
التشبه بالكرام
السيرة النبوية الشريفة 7
3/7/2020
استفتح سماحة الشيخ محمود المبارك قائلاً:
سيرة النبي هي طريق الوصول الى الله سبحانه وتعالى، قالوا:
تشبّه بالكرام إن لم تكن مثلهم إنّ التشبّه بالكرام فلاح
فعندما نتشبّه بسيّد الخلق ﷺ فالمولى قال: ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)) لم يقل قدوة والفارق أن القدوة تكون في مجال معين أمّا الأسوة فهو الكامل في كل شيء والنبي ﷺ إمامنا وأسوتنا وقائدنا ونحن نتبعه في كل شيء من غير أن نسأله عن شيء أبداً، قال تعالى: ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)).
والنبي حببت إليه الخلوة بالله وعندما نزل إليه الملك وعلّمه أن يقرأ باسم الله الخالق المعبود وأن يعلّم الخلق ذلك الذين كانوا يتطيرون ويشاورون الطير وهذا من السخافة، فجاء ﷺ وهو يرتجف ويقول زملوني وكان الله قد أنزل عليه ((يا أيها المدثر قم فأنذر)).
لذلك المسلم الحقيقي لا يجب أن يكون صورة فقط ولكن يجب أن يكون مسلماً حقيقياً ظاهراً وباطناً والله أرسل الأنبياء والرسل لينشروا الدين ويبلّغوه للبشر فإذا عرفت المرسل فستعطي الرسالة أهميّة كبيرة قال تعالى: ((نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم)).
وها هو سماحة الشيخ محمود المبارك يروي لنا قصةً :في مرة من المرات نزل سيدنا جبريل وضرب في الأرض فنبع الماء فتوضأ جبريل عليه السلام وصلّى ثم فعل النبي ﷺ مثل ذلك، ثم رجع إلى البيت فصلّى وصلّت السيدة خديجة رضي الله عنها وأيضاً نزل قوله تعالى: ((وأنذر عشيرتك الأقربين)) فبقي شهراً في بيته لا يخرج فجاءت صفيّة تسأله لماذا لا تخرج هل أنت مريض؟؟ فقال لها: لا ولكن نزل على قوله تعالى: ((وأنذر عشيرتك الأقربين)) فقالت له: اعزم أعمامك ولا تعزم أبا لهب ولكن حضر أبو لهب العزيمة وأخزاه الله وخذله وردّه صاغراً.
فلما دعاهم وانتهوا من الطعام خرجوا وتركوه ولم يستجيبوا ثم أعاد دعوتهم ودعا عمومته وقال: إن الرائد لا يكذب أهله (والرائد هو الذي يبحث عن الماء إذا نفد من القافلة) والله لتموتن كما تنامون ولتبعثنّ كما تستيقظون فإما في الجنّة خالدين أو في النّار والعياذ بالله.
فلم يعتبر أبو لهب بل قال: إن محمداً سحركم ولم ينقص الطعام بسحره، ولم يعترف بالكرامة لرسول الله ﷺ ثم خرجوا من عند النبي وأبو طالب وعده بالحماية والرعاية والحفظ، وبعد فترة جاء أبو طالب إلى النبي ﷺ يقول له أدعوك إلى أن تخفف من دعوتك فالقوم قد جاؤوني يسألون أن ترجع عن دعوتك فقال:( والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه،،)، فعلم أبو طالب أنّه لن يتراجع أبداً فقال له: اذهب يا ابن أخي والله لا أسلّمك لهم أبداً.
النبي ﷺ يقول: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجّة ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل الريحان …)) احذر من المنافقين لأنهم في الدرك الأسفل من النّار، والمنافق الذي لا يقرأ القرآن لا رائحة له ولا طعم فانتبه وشدّ الهمّة بحفظ القرآن والأحاديث والمداومة على الأذكار.
ثم بدأ يدعو ﷺ من قوم إلى قوم ومن حي إلى حي وفي ذات يوم وقف على جبل الصفا ويقول واصباحاه ثم قال لهم: إذا قلت لكم وراء هذا الجبل… خيل ستهاجمكم هل صدقتموني قالوا: نعم. فقال: أبو لهب ألهذا جمعتنا تباً لك فأنزل الله تعالى: ((تبّت يدا أبي لهب وتبّ ما أغنى عنه ماله وما كسب)) وقال تعالى: ((ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه لا فتدوا به)).
تمسّك إن ظفرت بذيل حر فإن الحر في الدنيا قليل
رفضوا وأبوا إلا من رحم ربي وبقي ﷺ مصرّاً
على نشر الدعوة وصار يدعو في الأسواق لدين الحق وعمّه يكذّبه ويخرّب عليه من ورائه وعندما قال لهم ﷺ أُسريَ بي فقالوا له: صف لنا بيت المقدس فوصف لهم لكن الحسد يعمي، والنبي ﷺ مر بمحن كبيرة وعظيمة أثناء دعوته إلى الله فانتبه الى مسيرتك وذكرك وصلاتك وعبادتك وعلاقتك مع الله وارجع الى القرآن والتسابيح.
وانتبه يا إنسان ولا تتكبّر وكن متواضعاً ولطيفاً وقريباً من النّاس ، في لبنان الشيخ عبد الرحمن الحوت تخرّج وذهب الى الجوامع فوجدها فارغة فذهب الى السينما والمقاهي وبدأ يدعو الى الله واستطاع بذكائه وفطنته أن ينقل النّاس من المقاهي والسينما الى المساجد بقصص أبي زيد الهلالي وعنترة التي هي تجسيد لمفهوم البطولة والشجاعة والمروءة والكرامة والسخاء والكرم والشرف والإخاء هكذا احتشد النّاس عليه ثم صار يتحدّث عن سيدنا عمر بن الخطاب ومصعب بن عمير وسعد بن أبي وقّاص ثم صارت النّاس تقبّل يده وقالوا له اذهب للجامع ونحن نتبعك.
وختم سماحة الشيخ محمود المبارك بوصف لحالهم قائلاً : نعم هذا حال الصّدق مع الله والإخلاص والوفاء المهم النيّة والإخلاص لله تعالى فاحرص على ما ينفعك وجالس العلماء والصّالحين والأتقياء وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.