الصدق في الذكر

درس النساء 9-1-2021

استفتح سماحة الشيخ محمود المبارك الدرس مستفهماً : لماذا لم يقل يا أيها الذين آمنوا صلّوا كثيراً ؟ لأنّ أساس البناء كلّه أساس ليس بلوكات فروح العبادات كلّها هو ذكر الله فإذا لم تكن لديك هذه المادة وإذا كنتِ تذكرين طلباً للأنوار أو الكرامات سنكون مثل بعض التلاميذ أتى شيخه فقال له يا سيّدي النّاس لا تعرف قيمتك اجعل لهم كرامة حتّى يعرفوك …فقال له يا بني : من يأتي بالكرامة ينصرف لأدنى سبب فقال له : يا سيّدي اجعل كرامة واحدة فقط فوافق الشيخ

ذهب التلميذ وجمع عدداً كبيراً في المسجد أثناء إعطاء الدرس قال للعصفور اذهب وقف على رأس المؤذن فطار ووقف على رأس المؤذن اذهب إلى الباب اذهب إلى النافذة فنفّذ الأمر فتعجب النّاس وفي الجمعة التالية لم يعد يتّسع الجامع كلّهم محبون وأثناء الدرس انتقض وضوء الشيخ فقال لهم ائذنوا لي لأجدد الوضوء وبدأت الناس بالضحك وخرجوا من الجامع .

فإذا كانت الغاية من الذكر هي الغاية فلا تذكروا، الله غني عنكم علينا أن نذكر الله لله لا نريد منه إلّا رضاه فاجعلوا عبادتكم خالصة لله….يارب نعبدك لأنّك تستحق العبادة كما قالت رابعة العدوية “لا أعبدك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك ولكنك إله تستحق العبادة ” هكذا يجب أن تكونوا .

إن أتت إليك ضيفة تكرميها وأنتِ فقيرة تكرمت على ضيفتك وأنتِ تجالسين الله لا تريدين إلّا رضاه وتخرجين من مجالسته دون كرامة لكن لا يكون ذلك همّك فأنتِ عندما تذهبين إلى الملوك وتقولين أتيت لتناول الطّعام تسقطين من أعينهم عليك أن تقولي أتشرّف حتّى اسمع نصائحكم فيعطوكِ ويكرموكِ .

وحقيقة الذكر أن تذكر المذكور أمّا أن نقول الله الله وعقلنا مشغول بالطعام أو الرحلة أو المال أيّ ذكر هذا ؟ لذلك يأتي الشيطان ويوسوس لك ، المؤمنة تقول أنا أذكر لله وإذا تأخر فتحي ….فتكوني كشجرة الزيتون تأخرت حتّى أثمرت لكن تعمّر مئات السنين ، لا تطلبوا إلّا وجه الله وتعتزوا بمجالسته فإن كنتم على هذا الحال أبشروا كيف يثمر الذكر؟….يثمر المراقبة والمراقبة تثمر الخشية ….ثم أصبحت من المتقين ” اتقوا الله ويعلّمكم الله ” فيفيض الله على قلبك من العلوم فتحيا القلوب إذا نظرت إليك .

عندما ننظر إلى بستان نشعر بالسرور فكيف بالنظر إلى أهل الله وكيف بمجالستهم ” وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء ” . يمكن لبعض الأخوات أن تتصرف بدون إذن الشيخ من أذكار أو قرآن كل غايتها الشهرة والمال مثلها كمثل من يصنع الدواء من تلقاء نفسه مثل حكيم تومة ……

وهناك من ينوّع بين الأوراد دون إذن الشيخ لا يجوز تنويع الأوراد بدون إذن لأن لكل ورد له نور فعندما تختلط الأنوار قد يصبح لها خلل عقلي أو فكري إذاً علينا الالتزام بالأذكار المأذون فيها ….ونراقب عندما نذكر الله ذكر اللسان نريد ذكر القلب ونذكر بالعقل والفكر المذكور .

الله تعالى أعطاكَ أوامر النجاح وبين لك أوامر الفساد لذلك هناك أمور تدمر بيت الرجل وأمور تدمر بيت المرأة ، الأمور التي تدمر بيت المرأة ، الأمر الأول : العناد إذاً احذري العناد فالرجل لا يُناطح ولو كان زوجك ضعيف يمكر لك وإن لم يستطع في الدّنيا لن يعطيك الرضا في الآخرة إذاً حسن التبعل كالخاتم بيد زوجك فتملكين قلبه ثمّ يسلّمك ماله وكل حياته .

الأمر الثاني : الإهمال ، إهمال بيتك أو أولادك أو زوجك وهذه أخطر شيء عليك أن تعتني بكل تفاصيل حياة زوجك من نوم وطعام وراحة فالرجل كما تعاملينه يعاملك الأمر كلّه بيدك ، لا تهملي أولادك ولا منزلك فهذا يحزنه أن يشاهد المنزل غير مرتب… علمي أولادك أن يرتبوا ثيابهم حتّى لا تلبسها الشياطين هكذا علّمنا النبي صلّى الله عليه وسلّم .

قصة : عروس استأجرت طرحة للعرس وعندما أرادت أن تعيدها وجدت عليها بقعة دم فدُهشت لأنّ العروس نزعتها قبل أن يتزوجوا فذهبوا وسألوا أحد العلماء فقال : هذه خلعتها ولم تسمّ عليها وترتبها فلبسها جنّي خبيث وتزوّج بها ، كيف نعرف أن الثياب لبسها الشيطان ؟ انظر إلى نفسك في النهار هل تغفل عن ذكر الله ؟ إن كنت تغفل ذلك يعني أن الشيطان ارتدى ثوبك وإن لم يلبسه يجد نفسه يستغفر ثمّ يسبح طوال اليوم وأنت في ذكر الله .

أيضاً لا نهمل أرحامنا فعندما يراك زوجك لا تهتمين بأقربائه يظنّ أنك لا تحبين أهله ( كوني له امه يكن لكَ عبداً ) ، أيضاً علينا أن نحذر أن نهمل عبادتنا فالرجل إذا رأى تقصير في عبادتك تسقطين من عينه ، أيضاً احذري البخل : البخيل كالذي يغلق حنفية رزقه .

وها هو سماحة الشيخ محمود المبارك يروي لنا قصة : أتى رجل إلى سيّدنا موسى يطلب منه أن يدعو الله في المناجاة أن يوسع عليه رزقه فطلب ذلك سيّدنا موسى فأخبره الله أن هذا الرجل باقي من عمره مئة سنة خمسون فقراً وخمسون غنى وقال له : خيّره هل بفضل أن تكون أول خمسين غنى أم فقر فلمّا أخبره استشار الرجل زوجته فأشارت عليه أن تكون الخمسين سنة الأولى هي الغنى وأخذ الرجل بالأسباب وفتح الله باب الرزق فقالت له زوجته ابنِ لي سوقاً واجعل في بداية السوق حمامات ثم خيّاطين ثمّ صيّاغ ثمّ مطاعم ووظّف ناس يبحثون عن الفقراء والأرامل والأيتام .

فانتهت الخمسين سنة الأولى وبدأت الخمسين سنة الثانية والخير يزيد والناس الحاسدة تنتظر فعندما مرّت سنة ولم يفتقروا أتوا إلى وقالوا : أنّ هؤلاء لم يفتقروا ، فقال لهم سيّدنا موسى لا أدري سأسأل ربي : فلما ذهب للمناجاة قال يارب لم يفتقروا ، فقال له : تأدب يا موسى وانظر ما صنعوا هم يتكرمون على خلقي وأنا أبخل عليهم بشّرهم لأنّ الخمسين الثانية حوّلتها إلى غنى احذري البخل وحرّضي زوجك على الكرم .

أحدهم زار أخ له في قرية بعيدة عن المدينة وفي القرية لا يوجد مخابز إنما يصنعون الخبز في بيوتهم وصاحب المنزل ليس لديه إلّا رغيفين وقسم كل رغيف إلى أربعة أقسام ثم قال لهم تفضلوا واطفأ الضوء فكان كل منهم يُوهم الآخرين بأنه يأكل وعندما اشعلوا الضوء وإذ الخبز كما هو وإذ أمير القرية لديه وليمة فيرسل لصاحب هذا البيت نصف خاروف فقدمه لضيوفه وقال هذا من نيّتكم الحسنة وإخلاصكم لم يحرمكم الله ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ” .

قصة : كانت السيّدة عائشة وخادمتها صائمتان ولم يكن لديهما إلّا رغيفان فأتى سائل فأعطته رغيفاً ثم أتى آخر فأعطته الثاني فقالت الخادمة : نحن صائمتان فقالت لن يضيّعنا الله فأذّن المغرب وإذا بسيّدنا معاوية يرسل خروفاً لأم المؤمنين فكانت السيّدة عائشة تنظر إلى الخادمة وتقول لها الرغيفان أفضل أم هذا ؟! وما عند الله خير فاحذري البخل لكن ليس السخاء بالتبذير يجب أن يكون سخاؤك في مرضاة الله ،” إنّ المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربّه كفوراً ” .

القسوة : قاسية على زوجها أو أولادها أو بناتها… الشيطان يوسوس لك أن تفرضي شخصيتك هؤلاء الأربع أشياء يدمرون بيت الزوجة علينا أن نبتعد عنهم إن شاء الله
نكمل عن السخاء ، النبي صلّى الله عليه وسلّم وصف البخل بأنّه شجرة في جهنّم أغصانها متدليّة إلى الدّنيا فالبخيل يتعلّق بغصن من هذه الأغصان ويوم القيامة يكون مصيره إلى النار أمّا السخاء شجرة في الجنة أغصانها متدليّة إلى الدّنيا عندما تتمسكين بشجرة السخاء ….يرضى الله ….والناس مازالوا بخير وفيهم الكرم والنّاس كالأرض وصفهم الله ” وكنتم قوماً بورا ” وذلك قبل المعلّم

لكن بعد أن يستلمه الفلّاح يحوّله إلى بستان ….إلى أرض خصبة …فهذه الأرض إن جلسنا بها هل نتمنى أن نخرج منها ؟ هكذا عندما نجالس من تصنّعت قلوبهم بالإيمان حيث يأخذون بيدنا من الغرق إلى النجاة من العطش إلى الري من الظّلمات إلى النور ” يخرجهم من الظلمات إلى النور ” اجعلي سخاءك عزيمة لجيرانك وصديقاتك ليسمعوا مجلس علم فمن ترى أنّها انفتح قلبها للدرس تابعيها وأمّا من تجدينها كالحديد الصدأ ادعي لها ، قال تعالى : ” وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم “

” يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيرا وسبّحوه بكرةً وأصيلا هو الذي يصلّي عليكم ” تريدين أن يصلّي الله عليك صلاة الله على نبيّه وعلى البشريّة صلاة الله رحمة وصلاة الملائكة هي استغفار وصلاة البشر دعاء فعندما يرحمك يرسل لك الرحمة (النبي) وخليفته أيضاً رحمة .

احفظوا هذا الحديث يقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي ( ألا أدلكم على أفضل أعمالكم وأرفعها في درجاتكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من إنفاق الذهب والوَرق ( الورق هي الفضة ) وخير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا أعناقهم ويضربواأعناقكم قالوا : بلى يارسول الله قال : ذكر الله ) ، انظروا إلى عظمة ذكر الله كم له من الأهمية وتجدنا مشغولين (وقتك الذي تلهين فيه غيرك يبني مجده فيه ) .

وختاماً دعانا سماحة الشيخ محمود المبارك أن : أكثروا من ذكر الله لأنّ عبادتكم بلا روح إن لم يكن الذكر موجود وأنتم تعلمون إن لم يكن به روح .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: