أضحكني ثلاث و أبكاني ثلاث

اليوم نعيش مع الصحابي الجليل أبو الدرداء رضي الله عنهم أجمعين يقول: ( أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث، أضحكني مُؤَمّلُ الدنيا و الموت يطلبه، وغافلٌ ولا يُغفل عنه، وضاحكٌ مِلءَ فيه ولا يدري أساخطٌ ربُّه عليه أم راض، وأبكاني ثلاث، هَوْلُ المطلَع، و انقطاع العمل، وموقفي بين يدي الله أيُؤمر بي إلى الجنّة أم إلى النار ).
مُؤمّل الدنيا أي أمله طويل في الدنيا يعيش ولا يشعر أبداً بأنه سيموت وعندما تستمع إلى كلامه تراه يتحدث كثيراً سوف أشتري وأسافر وأبني و… و.. وتراه يخطط لأحفاده كذلك، هذا هو صاحب الأمل.
ليس هناك مانع من الأمل ولكن علينا أن نعلم أيضاً أنه قد يكون القدر أقرب من الأمل.
غافلٌ ولا يُغفل عنه : وهو الشخص الذي ينسى يوم القيامة والحساب ولكن الموكّلين فيه لا ينسونه، يحسبون له الساعة والدقيقة والثانية حتى إذا انتهى أجله جاءه داعي الله ليقبض روحه.
بعض الملوك جاءه ملك الموت وهو في الطريق، سأله: مَن أنت؟ قال: أنا ملك الموت، فقال له: أنا ملك الأرض أيضاً إئذن لي أن أصل إلى بيتي أولاً فقال له: أُمرت أن أقبض روحك هنا، فقبض روحه وهو على فرسه وقيل أن الملك ترجّاه أن يقبض روحه وهو نازل من على الفرس فرفض لأن وقته قد انتهى، فالموت لا يتقدم ولا يتأخر لا لملك الأرض ولا لغيره إنما هي أسماء لا تُغني ولا تسمن من جوع.
يُقال أن سيدنا داوود عندما عرف أنه حان وقت الموت قال لملك الموت: انتظرني حتى أصل إلى المحراب، مكان عبادتي وسجودي. فقال: لم يبقَ لك من الوقت شيء، فرمى سيدنا داوود بنفسه بسرعة إلى المحراب فقُبض بالقرب منه وهو ساجد.
لا تغفل عن الموت ﴿كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ﴾. ستحاسب على عملك فماذا تريد أن تقدّم؟ قدّم فإن كان إخلاص و صدق وحب لله ولرسوله و لأحبابه فهنيئاً لك، أما مَن أهمل صلاته وصيامه ودينه فهل عرف قوله تعالى ﴿وَخافونِ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾.
علينا أن نخاف الله ولا نغفل عنه ﴿ وَهُوَ مَعَكُم أَينَ ما كُنتُم ٌ﴾ كن مع الله ولا تبالي وتزوّد لآخرتك فالموت لا يتأخر لأحد.
حتى الأنبياء عندما يأتيهم الموت لا يتقدَّم ولا يتأخَّر إلا سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم خيّره ملك الموت أتريد أن تبقى على قيد الحياة يُعطيك الله العمر الذي تريده. لذلك عندما خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبته قال:
(أيها الناس إن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله، فاختار ما عند الله”).
فبكى عندها سيدنا أبو بكر بصوت عالي في المسجد، تعجب الناس عندها من بكائه هذا لأنهم لم يفهموا ما فهمه سيدنا أبو بكر من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، قال له النبي عندها هوّن عليك يا أبا بكر، ثم بدأ يمدحه أمام الصحابة… إنَّ أَمَنَّ عليَّ بصحبته هو أبو بكر.. قدَّم كذا.. وقدَّم كذا.. و فداني بكذا.. فنال هذه الرفعة وهذه الصدّيقية.
أهل الله لهم خاصيّه، فحبُّهم يترجم لهم الأمور ويوضحها لهم وبهذا فَهم سيدنا أبو بكر خطبة النبي أنها نعيُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكاء سيدنا أبو بكر كان عن معرفه لأنها فعلاً كانت نعوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
نزول إذا جاء نصر الله والفتح دليل آخر على نعوة رسول الله فعندما قال تعالى ﴿وَرَأَيتَ النّاسَ يَدخُلونَ في دينِ اللَّهِ أَفواجًا فَسَبِّح﴾ أي تهيّأ للسفر.
نفهم هنا أن أهل الحب لهم فَهم ولهم سماع ولهم نظرة تختلف عن نظرة الآخرين، و بمثال آخر الشخص الذي يضع أمامه منظار يستطيع أن يرى المسافات البعيدة والذي يضع على عينيه نظارات عاديه لا يرى سوى أمامه أما الشخص الذي لا يضع نظاراته لا يرى شيئاً.
هذه هي دروس لنا انظر أنت مع شيخك ماذا تمثّل؟ احسب أن شيخك يمثّل شمعة فماذا أنت مع هذه الشمعة؟ هل أنت صدّيقياً أم ابن سلول منافقها؟
سوف تتحاسب على حالك هذا لأن الله تعالى سيقول لك: لو أنك خُلقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فهذا سيكون حالك، إن كنت منافقاً الآن ستكون منافقاً في عهد رسول الله، وإن كنت صدّيقاً مع شيخك لكنت في عهد النبي صدّيقاً أيضاً.
ضاحكٌ ملءَ فيه : تراه يضحك كثيراً وهو لا يعلم إن كان الله راضٍ عليه أم لا. هذا لا يعني أن تكون دائماً عبس وتولى، الضحك المقصود هنا هو الضحك و القهقهة التي لا تلزم لأن كثرة الضحك واللهو تُميت القلب الحي الذاكر.
كان عليه الصلاة والسلام أكثر ضحكه ابتساماً.
هول المطلع: المقصود يوم القيامة.
قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿فَإِنَّما هِيَ زَجرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُم بِالسّاهِرَةِ ﴾
وآية أُخرى ﴿ وَنُفِخَ فِي الصّورِ فَإِذا هُم مِنَ الأَجداثِ إِلى رَبِّهِم يَنسِلونَ ﴾ هذا هو أول مشهد من أيام يوم القيامة يُذهل فيه الناس.
وآية أُخرى ﴿ فَكَيفَ تَتَّقونَ إِن كَفَرتُم يَومًا يَجعَلُ الوِلدانَ شيبًا ﴾ هذا الموقف يشيب الأطفال من هوله.
وآية أُخرى ﴿خافِضَةٌ رافِعَةٌ﴾ هناك من الناس من يكون الدنيا ذو مكانة عالية أما يوم القيامة فلا قيمه له أبداً ﴿ فَلا نُقيمُ لَهُم يَومَ القِيامَةِ وَزنًا ﴾.
وآية أُخرى ﴿إِذا رُجَّتِ الأَرضُ رَجًّا﴾ تبدأ الأرض تتزلزل من تحت قدميك.
وآية أُخرى ﴿وَيَسأَلونَكَ عَنِ الجِبالِ فَقُل يَنسِفُها رَبّي نَسفًا﴾.
وآية أُخرى ﴿وَتَكونُ الجِبالُ كَالعِهنِ المَنفوشِ﴾.
وآية أُخرى ﴿يَومَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوحى لَها﴾.
وآية أُخرى ﴿يَومَ تَرَونَها تَذهَلُ كُلُّ مُرضِعَةٍ عَمّا أَرضَعَت وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَملٍ حَملَها وَتَرَى النّاسَ سُكارى وَما هُم بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَديدٌ﴾.
هذا الموقف يُبكي ويُدمي القلب فهل أنت تحسب حساباً لهذه الساعة التي ستمر بها، و بمثال آخر إذا جاءك خبر أنه لديك محكمة عسكرية ومن ورائها إعدام ترى نفسك كلّما فكّرت في هذا الموقف الذي ستمر به لا يأتي في بالك النوم ولا أكل ولا زوجة ولا…. هذه بالنسبة للدنيا فما بالك في الآخرة.
انقطاع العمل: قال تعالى ﴿ وَتَزَوَّدوا فَإِنَّ خَيرَ الزّادِ التَّقوى﴾ لأن يوم القيامة إذا نفذت التقوى لديك لا أحد يعطيك حسنة وإن كان أمك وأبوك ﴿يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَخيهِ وَأُمِّهِ وَأَبيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنيهِ لِكُلِّ امرِئٍ مِنهُم يَومَئِذٍ شَأنٌ يُغنيهِ﴾.
كلُّ شخص في ذلك الموقف يقول نفسي نفسي حتى الأنبياء، سيدنا عيسى يقول نفسي نفسي لا أسالك مريم أمي نفسي نفسي، فانظر كم هو الأمر خطير ونحن لا نزال نرى أنفسنا بركعتين كلّهم وساوس و صلاة كلّها شرود فمتي سنبكي على حالنا هذا؟ وعلى هذه العبادة ومتى سنخشع ونعترف بين يدي الله أننا نعبده بتوفيق منه وعنايته وعطائه ورعايته.
تذكر دائماً من أي زمرة أنت؟ ستكون يوم القيامة فالله قسم الناس إلى ثلاثة أقسام بأول سورة الواقعة فقال: ﴿وَكُنتُم أَزواجًا ثَلاثَةً، فَأَصحابُ المَيمَنَةِ ما أَصحابُ المَيمَنَةِ، وَأَصحابُ المَشأَمَةِ ما أَصحابُ المَشأَمَةِ، وَالسّابِقونَ السّابِقونَ، أُولئِكَ المُقَرَّبونَ، في جَنّاتِ النَّعيمِ﴾.
أصحاب الميمنة وهم الذين يأخذون كتابهم بيمينهم ويدخلون الجنة.
أصحاب المشأمة هؤلاء الذين يأخذون كتابهم بشمالهم أو من وراء ظهرهم، تدخل يده في بطنه و تخرج من ظهره ليأخذ كتابه. هذا الذي كان يضع القرآن وراء ظهره ولذلك أعطاه الله كتابه وراء ظهره، والقرآن أي الشيخ والعلم والذكر كل هذا اسمه «الدين» فأخذ كتابه بشماله لأنه كان يضع دينه على شماله.
كيف يضع دينه على شماله! إذا مُسخ العقل وهيمن عليه الشيطان ترى الكمال نقص والنقص كمال.
أما السابقون السابقون سابقوا إلى ذكر الله والعلم و مجالسة العلماء.. سابقوا إلى الدعوة ونشرها لأن هداية شخص واحد يوم القيامة خيرٌ لك ممن طلعت عليه الشمس و غربت.
هؤلاء هم السابقون الذين يكون همّهم نشر الدين والمحبة والتسامح بين الناس و لا يحملون السوء ضد بعضهم ﴿لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقتُلَني ما أَنا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيكَ لِأَقتُلَكَ إِنّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ العالَمينَ﴾. هكذا ينبغي أن يكون شعارنا.
كن من السابقين في كل شيء ﴿ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ﴾ فإذا كنت من السابقين في الدنيا فأنت ستكون من السابقين إلى أعلى مراتب الجنة وإلى جوار الله.
قرر من الآن أن تبيع هذه الدنيا الفانية لله فعندما تقرأ ﴿إِنَّ اللَّهَ اشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ﴾ لا تكن كالفلاح الذي لديه البندورة العفنة و السوق يقول له هاتِها وأعطك عوضاً عنها ذهباً وهو يرفض وهكذا مثالنا مع ربنا جلَّ جلاله ولله المثل الأعلى يقول لنا : أعطوني أنفسكم الأمارة لأعيدها إليكم نفساً مطمئنة والتي هي أغلى من ذهب الدنيا وجوهره فأنت بها تجد لذة لطعامك وشرابك وأهلك و معاملتك مع الناس وتشعر أنك أسعد الناس ولو كنت لا تملك شيئاً، وهذا بسبب القناعة التي وُضعت في قلبك والتي هي كنزٌ لا يفنى.
وذلك الشخص الذي لم يرض أن يتاجر مع الله تجده وإن كسب المليارات لا يجد السعادة وقد قيل من يركض وراء الدنيا مَثَله كالذي يشرب ماء البحر.
الصحابة طلبوا الدنيا ولكن كان هدفهم طلب الدنيا بُغية الآخرة، اجعل دائماً هكذا هدفك.
نحن لا نريد أن تتركوا الدنيا وتصبحوا فقراء فالإسلام أمرنا بالغنى ليس فقط بالغنى بل جعل الغني ركن من اركان الإسلام والشخص الفقير تكون أركان إسلامه ثلاثة فقط ولم تكتمل لأنه لن يستطيع أن ينفق الزكاة لأمواله ولن يستطيع أن يذهب ويؤدي الحج فهو لا يملك المال الكافي.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة ) أي تسعٌ وتسعون طابق يجب أن يتم بناؤه على خمسة أعمدة ، فإذا كنت فاقدٌ للزكاة وفاقدٌ للحج فكيف سيُبنى تسعٌ وتسعون طابق على ثلاثة أعمدة فقط؟!
عندما تقرأ حديث ( بُني الإسلام على خمس ) هذه الخمس هي أعمدة الإسلام فقط وعندما نقول بُني الفندق على خمس المعنى أن الفندق يبدأ من الخمسة وأعلى وليس الفندق هو الخمس أعمدة هذه.
عندما تؤمّن أنت الشهادتين والصوم والصلاة والحج والزكاة تكون حصلت على الأعمدة والآن عليك أن تبحث عن من يبني لك الإيمان.
يبني الرجال وغيره يبني القرى شتّان بين قرىً وبين رجال.
الأشخاص العاديون لا يستطيعون أن يبنوا بنايات من 100 طابق، هذه البنايات لها شركات خاصة، فإن كانت البناية ذات المئة طابق تحتاج إلى اختصاصيين و شركات خاصة فكيف بمن سيبني فيك الإيمان إلى أن تصل إلى السماء السابعة ثم جنّة المأوى وتستقر فيها ويكون لك الحصة الكبيرة هناك!
إذاً كونوا من (السابقون السابقون) لتكونوا من (أولئك المقربون) أين؟ ( في جنات النعيم ) لتصبح في جوار الله في جنة الفردوس الأعلى التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( إذا سألتم الله الجنه فاسألوه الفردوس الأعلى فإنها أعلى مراتب الجنان وإن سقفها عرش الرحمن)
هذه هي الجيرة التي نسال الله ألا يحرمنا إياها، ولكن الدعاء فقط لا يكفي تحتاج مع الدعاء أن تهيئ الأسباب.
كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وليس كانوا قليلاً من الليل ما يصحون.
وبالأسحار هم يستغفرون وليس نائمون.
يوم القيامة ستجد أن التسبيحة الواحدة خيرٌ من الدنيا وما عليها.
كان عبد الله بن المبارك في طريقه إلى القدس فمرّ بقرية يرتاح فيها، و لم يكن هناك الفنادق التي يرتاح فيها المسافر بل كانت المساجد، فدخل المسجد وصلى الظهر مع الناس وكان هناك جنازة و أجْر الجنازة ( من صلّى عليها قيراط، ومن شارك فيها قيراطين قيل لابن عباس رضي الله عنهم: كم القيراط ؟ قال القيراط كجبل أُحد)
فصلّى عبد الله ابن المبارك على الجنازة وساهم بدفنها وعندما عاد إلى المسجد صلى ركعتين خفيفتين من شدة تعبه تحيّة المسجد وجلس ينام
فبدأت نفسه تحدّثه أنَّ هاتين الركعتين عند الله ليس لهما وزن من شدّة خفتهما فنام ورأى في المنام شاباً جاء وسلم عليه وقال له: هل عرفتني؟ قال : لا ، قال: أنا الشخص الذي صليتم عليّ الآن و دفنتموني، قال: ماذا تريد ؟ قال: أنت بعد أن رجعت إلى المسجد وصليت ركعتين لم ترض.بهما، قال: نعم ولكن كيف عرفت؟ فقال : نحن في الآخرة نعلم ولا نعمل وأنتم في الدنيا تعملون ولا تعلمون، والله نحن في الآخرة نتمنى لو أنَّ الدنيا بأكملها ملكٌ لنا و أن يرجعنا الله إلى الدنيا فنتبرع بها لنصلي مثل ركعتيك. فكان عبد الله ابن المبارك كثيراً ما يحدث بها في مجالسه ويحثُّ الناس على العمل وإن كان ركعتين خفيفتين.
نحن الآن في الدنيا كل الذي نعمله يكتب لنا.. تسابيح.. ذكر خفي.. عيادة مريض، حتى وإن سقيت عابر شربت ماء تُكتب لك ، حتى مثاقيل الذر تكتب لك ولكن بعد الموت وإن صليت مليون ركعة ليس لك من الأمر شيء، و هناك لا يؤذن لك بالسجود، فهؤلاء الذين يضيّعون صلاتهم في الدنيا الله تعالى فقال: ﴿يَومَ يُكشَفُ عَن ساقٍ وَيُدعَونَ إِلَى السُّجودِ فَلا يَستَطيعونَ﴾.
أي إن المفاصل التي كانت تساعده على السجود توقّفت عن العمل، فإذا أراد أن يركع يركع على وجهه وتحته بلاط جهنّم ويلتصق وجهه وجلده في البلاط هذا بسبب ﴿ قالوا لَم نَكُ مِنَ المُصَلّينَ وَلَم نَكُ نُطعِمُ المِسكينَ وَكُنّا نَخوضُ مَعَ الخائِضينَ وَكُنّا نُكَذِّبُ بِيَومِ الدّينِ حَتّى أَتانَا اليَقينُ ﴾
إيّاك أن تخوض مع الخائضين، وعندما تسمع أحد يخوض بحديث غيبة أو نميمة كن نصيراً للشخص الغائب الذي يغتابونه وقدّم لهم النصح أن يتخلوا عن هذا الفعل الذي يقومون به، فإذا كنت نصيراً للغائب خصماً للحاضر يدافع عنك الله يوم القيامة كما دافعت عن أخيك.
ما هو الشيء الذي يخيف من الوقوف بين يدي الله؟
الذنوب والتّقصير الذي لم تكن تحسب له حساب أما إن كنت ممّن عمل بمرضاة الله ومرضاة رسوله ومرضاة أهل الله فإنك تنتظر هذا اللقاء كما انتظره سيدنا ابراهيم.
سيدنا ابراهيم عندما جاءه ملك الموت قال له: كيف تأتي لتقبض روحي ولم يأتيني أي إنذار؟ فقال له ملك الموت: لقد أرسل الله لك أكثر من إنذار واحد ومنها ضعف بصرك وسمعك، وتساقط أسنانك، وانحناء ظهرك، و عكازتك التي تستند عليها، وشَيب شعرك الذي كان أسوداً ، فقال له سيدنا ابراهيم: أتعجّب كيف يقبض الخليل خليله! فقال له الملك: هناك أعجب من هذا، كيف يكره الخليل لقاء خليله! فقال له سيدنا ابراهيم: أفي الموت لقاء؟ قال ملك الموت: نعم، فقال سيدنا ابراهيم: إذا ً اقبض الآن.
أحبَّ سيدنا ابراهيم لقاء الله بأعماله المشرّفة. اللقاء على حسب العمل وإن كانت أعمالك صالحة فلا تغتر بها فهذا أبو الدرداء الذي كان من خيرة الصحابة يخاف لقاء الله قال تعالى: ﴿ وَخافونِ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾ فهذا الخوف مطلوب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أتمُّكم عقلاً أشدّكم خوفاً لله ).
كلما كان عقلك كبيراً كلما كنت تخاف الله أكثر.
وكلما كان عقلك صغيراً كلما كنت تخاف الناس. والعقل ليس بحجمه و وزنه فإن النمل على صغر حجمه لا يعصي الله.
﴿حَتّى إِذا أَتَوا عَلى وادِ النَّملِ قالَت نَملَةٌ يا أَيُّهَا النَّملُ ادخُلوا مَساكِنَكُم﴾ لماذا؟ قال: ﴿ لا يَحطِمَنَّكُم سُلَيمانُ وَجُنودُهُ وَهُم لا يَشعُرونَ﴾.
نسأل الله التوفيق، جعلنا الله ممَن يستمع القول فيتّبع أحسنه هداةً مهديين غير ضالّين ولا مضلّين وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: