
الأسوة الحسنة
درس النساء 19-12-2020
استفتح سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس قائلاً : المؤمن والمؤمنة كل له أسوة حسنة والأسوة هي الاقتداء فعندما نقلّد الكرام نكون كراماً وعندما نقلّد السفهاء نكون منهم، وما أجمل المرأة عندما تكون قدوتها امرأة صالحة صنعها رسول الله ﷺ والتي جعل جبلتها نقيّة طاهرة وهي أم المؤمنين خديجة الكبرى تلك المرأة الموفقّة، وكلمة موفّقة تجمع كل شيء جعلكم الله جميعاً من الموفّقات، هذه المرأة هي بحثنا اليوم ونسأل الله أن نتخلّق بأخلاقها لأن أخلاقها إسلاميّة قبل أن تسلم وإيمانيّة قبل أن تؤمن.
ومن أخلاقها أنّها كانت ذات نظرة يفتقدها كثير من الرّجال هذه النّظرة هي نظرتها الى النبي ﷺ أنّه سيكون له شأن عظيم فخطبته قبل أن يخطبها وقدّمت له كلّ غالٍ وكلّ رخيص، هذه المرأة جاءتها البشارة من السّماء قال: ((سلّم على خديجة سلام من الله وسلام مني)) تصوروا سيّدنا جبريل يحمل سلام من الله وبعد أن بلّغ السّلام قال وسلام منّي ثمّ قال: ((وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نصب)).
أي لا يزعجها فيه أحد من الجيران ولا يضايقها من يرفع صوت التلفاز أو الموسيقى وجاره نائم أو متعب أو مريض لا يفكّر إلا بنفسه فقدت النّاس الذّوق ليس لديهم لا إحساس ولا ضمير لو كنت أنت المريضة أو زوجك أو ابنك ورفع جيرانك صوت التلفاز كيف سيكون حالك؟؟ (ضع اصبعك في عينك كما تؤلمك تؤلم غيرك) لماذا تحافظين على كرامتك وراحتك وتنتقدين غيرك؟؟
يا بنتي لا يخاطب الجيران بعضهم هكذا هذه جارتك مثل أختك والنبي ﷺ قال: ((لا يزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)) لأنّ هذه جارتك فإذا جار عليك الزّمن ووقعت في مأزق أو مشكلة أو حريق لن يصل إليك أهلك إلا بعد فوات الأوان وجارتك هي من سيسعفك أو تتصل بمن يساعدك أمّا أن لا يكون لك ولا جارة هذا ليس من الإيمان.
أحدهم زار صديقه وعندما حان وقت العشاء قال له صديقه حضر لنا طعاماً فقال له المستضيف: ليس لدينا خبز وجارنا هذا متخاصمين معه والآخر بيننا وبينه محاكم والثالث لا نكلّمه منذ وقت طويل وليس لديه ولا جار يعينه في نوائب الدّهر فقال له صديقه: هل من المعقول أن جيرانك كلهم غير جيدين اذاً أنت الذي تتعدى عليهم…
وأنت أيضاً يا بنتي هل من المعقول ليس لديك ولا جارة ثمّ بعد ذلك تدّعي الإسلام وتصلّي هل هذه هي الصلاة المطلوبة؟؟ اذهبي وجددي توبتك فالنبي ﷺ يقول: ((الدين المعاملة)) وقال ﷺ: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) وعندما ترى جارتك حسن معاملتك ولطفك تعشقك وتستأنس بحديثك هذا هو الرّباط الحقيقي الذي تربطيها به وتنقذيها من النّار لأنّها صارت محبّة لك (إن المحبّ لمن يحبّ مطيع)
كوني كذلك ولا تكوني مصلية وصائمة ومتكبّرة سيقال لك هل هكذا يعلّمك الدّرس وسيوجّه الانتقاد الى الدّرس مباشرة فأنت تمثلّين الشيخ بل أعلى من ذلك أنت تمثلّين رسول الله ﷺ وتمثلّين الدّين فإن كانت أخلاقك سيّئة ستكرّهين النّاس بالإسلام أمّا إن كنت كالورد تعطي العطر لعدوّ زارعها ولجميع من حولها عندها كل النّاس تحتاج إليك.
نعود للزّوجة الحنونة والشّريكة لرسول الله ﷺ عندما كانت شريكة له في التجارة كانت شريكته السّخية وعندما رأت المرابح لم تعطه كما اتّفقوا بل زادت له فكانت المرأة الكريمة التي لا تحصى صفاتها وقفت معه بأشدّ المحن فكانت أوّل من آمن به، وأريد أن تكونوا جميعكم كخديجة ليس فقط الدّاعيات إنما كل واحدة منكن عليها أن تكون خديجة زمانها فيا هنيئاً لك إن جعلت قدوتك أهل الكمال لأنّك ستسعدين وتأتيك البشائر كما بشّرت السيّدة خديجة فأنت لك حصّة من هذا السّلام وهذه البشارة اذا كنت قد وضعت في عقلك أنّك ستمثلّين السّيدة خديجة بمعاملتها لزوجها وأقاربها وكيف كانت معه ﷺ في وقت المحنة عندما أتاها وقلبه يرتجف عندما رأى الوحي عاد إليها وهو يقول: زملوني زملوني.
لم يقل بشّرها بقصر ضخم بل بشّرها بالدّار الأبدية الخالدة هناك حيث السّكن الحقيقي وهناك الرّاحة الأبدية والحقيقية ((لا راحة للمؤمن إلا بلقاء ربّه))
((إن الله يكره العبد البطال)) وكذلك يكره الأمة البطالة التي تضيّع وقتها على التلفاز والجوّال والمقاطع الخلاعية وليت استخدامها للموبايل بما ينفع النّاس ونشر الأحاديث حتى لو كانت مقاطع صغيرة لكن تحوي توجيه الى فقرة من الفقرات مثلاً تعالج الكذب، ولا تقولي ماذا سيؤثر هذا المقطع الصّغير أحياناً الطبيب يعطيك نصف حبّة صغيرة من حبوب القلب وأحياناً يقول لك هذه الحبّة الصغيرة اقسميها الى اربعة أقسام هذه الحبة الصغيرة ستعطي مفعولاً.
مثلما نقطة السّم تميت جملاً وتميت كل من يأكل منه وكذلك مقطع صغير قد يدور على مئة واحد فإذا كل واحدة قالت لا إله إلا الله كُتب لك أجرهم فكيف إذا تابت من الذنوب وإذا نشرت هذا المقطع والحكمة الى أصدقائها وهذه هي التجارة الرابحة وهذا هو الفضل الإلهي.
قد تسمع إحداهن هذا الدّرس أو مقتطف منه فتحدّث نفسها وتقول سأصبح مثل السّيدة خديجة حتى أحشر معها والمرء مع من أحب وأي حشر أجمل من أن تحشر مع السيّدة خديجة يوم القيامة فتكون مع رسول الله ﷺ في جنّة الفردوس الأعلى، وهل تريدين أعلى من هذه المرتبة مرتبة المخلصين والدّعاة والأنبياء والشهداء لكن عليك أن تبذلي جهدك.
نظرت إلى الرّاحة الكبرى فلم أرها تنال إلا على جسر من التّعب
اتعبي في بداية الأمر فالنّهاية هي راحة الآخرة أما راحة الدّنيا هي ضياع لعمرك اجعلي همّك الآخرة وعندما يراك الله صادقة يعطيك الراحتين لكن سينظر أولاً إلى نيّتك في أن تكوني كخديجة، النبي ﷺ عندما فتح مكة لم يرضَ أن ينزل ببيت أحد إنما قال: انصبوا لي قبّة (أي خيمة) عند قبر خديجة وكأنّه نزل ليطمئنها ويبشّرها بفتح مكّة بعد أن عاداه أهله وطردوه منها.. هذا وفاء النبي ﷺ لزوجته، أين وفاء الرّجال اليوم مع المرأة الصّالحة أصبحنا لا نجد ذلك الرّجل إلا نادراً.
أيضاً من النّادر أن نجد المرأة التي تعطي الزوج حقّه دون أن يقدّم لها شيئاً وسبب ذلك أنّه ينقصنا الشيخ الذي يبيّن للزوج ما له وللزوجة ما لها ويصنع الزّوج الوفّي والزّوجة الوفيّة لزوجها هذه هي الحلقة المفقودة في هذا الزّمان، وعندما ذبح النّبي أوّل الذبائح أوّل من تذكّر صويحبات خديجة، فقالت السيّدة عائشة: أنا غيرتي من الأحياء خفيفة أصبحت أغار منها وهي ميّتة فقالت للنبي: أبدلك الله خيراً منها فقال ﷺ: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها هي أم ولدي واستني وصدّقتني حين كذّبني النّاس أخذت بيدي إلى ورقة بن نوفل وبدأ يعدد محاسنها.
عندما أنزل الله ((وأنذر عشيرتك الأقربين)) أي عظهم وبلّغهم وأولم لهم ولم تكن العزائم وقتها عبارة عن فنجان قهوة بل كانت ضيافتهم أن يصنع غداءً ويحضر بعدها الفواكه والرّطب والنبي ﷺ لم يكن معه تكاليف ذلك فقد كان حديث عهد بزواج فقالت السيّدة خديجة: لا عليك نذبح ونجمعهم فعندما حضروا تناولوا الطّعام ثمّ انصرفوا وكان النبي ينتظر أن يكلّمهم بعد الغداء فلما ذهبوا قالت له السيّدة خديجة: لا عليك نجمعهم في الأسبوع المقبل وسأتأخر بوضع الطعام بحجّة طهيه حتّى ينضج وأنت تكلّمهم وتخبرهم أنّك تحمل السّعادة لهم.
ما معنى الإيمان؟؟! هل فهمت أنّ الشّيخ يحضر لك السّعادة؟ إنّ فهمت ذلك فهنيئاً لك فأنت موفّقة أما إن كنت ترين الشّيخ انسان عادي يتكلّم فتسمعين دون أن تعي ما يقول أو كما يقال سمعناها وبالجامع تركناها ثم يقول لك زوجك لماذا تذهبين الى الدرس؟؟ إذا كنت لا تستفيدين من الدرس ابقي في المنزل وهنا تأتي الشكاوى زوجي حرمني من الدّرس والشّيخ أيضاً يحرمك منه عندما يرى أخلاقك…
لأنّك لا تطبقين ما ينصحك به ولا تمثلّين الدّين تمثيلاً حقيقياً حتى يحبّه النّاس، ولو طبّقت الدّرس كما يقول شيخك ومثلّت الشيخ بأخلاقك لوجدتِ أن زوجك سيحضر معك وتصلني أخباركن هذه التي أحضرت زوجها وتلك أحضرت أمها وأختها وأخاها… رضي الله عنكنّ جميعاً وأسأل الله أن يجمعنا في مستقرّ رحمته لكن نريد الزّيادة.
إذا أدخلناكم في مغارة ذهب وقلنا لكم خذوا ما تريدون فهل تكتفون بخمس أو عشر أو حتى مئة ليرة؟؟أم تأخذين بقدر ما تستطيعين وقد تنزع إحداكن ثوبها وتملأه وكذلك يجب أن تكوني في طلب العلم والخير والفضيلة والمجالسة والأحاديث والقرآن وتقولي: هل من مزيد.. أمّا بالنسبّة لأمور الدّنيا النبي أوصانا أن ننظر إلى ما دوننا ولا تنظري الى من هو فوقك، فلانة لديها سيّارة وأنا ليس لدي تصبح حياتك حياة الشّك في حكمة الله وتقولين لماذا أعطى الله فلاناً ولم يعطني.
اذاً في أمور الدنيا انظري الى من دونك وفي أمور الآخرة انظري الى أصحاب الهمم العالية وتنافسي معهم ((وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)) أما ما نراه اليوم من النّاس يهملون الآخرة وإذا كان يصلّي يعدّ نفسه من الأولياء وقد تكون هذه الصلاة مردودة عليه وتضرب بها وجهه لخلوّها من الإخلاص ولأنه يمنن بها.
((لا نصب فيه ولا صخب)) أي لا يوجد تعب من التّنظيف لأنّ الملائكة خدّام عندك أمّا الجمال الذي يهبك الله إيّاه في الجنّة فيفوق على الملائكة وعندما يدخل المؤمن إلى ملكه يريد زوجته فتستقبله إحداهن فيسجد لها لشدّة جمالها فتقول لا تسجد أنا خادمة الخادمة فيتابع مسيره وهو أعلم بطريقه الى بيته كما يعلم بيته ومسيره في الدّنيا حتى تستقبله أخرى فتكون أجمل من التي رآها فيريد أن يسجد لها لجمالها فتقول أنا خادمة الخادمة وهكذا حتى السابعة فتقول له أنا الوصيفة ثم يدخل الى زوجته فيجد رمش عينها كجناح النسر.
هكذا وصف النبي ﷺ الجمال لأنّ المؤمنة أجمل من الحوريّة بسبعين مرّة لأنّ الحوريّة لم يكن لديها حيض أو نفاس أو حماية وكنّة أو جارة وزوج متكبّر لا يرضى لو أشعلت له أصابعها العشرة يجعلها تكره الحياة يدخل وزير ويخرج أمير وهو متكبّر عليها وفي الحقيقة يجب أن يحمد الله أنّها رضيت به وبأهله وهذه الزّوجة وصيّة رسول الله لديك أتعرف ما معنى وصيّة رسول الله إليك؟؟ إذا قال لك وزير هذا الخروف وصيّة عندك كيف تطعمه؟ والله قد تطعمه خبز أولادك حتّى لا يجوع ويبيّض وجهك أمام الوزير، فكيف بك إذا كان الذي يوصيك أعلى من الوزير؟؟ النبي ﷺ قال في أنفاس الأخيرة: استوصوا بالنساء خيرا.
عندما يغضب أحضري فنجان قهوة وذكريه بنكتة يهرب الشّيطان الذي كلّ همّه أن ينزع المودّة والمحبّة من بينكما، أمّا أن نحقد على بعض ونجمع أغراضنا ونكبّر الموضوع ونذهب الى أهلنا هذه جريمة خروجك من بيتك جريمة وكأنّك تقولين لزوجك هذا البيت فارغ خذ مجدك فيه ويجد فرصته ليتزوج بغيرك وإن لم يتزوّج فسيعتاد أن يبقى وحده أو مع رفاق السوء..
نعود لقصّة أمنّا خديجة: فلمّا صنعوا الطعام في الوليمة الثّانية أخرّت الطعام وبدأ النبي ﷺ يعلّمهم ويرغّبهم ويقول: قولوا لا إله إلا الله تملكوا العرب والعجم هي كلمة التوحيد وهذه الآلهة لا تنفعكم فقام عمّه أبو لهب وقال: ما هذا الفكر الجديد أنترك آلهتنا وعبادتنا …
يا بنتي في هذا الزمان نجدالكثير ممن يشبهون أبا جهل وأبا لهب ونجد أيضاً من يشبه السيّدة خديجة وسيدنا عمر وعلي، يا بنتي الزمان مازال زمان الشمس نفسها والقمر نفسه والهواء والبحر وكل شيء كما هو إلا أنّ نفوسنا تغيّرت كمثل الأرض هي كما هي لكن الفلاح أهملها فأنبتت الشّوك واحتوت الأفاعي، هذا هو الذي نفقده فلو كان الفلاّح موجوداً …..والذي هو الشّيخ يجعل من قلوبنا بساتين…
انظروا الى القرآن كيف وصف النّاس قبل الإسلام ((وكنتم قوماً بورا)) والبور هي الأرض المليئة بالأشواك والعقارب والصخور والضباع والوحوش المهلكة للإنسان، والإنسان الذي ليس لديه دين يردعه يصبح وحشاً لأنّ الوحش سميّ وحشاً لوجود نابين طويلين يفترس بهما أمّا الإنسان نابه يعبر القارات ويحرق الأخضر واليابس ماذا نسمّيه؟؟ الذين أطلقوا قنابل هيروشيما فأحرقت مدن بأكملها وما زالت آثارها إلى الآن أي وحشية هذه؟؟!
تجد الآن دولة عظمى لديها المال والاختراعات ولا ينقصها شيء وتأتي الى دولة صغيرة وتستعمرها أي وحشيّة هذه؟ الوحوش إلا ما تجدد طريقة تتعامل معها بها أماالإنسان إذا كان بلا دين كلّه أذى.
أحد الشعراء كان في نزهة مع زوجته وأولاده فلمّا حلّ المساء سمع صوت الذئاب فلم يتأثّر بها فلمّا سمع صوت إنسان خاف وارتعد وقام يريد الذّهاب فقالت زوجته أتخاف من صوت إنسان ولا تخاف من الذئاب فقال:
عوى الذئب فاستأنست للذئب إذ عوى وسمعت صوت إنسان فكدت أطير
تابع سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس قائلاً : نعود للسيدة خديجة، بيت في الجنّة من قصب أي من أنواع الجواهر وان شاء الله كل واحدة منكن الله يكرمها إذا استقامت وبقيت على الاستقامة واقتدت بأمنّا خديجة وصارت خديجة زمانها، وإذا كنّا لن نصل الى درجة النبوّة دعونا نصل الى مرتبة الصّديقيّة ((أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا))
اذاً الصّديقين وليس صدّيق واحد ففي كل زمان صدّيقين فكوني صدّيقة زمانك كمريم عليها السلام ووفيّة كعائشة ومخلصة كأمنّا خديجة وقفت مع زوجها في المحنة زملوني. زملوني، فلمّا ذهب عنه الرّوع والخوف أخذت به الى ابن عمّها ورقة بن نوفل الذي كان ملحداً ثم دخل بالنصرانية وكان عالم زمانه يكتب كتابات من الإنجيل والتوراة، وقالت له: اسمع من ابن أخيك.
انظروا الى هذا الأدب فسيّدنا محمد ﷺ لم يكن ابن أخيه لورقة بن نوفل لكن من أدبها ولطفها قالت: اسمع من ابن أخيك فلمّا تكلّم النبي وروى له ما حصل معه فقال ورقة بن نوفل هنيئاً لك هذا النّاموس الذي نزل على موسى وستصبح نبيّاً ويعاديك قومك ويا ليتني شاباً حتى إذا أخرجك قومك نصرتك ودافعت عنك بكل ما أملك، قال ﷺ: رأيته في الجنّة، مع العلم أنّه لم يسلم فهو من أهل الفترة لكنّه وعد النبي أنّه سوف يؤمن وينصره.
وأمنّا خديجة قالت كنّا نتوقّع من النبي أن يكون نبيّاً، انظروا الى هذه النظرة العميقة وعندما أخبرها أن جبريل بشّرني أنّي نبيّ هذه الأمّة أغشي عليها من الفرح وأنت هل يغشى عليك من الفرح عندما تدعين الى الإيمان؟؟
وقريباً إن شاء الله سيعلمون أن الدين الإسلام جاء ليجمع كلّ الأديان ((إن ذلك لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى)) وتتلاقى الأديان ويكثر أهل المحبّة والإخاء العالمي والتسامح كما كان سماحته يقول: نريد التسامح العالمي ((الإنسان أخو الانسان شاء أم أبى)) لماذا نعادي بعضنا تسامحوا الدنيا لا تغني عن الآخرة هناك الرّاحة الكبرى فاسعوا لها حتى تبنى لكم القصور في الجنّة.
فأغشي عليها من الفرح ثم قال إن جبريل توضأ هكذا فتوضأت كما توضأ انظروا لها كيف تقلّد النبي ﷺ دون إرادتها من شدّة حبّها له. يا بنتي أحبّي زوجك وأولادك وأحبي أهله فعندما يراك تعتني بأهله وتذكريه بأمّه وأبيه أن يتلاطف معهم ويكسب رضا والديه تسكنين قلبه لكن عندما يراك تكرهيه بأهله وتحرّضيه عليهم يكرهك لأنّك شكلّت عائقاً بينه وبينهم ويفضّل حياة العزوبية عليكِ.
توضأ كما توضّأت ثم صلّى وصلّت وراءه وكانت أوّل من صلّت معه وأوّل من آمنت به وأوّل من نصرته كيف لا يحبّها وكيف لا يضعها في سويداء قلبه؟! كوني لزوجك كالظل لا تطلبي الطلاق على أدنى هفوة، طلبك للطلاق يجعلك لا تشمّين رائحة الجنّة فكيف ستدخلينها اذاً؟
هل فهمت معنى الطلاق؟ فإذا استحالت الحياة بينكما اذهبي الى أهلك وبكل هدوء اطلبي أن يحلّ العقد ولا تتلفظي بالطلاق وتحرمي نفسك من دخول الجنّة فانزعوا هذه الكلمة من ألسنتكم إن كان امرأة أو رجل والأشد من ذلك على لسانه (على الطلاق ستشرب شاي) ما علاقة الطلاق؟؟
المرأة الصالحة الذّكيّة قال لها سأطلقك تذكّره أن من يقول كلمة الطلاق لا يشم رائحة الجنّة، لا نريد النكد والحقد فالنكد يورث الجلطة والنكد سبب الفقر فما أجمل الزوجة إذا تخاصمت مع زوجها تنتظره حتى يهدأ ثم تصنع له القهوة وتقدّمها وتنظر له فتضحك ويضحك وتذهب المشكلة.
ختم سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس قائلاً : لماذا لا تكوني كخديجة وعائشة؟ أول من آمنت به من النساء وأول من صلّت معه من النساء ثم خادمه زيد الذي كان يربيه ثمّ علي بن أبي طالب الذي تربى في بيت النبوّة ثمّ سيدنا أبو بكر الراعي الأوّل الذي جاء بالعشرة المبشّرين بالجنّة أي النخبة، وأنت أيضاً ابحثي عن صيد يمنّ الله به عليك إن اهتدت عندها قدرة وهمّة لنشر العلم والدّعوة والحمد لله رب العالمين.