الدين النصيحة

الحمد لله رب العالمين و الصّلاة والسّلام على سيّدنا وعلى آله و صحبه أجمعين
خلق الله تعالى الإنسان وكلّفه بإصلاح الكون و إعمار الأرض ضمن ما أعطاه من وسائل العقل والعلم و الصحة لينشر السعادة و يهدي الخلق إلى عبادة الله الواحد الأحد .
{لا يكلف الله نفساً إلا وسعها }
قال صلى الله عليه وسلم : ” الدين النصيحة “
و كررها ثلاثاً … قال الصحابة : لمن يا رسول الله ! ….قال : لله و رسوله و لكتابه و لأئمة المسلمين و لعامتهم .
لله …..أن تصبح بكمال العبودية و الإخلاص و التعظيم لله تعالى
قال تعالى : { و ما قدروا الله حقّ قدره }…الأرض قبضته يوم القيامة والسّموات مطويات بيمينه .
نقرأ القرآن قوله : { وهو معكم } و ننسى أن نقرأ قوله : { إنّا إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم } نقرؤها دون أن نعطيها كلّ الاهتمام . بسبب قسوة قلوبنا فإن نصحت لله أخذت زوادة إلى قبرك وأنت المنتفع لأن الله غني عن طاعتنا { ولا تضّره معصيتنا …! إذا نصحنا لله
قال تعالى : { لئن شكرتم لأزيدنّكم و لئن كفرتم إن عذابي لشديد }
قد يقول البعض لا أريد أن أنصح لأنه لا أحد سيستجيب .
قال تعالى : { فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر }
اعمل ما أمرك الله ، ازرع و الثمار على الله تعالى …و كيف تنصح ؟
عليك أن تتبع هدى القرآن وسنّة رسوله ” قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم “
إذاً اتّباع النبي صلى الله عليه وسلم هو النّصح له ، و الأخذ بتعاليمه و كثرة الصلاة والسلام عليه . كل هذا النصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
_ أما النًصح لكتابه : قال تعالى :{يا يحيى خذ الكتاب بقوة } عليك أن تأخذ القرآن بشغف وجد و تلاوةً و فهماً و عملاً و تخلقّاً و تعليماً للغير . هذا الذي انتفع به ونصح و انتصح …سئلت السيدة عائشة عن خلق رسول الله صلىّ الله عليه وسلم فقالت : ” كان خلقه القرآن “
_ أنت كم حصلت من أخلاق القرآن بنسبة عشرين بالمئة أم ثلاثين ..يجب أن تنظف وعاء قلبك ليتنور بالقرآن.
عندها يقوم قلبك بتحويل الكلمة إلى خلق وكأنً الأخلاق ثياب تلبسها فتقف عند حلالها وحرامها … هذا النصح لكتاب أالله تعلًماً وعملاً وتخلًقاً وتعليماً للغير فا لإسلام لم ينتشر إلا لتعليم الصحابة لتابعين و منهم إلى تابعي التابعين وهكذا حتى انتشر الإسلام ووصل إلينا و ننصح بالقرآن حتى يكون شفاءً لنا
{ وننزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين } والمؤمن هو الذي يقرأ ويطبّق وليس كمن يقرأ ورقة رصيد في البنك و يكررها و لا يذهب ليصرفها .
أما النّصيحة لأئمة المسلمين فلا تكون على الملأ…. على المنبر .

النبي صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يوجه نصيحة على المنبر كان يقول ما بال أقوام فعلوا كذا و كذا لا يحدّدهم ، و لا يسميهم
عليك أن تزور المسؤول و تقدم له النّصيحة بأسلوب جميل بينك وبينه . فيشكرك ،و إن لم تستطيع زيارته الجأ إلى من يستطيع إيصال نصيحتك .
ـ و لا يجوز النّصيحة على الملأ أو في المجالس أو المناسبات و الاجتماعات لأنها تنشر الضغينة و الحقد و تزرع الفتن و تفرق وحدة البلاد. أما النّصيحة الهادفة الخاصّة تنشر المحبة و الثقة و تساهم أنت في نهضة بلادك و تكسب ثقة أولي الأمر .
ـ للنصيحة أصول و أسلوب عليك أن تبتسم قبل النصيحة و تمدحه ثم تقول له صلاتك ما شاء الله ممتازة لكن تحتاج لاستقامة الظهر بشكل أفضل …فيقول لك : جزاك الله خيراً . قال تعالى :{يعلّمهم الكتاب و الحكمة و يزكّيهم } فالحكمة هي ثلث ديننا ، و التزكية ثلث ، و تعليم الكتاب و معانيه و شرحه ثلث . قال تعالى : {و من يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً } معنى ذلك أن من حرم الحكمة فقد حُرِمَ الخير الكثير … من يفهم هذه الّلغة ؟؟ قال تعالى : { وما يتذكر إلا أولوا الألباب } هؤلاء الذين منّ الله عليهم و فتح بصيرتهم فرأوا الحقيقة أما المعاندين هم الذي يحجبون قلوبهم عن الحقائق بكثرة المعاصي هؤلاء قال تعالى فيهم : { في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا } ..
في وصية أُبي بن كعب رضي الله عنه حيث يبين لنا الفرق بين المؤمن و الكافر و حال المؤمن و حال الكافر فيقول : (المؤمن بين أربع إذا ابتلي صبر ، و إن اعطي شكر ، وإن قال صدق ،و إن حكم عدل ) …. فهو يتقلب في خمسة من النور وهو الذي يقول لله تعالى فيه {نور على نور } و يقصد في يتقلب في خمسة من النور أنّ كلامه نور ، و علمه نور ، و مدخله نور ، و مخرجه نور ، و مصيره إلى النور يوم القيامة
حيث إذا أراد أن ينصح يكون مدخله بالابتسامة و المديح و عندما ينتهي مخرجه يكون بلطف و ابتسامة و محبة و اعتذار و الشكر على استماعهم . هذه صفة المؤمن .
ـ أما الكافر فهو ينقلب في خمسة من الظلم .
كلامه : ظلمة . قال تعالى : { و من لم يجعل الله له نوراً فما له من نور }
عمله : ظلمة ، كمن يمشي في الظلام إما أن يصدم أحداً أو يصدمه أحد
مدخله :ظلمة
مخرجه :ظلمة
ومصيره : إلى الظّلمات يوم القيامة
ـ قال تعالى : { فذكر إنما أنت مذكر } هذا الذي يسير في الظلمات الدخان والأر كيلة و الصحبة السيئة و السهرات و الملاهي عليك أن تقول له : إلى متى ستسير في الظلمات و إلى أين ستصل . تعالى معي أوصلك إلى طريق مستقيم …
ما زلت تذكره بهدوء و لطف حتى تؤثر على قلبه فيتعبك و تنقذه . فإذا أراد الله به خيراً . قال : جزاك الله خيراً . أنا أتمنّى الاستقامة و الصّلاح ابقى على تواصلك معي …أما إن رفض النصيحة ، أنت لم تخسر شيئاً بل تؤجر عليها و إذا رفع عليك شكوى يوم القيامة …يا رب هذا كان يعلم و لم يعلمني ….لا يكون عليك شيء لأنك نصحته و أقمت الحجّة عليه ، قال تعالى : {من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه و من ضلّ فإنمّا يضلّ عليها }
ـ فكثير من النّاس جواهر لكنها تحتاج إلى تنظيف لتلمع
ـ سيدّنا عمر بن الخطاب كانوا في الجاهلية يقولون عنه حمار الخطّاب يؤمن و عمر لا يؤمن لكن عندما أراد الهداية له ليّن قلبه ونوّره بالحق واليقين .
ـ عليك أن تنصح ولو كنت مشلولاً…المشلول يستطيع النّصح بلسانه { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } …وقال الله تعالى : { فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرةً و عشيّاً } مع أن الله أمره ألا ُيكلّم النّاس إلا رمزاّ { قال ربِ اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم النّاس ثلاث ليالٍ سويّاً } لم يعط سيدنا زكريا لنفسه إجازة بل خرج على الناس ينصحهم بالإشارة ، قال تعالى : { يا يحيى خذ الكتاب بقوّة } { وآتيناه الحكم صبيّاً } لذلك أكرمه الله بسيدنا يحيى .
و قال {سلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّا }
قال تعالى : {ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن } و لكن حين ترى
الجدال غير مجدي انسحب وقل <اللهم إن بلغت اللهم فاشهد>
قصة حدثت مع الشيخ عندما التقى أحد المدخنين في الحجّ يقول نصحته و حدثته عن مضار التدخين و أنه يؤذي الناس و الملائكة فكان الجواب :
ـ يا شيخ ليوم الله يفرّجها الله
ـ قال الشيخ : لقد بلغتك اللهم فاشهد ….
ـ قال الرجل : لقد قسمت ظهري …
وبعد حديث هادئ من الشيخ ….استجاب الرجل ووعد أن يقلع عن التدخين .
هذا بسبب الأسلوب اللين و التواضع ….
أما أن تأتي بالأسلوب القاسي فهذا لا يجوز
العالم طبيب وليس قاضياً …علينا أن نعود إلى جمال دينينا
ـ قصة جاءت امراء إلى رسول الله تقول له : يا رسول الله زنيت …فقال لها : حَبّلْتِ …فقالت : يا رسول الله حامل …فقال لها : اذهبي حتى تلدي أي أهربي….لكنها عندما وضعت حملها عادت إلى رسول الله و قالت له : وضعت …قال لها…. اذهبي حتى تفطميه …يا ابني كل ذلك النبي لم يفهم عليها!! لكن يعلمنا ألا نلجأ لتطبيق الحد قبل التماس الأعذار ….. فعندما يقع أحد في المعصية ضع له مبررات فإذا سرق قل له لعلك سرقت لأنه لا يوجد عندك طعام …فيقول لك : نعم …صدقت , قل له : هذه المرة سلمت منها في المرة القادمة تقطع يدك ..فينتبه.
هذا هو إسلامنا الإسلام الجميل , إسلام اللطافة و ليس الإسلام الذي شوهناه نحن .
بعض الفئات عندما اسلموا فكروا أن يصبحوا قصاصين ايدي ؟؟؟ ليس هو هذا الإسلام فالإسلام هو الفة وإخاء حتى يحبك عدوك .
كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يعطي ابا سفيان مئة جمل , أما سيدنا ابو بكر و سيدنا عمر عادوا إلى المدينة وسيوفهم تقطر دماَ وليس معهم جمل صغير لماذا ؟ لأن سيدنا ابو بكر و سيدنا عمر يكفيهم إيمانهم , أما هؤلاء فهم من المؤلفة قلوبهم
أعطى صفوان بن أمية وادياً مليئاً من الأغنام و الجمال و الأبقار …شيء جعله يُذهَل ويرغب أن يسلم مباشرة فالكرم و السخاء يجعل عدوك يحبك و يسلمك قلبه فإذا سلمك قلبه زرعت به ما تريد فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم و ما يلقاها إلا الذين صبروا و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم .

والحمد لله رب العالمين

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: