
الصدق في الإيمان
السيرة النبويةالشريفة
_الحلقة 70_
19-11-2021
١٤ ربيع الآخر ١٤٤٣ هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وآله وصحبه أجمعين
نعيش اليوم مع النبي صلى الله عليه وسلم القائد المسلم الذي يقود المعركة بوحي السماء والذي لاقى ما لاقى من أعدائه ،لم يسلم من شرورهم بعد أن تخلى عن موطنه ومسقط رأسه..
وقد تحمل منهم كل أذى وصبر عليهم..
ولكن لابد للمذنب أن يعاقب فكبرياؤهم وغطرستهم جعلهم ينالون هذا الذل في هذه المعركة التي في نظرنا غير متكافئة بالعدد والقوة …
وخروجهم كما وصفهم ربنا فوقعوا في فخ وبئر حفروه بأيديهم ..
فكما ذكرنا سالفاً أنهم أرسلوا من حكمائهم أبا الوليد بأن يدرس وضع الأعداء …
أي النبي وأصحابه …….،فعندما طاف بجيش المسلمين فقال : ما تقولون في رأيي ، فقالوا : نعرفك ذا رأي وحكمة ومعرفة ونظر وقد أرسلناك من قبل عندما فاوضت النبي صلى الله عليه وسلم وعرضت عليه الأموال والجاه ،والنساء ،والملك …..على أن يتخلى عن (( لاإله إلا الله ))..
ولكن يابني لابد للمؤمن من مغريات يبسطها إليه شيطان الإنس والجن والنفس الأمارة معهم ،مثل الذي يغويك في ملعقة سم ثم يتكفل لك بالدواء…. وهو مخادع .
وهذه دروس لنا ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم له وقرأ له الصفحة الأولى وثلث الثانية من سورة فصلت حتى وصل لقوله (( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عادٍ وثمود)) فهم كانوا يعرفون أبا عن جد بحادثة عاد وثمود كيف هلكوا (( فلما رأوه عارضاً مستقبل اوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا ))
.. مع العلم أن الكفار عندما كانوا يشربون الخمور يأتون لمكة ويطلبون العذاب إذا كانت الرسل فعلا على حق وهم لا يؤمنون بهم والله يقول (( بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين ))
فمن لا يستجيب للداعي ستنقلب الدنيا رأساً على عقب عليه ،فتجده بين الناس وقلبه محروق مع انه غني ولكنه يتمنى حياة فيها اطمئنان بدون هذا القصر والمزارع ..
فمن الخارج نرى رخام ومن الداخل (صخام) .. فعندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه لأبي الوليد عند صاعقة عادٍ وثمود فقام الوليد ووضع يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم وقال أنشدك بالرحم لا تتمم كرامة لله ولصلة الأرحام حتى لا ينزل فينا ما نزل فيهم ..
فقال لنا الشيخ محمود المبارك : يا بني عندهم يقين وشعور أنه النبي صلى الله عليه وسلم وأنه صادق ولكنهم لا يتّبعونه لأنهم لا يريدون أن يتّبعوا واحد ويتركون عادات أجدادهم وآبائهم …
.. وهذا بلاء ومصيبة (( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون )) فهذا العناد ليس فقط في قريش والنبي وأصحابه الكرام صلى الله عليه وسلم بل ذلك في كل زمان ..
ولا يستيقظ المعاند إلا حين لا ينفع الندم …
(( ماأغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه)) فنبهنا وحذرنا سماحة الشيخ محمود المبارك أنَّ ذلك لاينفع ، فمن يعلن عن نتيجة أنه ساقط قد يعوّض في سنة قادمة ولكن فشل يوم القيامة لاعوض له ، لأنه إذا خرجنا من الدنيا مثلما مثّل لنا النبي صلى الله عليه وسلم كخروج الجنين من بطن أمه فلا يصلح أن يعود لبطن أمه فلا يعيش ولا تستطيع أمه ذلك ..
وبالعودة لكلام أبي الوليد عندما أشار إلى قومه أن يرجعوا عن قتل النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يتكفّل بديّة القتيل ، وقد حصل في القافلة والسرية التي أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم لاطلاع حال قريش أن قتلوا واحداً منهم وأسروا الباقي
وفي مقولتهم أنهم قتلوا في رجب ، فقد جاءهم الإذن من السماء أن يقاتلوا في رجب وغيره لأنهم ظُلموا وأُخرجوا من ديارهم ، وهذا اجعلوه في رقبتي وقولوا أنه جَبُن …
فخرج أبو جهل وقال : لا نرجع ونحن هدفنا أن تسمع العرب فينا وتهابنا ولا تتسلط علينا ، وسنشرب الخمر ونذبح ونقتّل وتغنّي المغنيات فقد رأى أن النبي لقمة صغيرة ويستطيع الانتصار عليه أمام العرب فضرب سماحة الشيخ محمود المبارك مثلاً على أبي جهل أنَّه مثل الذي يجلس على القمامة ويفتخر بنفسه ولا يعلم أنه سيصبح رأسه مثل الكرة بين النعال وجسده يلقى في البئر …
وما كان يفهم أن الأنبياء منصورين ..
وأعاد وكرر شيخنا محمود المبارك أنَّ أبى جهلٍ نفسه يعلم أن محمداً صلى الله عليه وسلم نبي ورسول …
لأنه ذات مرة سار في طريق وسمع أحدهم يستمع لتلاوة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في الليل وصار يسمع معه وما أدراك ما تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم فكان أبو جهل وهو يسمع كالجائع عندما يحضرون له أطيب الأطعمة والمشروبات كيف يكون حاله ؟!
فلو كانوا كفّاراً كان يدخل القرآن في نفوسهم ليطربها ، فيقول أبو جهل لذلك الرجل ماذا ستقول إذا رآنا احد من الناس فإننا سننفضح فنحن نمنع الناس من الاستماع ونأتي لنستمع ، فسأله الرجل : ألا تصدق أنه نبي ، فقال الشمس واضحة وواضح أنه نبي ولكنهم أخذوا السقاية والرماية والضيافة وسيأخذون كذلك النبوة ؟! فلم يبقَ لنا شيء من الأمر …
فحسداً من نفسه وأنانيته لم يعترف به .. فحدثنا سماحة الشيخ محمود المبارك : يا ابني الله أعلم حيث يجعل رسالته ، والبلاء الأعظم أن نعترض على اختيار الله .
فهذه حكمته وهذا عمله سبحانه فهو ينتقي ويضع سره في أضعف خلقه ،فإن كنت موفّقاً فابحث عن الحقيقة والتزم بها وهي شجاعة أدبيّة ، ولاتعادي الحق لتنفع نفسك، وعندما أرادوا الحرب قامت بعض القبائل بالتراجع وانسحبوا ..
وأخذوا بنصيحة أبي الوليد وعادوا بسلام إلى مكة والذين قاتلوا غضب الله عليهم … صف النبي الصفوف للقتال وجهز الفرسان والجيش وطلب أكفّاء للمبارزة فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأنصار فرفضوهم وأرادوا من أولاد البلد والأقارب ليؤدبوهم أمام الجيوش ،فأرسل النبي ثلاثة من المهاجرين رضي الله عنهم حمزة وعبيد الله وسيدنا علي فقتل كل واحد منهم خصمه .
إلا عبيد الله جرحه وجُرِح فتقدم حمزة وعلي وأنقذوا الجريح وقضوا على المشرك الثالث ، والعناية الإلهية أن بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بنزول جبريل عليه السلام بكوكبة مع الملائكة للقتال مع المسلمين ، ووصفهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يرتدون مثل بعض الصحابة كالزبير إذ كانت عليه عمامة ( جبّة) صفراء ، فكانوا على سمته رضي الله عنه…
فأخبرنا سماحة الشيخ محمود المبارك أنَّ البعض يقولون أن الملائكة نزلت فقط للتشجيع ، ولكن كيف ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم قال : من تجدونه مقتولاً ورقبته عليها سواد من أثر الحرق فهو قتيل الملائكة وغيرهم قتيل المسلمين .
وهذا دليل أن قتلى الملائكة سيوفهم من نار ، .. وكذلك الله عندما قال في بني قريظة (( فقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا ياأولي الأبصار ))
فالريح لوحدها جندي من جنود الله حيث أرسل الله الريح في معركة الخندق قلبت الأوعية والأواني فلا يستطيعون أن يطبخوا أو يفعلوا أي شيء ولا يخرجون من خيامهم ..
ويسمعون صلصة السيوف بقلق عظيم … فقال لنا سماحة الشيخ محمود المبارك وطمئن قلوبنا بأنه إذا قذف الله الرعب في قلب عدوك قد يوجّه السيف تجاه نفسه وليس تجاهك … فنصر الله سبحانه وتعالى النبي وقتل منهم سبعين قتيلاً ، وأسر مايقارب سبعين أسيراً ، ولكن انظروا لوفاء النبي صلى الله عليه وسلم كيف عفى عمّن أحسن إليهم سابقاً ، ولكنّه رفض تلك الكرامة ورفيقه لم يُعف عنه … فانظروا للمشرك كيف كان وفاءه لصديقه وكيف رفض فك أسره بدون صديقه فتقول قريش فيه كلام لايليق بكرامته ويعيّروه من أجل رفيقه …
فالنبي لم يعفُ عن صاحبه لأنه كان صاحب ضرر شديد للمسلمين والإسلام ، بعدماانتهت المعركة بقي النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام فجمعوا الشهداء ودفنوهم .
أما الكفار وضعوهم في بئر فوق بعضهم ووضعوا فوقهم التراب حتى لاتظهر الروائح والأمراض ، فجاء النبي للبئر في الأيام التالية ووقف عند حافة البئر وأخذ يكلّمهم بأسمائهم : هل وجدتم ماوعد ربكم حقّاً ، فإني وجدت ماوعدني ربي حقّاً ، فهل وجدتم النار والخزي والعذاب كما وجدت النصر والعز الذي وعدني فيه ربّي … فأتى سيدنا عمر رضي الله عنه وسأل النبي مع من يتكلّم ؟! فهؤلاء جيف منتنة !! فقال النبي صلى الله عليه وسلم ياعمر ((ماأنت بأسمع منهم )) ..
فالروح هي التي تسمع ، فإذا جاء أحدهم يكلّمك بهدوء أُذُنك موجودة ولكنك لاتسمع لأن الروح هي التي تسمع وهي غير موجودة ، وكذلك عينك لاتنظر في غياب الروح ، فالميت جسده موجود ولكن روحه تغيب فهو يسمع ولكن لا يستطيع أن يتكلم لأن المسؤول عن إظهاره قد تعطل .. فهذا علامة أن الميت يسمع .
وإذا جئت الميت وسلّمت عليه ودعوت له يشعر بذلك ….. فمن لايفهم ذلك كيف سنفهّمه ؟! وعندما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الأسرى ورجع بهم إلى المدينة كان بينهم العباس عمه ،وقد كان كلّفه أن يكون عين للنبي صلى الله عليه وسلم في مكة …
يوافيه بأخبار قريش ، والعباس خرج مع جيش الكفار وعمل معهم على إطعام الجيش الذي كان عبارة عن عشر جِمال كل يوم .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقتلوا العباس ، فأحد الصحابة اعترض على ذلك وقال هل نحن قُتِل منّا العديد وهذا عمّ النبي لا نقتله ؟! وجلّ من لا يخطئ .. فأراد مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم مع العلم أن أقاربه كفار والعباس مسلم يكتم إسلامه لحاجة عظيمة أرادها منه النبي صلى الله عليه وسلم…
فناقشه بعض الصحابة أن ذلك يوقعه في زيغ قلبه ، فعاد بعناية إلهية لرشده ، وكان يقول بقيت أعوام أتصدّق وأنفق من هذا الأمر الذي هممت به … مثل سيدنا عمر رضي الله عنه في عمرة النبي عندما ذهب النبي وعاد وعاهدوه في البيعة تحت الشجرة
(( إن الذين يبايعونك تحت الشجرة إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم )) فعندما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا عثمان ليفاوضهم قبل أن يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم تأخر سيدنا عثمان وظهرت دعاية أنه قتل .
ومع العلم قوانينهم أنّ السّفراء لايقتلون إذا سنقاتل حتى الموت ردّا على خبر موت عثمان ، فبايع الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم على الموت جميعهم إلا رجل واحد .
لما سأله النبي صلى الله عليه وسلم لماذا ذهب واختبأ ولم يبايع ؟! فقال يارسول الله إنني جبان أخاف أن أعاهدك وأهرب في نصف المعركة فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم …. فعندما كتب النبي هذه المعاهدة كانت فيها أمور لاتدخل في عقل إنسان عادي ويحسب أنّ فيها الذّل ومع العلم وراءها أساس العز …
فمن ضمنها أنه من يهرب من مكة مسلم يعيده النبي إلى المدينة لقريش لتقتله وتؤدب فيه شباب مكة ، أما الذي يكفر في المدينة فيعود عزيزاً إلى مكة .
فوافق النبي على هذا ولكن سيدنا عمر لم يفهم الحكمة وأخذ يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب موافقته اعتبر ذلك ذلاً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ياعمر الزم غرزك فإني رسول الله والله لايخذلني …
فسكت سيدنا عمر وذهب لسيدنا أبي بكر رضي الله عنه فأجابه نفس الإجابة عندها علم سيدنا عمر أن النبي على حق وأخذ يلوم نفسه على اعتراضه هذا .
مع العلم أنهم عندما عادوا في طريق عودتهم نزلت عليهم سورة الفتح : (( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر الله لك الله ماتقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً ))
فاستغرب سيدنا عمر أكثر وأكثر وقال له النبي صلى الله عليه وسلم انتظر ياعمر والله إنه لفتح .. وأول فتح كان عندما فتحت حصون خيبر وقد كانوا من أغنى الناس بما لديهم من مجوهرات وذهب .. ثم الفتوح الثاني فكانت هدنة عشر سنوات بزيارة مفتوحة بين الطرفين دون قتال .
فصار المسلمون يخبرون أقاربهم عن الإيمان ويرغّبوهم به فأسلم أكثرهم … فكان كل شهر يؤمن شخص واحد….. صار يؤمن في اليوم الواحد أربعة أو خمسة أشخاص …
فآمنوا في هذه الهدنة أكثر ممن آمنوا ببداية الإسلام .
ورأو الحقيقة والوفاء والصدق .. فبعض الصحابة وقع في الأسر رضي الله عنه قبيب فعندما قرروا إعدامه واشتراه أحدهم ليقتله عوضاً عن أبيه قيل صفوان بن أمية وقيل غيره .
وذلك كي لا يعيش في ذل بعد قتل أبيه ، فعندما علم الصحابي أنه سيقتل طلب من صاحبة البيت شفره حلاقة ليهيّئ نفسه قبل الموت ويتطيّب فأعطته وتركت الباب مفتوح سهواً ..
وعندما دخل لعنده طفل صغير خافت المرأة أن يقتل طفلها بتلك الشفرة ويجعله فداءً له كي يعفوا عنه لكنه طمأنها وأخرج لها الولد وكانت تشهد أنّ المسلمين على حق .
وتقول والله كنت أرى فاكهة الشتاء عنده في الصيف من كرامته عند الله مثل سيدنا زكريا عندما يدخل على سيدتنا مريم (( يامريم أنّى لك هذا قالت هو من عند الله )) والبعض قالوا لها لو أخبرتينا قبل هذا .
ومع ذلك أخفوه في منطقة التنعيم قتلوه حتى لا يقتلوه في مكة حرمة لها مع العلم أنهم كانوا أنجس خلق الله …
وموضوعنا عن النبي كان يكلم الموتى ، فأنت هل أتى على بالك أن تقرأ الفاتحة لأبيك وتسلّم عليه ، والنبي عليه الصلاة و السلام كان يطلع لشهداء أحد ويدعو لهم ويستغفر لهم ويكلّمهم … وعندما عاد النبي مع الأسرى ومن ضمنهم العباس كان السجن في الجامع فما أجمل هذا السجن والأسرى مقيّدون وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم أنين العباس طوال الليل من أثر القيد فأمر النبي عند صلاة الفجر أن يريحوا قيده وقيد جميع الأسرى رحمةً بهم انظروا لهذه الرحمة بالأسرى (( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ))
فما أجمل أسلوب سماحة الشيخ محمود المبارك في رواية قصص اهل الله حيث قال : لما يطعموا منهم الطعام الصحابة الكرام يؤثرون على أنفسهم ويتركون القليل لأنفسهم ويطعمون الأسرى ، فما وصل الدّين إلينا لنعيش بسلام ورغد ونعيم إلا من تضحيات هؤلاء الصحابة الكرام ، وكذلك لن يصل لغيرك وأنت في ترف وإذا كان كذلك حالك فأنت تسعى كي لايصل هذا الدّين لأولادك وذريتك ومن يكون بعدك .
فإذا لم تعلم وتبلغ وتخلص لربك فلن يصل كلامك للناس ،قول الشيخ محمود المبارك عن الصحابة يكتب بماء الذهب : (تلك آثارنا تدل علينا فانظروا بعدنا إلى الآثار … فآثارهم إلى الآن من صدقهم.
فالصدق هو الّذي يؤثّر) ، فكونوا صادقين بنشر الهداية ودلالة الخلق على الله ، وصادقين في أذكاركم وأننا لا نتعبّد لنحصّل جنة فلو وضعتنا في النار وأنت راضٍ عنّا يا الله لكانت النار برداً وسلاماً (( يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ))
وهذا يكون لكل مؤمن ، فالنار تفهم يابني ، فنار سيدنا إبراهيم لتحرّره من قيده … وأنتم كذلك إذا كنتم في النار يوم القيامة مع إيمانكم فستكون النار برداً وسلاماً عليه فحدثنا الشيخ محمود المبارك أن المؤمن عندما يدخل لأحد أقاربه وجيرانه ليرى حالهم ، فتنطفئ النار من أثر نور المؤمن وتقول له : جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي .
وإذا قال المؤذن الصلاة خير من النوم علينا ان نلبي ، مع العلم ستأتيك نومة تقضي على لحمك وعظمك ودمك وتصبح رمّة وستشبع نوم فنفسك تلك التي تحرمك القيام للصلاة اقضي عليها ولا تسمع لها . فالمؤمن العاقل إذا سمع الآذان يصحو ولو في عيونه النوم ويذهب فوراً للمغسلة من أجل الوضوء وعندها يتوضأ بالماء يهرب عنه الشيطان .
ثم اذهب لقضاء حاجتك ووضوئك وعندها (( إنّ لك في النهار سبحاً طويلاً )) فإذا أردت أن تنام مثلا في النهأر قيلولة نصف ساعة أو ساعة حسب وضعك .. وعندما لم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم أنين العباس سألهم هل فككتم القيد عنه ؟! قالوا نعم يارسول الله وقال هل فعلتم ذلك لبقية الأسرى ؟ فقالوا : نعم يا رسول الله. فدعا لهم صلى الله عليه وسلم واستغفر لهم ..
وختم سماحة الشيخ محمود المبارك كعادته الدرس بدعاء يساوي كنوز الدنيا وما فيها : أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن نستمع القول فنتبع أحسنه هداة مهديين غير ضالين ولا مضلين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .