
إن الله يأمر بالعدل والإحسان
17-09-2020
كلام الله سبحانه وتعالى هو غذاؤنا إذا عملنا به وهو شقاؤنا إن لم نعمل به، قال تعالى: “يضلّ به كثيراً ويهدي به كثيراً وما يضلّ به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون”.
احذر أن تكون من الخاسرين الذين يسمعون كلام الله ويظنّون أنّه كلامٌ عاديٌّ فلا يأخذون به وهذا الشّيء عقابه وخيم ،فالله تعالى يمهل ولا يهمل وإذا أخذ الظّالم لا يفلته، لا تغتّر بالإهمال فإبليس لم يحاسبه الله حتى الآن، ابن عبّاس عندما كان يقرأ “يا أيها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم” كان يقف ويقول يا ربّ غرّنا حلمك.
الله مالك يوم الدّين، ويوم الدّين ليس فقط يوم القيامة بل هو يوم الجزاء ،والجزاء يكون في الدّنيا والآخرة “ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون” العذاب الأدنى هو عذاب الدّنيا وسميّت الدّنيا من الدّنو لذلك علينا أن نأخذ كلام الله بجديّة لأنّ كلام الله لا يوجد أطيب منه فلماذا لا تهضمه قلوبنا؟؟ عندما نرى إنساناً يتقيأ ما يأكله نفحصه فنجد أن هناك قرحة في معدته وتكون هي السبب في مرضه وكذلك نحن عندما لا نطبق أوامر الله هذا معناه أن هناك قرحة في قلوبنا “في قلوبهم مرض”.
عندما يكون هناك قرحة في المعدة نسارع إلى أطبّاء الجسد فيداووها، لماذا عندما يكون هناك قرحة في قلبك لا تسارع إلى أطبّاء القلوب للعلاج؟! يقول النبي ﷺ: “المقسطين عند الله لهم منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا”، والعدل يكون حتى بين أولادك بالقبل وإذا لم تعدل فأنت عند الله ظالمٌ لأنّك تزرع بين أولادك العداوة والحسد كما وقع بين إخوة يوسف، سيّدنا يوسف كان والده يكرّمه لأنّه يعلم أنّه سيكون خليفته فحسده إخوته.
قال النبي ﷺ: “اعدلوا بين أولادكم ولو بالقبل” أنت عندما تحرم ابنتك من الميراث الذي هو حقٌّ شرعيٌّ أنت تخالف قانون الله وقسمته وتكون كأنّك حرّفت القرآن قال تعالى: “للذكر مثل حظ الانثيين” عندما تعامل أهلك وأقاربك وكل من ولّيت عليهم من عمالٍ وعبيدٍ وغير ذلك بالعدل تكن من المقسطين الذين يكونون على منابر من نور يوم القيامة يوم يكون النّاس في ازدحام والشّمس فوق رؤوسهم بمسافة ميل واحد.
ما هو الإحسان؟ الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه ومن الإحسان أن تدفع السيّئة بالحسنة حتى وإن ظلمت “إن الله يحب المحسنين”، “ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله”، ورد في الحديث أنّ النبي ﷺ قال: “لا تمكروا ولا تعينوا ماكراً فإن الله يقول: ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ولا تنكثوا الوعد ولا تعينوا ناكثاً فإن الله تعالى يقول: فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ولا تبغِ ولا تعينوا باغياً فإن الله سبحانه وتعالى يقول: يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم”.
ازرع الخير تحصد الخير في الدّنيا والآخرة وإن تزرع شرّاً فلن تحصد إلا الشّر في الدّنيا والآخرة وتكون سبباً في شقاء أولادك من بعدك.
سيحصد عبد الله ما كان زارعاً فطوبى لعبد كان لله يزرع.
ما معنى إيتاء ذي القربى؟ صلة الأرحام قال النبيﷺ: “صلوا الأرحام ولو بالسّلام”
ما معنى وينهى عن الفحشاء؟ كل ما فيه ضرر لجسدك وللبشرية هذا من الفحش وقد نهى الله عنه فكل ما هو منكر يجب أن تنكره، ويكون الإنكار على ثلاثة أنواع كما قال ﷺ “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فليغيره بلسانه فإن لم يستطع فليغيره بقلبه وذلك أضعف الإيمان”.
كيف تغيّر المنكر بقلبك؟ التجأ إلى الله وقل ياربّ أنا عبد ضعيف لا أستطيع أن أغيّر هذا المنكر بيدي ولا بلساني وأنا لا أرضى به فإذا نزل البلاء بعدها حصّنك الله منه لأنك أنكرته ولو أنّه أضعف الإيمان لكنّه ينجّيك من العذاب إذا نزل.
ما هو البغي؟ السّيف المعتدي يعود لصاحبه فاحذر أن تتعدى على أي إنسان فيسلط الله عليك من هو أقوى وأظلم منك وإيّاك أن تظلم أحداً ولو كانت نملة لأنّ الله تعالى هو الذي خلقها فهو وليّها ويدافع عنها.
ثم قال تعالى: “يعظكم” أي أن هذه موعظة فمن أراد أن يأخذ بها فليأخذ ومن لم يأخذ فليتحمل مسؤولية فعله.
“لعلكم تذكرون” أي لعلكم تتذكرون لقاء الله وقربه وجنّته وعذابه وناره وعقابه، جاء رجل إلى الإمام أبو حنيفة يريد أن يخبئ 10 ليرات ذهب عنده فأخبره الإمام أن يخبّئها في مكان آخر فيدفنها في بقعة أرض فذهب الرجل وخبّأ النقود ثم ذهب إلى الحج وعندما عاد نسي مكانهم فذهب يسأل الإمام أبو حنيفة فأخبره أن يذهب ويصلّي ركعتين بإخلاص ،فذهب الرّجل وبدأ يصلّي وكلما شرد في صلاته يعيدها حتى تذكّر مكان نقوده فقطع صلاته وذهب ليخرجها ،ثم عاد إلى الإمام أبو حنيفة فسأله الإمام هل أتممت الركعتين؟ فقال لا، فقال الإمام: كنت أعلم أن الشّيطان سيعطيك 10 أضعاف نقودك ولن يدعك تصلّي هاتين الركعتين بخشوع لأنّ الصّلاة بخشوع لها عند الله أجر عظيم.
أسأل الله العظيم أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه هداة مهديين غير ضالّين ولا مضلّين وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين.