الطريق إلى السعادة

الحمد لله وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد إمام الذاكرين والعاشقين وإمام الغرِّ المحجلين، جعلنا الله تحت لوائه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
الله سبحانه وتعالى جعل سعادة الإنسان مخبأة في ما يكره كما قال صلى الله عليه وسلم: ((حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات))
فإذا أردت سعادتك فالطريق الى ذلك بإسعاد الاخرين
بعض الصالحين أراد ان يُوصل لهم هذه الفكرة((اذا أردتم أن تَسْعدوا عليكم بإسعاد الاخرين ((
فأعدَّ مائدة فيها ما لذَّ وطاب ووضع على المائدة ملاعق طول كل ملعقة متر، وجمع تلاميذه وأمرهم أن يأكلوا شريطة أن يمسكوا الملعقة من نهايتها، احتار التلاميذ فقال لهم معلمهم ومرشدهم:((اذا اطعمنا غيرنا الله يهيئ لنا من يطعمنا)(فبدأ كل تلميذ بإطعام من يقابله والذي يقابله يطعمه بكل سهولة حتى أكل الجميع وشبع بعد أن فرحوا وتلقوا هذا الدرس العملي .
فكل تلميذ جلس على المائدة معلقته متر وممنوع مسكها إلا من طرفها وعليك أن تأكل وتشبع فإذا فكرت في اسعاد الآخرين طَعِمت وشَرِبت واذا لم تفكر في إطعام الاخرين جعت وانحرفت .
هذا درس صغير لكن له تأثير عظيم في الحياة
قصةً اخرى قصةُ النفر الثلاث من بني اسرائيل الأقرع والأبرص والأعمى:
إنَّ ثَلَاثَةً في بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى، بَدَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فأتَى الأبْرَصَ، فَقالَ: أَيُّ شيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، قدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عنْه، فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا، وَجِلْدًا حَسَنًا، فَقالَ: أَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: الإبِلُ، – أَوْ قالَ: البَقَرُ، هو شَكَّ في ذلكَ: إنَّ الأبْرَصَ، وَالأقْرَعَ، قالَ أَحَدُهُما الإبِلُ، وَقالَ الآخَرُ: البَقَرُ -، فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، فَقالَ: يُبَارَكُ لكَ فِيهَا وَأَتَى الأقْرَعَ فَقالَ: أَيُّ شيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ شَعَرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هذا، قدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا، قالَ: فأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: البَقَرُ، قالَ: فأعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلًا، وَقالَ: يُبَارَكُ لكَ فِيهَا، وَأَتَى الأعْمَى فَقالَ: أَيُّ شيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: يَرُدُّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَأُبْصِرُ به النَّاسَ، قالَ: فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ، قالَ: فأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ الغَنَمُ: فأعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا، فَأُنْتِجَ هذانِ وَوَلَّدَ هذا، فَكانَ لِهذا وَادٍ مِن إِبِلٍ، وَلِهذا وَادٍ مِن بَقَرٍ، وَلِهذا وَادٍ مِن غَنَمٍ))ثم حان وقت الاختبار ليس في مادة واحدة فقط إنما في كل المواد فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من قول((اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك))وقد سُئل يا رسول الله لقد غفر ما تقدم من ذنبك وما تأخر وأنت تدعو بهذا الدعاء قال(( نعم فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء)) الإمتحان في كل شيء
((ثُمَّ إنَّه أَتَى الأبْرَصَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ، تَقَطَّعَتْ بيَ الحِبَالُ في سَفَرِي، فلا بَلَاغَ اليومَ إِلَّا باللَّهِ ثُمَّ بك أي اعطني بقرة ابيعها واستفيد من ثمنها حتى أصل بلدتي او أرعاها وأشرب من حليبها
أَسْأَلُكَ بالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الحَسَنَ، وَالجِلْدَ الحَسَنَ، وَالمَالَ، بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عليه في سَفَرِي، فَقالَ له: إنَّ الحُقُوقَ كَثِيرَةٌ، فَقالَ له: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ، فقِيرًا فأعْطَاكَ اللَّهُ؟ فَقالَ: لقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عن كَابِرٍ، فَقالَ: إنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إلى ما كُنْتَ، وَأَتَى الأقْرَعَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقالَ له: مِثْلَ ما قالَ لِهذا، فَرَدَّ عليه مِثْلَ ما رَدَّ عليه هذا، فَقالَ: إنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إلى ما كُنْتَ، وَأَتَى الأعْمَى في صُورَتِهِ، فَقالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ بيَ الحِبَالُ في سَفَرِي، فلا بَلَاغَ اليومَ إِلَّا باللَّهِ ثُمَّ بكَ، أَسْأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بهَا في سَفَرِي، فَقالَ: قدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي، وَفقِيرًا فقَدْ أَغْنَانِي، فَخُذْ ما شِئْتَ، فَوَاللَّهِ لا أَجْهَدُكَ اليومَ بشيءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ، فَقالَ أَمْسِكْ مَالَكَ، فإنَّما ابْتُلِيتُمْ، فقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ، وَسَخِطَ علَى صاحبيك. ا
بحثوا عن سعادة الآخرين تجدون سعادتكم إذا أردت صحتك اسعَ للحفاظ على صحة الآخرين إذا أردت نمو مالك اسعَ لزيادة مال الآخرين إذا أردت نمو علمك اسعَ لتعليم الآخرين.
نستنج من قصة النفر الثلاث أن الاعمى عندما كان سخياً وساعد الفقير وادخل السعادة على قلبه واعترف بفضل الله عليه فقال للفقير ان يأخذ ما يشاء فهي ملك لله تفضل بها عليه
أجابه الملك بأن فزت وخسر صاحبيك
كان أحد التجار من الأغنياء الأسخياء وكان يضع ماله في (كمر: ما يلف حول الخصر كالنطاق)وبينما هو يمشي في السوق ضاع منه وبه جميع ما يملك من مال وبعد أن سال عنه ولم يجده قالت له زوجته أن يبيع فستان لها ويجلب بثمنه طعاما فلما باعه اشترى بجزء منه طعاما وبالقسم الآخر اشترى زجاجا ليتاجر به وبينما هو يمشي اذا تزحلق بقشرة موز فانكسر الزجاج (ذهب المال وراس المال) جلس يبكي فمر عليه أحدهم وسأله فحدثه بما حصل فإذا به يأخذه الى منزله ويعيد له الكمر بعد أن أخذ اوصافه وكم من المال كان به فسأله التاجر أين كان هذا الكمر فقال له تحت قشرة الموزة .
دعونا نَسعد بسعادة الاخرين فلا يمكن للإنسان أن يجد السعادة المطلوبة إذا كان لا يريدها للآخرين، المهم يأكل وغيره يبقى بدون طعام!! عندما لا يكون إلا ربطة خبز دعها لجارك فالله يهيئ لك الطعام الذي لا يخطر لك فقد كانت السيدة عائشة صائمة هي وخادمتها وليس عندهم إلا رغيف خبز أتاهم سائل فأعطته نصف الرغيف ثم أتت امرأة تطلب طعاما لها فأمرت خادمتها أن تعطيها النصف الآخر والله يدبر أمرهما فلما كان قبل المغرب قُرع الباب وإذ بخادم سيدنا معاوية يحمل خاروفاً مطبوخاً أرسله لها سيدنا معاوية، فكانت تقول لخادمتها رغيفك أفضل أم هذا ؟؟!
أحد الملوك الذين يحكمون كما يقال حكم قراقوش أصدر حكما بإجراء قرعة للمساجين بأن يسحب كل منهم ورقة مكتوب عليها إما عفو أو إعدام ينفذ الحكم تبعاً لذلك أحدهم سحب ورقته فإذا بها حكم الإعدام فصار يبكي وعندما سأله صديقه عن السبب أخبره أن بكاءه ليس خوفا من الموت وإنما لديه أولاد أيتام قد خبأ لهم مالاً ولا أحد يعرف عنه فما كان من صديقه إلا أن قال له خذ ورقتي (العفو)وأعطني ورقتك وما يقدره الله سيكون (ليس بالأمر السهل أن يعرض عليه أن يذهب لعياله ويضع حبل الموت على رقبته)
بدأ المساجين بالحديث عن هذا الأمر العجيب حتى وصل الخبر الى الحاكم تحقق من الموضوع وصحته فأصدر عفواً عن جميع المساجين هذه ثمرة من أراد الخير لجاره.
أما إذا اردت الشر لجارك ستجده أيضاً في دارك
طلب أحد العتَّالين(من يحمل الامتعة او الاخشاب على ظهره) من سيدنا موسى أن يسأل ربه في المناجاة أن يرزقه حمارا ليحمل الأخشاب عليه فظهره مليء بالدمامل والجروح فلما سأل سيدنا موسى ذلك قال له الله: أن قل لصاحبك أن الله سيستجيب له بشرط أن يدعو لجاره العتال في جوف الليل أن يرزقه حمارا فلما سمع الرجل بذلك رفض وقال أنا ادعو له !!فلان كذا وكذا وكذا…… دعه يحمل على ظهره ولو انكسرت رقبته.
ماذا ستخسر لو دعوت له ورَزَقك الله أنت وهو؟؟ هذا هو الذي يمنع الخير عن جاره يُحرم هو من الخير.
أحدهم كان راكباً هو وأولاده في سيارته وإذ يعترض لهم في طريقهم المال فيستشير أولاده أن يأخذوه معهم فالجميع يوافق فالمال سيساعدهم …..بعد قليل تظهر السلطة أيضا يحملوها معهم بالسيارة
بعد قليل يقف رجل الدين بهيئة الفقير فيرفضون ركوبه لأنه سيضيق عليها هذا حلال وهذا حرام …عند الحاجز يوقفهم ملك الموت (سيدنا عزرائيل) هذا ما قدمتم لأنفسكم لا ظلم اليوم لوانهم موفقين لتنازلوا عن المال والسلطة وأبقوا معهم الدين فهو أهم من كل شيء امَّا ماذا سينفعنا !!،سيضيق علينا!! شو بدنا فيه؟؟ فأي ندامة سيندمون أنهم لقوا الله بلا دين؟!
القصد علينا أن نسير في طريق اسعاد الآخرين حتى تأتينا السعادة فكل من سار على طريق اسعاد الآخرين فهو من السعداء
دائماً عندما نطعم لقمة حقيقة الامر تجد طعمها في فمك وعندما تحرمها غيرك فإنك ستجد غصة بها وقد تكون سبب هلاكك
وصيتي لكم
أولاً: أوصيكم بالإكثار من ذكر الله
ثانياً: اجعل سعادتك تأتي من سعادة الآخرين، أحدهم اسمه (اضرب خل) كان مشهوراً بالسْكر والخمر والأخلاق السيئة سمع صوت أولاد يطلبون من أمهم ملابس للعيد وطعاماً و……
وأمهم لا حيلة لها من أين ستأتيهم بالمال ؟من أباهم الذي لم يترك لهم شيئأً؟
عندما علم بأنهم أيتام قال للمرأة أن تذهب وتشتري ما يحتاجونه من طعام ولباس وسيدفع هو عنهم وكان ذلك في آخر عشر من رمضان عاد لمنزله والسعادة تملأ قلبه وأخبر أمه بما حصل وأنه وجد لذةً لم يشعر بها في الخمر واللذائذ الاخرى …. عندما أدخلَ السعادة على قلوب هؤلاء الأيتام منَّ الله عليه بالتوبة فتاب توبة نصوحة لكنه من حيائه وخجله وخوفا من استهزاء الناس لم يُصلِ في حييه خجلاً وحياءً فأتته المنية، عندما سمع بذلك شيخ الحي الذي يقطن به رفض أن يصلِ عليه لكثرة ما كان مشهوراً بالأخلاق السيئة وحمد الله أنه قد تخلص من شره فقرر السفر خارج البلد ريثما يُدفن وعندما عاد رأى في تلك الليلة في المنام النبي صلى الله عليه وسلم آتٍ الى الشام ونازلاً عند (اضرب خل) فغضب الشيخ و أخذ عكازته وذهب لرسول الله ليخبره بأخلاق هذا الرجل وخصاله وإذ به يجد اضرب خل عند الباب قد عيَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بوابا وقال له اسمح لمن تريد بالدخول وامنع من تريد فقال اضرب خل للشيخ والله لأحرمنك الدخول على رسول الله كما حرمتني الصلاة وسافرتَ كي لا تصلي علي فاستيقظ الشيخ ووسادته مليئة بالدموع فالموضوع اكيد له سر ذهب لامه وسألها عن عمل اضرب خل فأجابته بأنه كان في الخمر والتحشيش وما شاكل ذلك غير أنه في آخر عشرة أيام وجد امرأة، أم أيتام حالتها يُرثى لها فكساها وكسى أولادها واشترى لهم الطعام والشراب وأعطاهم مال وقال لهم اذا احتجتم إلى شيء فتعالوا إلى بيتي وتكفل بهم وقال لي ما ألذ العمل الصالح عندما نعمله مع الفقراء والمساكين وتاب الى الله لكن من حيائه لم يذهب للصلاة في مسجدك.
انظر الى هذا الرجل كم كان بعيداً عن الله، لما أدخل السعادة على الاخرين أسعده الله بتوبةٍ وحسن خاتمة وان النبي اتى وزاره في منزله كل ذلك لأنه سعى في سعادة الاخرين
من أراد السعادة فليبحث عنها في سعادة الاخرين
عندما يضيق صدرك فامسح على رأس يتيم النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من أراد أن ينشرح صدره فليمسح على راس اليتيم))
ومسحة رأس اليتيم من الخلف إلى الأمام بلطافة وحنان وغير اليتيم يمسح رأسه من الامام الى الخلف ومن الخلف الى الامام
أسأل الله لي ولكم التوفيق جعلني الله وإياكم ممن يستمع القول فنتبع أحسنه هداة مهدين غير ضالين ولا مضلين سلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين جزاكم الله عنا خيراً زادكم الله توفيقاً وعنايةً.
والحمد لله رب العالمين

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: