وَلِلَّهِ غَيبُ السَّماواتِ وَالأَرضِ

درس النساء الأسبوعي 12/12/2020
استفتح سماحة الشيخ محمود المبارك بالحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نعيش هذه الدقائق مع قوله تعالى: «بسم الله الرحمن الرحيم» ﴿ وَلِلَّهِ غَيبُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ فَاعبُدهُ وَتَوَكَّل عَلَيهِ﴾
أيها الانسان أيها المخلوق اعلم علم اليقين أن الله يعلم غيب السماوات والأرض لا يخفى عليه شيء كما قال تعالى : ﴿ لا تَخفى مِنكُم خافِيَةٌ ﴾ و قوله تعالى: ﴿ يَعلَمُ السِّرَّ وَأَخفَى ﴾
السّر: هو الذي يعلمه الإنسان بنفسه.
الأخفى : هو الذي لم يصل إلى منطقة السر.
يريد الله تبارك وتعالى كما نظهر للناس محاسننا و لطفنا و أخلاقنا الموزونة أن نظهر طهارة قلوبنا ونعتني بها لتصبح نقية.
عندما نقول لأحد (سلام) يعني قلبي أيضاً يقول لك السلام وليس قلبي حاقد عليه وأقول له سلام.
قال تعالى: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لِمَ تَقولونَ ما لا تَفعَلونَ كَبُرَ مَقتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقولوا ما لا تَفعَلونَ﴾
يجب أن يكون القول والفعل واحداً.
حقيقية الانسان القلب، عندما يأمر القلب بالحب يحب الإنسان وعندما يأمره بالبغض يبغض. إذاً ﴿وَإِن تُبدوا ما في أَنفُسِكُم أَو تُخفوهُ يُحاسِبكُم بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤]
﴿وَلِلَّهِ غَيبُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ فَاعبُدهُ وَتَوَكَّل عَلَيهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ﴾
كل شيء نقوم بعمله يعلمه الله وسنعاقب عليه إذا لم نصحح طريقنا.
قال تعالى: ﴿ لَهُم فِي الدُّنيا خِزيٌ وَلَهُم فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظيمٌ ﴾
وآية أخرى ﴿ لِنُذيقَهُم عَذابَ الخِزيِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أَخزى وَهُم لا يُنصَرونَ﴾ النتيجة التي سنكسبها: المحافظة على ظواهرنا بين الناس وعلى أنفسنا وداخلنا بين يدي الله مع العلم أنّ الناس فيهم إحساس ويشعرون.
القلوب مرايا ماذا وضعنا فيها تطبع بالمرآة الأخرى.
علينا أن لا نضع في قلوبنا شيئاً وألسنتنا شيء آخر دائماً شعارنا « وما ربك بغافل عما تعملون»
نعود للآية الكريمة ﴿ وَلِلَّهِ غَيبُ السَّماواتِ وَالأَرضِ﴾ إذاً: الله بيديه السمٰوات والأرض لماذا لا نشغل عقولنا و نفكر قليلاً.
هناك قصة تقول: هناك ملك قرر إذا انتصر بالمعركة سأعطي لخدام القصر كل واحد طلبه، فانتصر بالمعركة، فجمعهم وعمل احتفالاً ليأخذ كل واحد من خدام القصر طلبه أمام الناس جميعهم. فقال لهم جائزتكم كل واحد سأعطيه طلبه، فكل واحد طلب طلباً، شخص طلب الذهب، والآخر طلب منزل، كل واحد طلب حاجته، بقيت خادمة واحدة فقالت أخاف أن أطلب ولا تلبوا طلبي فقال لها الملك لقد أعطيت كل واحد طلبه وبقي أنت سأعطيك طلبك أيضاً، قالت طلبي هو: «أنت»، لم يعجبني بالمملكة أحد غيرك ، قال ما هذا العقل الذي عليها، و مادمتِ أنت اخترتني أنا اخترتك أيضا ً فتزوجها الملك. وسألها كيف فكرت بهذا الطلب؟ قالت: لأن كل الذي طلبه غيري من القصر أصبح تحت ملكي بهذا الطلب الذي طلبته عندما اخترتك.
نأخذ من هذه القصة: مادام تعالى هو الخالق لكلّ شيء وهو ربّ كل شيء لماذا لا نصبح من عبيده ليصبح كل شيء تحت ملكنا و تصرفنا.
خلق كل شيء للإنسان ولكن أي إنسان؟ المؤمن العبد الحقيقي وليس العبد الآبق.
لأن العبيد نوعان: عبد يخالف سيده، وعبد محبوب عند سيده.
العبد الحقيقي هو الذي يحمل راية المحبة والإخاء للناس هذا أعظم نسب وفخر لك.
عليكِ أن تكوني مثل هذه الجارية عندما اختارت سيدها أخذت العزة والشرف ونالت كل شيء.
وأنت اختاري الله لتنالي العلم والتوفيق وتأخذي «يا جبريل إني أحب فلان». الله ينادي جبريل ليضع لكِ القبول في الأرض، توضع محبتك في الماء فكل من يشرب الماء يحبك، تمشي على الأرض تحبك. وهناك أ ناس يبغضهم الله لأفعالهم يقول تعالى: يا جبريل إني أُبغضُ فلان فيبغضه جبريل ولا يوضع له القبول في الأرض، و الأرض تلعنه وتحلف له وتقول: آخر مصيرك ستنزل في قلبي وستعلم ماذا سأصنع فيك.
إذاً المحبة تأتي بأعمالكِ والكراهية تأتي بأعمالك.
علينا تحسين أعمالنا وأولها تحسين الكلام، والبلاء الأعظم عندما نتحدث عن إنسانة مقصرة في دينها..
هذا كلامكِ كله مسجل عليكِ أنت يا مصلية يا قائمة يا ذاكرة تأتي يوم القيامة حسناتك كالجبال ولكن هناك حسرة وخسارة ستأخذينها، وهي كلامك على هذه الإنسانة المقصرة في دينها، تأخذ حسناتكِ حتى تكتفي ويصبح حقها كاملاً وإذا لا يوجد عندكِ حسنات تطرح عليك من سيئاتها لتأخذ حقها كاملاً.
أيّ خزيّ هذا و ندم وحسرة وإهانة!
ولكن إذا كنتِ مؤمنة و رأيتِ إنسانة مقصرة وليست ملتزمة فعليك أن تمدي لها يد اللطف و الحنان واجعليها تحبكِ وقدمي لها هدية وقولي لها وجهك وجه إيمان يا ليتك فقط تصلي لو كان صلاة الظهر فقط، اقبلي منها ريثما تأخذ عليكِ أكثر وتحبكِ وتبدأ بالتعلق بالصلاة بكل الأوقات. وإذا نقلتيها من جهنم إلى الجنة بلطفك…. هذه هي المؤمنة.
ورد في الحديث ” إذا دعا المرء لأخيه في ظهر الغيب تقول الملائكة : ولك مثله “
المعنى: أن ندعوا لإخواننا لا أن ندعوا عليهم، لأن الملائكة إما أن تدعو…لك أو تدعو….عليك.
كما ورد مع سيدنا موسى عليه السلام عندما كان في المناجاة، جاء لعنده رجل يطلب منه عندما يذهب لمناجاة ربه أن يسأل الله له ان يرزقه ثمن حمار وقال: إنني حطاب و تعبت من حمل الحطب على ظهري و أصبح مليء بالجروح من الحطب فقط أريد ثمن حمار أحمل الحطب عليه لكي أعيش. سيدنا موسى رأى الأمر مناسباً فدعا له الله وقال: يا رب عبدك فلان حطّاب وكذا و كذا إذا تتكرم عليه وترزقه ثمن الحمار.
قال الله: يا موسى إنه لا يستحق. قال سيدنا موسى يا رب أنت رحيم و إنه فقير لماذا لا يستحق؟ فقال الله سأجعلك ترى لماذا لا يستحق ثمن الحمار، الرجل له جار حمّال مثله إذا هذا الحطاب يقوم بالليل ويدعي أنه يُرزق الرجل الحمّال حمار اللي حمل الحطب عليه سأرزقه هو وجاره.
ذهب سيدنا موسى وهو مسرور لكي يخبر هذا الرجل ماذا يفعل لكي يرزق ثمن الحمار. جاء لعنده فقال الحطاب لسيدنا موسى : هل دعوت لي؟ قال له دعوتُ لكَ ولكن هل لديك جار حمّال؟ قال الرجل: نعم ، قال: ربك جل جلاله يقول: إذا صحوت ليلاً فأدعو لكَ ولجارك أن ترزقا ثمن حمار تقضوا به حوائجكم، يرزقكم الله لك وله حمار قال الرجل: أنا أدعو لهذا الحمّال هذا لا يستحق. أن أدعو له. فابتسم سيدنا موسى وقال: والله ربّ بكل شيء عليم وقال لي لا تستحق «هذه هي قله الخير»
مازال إمامنا النبي ويقول لنا اعفوا يجب عليّ أن أعفو وأدعي لأعدائي كما حصل مع النبي صلى الله عليه وسلم بالطائف عندما جاءه جبريل وملك الجبال لكي يطبق على أهل الطائف الأخشبين فلم يرض رسول الله بذلك ودعا لهم قائلاً: اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون.
هناك قصة لشاب وأخته وقعا بشجار بالمحكمة عند القاضي لأن عندهم أم مقعدة وكل واحد يريد أن يأخذها تقيم عنده، فاشتكيا للقاضي، قالت الأخت: يا قاضي هذه أمي مقعدة و أنا أولى بها، أخي لا يستطيع إدخالها الحمام ويقضي حاجاتها النسائية. فجاء الشاب وقال: يا قاضي أمي أنا أولى بها، أنا لا أرضى أن تقيم عند الصهر لا تأخذ راحتها، أمي تقيم في بيتي، أنا وبناتي نقوم بخدمتها أرجوك يا قاضي لا تحرمني من برّها، و البنت كذلك تقول: لا تحرمني برها وترجو القاضي.
فالقاضي حكم للبنت أن تقيم أمها المقعدة عندها وتقضي حوائجها لأنها أدري بحاجاتها النسائية.
قال: فما كان من الشاب إلا قال للقاضي: كما حرمتني من أمي والله لأخاصمك بين يدي الله أنت حرمتني خدمة أمي، قال القاضي : يا بني أنا لم أحرمك خدمة أمك ولكن هناك أمور نسائية لا تقدر عليها. قال الشاب: عندي خادمة وزوجة وبنات، قال القاضي: تبقى الأم مع بناتها مسرورة أكثر من أحفادها وكنّاتها.
هذا هو الإيمان يا بنتي. الآن في زماننا أين يوجد مأوى للعجزة نضع الأم والأب به.
المعنى يا بنتي : سيحصدُ عبدُ اللهِ ما كان زارعاً فطوبى لعبدٍ كان للهِ يزرعُ
هناك قصة أيضا ً، واحده قالت لزوجها: إما أنا او أمك، قال زوجها يا بنت الحلال أين أذهب بأمي، أمي لا تستطيع العيش بالجامع و بأيامهم لا يوجد دار للعجزة. قال لها أين سأذهب بها؟ قالت زوجته أنا يوجد لدي خطة ( هذا الشيطان يا بنتي انتبهوا) نخرج للنزهة و نبتعد بالبرية و نضعها عندما يحلُّ الظلام و نرجع ونقول لقد أضعناها و نعود في اليوم التالي و لا نراها تكون قد أكلتها الوحوش
فوافق زوجها قليل الدين و قليل الشرف ووضعوها بالبريه، عندما حلَّ المساء تركوها ورجعوا وتنادي الأم يابني أين تتركني؟ قال لها: سيدمر بيتي بسببك، قالت له: اذهب …و الله تعالى يلاني وأخذت تدعو وتقول: يا رب أنا بحماك يا رب. فأصبحت الوحوش تطوف أمامها فقلب الله لها هذه الوحوش لأغنام وأبقار و هذه الأصناف أليفه و فيها أنس.
جاء ولدها وكنتها في اليوم التالي ليأخذا عظامها وشاهدا الغنم والبقر والمنظر الجميل، فرجعا بها وبالأغنام والأبقار لأنه أصبح عندهما هذه الثروة، فقالت الزوجة لزوجها: ما رأيك أن نضع أمي لكي تأكلها الوحوش لتعود علينا بالخير الوفير والأغنام و الأبقار؟ قال لها: هيا بنا.
فوضعاها بالبرية ورجعا فقالت الحماية لصهرها: لماذا تركتماني هنا ؟ قال: لكي تأتي الأغنام والأبقار كما حصل مع أمي. فتركاها ورجعا و هذه المرأة لا يوجد عندها تقوى فلا دعت الله ولا التجأت إليه، فجاءت الوحوش وأكلتها…. فجاء الزوج والزوجة في اليوم التالي يأخذا لأغنام والأبقار فلم يشاهدا سوى عظام أم الزوجة.
هذا درس لنا، الذي يزرع التقوى يحصد التقوى، والذي يزرع السوء سيحصد السوء.
هذا رمز لنا الله تبارك وتعالى بيَّن لنا في قوله: ﴿ يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَخيهِ وَأُمِّهِ وَأَبيهِ﴾
كل الناس تهرب من بعضها، لكن هناك يفرون منهم ولكن يرسل لكِ حماتك التي تهتم بكِ وتقول لك : ماذا حصل معك هل دخلت الجنة؟ فتقول الكنّة : لا واللهِ إنه ينقصني حسنة واحدة فتعطيها الحماية هذه الحسنة لأنها على التقوى، وتقول لها أنا أفرح إذا دخلت الجنة ولو أنا دخلت النار
هذا المقياس بين الجار والجارة السلفة والسلفة و….)
المؤمن لونه ثابت أبيض وليس ملون، الملون يدل على النفاق ….وصف الله تعالى المنافقين بقوله: ﴿ المُنافِقونَ وَالمُنافِقاتُ بَعضُهُم مِن بَعضٍ﴾ فإذاً لا تكون من المنافقين وكونوا من المتقين.
نعود للآية الكريمة ﴿ وَلِلَّهِ غَيبُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ فَاعبُدهُ وَتَوَكَّل عَلَيهِ﴾
إذاً توكل عليه، ازرعِ الزراعة على أصولها يا بنتي، قبل سماعك للدرس وحضورك بين يدي الشيخ يجب أن تكوني فالحة لقلبك كالفلاح عندما يفلح الأرض و يلقي فيها البذار كي تأتي المطر ويحصد ما زرع من الخير الوفير.
المخطط الذي وصفه الله تعالى في سورة الجمعة : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا نودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ فَاسعَوا إِلى ذِكرِ اللَّهِ﴾
لماذا يوم الجمعة وليس الثلاثاء مثلاً؟
قال لأنه يدل على العلم هناك خطبة الجمعة في هذا اليوم، فعليك أن تفلحَ قلبك الفِلاحة الأولى وهي ذكر الله وبعدها يأتي المعلم ويبذر البذار وهي العلم بقلبك لتحصد الربح والعمل على الأصول.
علينا التواضع للعلم والعلماء لكي نُحصّل التربية على أصولها ونأخذ الذكر الحقيقي على أصوله من المربي الحقيقي.
يا ابنتي إياكِ وأن تتكبري على أحد من الناس، لا نعلم أي كرامة لها عند الله تعالى.
التكبر هو ثوب إبليس اللعين عندما قال: «أنا» وطُرِدَ من رحمة الله وخرج من الجنة.
تواضعوا لبعضكم و كونوا كالجسد الواحد« مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو يتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»
علينا دائماً أن نذكر قوله تعالى : ﴿ فَريقٌ فِي الجَنَّةِ وَفَريقٌ فِي السَّعيرِ﴾
لنحسب حسابنا ونسأل أنفسنا: مع من أنا سأكون؟ ويجب أن نُوزِنَ أعمالنا «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم»
هذه هي الموفقة والناجحة فإذاً يجب علينا مراقبة أعمالنا لأنه سيقال لنا: «اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا»
وهناك كاميرات الله تعالى في الدنيا تراقبنا، وقوله تعالى يوم القيامة سيقول لنا: هذا ما قدمتم لأنفسكم.
عندما نصحو في الدنيا سنسارع للعمل و للبذل و الدعوة ونشر الهداية والعلم لان إيصال العلم أعظم أ جرا من ايصال الماء للضمان لأنه اذا ماتت الضمان بدون ماء الله في بدون وجود الماء و الجاهل اذا لم يصله العلم الى جهنم وبئس المصير لان الله لا يعذر على الجهل و طلب العلم فريضه على كل علينا مراقبه الله وكسب رضاه

وختم سماحة الشيخ محمود المبارك بالحمد لله رب العالمين

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: