في السماء يفرح ويقول إذا لا يوجد مدرسة اليوم
أما الصادق يقولون له السماء مغيمة يقول لازم اروح وإذا ذهب ورأى المدرسة مغلقة يقف أمامها وينتظر فتوحها

لذلك حكمة من الله انه جعل الشيطان مثله في امتحان السيارات كالصعود ولولا الشيطان لكانت الناس كلها من أهل الفردوس أما بوجوده تغربلت الناس فسقط من سقط وصعد من صعد

بذكر النور والنور في القلب إذا غرس اسم الله وسقي بكرةً وأصيلا ﴿واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا﴾
هذه السقاية التي تجعل الاسم الجليل العظيم الذي كنا نسمع من أسيادنا إذا دعي به أجاب، الذي يجعلك عظيماً، كالذي حمل الجوهر وبحمله له يصبح جوهرا ويغتني

عن أبّي بن كعب رضي الله عنه قال: ” المؤمن بين أربع إذا ابتُليَ صبر وإن أُعطيَ شكَر وإن قال صدق وإن حكم عدل فهو يتقلب في خمسة من النور وهو الذي يقول الله فيه نور على نور فكلامه نور وعلمه نور ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره إلى نور يوم القيامة “والكافر يتقلب في خمس من الظلم (اي الظلمات) فكلامه ظلمة وعمله ظلمة ومدخله ظلمة ومخرجه ظلمة ومصيره إلى ظلمات يوم القيامة “

“إذا ابتلي صبر”
ليست كل الفصول مثل بعضها وليست كل الفصول ربيعا بل يأتي الشتاء والخريف والصيف ويجب أن تتحمل

“وإن أعطي شكر”
القرآن يقول: ﴿إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جذوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين﴾
إذا بقيت إنتل إنسان لا تتصنع ولا ترتقي لدرجة المؤمن فأنت هلوع وجذوع
اما إذا ارتقيت من الإنسان إلى المؤمن وكنت ذي صلة هذا لا يكون جذوع ولا للخير منوع

“وإن قال صدق”
عندما يقولون الكذب ملح الرجال أي رجال هؤلاء!!؟
الرجال الحقيقية رجال القرآن والذكر وعلمهم وتعليمهم وليس شوارب وإنجاب الأولاد، الرجال الحقيقية بقياس القرآن
﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة﴾
﴿رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر﴾ والانتظار يكون بشوق كما تنتظر حبيبك في المطار هل تنعس أو تنام؟ صدقوا في ذكرهم ووصالهم وعلمهم وتعليمهم رضي الله عن سيدنا الشيخ رجب كان كلما يقولوا له يا سيدي ارتاح يقول يابني كيف أرتاح؟؟ مثل الأم التي فقدت ابنها الوحيد ونقول لها ارتاحي لا يمكن أن تأتيها الراحة
“لا راحة لمؤمن دون لقاء وجه ربه فإن الله ليكره العبد البطال”
قال الشاعر:
نظرت إلى الراحة الكبرى فلم أرها تُنال إلا على جسر من التعب
هذا الجسر عليك ان تتخطاه اسمه الدنيا فإذا انتهيت منه وأنت جادٌ مجد وصلت إلى الراحة الكبرى التي هي ﴿سلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين﴾
﴿وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن الحمد لله الذي أورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين﴾ الله يكرمنا وإياكم في هذا الحمد في جنات النعيم
نعود إلى “وإن قال صدق”
الكذب ملح الرجال هذا حكم ابليس وهذا قانون الشياطين الذي يستخدموه بين الناس
“وإن حكم عدل فهو يتقلب في خمسة من النور وهو الذي يقول الله فيه نور على نور”
لم يأخذ هذا الوصف وهو ليس أهل لها بل أخذها بعد امتحانات ومحن وصحبة وغرس في قلبه وسقى الغراس ولازم وقام وصام ولم يترك شيء من برنامجه إلا قام به ونجح في امتحانه ويحق له أن يأخذ الشهادة

سر الرابطة نظرة واحدة تستقر في قلبك التي تذهب عنك كل همومك وشياطينك وتحصنك مثل المزرعة المحوطة بعساكر حمايةً لها ومضاءة بالكهرباء أي حرامي يتجرأ أن يدخلها؟؟ ولا ممكن يقترب منها
هكذا حب اهل الله حينما يستقر في قلبك والصورة التي تستقر في الخيال وكأن قلبك حُرس بفضل الله
أنت يبقى عليك ان تغرس وتزرع ولا يوجد من يفسد ورائك وغيرك يزرع اليوم ويأتي غدا فيجد زرعه مرمي وفاسد لذلك ترى عبادته تخبيص بتخبيص تراه تارة قانط وتارة يائس وتارة يشد الهمة وأنت اذا غرست كل يوم غرسة يحميها الله لك وتقطف ثمارها تمشي وتشعر أنك تقطع مسافة وغيرك كأنه راكب ناعورة ، يدور يدور …مكانك راوح أما أنت أحوالك تتحول إلى مقامات وتشعر بأنك قطعت مسافة لأني عندما التفتت إلى ماضيي وجدت أنه كان فيه الكثير من السواد وبفضل الله كله تحول إلى أنوار أي مثل من كان في اسفل الوادي عند المجاري بعدما مشيت في الطريق صرت فوق سطح الأرض ووجدت أنك كنت في المهالك ثم وفقنا الله وهيئ لنا من يأخذ بأيدينا وأنقذنا وأخرجنا من هذه المهالك المهلكة
“فكلامه نور “
كيف يذهب النور الظلام؟ كذلك كلامهم يبعد ظلمة الجهل من قلبك مثل عندما تدخل للغرفة وهي مظلمة لا ترى شيء أمامك لكن عندما تضيئها بالنور ترى كل شيء
“وعلمه نور ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره إلى نور يوم القيامة”
دائما مع الله محاسب لنفسه، وهذه الفضائل من سوق أهل الله سوق مجالس المحبة والايمان سوق تصنيع القلوب التي هي أغلى ما في هذا الكون (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب)
الذي هيئ له الله قلبا يستقر الايمان فيه
والعكس كذلك “والكافر يتقلب في خمس من الظلم (اي الظلمات) فكلامه ظلمة وعمله ظلمة ومدخله ظلمة ومخرجه ظلمة”
كل كلماته ظلمة بظلمة حتى أعماله دنيا مثلا البغل إذا دخل الحظيرة هل يقول بسم الله؟؟ لا ندري يمكن البغل يقولها وبعض الناس لا تقولها ولا عندها ذكر ولا ايمان ولا تسبيح

ومخرجه ظلمة
الحيوانات رب العالمين بين لنا ﴿وإن من شيء إلا يسبح بحمده﴾
﴿والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه﴾ المخلوقات كلها تذكر لكن نضرب مثال أن الحيوانات تذكر وهذا الكافر الملحد لا يذكر ولا يسبح هذا الذي باع أغلى شيء بأرخص شيء باع دينه ورضا الله والسعادة والاطمئنان في قلبه كل هذا باعه من اجل ان يكسب دنياه وجسده الفاني خسر كل شيء غالي وبدله بالرخيص
﴿أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين﴾

على ذكر ومخرجه ظلمة كان هناك رجل لديه حمار وثور كان يأخذ الثور ليفلح عليه طلب الفلاح من نبي زمانه (قيل انه في عهد سيدنا سليمان) إذا ممكن ان تعلمني لغة الحيوان نصحه إن ذلك يكلف وليس لك مقدرة على تحمل ذلك وهذا يكلفك أنك إذا بحت بالسر ستموت فهل انت مستعد قال نعم لدي استعداد
النبي دعا له وهو أصبح وهو يتقن لغة الحيوان، سمع الحمار والثور يتحدثان مع بعضهما قال الثور للحمار الفلاح هلكني وهو يفلح علي، قال الحمار أنا أنصحك ان لا تأكل علفك (اي طعامك) فيظنك مريض فلا يأخذك للعمل.. هو سمع حديثهم وفرح لأن دعوة نبي الله استجابت
اخذ الثور وفلح عليه والثور بقي دون طعام وضع له الطعم ولم يأكل.. جاء عند المساء سمع الحمار يقول للثور كيف زبطت الخطة قال له نعم مشي الحال
قال الفلاح.. الثور مريض ما بدي أخده عالفلاحة ثاني يوم اخذ الحمار ولم يأخذ الثور لأنه مريض.. الحمار وقعت في راسه انه هُلك بالعمل
(الحمار ذكي جدا من فهمه إذا مررته من مكان واقع فيه من سنة ومررته بالليل بجانبه مرة أخرى لا يوقع فيه)
الثور قال الحمار شو صار معك.. قال بالفعل انه هلكني فشهدنا هذا المثال لإن الثور يسبح ويستغفر
وهناك من الناس من يدخل على بيته وقصره وسيارته وكلمة بسم الله لا يعلمها الشيطان طمس أعينهم
“ومصيره إلى ظلمات يوم القيامة”
يوم القيامة ينقلب عليه عمله ظلمات
﴿ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور﴾
نحن الان بشهر شعبان شهر النبوة نزل في هذا الشهر الفضيل قوله تعالى ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾
علينا الاكثار من الصيام لأن النبي عندما سئل لماذا تصوم في شهر شعبان قال شهر ترفع فيه الاعمال إلى الله شهر تغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ايضا من فضائل هذا الشهر أن تغيرت القبلة فيه كانت في الشمال أصبحت في الجنوب كانت في البيت المقدس تحولت إلى بيت الله الحرام
الله جعل لنا استقلالية في ديننا لأن النبي عندما كان يصلي باتجاه بيت المقدس كان اليهود يعيرونه أنك ما دمت على قبلتنا فهذا يعني أنك تابع إلى ديننا اليهودي فكان النبي دائما يطلب من سيدنا جبريل أن يسأل الله هذا الأمر فنزل قوله تعالى ﴿قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شكر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره﴾
والنبي كان يطلبها طلب لما لها من مكانة وهي موطنه مسقط رأسه

القصد أننا في هذا الشهر الفضيل علينا ان نتضرع والتضرع يحتاج إلى صيام والى قيام حتى يكون قلبنا يوصّل الدعوة
ليس كمثل الضيعتان اللتان تقاتلوا لكن هناك ضيعة لم يتوفر معها المدافع أحضرت بواري مدافئ وضعوا فيها البارود ومن الاسفل أشعلوا البارود وفجروه وقتل من حولها بالكامل جاء أهل الضيعة على آثار المعركة قالوا مازالت المدافع هنا قضت على الضيعة كلها.. هي لم تقضي عليها لان البواري لم تصل إلى مرحلة القذيفة
قلوبنا خاوية لم توصل الدعوة تحتاج إلى قلب صادق وذاكر وخاشع وباكي
﴿وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون﴾
إذا استجابوا لي يكونون قريبون مني وأنا قريب منهم والنتيجة تكون النجاح والفلاح
اما إذا أحد اعطاك وأنت لم تعطه اهتمامك ولو كنت جانبه فأنت لم تنتفع من عطاياه
ذكروا بعضكم وأحبابكم وأهلكم أن علينا أن نكثر من الصيام والصلاة على النبي وتلاوة القرآن
وإن كان يتوجب عليك البقاء في بيتك لظروف فهذا واجب عليك أن تلتزم به لأنك إذا لم تلتزم به فإنك تأخذ العدوى مثل النحل عندما تأخذ التلقيح بين الشجر مكان ما تقف تنزل من قدميها المواد التلقيحية
وانت كذلك لا تخرج من منزلك الا للضرورة وانو الاعتكاف وعملك في بيتك ومساعدة اهلك وعدم تضجرك منهم ومحاسبهم، ساعد زوجتك في كل أعمالها واجعل لها ولأولادك برنامج ترفيهي كي لا تشعر بالضيق (ان لنفسك عليك حقا)
يكفي أن العبادات تكون في وقتها الصلوات والاذكار ثم أعط أهلك حقهم ولا تحاسبهم وتضيق عليهم كي لا ينقلب البيت سجن على سكانه بل اجعل بيتك جنة وعاونهم في اعمالهم (وتعاونوا على البر والتقوى)
النبي كان في مهنة أهله لعل الله إن تراحمنا مع بعضنا البعض أن يرحم البلاد والعباد
ولاتنسوا الأذكار
مثال سيد اشترى مئة عبد قال لهم يلي يطيعني لا بتأذي ولي يخالفني يتأذى كلمتي هي إن تلبسوا الجلود على رؤوسكم الموفق قال سمعنا واطعنا نفذ الأمر
سيدهم كان يسكب الماء الساخن من الأعلى.. الذي استجاب لما أمرهم به لم يصبه شيء اما الذي خالف الملك الماء سلخ جلده
القصد أنك إذا كنت مطيع لله لو أرسل عليك مئة مرض لا يصيبك شيء ولا يغرك كثرة الصلاة والصيام والعبادة الحقيقة حقيقة النفس
(انما المشركون نجس) هكذا وصفهم النبي وقصده نفسه وعقيدته
كن على ثقة بالله وعندما يكون الاخ ملازم على ذكره وأوراده فكأنه ملتزم الوقاية والحصن من البلاء
وإذا كنت لا تمتثل امره لا تلم غير نفسك
نسأل الله أن يرفع عنا البلاء والوباء ويصرف عنا شر الأعداء والحمد لله رب العالمين…

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: