
أنواع الهداية وكيف نصل إليها
نتذاكر معاً في هذه الساعة المباركة أمراً من أمور ديننا وهو الهداية. كيف يهدي الله سبحانه وتعالى، و كيف تكون الهداية قال تعالى: ﴿وَيَهدي إِلَيهِ مَن يُنيبُ﴾
وقال: ﴿إِنّا هَدَيناهُ السَّبيلَ إِمّا شاكِرًا وَإِمّا كَفورًا﴾ ﴿وَهَدَيناهُ النَّجدَينِ﴾.
آيات متعددة ومتنوعة في الهداية ﴿وَالَّذينَ جاهَدوا فينا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنا﴾ أي عدة طرق و سُبل ، ولكن يوجد شرط وهو أنهم جاهدوا أنفسهم، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك: ( أعدى عدو لك نفسك التي بين جنبيك).
حتى نصل للهداية لابد لنا من الجهد المستمر والتعب والدّأب، والإنسان لا يستطيع أن يصل إلى المراتب العالية وإنما يصل إلى هداية مثل الفلاح الذي يريد أن يفلح بمفك البراغي، أو يحضر البقر ويفلح عليهم، ولكن الموفق الذي يحضر سيارات الحراثة الضخمة ويفلح ليس متر او مترين وإنما كيلومترات.
كذلك الهداية على هذه الأنواع، فبعضهم يحضر نوراً على إبهام أصابعه ليضيء النور لطريقه وهو معرض بذلك للخطر لأنه بأي فتنة ينطفئ نوره ويضل الطريق، بينما الموفق من يمشي مع أهل الهداية الذين نورهم يسعى بين أيديهم، الذين لديهم القائد الذي يسير على نهج رسول الله ولديهم الشرع.
مشينا ذات مره من مكة إلى عرفات مسافه 27 كيلومتر ولم نشعر بالتعب لماذا؟
هذا ببركة الصحبة والمحبة بالرغم من الحرارة والتعب، ولكن ماذا لو مشيت لوحدك؟! ستجد المشقة والتعب
فهذا دليل على أن الصحبة تساعدك على الاستمرارية في المسير وتنسيك التعب وطول المسافة، وأن الحب يزيل عنك التعب والنصب و تستمر حتى يكون لك الوصال.
القلب يا بني إذا لم يكن له اتصال بالله يفوح منه انتانه وهو الذنوب والمعاصي من كذب وغضب و الكفر و الفجور بأنواعه، كما أن الجسد عندما لا يكون له الصلة بالروح في الموت تجده بعد كم يوم أصبح جيفه تخرج منها الروائح الكريهة والديدان وأصبح يؤذي من حوله، فرائحة انتان الروح لا تُشم بالأنف ولكن تُشم بالقلوب فأهل الله يشمّونها و يتأذون منها.
كان بعض أُخواننا رحمه الله عندما يشم سيدنا قدَّس الله سرَّه الوردة يبكي ويقول إن الشيخ يشم الوردة ليتخلص من رائحة انتاني مع العلم أنه كان صافي.
لذلك حافظ على قلبك بالصلة الهداية و الصلة بأهل الهداية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا ابن عمر دينك دينك، يا ابن عمر دينك دينك فقال له : ماذا أفعل يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: خذ دينك من مَن استقاموا ولا تأخذ دينك من مَن قالوا)
لأنه يوجد العديد من العلماء والفلاسفة الذين يعجبك حديثهم و كلامهم و لكن يوجد فرق بين الخباز الأصلي الذي يتقن عمله و خبّاز آخر مهما فعل و اجتهد يُخرج خبزاً لا يؤكل حتى للبقر.
إذاً للهداية أنواع كثيرة منها و قوله تعالى: ﴿إِنّا هَدَيناهُ السَّبيلَ إِمّا شاكِرًا وَإِمّا كَفورًا﴾
فهذه هي هداية الفطرة، حيث بيّن لنا الله الخير والشر وأذاقك من كليهما فاختر لنفسك ما يحلو، فإذا كنت تفهم تحذو حذو أهل الاختصاص ليعلموك ويدلوك لتصل بكل سلامة.
ولكن عندما لا تستعين بأحد من أهل العلم ستصل للضلال والهلاك والحوادث الوخيمة.
معنى شاكراً في الآية الكريمة أي ملتزماً بتعاليم الله وشرعه وحدوده و مستقيماً على نهج رسول الله الذي هو نهج الله، و نهج أهل الله الذي هو نهج رسول الله. قال تعالى: ﴿قُل إِن كُنتُم تُحِبّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعوني يُحبِبكُمُ اللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾
فهذا الاتباع هو الهداية الحقيقية، ولكن عندما تُعرض وتسير بعيداً عن نهج أهل الله لن تهتدي لوحدك أبداً لأنه يوجد قطاع الطرق والوحوش وتوجد الظلمات في هذا الطريق، لذلك عندما ذكر النبي لنا في الحديث الشريف: ( يا عبادي كلّكم ضال إلا من هديته).
إذاً الهداية من عند الله، فنحن نتعرض للهداية ونلتجأ إلى الله ونجاهد بأنفسنا بالأذكار و الصحبة والملازمة حتى نرتقي بدرجات الهداية لدرجة الدكتوراه والبورد، فلا نكتفي بهداية الصفوف الأولى من بابا و دادا وماما، كيف أنك لا ترضى في الدنيا ببيت صغير ومعاش قليل ومركوب بسيط وتسعى أن تكون في الدنيا أفضل ما يكون، فلمَ ترضى بالآخرة بأرخص ما يكون؟!
هذا هو الجهل بعينه ما العلم أنه عليك أن تحرص على كسب الآخرة لأنها حياة دائمة باقية حيث تحتاج فيها لشيء ثمين وغالي، أما هنا فالحياة فانية. قال تعالى: ﴿وَالَّذينَ جاهَدوا فينا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنا﴾ أي سبيل الذكر والصحبة والخشية والتهجد والبكاء والتلاوة وكلها توصل لله تعالى ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحسِنينَ﴾
وذلك الذين يصلون للإحسان تصبح كل أمورهم مسيرة فيصبح الله معهم وهم معه، أما الغافلين فهو سبحانه معهم وهم ليسوا معه وإنما يفعلون الذنب كأنه لا احد يراهم وينسى أن الله معه و يراقبه يسمعه .
أما المحسنين فهم يحسبون تصرفاتهم قبل أن يقوموا بها ويضعونها على ميزان الشرع فإذا وافقته قاموا بها وإذا لم توافقه أعرضوا عنها.
قال تعالى: ﴿وَلَقَد هَمَّت بِهِ وَهَمَّ بِها لَولا أَن رَأى بُرهانَ رَبِّهِ﴾ أي أن سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام كان سيقتلها و يتخلص منها على ما فعلته به، ولكن الله أراه صورة أبيه أو جده أو سيدنا ابراهيم عليه السلام حسب الروايات وكأنه يقول له إذا خنقتها ستخرج من ذلك مجرم جريمتين القتل والزنا، لذلك فرَّ هارباً من المعصية.
ونحن متى سنهرب من المعصية ومن أصحاب المعاصي الذين يجروننا جرّاً إلى الغيبة والنميمة والإفك وما إلى ذلك ونحن نعطي آذاننا وقد وسوس لنا الشيطان أننا بريئون من هذا الذنب ولكن نحن بذلك نكون شركاء بالذنب فإما أن نوقفه عن ذنبه أو نترك مجالسته لنسلم بديننا.
فالموفّق المحسن هو الذي يحافظ على أنفاسه بما يرضي الله لأن نفس يشقيك و يجعلك في أسفل سافلين وخاصة عند قبض الروح، لذلك حافظ على الأنفاس «مَن حفظ الأنفاس صار عند الله من الأنفاس» أي تصبح ذو قيمه وثمن وقدر عالي فإذا أردت أن تكون غالي عند الله عليك أن تجعل كل نفس من أنفاسك لله في أمر للمعروف أو نهي عن المنكر أو ذكر وتذكير.
قال تعالى: ﴿لا خَيرَ في كَثيرٍ مِن نَجواهُم إِلّا مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعروفٍ أَو إِصلاحٍ بَينَ النّاسِ﴾ أي لا خير في كثير من أنفاسهم و كلامهم كاللغو والكذب و….فهذا الكلام كلّه ضياع للوقت فالمؤمن يابني وقته غالي.
انظر لبائع البطيخ عندما ينزل محصوله من السيارة للأرض تراه كله تركيز واهتمام فلا يضيع ولا ثانية، وأنت يا بني حافظ على أوقاتك حتى الثانية التي فيها تقول لا اله إلا الله التي هي أثقل من السماوات والأرض، فانظر لحالك كم لديك من الوقت تهدره سدىً؟!
كلمة لا إله إلا الله تثقل الميزان ولو وضعت في كفة ميزان مقابل السماوات والأرض لرجحت هي، فلذلك يجب أن نتكلم وننطق بذكر الله
«إذا تكلمت لم أنطق بغيركم
وإذا سكت فسكوتي عنكم بكم »
أي علينا أن يكون النطق ذكراً والسكوت فكراً فيكون له رابطة دائمة بأشياخه ورسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجهاد للوصول للهداية هو إن كان في فراغ وقتك خمس دقائق عليك أن تذكر بها وتستغلها بل حتى لو دقيقة واحدة.
قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾ فيا لفوز الذي يبيع، أما الذي يرفض فهو الخاسر لأن مثاله مثال من يستبدل صندوق ذهب بصندوق بندورة خربانة. قال تعالى : ﴿وَقالوا لَو كُنّا نَسمَعُ أَو نَعقِلُ ما كُنّا في أَصحابِ السَّعيرِ﴾.
لذلك الذين ضيعوا هذه الصفقة تضيع منهم الجنّة للأن الله سبحانه وتعالى عندما يأخذ منك هذه النفس الأمارة يحوّلها لنفس لوّامة ثم تنضج لتصبح مطمئنة ثم راضية ومرضيّة ثم ملهمة فتجدها يوم القيامة أصبحت على الكمال لأنك سلّمتها للذي قال لك إن الله اشترى.
ومالك أيضاً يبارك لك فيه ويزيده ويعزُّك فيه بالدنيا فتنفقه في مرضاة الله، سيدنا ابراهيم الذي قدّم ابنه لله أعاده الله له ومعه خروف، فالشطارة تكون عندما تقدم نفسك ومالك في ما يرضي الله بصدق و حق فتجد الله يمدك بكل خير.
أما عندما تجد النفس لا تطيعك على ذلك تجد قلة البركة و الضيق لأنك رفضت البيعة فدخل الشيطان لنفسك و أغراك لتبتعد عمّا يرضي الله فتوصلك النفس والشيطان للهلاك.
أول خطوه لتحصيل الهداية هي مجاهدة النفس من خلوات وأذكار، أما نحن فمنَّ الله علينا بأسيادنا الذين لم يدخلونا الخلوات ولكن جعلوا لنا الجلوة أي أنه أينما كنّا يجب أن نكون مع الله ونكون مراقبين له وأنَّه معنا.
الذي يدري أن فلان ذو قيمة موجود في مجلسه لا يتكلم كلام مسيء يوصله للهلاك، ولله المثل الأعلى عندما تشعر أنه معك فلن تقع عندها في المعصية، وعندما تتحول نفسك للوامة تصبح تحاسبك على تأخير الصلاة والسرعة في أثناء تأديتها والتقصير في حق الأهل والأقارب فتتحول نفسك كالشريك والمحاسب الدقيق مع شريكه في أمور عمله.
فإذا كنت على هذا الحال أصبحت عندها على استقامة وبعدها تموت على استقامة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( يموت المرء على ما عاش عليه ويُحشر يوم القيامة على ما مات عليه) لذلك ستكون على استقامة مع أهل الله حتى عند الحشر.
قال تعالى: ﴿وَيَهدي إِلَيهِ مَن يُنيبُ﴾ النوع الآخر للهداية هو الإنابة والرجوع إلى الله.
قال تعالى: ﴿إِلّا مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ سَليمٍ﴾
قال تعالى واصفاً سيدنا سليمان الذي كان ينيب لله دائماً: ﴿ نِعمَ العَبدُ إِنَّهُ أَوّابٌ﴾
قال تعالى: ﴿ إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعونَ﴾ حتى تحصل هذه الإنابة يجب أن تكون كثير العودة لله، قال تعالى: ﴿وَيَهدي إِلَيهِ مَن يُنيبُ﴾
أما الغفلة فتجعل منك ما هو أدنى من البهائم قال تعالى: ﴿إِن هُم إِلّا كَالأَنعامِ بَل هُم أَضَلُّ﴾ من هم هؤلاء؟ ﴿أُولئِكَ هُمُ الغافِلونَ﴾ الذين وصلوا لأدنى من البقر والغنم أيضاً..
قال تعالى: ﴿وَجَعَلنا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدونَ بِأَمرِنا لَمّا صَبَروا ﴾ أي صبروا على ذكر الله والاستقامة ولم يقعوا بأي نوع من أنواع المحرمات و تعالَوا عن الشبهات.
إذاً غداً بين يدي الله عندما يعرض عليك سيرة حياتك بالصوت والصورة وكنت صاحب رشوة وفساد سوف تخسر وتندم ندماً شديداً ويعاقبك الله الذي لم تحسب حساب لعظمته وقدرته
وكذلك حال جميع الأعمال خلال الحياة وكأن لا إله سيحاسبه أو يعاقبه، والله يبين لنا أن الأنعام بجميع أنواعها لها صلواتها وأورادها ومنهجها لتعبد الله سبحانه وتعالى.
أما الغافل فهو أشر وأرخص. أي ذلّ هذا؟؟
وعلى الأقل أن الأنعام عندما يقضي بينهم الحساب سيأمرهم الله أن يتحولوا للتراب أما البلاء الأسود عند الكافر الذي يتمنى أن يصبح تراباً ولكن ذلك لا يتحقق أبداً، فكلمة يا ريت لا تعمّر بيت، لأنك أيها الإنسان محاسب على كل صغيرة وكبيرة بين يدي الله، لأنك ارتكبت المظالم و أكلت حقوق الناس فمهما تقول وتتمنى على الله لم يحصل ما تريد
فمن الآن يابني راقب نفسك في كل حركة من حركاتك وكأنك تراقب الله وهو معك فهل سيرضى عن هذه الأعمال التي تؤديها؟!
وعليك أن تعوّد نفسك حتى لو اضطررت أن تذكر وأنت واقف مدة ساعة، وتتوعَّد لنفسك بالهلاك إذا أبعدتك عن الله، فهذه هي صفة الموفقين، فالأئمة الذين يهدون الناس للحق عليهم أن يكونون مهديّين أولاً. قال تعالى:﴿ وَأَوحَينا إِلَيهِم فِعلَ الخَيراتِ﴾
ليس شرط أن ينزل الوحي إليك مع سيدنا جبريل حصراً وإنما عند الله الهامات كثيرة، حيث أشار الله تعالى في قوله: ﴿وَأَوحى رَبُّكَ إِلَى النَّحلِ ﴾ ﴿ثُمَّ استَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلأَرضِ ائتِيا طَوعًا أَو كَرهًا قالَتا أَتَينا طائِعينَ﴾ ﴿فَقَضاهُنَّ سَبعَ سَماواتٍ في يَومَينِ وَأَوحى في كُلِّ سَماءٍ أَمرَها﴾
فهل أنت لديك الوحي مثل أم سيدنا موسى التي أشار الله إليها بالوحي ﴿وَأَوحَينا إِلى أُمِّ موسى﴾
يا بني الوحي أنواع من ضمنها الإلهام الذي يلهمك إياه الله سبحانه وتعالى فعندما تصبح هادي مهدي يلهمك الله الدواء للذي تجلس معه فإذا كان لديه العقل وجالسك وأراد الشفاء يأخذ منك دواءه ويستمع لنصيحتك ويستفيد منها، فالله سبحانه وتعالى سوف يعاتب مَن جاءه الطبيب ولم يأخذ العلاج وسيعاقبه على ذلك.
هناك أمرٌ آخر أن الله يحبب للشخص الملهم فعل الخير، مثله مثل المحب للهوايات من شعر ورسم وغيره، فالله يقذف في القلوب فعل الخيرات ويحببه إليهم ﴿إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ يَهديهِم رَبُّهُم بِإيمانِهِم ﴾ يعني تأتي الهداية ببركة الإيمان فبقدر ما يكون إيمانك يقيني تأتيك الهداية لذا عليك المحافظة على إيمانك لتزداد الهداية
وكذلك تزداد الهداية بقدر ما تنفق فمثل المؤمن كمثل الخزان على السطح الذي يحوي الفواشة فكلما تفرغ الخزان كلما زوّدته الفواشة بالماء وامتلأ. فبقدر العطاء يتم الأخذ.
وهذه هي بشارة للداعي الذي عليه أن يجهز كل أموره يعطي فيأخذ من العناية والعطاء الربَّاني لذلك شد الهمة لتكون على مستوى الدعاة الذين أينما جلسوا تخضر القلوب من حولهم مثال الماء الذي يعطي الحياة، و تنشرح الصدور وتتغذى الأرواح و تطرب الآذان وتتلذذ العيون بهم مثل الوردة التي تعطي الجمال بكل حالاتها.
أما الداعي فهو أعظم من ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نظر للكعبة المشرفة : ( ما أعظمك وأعظم حرمتك عند الله إلا أن المؤمن أعظم حرمة عند الله منك ) فما بالك عندما يكون مؤمن و يخرّج المؤمنين ويعلمهم.
يا ابني لا أتكلم عن نفسي ولكن أكلمكم حتى تعتبروا تشدوا هممكم وتصبحوا دعاة وتعتنوا ببرامجكم أكثر، أنا قادر أن أضع لكم برنامج ولكنني أريدكم أنتم أن تقبلوا وليس أن أجرُّكم وأدفعكم دفعاً.
أنت عليك أن تقوم ببرنامج خاص فيك وتعلّم ما حولك بعملك وأدبك وأخلاقك وعلمك…فكل حركة من حركاتك عليك أن تكون إمام وقدوة ،فحتى تهدي شخصاً ما عليك أن تكون لطيف رقيق وحبيب له حتى يعطيك يده ويقتنع منك.
هناك بعض الأشخاص ليس لديهم استيعاب جيد ليأخذ كل العلوم من فم الشيخ وإنما يأخذ البعض منها من الشيخ والبعض الآخر منك، مثل الولد الذي يأخذ شيئاً من والديه وشيئاً من أصدقائه وشيئاً من مدرسته.
إذا أخطأ أخ من الأخوة يدل أنك أخطأت مرّة أمامه وتعلم الخطأ منك أما باستقامتك ووفائك وحبك يتعلم منك و يقلّدك فتكسب كل خير فيه.
إذاً الداعي اذا سكت احترق وإذا نطق ، أي أنه يصل كلامه للقلب عندما يكون السامع لديه غشاء طبل يسمع به، أي أن قلبه يميل لسماع الخير.
من أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك أينما كنت، الله شاهد عليك، والله ناظر إليك، والله معك.
فكّر بهذه الكلمات الثلاثة ستراقب الله وعنها من الصعب أن تقع في الذنب، وعندها صرت من الأئمة وصرت صمداني أي مثل العروس التي تصبح محط أنظار جميع ، وهذه الحالة الصمدانيه تصبح بإيمانك سميّة فيك فالناس تنتظر نظرة ودعوة منك قال تعالى: ﴿أُولئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقتَدِه﴾ ﴿وَالَّذينَ اهتَدَوا زادَهُم هُدًى وَآتاهُم تَقواهُم﴾
فعندما تقدم خطوة واحدة و هي الهدى، يعطيك الله خطوتين هي الهدى والتقوى. هذا كرم أكرم الأكرمين الله جل جلاله، عطاءين مقابل عطاء واحد.
الهداية مجالها واسع والغاية يابني أن نرتقي بالهداية ولا نبقى في المراحل الابتدائية فيها وإنما ﴿وَاجعَلنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا﴾ أي نريد أن نصبح من مَن يهدون الناس وليس يهتدون فقط، فأينما نجلس نعلّم الهداية حتى لو كان طفل صغير لأن النبي صلى الله عليه وسلم مرة كان راكباً وابن العباس خلفه ويقول له:( احفظ الله يحفظك).
أسأل الله لكم التوفيق، جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه هداةً مهديّين غير ضالّين ولا مضلّين وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين.