الدين النبوي السماوي

2020- 01- 23

الحمد لله ربّ العالمين وأفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم على سيّد الأنبياء والمرسلين إمام الذاكرين والمذكرين وعلى آله حقّ قدره ومقداره العظيم .

يقول الله تعالى : ” ألا إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتّقون “، من هم أولياء الله ؟ أولياء الله ليس لهم ثياب وهيئة خاصّة ، إنّما هم عباد استجابوا لله سبحانه وتعالى واقتدوا بنبيّهم صلّى الله عليه وسلّم وابتعدوا عن كلّ ما نهى عنه ربهم عندها يتولاهم الله بعنايته ويكون لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون .

في الحديث القدسي يقول الله جلّ شأنه : ” من عاد لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرّب إلي عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى أحبّه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ؛ ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطيتّه ، ولئن استعاذ بي لأعيذنّه ” إنّ هذا الولي بطاعته لربّه قد دخل في كنف الله وحمايته ، فعلينا أن نسعى لأن نكون من هؤلاء الأولياء .يخبرنا ربّنا أن لا نعادي الصّالحين وأن لا نقف كما وقف المعادون لنبي الله صلّى الله عليه وسلّم وكذلك من بعده لأوليائه الصّالحين .

عندما تريد أن تتقرّب إلى الله تقرّب إليه بما فرض عليك ولا تبحث عن أشياء من اختراعاتك وتقول سأتقرّب بها إلى الله لأنها إذا لم تكن واردة في الشرع فتكون من صنع نفسك وهواك ، علينا أولاً أن نعمل بالفرائض نؤدّيه ونركّزها ثم نتوجه إلى التنفل ؛ عندما يسري فيك حبّ الله يسري فيك النور فينصبغ بك ويتحوّل إلى كمال بكمال ، إذا أعطاك الله القوّة تسمع بقوّته فيصبح سمعك غير سمع النّاس كذلك ترى بأشد ما يراه النّاس وهذه تسمّى فراسة يقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ( احذروا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله ) فعندما تكون مع الله تصبح قوّتك من قوّة الله واصبح خطواتك إيمانيّة أينما ذهبت وحيثما حللت .

قد يخطر في بال أحدنا كيف سيصبح الله سمعنا ويصرنا و …. و…. ؟ أنت عندما تذكر الله في قلبك ، الله نور السموات والأرض هذا النور نور الله يختلط بدمك عندما يعمل القلب باسم الله … الله ، هذا الدم الذي يأتي إلى القلب فيختلط بهذا النور ، قال تعالى : ” اذكر اسم ربّك في نفسك ” وقال أيضاً : ” فويلٌ للقاسية قلوبهم من ذكر الله ” ولم يقل للقاسية ألسنتهم وهذا يدلّ على أنّ الذكر الخفي في القلب .

وصف النبي صلّ الله عليه وسلّم هذا الذكر فقال : ( خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي ) لماذا خير الذكر الخفي ؟ لأنّه كلّه إخلاص لا يدري به أحد حتّى الملائكة لا تعلم به فالملائكة ترى نوراً يخرج ويصعد منك وأنت تذكر فتقول : يارب ماذا نكتب يخرج من عبدك نور ؟ فيقول الربّ جلّ شأنه : ” اكتبوا ما ترون من عبدي فإذا جاءني عبدي وافيته وكافأته ” .

يصبح دعاؤك مستجاباً عندما تصبح من خدم الله تعالى وعباده الصادقين وليس المدّعين فهناك من يقول أنا عبد لله وهو عبد لنفسه وشهواته وماله و… عباد الله الحقيقيون هم الأنبياء لأنّهم أخذوا كمال العبودية فسمّاهم ربّنا بالعبيد قال تعالى: ” سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ” وأيضاً ” واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب “. إذا كنت عبداً طائعاً لله عندما تقول أعوذ بالله يحميك الله ويلبيك أمّا عندما تكون عبداً لشهواتك تقول أعوذ بالله وأنت بعيد كل البعد فتكون كالذي يقول أنا مؤمن ويكون قوله هذا كلامٌ بكلام ” ومن النّاس من يقول آمنّا بالله واليوم الآخر” فجاءهم الرد من حضرة الله ” وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلّا أنفسهم ….” .

يقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم : ( تركتكم على محجّةٍ بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلّا هالك ) الدّين ليس فيه شوائب وليس فيه غش ولا مكر فهو كالسراج المضيء يريد أن يوصلك إلى الله فعندما تنحرف عن هذا الصراط المضيء عليك أن تتحمل مسؤولية الزيغ عن هذا الطريق المستقيم ، الماء عندما ينزل من السّماء يكون فيه الشفاء والحياة للنّاس لكن عندما تختلط فيه أوساخ الدّنيا يعطي الهلاك لشاربه كذلك الدين ” وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ” عندما أخذنا هذا الدين بعد أن اختلطت فيه الشوائب أصبح يعطي الذل والفقر بدل العز والغنى وهذا ما نقع به الآن .

كان الكفّار في دعائهم يدعون بأن يأتي المسلمون ليفتحوا بلادهم لأنّهم عرفوا بأنّهم لن يحصلوا على حقوقهم إلّا بعد وصول المسلمين لبلادهم وتحقيق العدل فيها . كيف نتمسّك بالدين الحقيقي ؟ هذا يكون عن طريق الاختصاصيّن والعلماء الذين يزرعون المحبّة في قلوب النّاس كما زرعها سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم في قلوب أصحابهم فأصبحوا ” خير أمةٍ أخرجت للنّاس ” وإلّا تبقى كما قال تعالى : ” وكنتم قوماً بورا ” والسبب قال : ” حتّى نسوا الذكر وكنتم قوماً بورا “

قال رسول الله صلّ الله عليه وسلّم : ( ما آمن بي ساعةً من نهار من بات شبعان وجاره جائعٌ بجواره وهو يعلم )، قال أحد الشعراء : طلع الدّين مستغيثاً إلى الله يقول العباد قد ظلموني يتسمّون بي وحقّك لا أعرف أحداً منهم ولا يعرفوني ، إذا ادّعى شخص جائع بأنه شبعان هل هذا يعني أنّه دخل الطّعام إلى جوفه أم هذا كلام بكلام ؟ كذلك الإيمان إذا لم يكن لك من يدخل الإيمان إلى قلبك فأنت لست بمؤمن .

عندما قالت الأعراب آمنا ردّ عليهم الله تعالى فقال : ” قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم ” فهل صحبت أهل الإيمان لتتعلّم منهم كي تستكمل إيمانك وتصبح على المستوى العالي الذي يمكّنك من أن تأتي إلى إنسان وتزرع فيه الإيمان إذا لم تبدأ ابحث عمن يزرع فيك الإيمان قبا أن ينتهي عمرك وتخرج من الدّنيا وفيك صفة النفاق لأنك قلت أنّك مؤمن فقط بالكلام دون العمل ، الصحابة في الجاهلية كانوا مرضى القلوب بل وأموات ولكن بصحبتهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم تغيّر ذلّهم إلى عز ” أفمن كان ميّتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات” .

عندما جاء النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى الصحابة أمرهم بفتح الطرقات وأن يرموا الأوساخ بعيداً عن مساكنهم وجعل لهم الأسواق ونظّم لهم حياتهم بأكملها تقلهم من الهلاك إلى السّعادة ليس فقط سعادة الدّنيا إنما سعادة الدارين ” ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار “. مرّ النبي صلّى الله عليه وسلّم على شخص يصنع قوساً أجنياً فقال له : ارمها عليك بالأقواس العربية وفي كلامه هنا صلّى الله عليه وسلّم حثّ على الاختراعات وتطور الصناعات .نحتاج إلى الرجعة إلى الله سبحانه وتعالى وتتمثّل بالخطوة الأولى : وهي التوبة ، الخطوة الثانية : أن تبحث عن إنسان يعلّمك حب الله وذكر الله عند ذلك تتعلم كيف تراقب الله في أعمالك فتكون مؤمناً حقاً .

كانت امرأة كبيرة في العمر تعيش في البريّة وكانت كلّ يوم تصنع رغيفاً واحداً من الخبز فمرّ ابن عبّاس رضي الله عنهما من جانب خيمتها فقال للعبد : اذهب إلى تلك المرأة واشتري لنا رغيف خبز ذهب إليها وقال لها : يا أمة الله أريد أن شتري رغيف خبز فقالت : نحن لا نبيع نحن نعطيه هدية وأعطته الرغيف بالكامل فقال لها : لم تترك لك شيئاً فأنشدت وقالت : “ولئن أبيت على الطوى ( الجوع) وأظلّه….. حتّى أنال به كريم المأكل ” تقصد أن الله سيعوّضها ويطعمها من ثمار الجنّة على هذا الفعل أخذ العبد الرغيف وذهب إلى ابن عبّاس وقصّ له ما حدث فذهب ابن عبّاس ليشكرها وأعطاها عشراً من الجمال والنقود هديّة على صنعها للخير ، نادت لأولادها وقالت لهم اشكروه كلٌ منكم ببيت واحد من الشعر فقال أحدهم ” وحقاً لمن كان ذا فعله…..بأن يسترقّ رقاب البشر “.

هذه هي المرأة التي درست في مدرسة الإسلام التي تعلم ذكر الله ومحبة الله وهؤلاء الذين تربّوا في البادية عندما أخذوا الإسلام الحقيقي . من خسر الله خسر الدّنيا والآخرة ومن ربح الله ربح الدّنيا والآخرة .
اسأل الله التوفيق جعلنا الله ممن نستمع القول فنتبع أحسنه هداةً مهديين غير ضالين ولا مضلين وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: