وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ

الله سبحانه وتعالى تفضل على الإنسان بأن خلقه وتكفل برزقه فقال جل من قائل :((وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)) .مع هذا كله نجد الإنسان مشغوف في تحصيل رزقه ورضي بعقله ولم يرضى بقسمة رزقه ، وحقيقة الأمر لو الإنسان اطلع على الغيب لحمد الله وشكره على هذا الفضل الإلهي لإن الله تكفل بالرزق ولكن أمرنا أن نأخذ بالأسباب لقوله تعالى :((فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)) .كما ورد في الأثر أيضا ((عبدي حرك يديك ، اُنزل عليك الرزق)) .وقال جلّ شأنه :((أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ ، أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ)) . كل ذلك إشارة على الأخذ بالأسباب وأن يكون الإنسان على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى تكفل برزقه فلا ينشغل به عن الله ، لو ضربنا المثال عندما يأتي رجل غني ويقول لك أنا أتكفل لك في بناء بيتك وأنت عليك أن تتكفل بفلاحة الأرض ، فأنت تركت فلاحة الأرض وذهبت إلى البناء الذي تكفل به ذلك الغني ، فعندما يأتي ذلك الرجل الغني ويوكلك لنفسك فتصبح أنت من الهالكين وهكذا حال الإنسان عندما لا يثق بكلام الله بأن الله تكفل بالأرزاق جل شأنه لقوله :((وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)) .والإنسان من أنواع الدواب التي تدب على الأرض ، الدواب كل ما يدب على الأرض اسمه دابة ، فهناك البعض يسيء الفهم ويظن أن الدابّة هي الحيوان ، لا يابُني فكل ما يدب على الأرض من مخلوقات يكون في تعداد الدواب ،
فالقصد أن الله سبحانه وتعالى خلقك لحُبِهِ وجعل فيك هذا القلب بيت لمَحَبَتِه ، فالنبي عندما قرأ قوله تعالى :((قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي)) فإن في ذلك إشارة على أنك محب لله عند اتِّباعك لرسوله ﷺ ، ورحم الله الشاعر عندما قال : (لا تنقل فؤادك حيث شئت من الهوى…ما الحب إلا للحبيب الأولِ)
فالإنسان دوماً يكون عبد الإحسان ، فعندما تنظر إلى نِّعم الله وعطائه وإحسانه الذي هو أرحم بك من أمك وأبيك ، فهنا لا بد لك من محبته جل جلاله ، وعندما تنظر إلى تضحية النبي ﷺ الرحمة المهداة الذي وصفه الله في القرآن الكريم بقوله سبحانه وتعالى :((يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)) .أي أن النبي ﷺ أخرجنا من الظلمات والجهل والأوثان والعبودية وغير ذلك إلى عبادة الله الواحد الأحد فهذه التضحية من النبي ، فكم لقي من الأذى والأسى وغير ذلك من العذاب…؟ ليصل إلينا هذا النور ونسير على هذا النور بأمن وأمان ، فكان النبي ﷺ كل همه الإيمان ، الإسلام ، الدين ، لم يكن تبليغ الرسالة هم النبي ﷺ فقط بل كل من أمن معه حتى النساء ، لو أردانا أن نذكر قصة امرأة من النساء رضي الله عنهن وهي تُسمى الرميصاء ويُقال لها أم أنس جاء أبو طلحة ليخطبها وهي أيِّم أي أن زوجها غير موجود فلما طلبها للزواج انظروا ماذا قالت له…!! قالت له :(مثلك يا أبو طلحة لا يُرد ، ولكن مهري غالي ولن تقدر عليه) . أي لا يوجد فيك نقص ولا فقر ولا جبن أي أنك رجل على مستوى رائع للزواج لكن مهري ثمين وغالي لن تقدر عليه فقال لها : (اطلبي) ، هل تعلمون ماذا طلبت منه…؟ لم تقل له مثل نساء هذه الأيام التي أصبحت سلعة تُباع وتشترَى ، تريد المال الكثير والسيارات والبروج والبزخ وغير ذلك ، لا ، بل قالت له :(مهري غالي كثير وأنا أخشى أن لا تقدر عليه) ، فقال لها :(اطلبي مهرك ،الذي سوف تطلبيه سوف تأخذيه) . فقالت له :(مهري الإسلام) ، ما هذا الفهم..!!! كان همها الإسلام والدين فاطلبت منه أن يدخل الإسلام لتقبل الزواج منه وقالت له إذا لم تُسلم لن أقبل الزواج منك ، إذن المرأة كان همها الدين..؟ نعم ، والطفل كان همه الدين…؟ نعم ، والرجل كان همه الدين….؟ نعم ، والكبير والصغير الكل كان همه الدين لذلك انتشر الدين وسطع نوره ودخلت الناس في دين الله أفواجا ، وعندما تحولت نوايانا وأفكارنا وأصبحت الفتاة تطلب مهرها المال والبيت الخاص بها وطلبات ما أنزل الله بها من سلطان والدين ليس في فكرها وهمها نهائياً لإنها بلا دين و من الممكن أن يكون البيت الذي ربّاه بلا دين أيضاً فمن أين سوف تأتي بالدين..؟ كما يقول المثل:(أقرع وذقنهُ طويلة..قالوا شيء بغطي شيء) .أما عندما يكون أقرع ولحيته كوساية من أين سوف نأتي له بالشعر…فإن بذلك يكون البلاء لعدم وجود تربية دينية في بيتها ولعدم أهمية الدين عندها ولا تعلم ما هو الدين ، جاءت احدى النساء الأوروبيات بعد أن أسلمت لزيارة مسلمة فكان لباس المسلمة ليس فيه من الحشمة والأدب فسألتها المرأة الأوروبية أأنتم على الإسلام..؟ فقالت لها نعم ، نحن إسلام بالاسم فقط ، فالمرأة الأوروبية انتقدت المسلمة وقالت لها : (لم يمضي على دخولي في الإسلام فترة طويلة ولكن بفضل الله أسلمت والتزمت بكل أوامر الإسلام) . فهذه النكبات التي نقع فيها من الجور ، ونتحاسد ونتباغض ونتقاتل وكل شخص يتكبر على الآخر ، إذا كان لديه طقم يتعالى فيه على من ليس لديه طقم ما هذا البلاء الأعظم…؟ فهذا يعني أنك ليس لك قيمة وجاء الطقم ورفع من قيمتك بين الناس ، وبعض الناس أيضاً يتكبر بنعله على الآخرين وغيرهم من يتكبر بمركبته أيضاً ويتكبرون على بعضهم البعض ، فهذا من فراغ الروح والقلب من الإيمان وفراغ القلب من محبة الله سبحانه وتعالى ، لذلك انظر عندما كانت قلوبهم مملوءة بمحبة الله كان مُحاطين بجوار العلم والمعلم الأول ﷺ الذي كان يغذي قلوبهم على الدوام بمحبة الله ، فكان هم الكبير والصغير والمرأة الإسلام ، ونحنا أصبح همنا الدنيا وليس الآخرة ، والنبي ﷺ أخبرنا عن أولئك الذين همهم الآخرة فقال :(من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة) .فإذا كان همك الدين الإسلام فهنيئاً لك ، فانظر ماذا يكافئك الله بأن الدنيا تأتي متذللة عند قدميك وتقول لك : خذ رزقك المقسوم لك ، الذي أقسم الله به اليمين لقوله سبحانه وتعالى :((وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)) . فالدنيا تأتي و تجلب معها رزقك ولكن عليك أن تلتزم بالأدب وتأخذ بالأسباب وتذهب إلى دوام في المحل إلى وقت ما ، ومن ثم تُفرغ نفسك من العصر وما بعده أو أضعف الإيمان من المغرب وما بعده أو أضعف أضعف الإيمان من العشاء وما بعده أو حتى في الأسبوع الواحد عليك أن تُفرغ نفسك نهار أو نصفً من النهار من أجل أن تتعلم دينك ومن ثم تذهب وتعلم العلم لغيرك وهكذا ينتشر الدين ، فالنبي ﷺ لم يذهب إلى الصين و لا إلى إندونيسيا وغيرها من البلاد الفلانية وإنما علم أصحابه وهم الذين علموا إِخْوَانِهِمْ وأحبابهم والتابعين وهكذا حتى انتشر الإسلام ، وأما عندما أصبحنا نُلقي بمسؤولية انتشار الإسلام على الشيخ ، ونلزمه بها وحده ، فمثلنا كمثل بني إسرائيل عندما قالوا لسيدنا موسى عليه السلام كما أخبرنا القرآن الكريم :((اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)) .والآن توجد نوعية من المسلمين أيضاً يقولون للشيخ اذهب أنت وربك فقاتلا ، يا بُني الشيخ يُريدك أنت كي تتعلم منه الدين وتعلم به غيرك ، وأنت تقول له : لا…. لا ، فأنا مشغول في المحل ولا أستطيع أن أتركه ، وأم المؤمنين يجب أن أجلس معها وأيضاً اللعب واللهو والقهوة ، والتلفاز من الذي سوف يجلس عليه…؟ فهو غير مُتفرغ لدينه ولنشر العلم ، فلذلك عندما نترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انظروا كيف يسلط الله اشرارنا على خيارنا فيدعو صالحونا فلا يستجاب لهم ، لماذا…؟ لإننا تركنا الأمر بالمعروف وأصبح كل همنا الدنيا والطمع والجشع ، رضي الله عن ابن مسعود عندما قال :(مَا أَحَدٌ أَصْبَحَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا وَهُوَ ضَيْفٌ، وَمَا لَهُ عَارِيَةُ ، وَالضَّيْفُ مُرْتَحِلٌ ، والعَارِيَةُ مَرْدُوْدَةٌ ،ومَا المالُ والأهْلُونَ إلاَّ وَدائِعُ ، وَلابُدَّ يَوْماً أنْ تُرَدَّ الوَدائِعُ ) . أي كلنا في هذه الدنيا ضيوف فكم من الوقت سوف يجلس الضيف..؟ مهما جلس الضيف فبعدَ فترة من الزمن سوف يرحل…!!!! وما يملك الضيف من متاع فهو استعارة ، كمثلِ أحدهم عندما يعيرك لباسهُ وبعدها يأخذهُ منك أو عندما يعيركَ مركبته لفترة من الوقت بعدها سوف يطلبها منك ، حتى المال يكون عارية لإن الله اعارنا إياه لنقضي حوائجنا فيه ، فأنت سوف ترحل وتُعيد الأمانة التي أخذتها ، أي أن المال سوف يرجع إلى صاحبه ،متى سوف نفهم هذا الفهم…؟ حتى نتفرغ لدين الله ، فما المال والأهل إلا ودائع من الله ولا بد أن يأتي يوم وتذهب الوَدائِع وترد إلى أهلها ، عندما ما مات ابن الصحابية رضي الله عنها يقال لها أم سلمة ، فالبعض من نسب إليها هذه القصة ، عندما جاء أبو طلحة فقال لها : (كيف حالُ الولد….؟) ، فقالت له 🙁 اليوم نام من أجمل نومات حياته وهو في الراحة والسعادة… الحمدلله) ، فقربتْ إليه عشاءً، فأكل وشرب ،وتصنَّعَتْ له أحسن ما كان تصنَّعُ قبل ذلك، وتزينت له ونامت معه كما تنام العروس مع عريسها فوقع بها وفي الصباح قالت له : هل خْبِرتَ ماذا حصل في الحّي …؟ فقال لها (لا…ما خبرت شيئاً) فقالت:( يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قومًا أعارُوا عاريتَهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم، أَلَهُم أنْ يمنعوهم…؟ ولا يعيدون إليهم وعاءهم و رفضوا أن يرجعوا إليهم القِدر (الوعاء) فقال لها كيف يمنعون الأمانة أن ترد إلى أصحابها…؟ والعياذ بالله…!!! فقالت له نحن إذا كان لدينا أمانة أنعيدها إلى أصحابها…؟ فقال لها : نعم ، عندما يكون عندنا أمانة عليك أن تعيديها على الفور لأهلها ، فقالت له اليوم لا تذهب إلى العمل لإن صاحب الأمانة أخذ أمانته ، فقال لها :(مات الغلام…؟) ، فقالت له : (نعم…) ، فقال لها تركتِني حتى تلطَّختُ، ثم أخبرتِني بابني، جعلتي بيننا ليلة عرس والله لأشكونّكِ إلى رسول الله ﷺ فانطلَقَ حتى أتى رسول الله ﷺ فأخبره بما فعلت زوجته ، فقال له النبي ﷺ :(إن الله فرح بليلتكما) أي أن الله فرح بهذه الليلة لإن ولدكم مات وأنتم راضين بقضاء الله ، فعندما تزينت له ونامت معه في ذلك الليلة ، ماذا كان في ذلك الليلة …؟ الله أضاعهم…؟ يُقال إن الله رزقهم ولد ، فجاء من هذا الولد عشرة أولاد من حفظة القرآن أي عشر من العلماء ، هذا ما يورثهُ الإيمان….!!! ولكن لو أنها صرخت وجمعت أهل الحّي أمام بيتها وجاء زوجها من عمله إلى البيت وهو متعب ولقيها تصرخ حزناً على فراق ولدها لأصبح زوجها ليس لديه شهية إلى الطعام ولذهب إلى النوم وحالته يُرثى لها ، فهذا أفضل …؟ فهل سوف يرجع الميت لها …؟ لن يرجع ، يا بُني فعندما نرى المرأة بهذا العقل نقول عنها أنها تعادل مئة رجل بلا فائدة ، انظروا كيف…!!!! رضي الله عن الذي قال : (ولو كُنَّ النّساءُ كمَنْ فقدْنا لفضّلتُ النّساءَ على الرِّجَال فما التّأنيثُ لاسْمِ الشّمسِ عيْبًا ولا التّذكيرُ فخْرًا للهلالِ) .أي عندما نقول هذا القمر ، ليس ذلك بفخر ، وعندما نقول عن الشمس بأنها انثى هذا لا يعني أن حصتها ضعيفة ، لا….فلو كانت النساء مثل هذه بالأخلاق والدين و همها الدين و الرضا بقضاء الله وليس ابنها المتوفي ، هذه النوعية من النساء كم تعادل…؟ نحن نقول المرأة بنصف عقل ، أحضر لي مئة مليون رجلاً على هذه النوعية بنصف عقل وجزاك الله ألف خير وسوف أقبلك من بين عيناك ، إذا المرأة بنصف عقل الرجل أصبح بلا عقل أبداً ، رضي الله عن بعض الشيوخ كان يخطب يوماً من الأيام وقال عن النساء :(ناقصات عقل ودين) فعندما انتهى من خطبته وخرج من الجامع كانت تنتظره احدى النساء على باب الجامع فقالت له : (نحن ناقصات عقل ودين…..؟) ، فالشيخ كان يريد أن يستر نفسه ولا يريد أن يتجادل معها فقال لها : (لستم أنتن ناقصات عقل و دين ، بل النساء في زمن النبي ﷺ ) ، فقالت له :(قد اطمأنت نفسي) ، فسألته ونحن الآن…؟ فقال لها : ( أنتن بلا عقل ولا دين) ، وقال لها مع السلامة وهرب ، لإن الهروب يسمى ثلثين المراجل ، وفي زمننا هذا أيضاً الرجال بلا عقل ولا دين جُلَّ همه بطنه وفرجه وطعامه وشرابه وتراه غير مهتم بالدين ويمحنك القرآن أيضاً هدية ،ويقول لك خذ الدين لا أريد شيء منه ولا يريد كل هذه والشوشرة مثل هذا النوعية يكون مسكين ومغرور مثله كمثل الذي يجلس في الظل ومن ثم سوف تأتي الشمس وتحرقه ، لإنه يعلم أن ذلك ظل والظل زائل ، وهذه الدنيا ظل زائل ، إذن يجب أن تكون غايتنا وهدفنا الآخرة ورضا الله وماذا حفظنا من القرآن ….؟ وماذا قدمنا من العلم والدين لأبناءنا وجيراننا و أصدقائنا وإخواننا…؟ أين نشرنا الإيمان…؟ لحديث النبي ﷺ :(من كانت الدُّنيا همَّه ، جعل فقرَه بين عينَيْه ، وفرَّق اللهُ عليه شملَهُ ، ولم يأْتِه من الدُّنيا إلَّا ما كُتِب له ، من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ) . ماذا يأتيه من الدنيا يبقى مثل الحية التي تنفخ من الشوب لإنه لا يعجبه شيء ، لماذا…؟ لإنه ينظر إلى الذين هم أعلى منه ، ومن ينظر إلى الأعلى يقع من غير أن يدري ، انظر إلى من هو دونك كي تعيش حياة سعيدة ، إذا نظرت إلى من هم أعلى منك فأنك سوف تعيش حياة نكد ، وتنظر في نفسك وتقول انظر إلى فلان كيف أصبح..!!! لا تنظر إلى من كان أكثر منك في جمع المال فقد يكون ممن يأكل الحرام أو يسرق أو يتعامل بالربا لا علاقة لك به ، أنت انظر إلى الذين هم أقل منك في العيش فترى نفسك تعيش كالملك ، فمن كانت الدنيا همه فإن الله لن يبارك له ولن يزيده في رزقه ، يعطيه الكعكة وبعدها الكعكة و هكذا ، ويعيش في هذه الحياة وهو يركض خلف الدنيا و يحتسب أنه راكضاً على الخيل وعندما تأتيه المنية يقول كما أخبرنا القرآن الكريم :(( رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ)) .
فيأتيه الرد من الله سبحانه وتعالى :((كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قائلها وَمِن ورائهم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)) حتى نصل إلى قوله تعالى : ((إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ، فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخۡرِيًّا حَتَّىٰٓ أَنسَوۡكُمۡ ذِكۡرِي وَكُنتُم مِّنۡهُمۡ تَضۡحَكُونَ ، إِنِّي جَزَيْتُهُمْ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمْ الْفَائِزُونَ)) . ما معنى سخرياً …..؟ أي استهزاءً ، ماذا سوف يكافئهم الله …؟ أولئك الذي لم تُعجب بهم كما يقول المثل الحجر يلي ما بعجبك بفجك هؤلاء الذين أصبحوا متقدمين في السن ويتعلمون على قدر استطاعتهم وينشرون العلم لغيرهم هؤلاء هم الفائزون ، أما أولئك الذين يرد الله عليهم بعد أربعين سنة هم ينادونه بقوله تعالى : ((قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ)) . فيجدون كلمة اخْسئُوا فِيهَا أشّد عليهم من عذاب جهنم ، يأتي هذا الرد من رب العزة عندما يطلبون الخروج من جهنم كما أخبرنا القرآن الكريم :((رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ)) ، فيأتيهم الرد من حضرة الله سبحانه وتعالى :((اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ، إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ، فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ ، إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ)) ، يقول ربنا في الحديث القدسي إنَّ اللَّهَ تعالى يقولُ :(يا ابنَ آدمَ : تفرَّغْ لعبادتي أملأْ صدرَكَ غنًى وأسدَّ فقرَكَ وإن لا تفعَل ملأتُ يديْكَ شغلاً ، ولم أسدَّ فقرَكَ ) . الغنى الحقيقي يا إخواننا هو القناعة عندما يرزقك الله ويتفضل عليك بالقناعة والله لو لم يوجد عندك في البيت من الغذاء إلا ما يكفي نهار واحد فقط أي أنك لا تملك سوى قوت يوم واحد فقط تجد السعادة في قلبك لإن الله وضع في قلبك الغنى ، فالقناعة كنز لا يفنى ، أما عندما تكون غير متفرغ لعبادته وكل ما يشغلك الدنيا وجمع الأموال والتباهي بين الناس والتفاخر والتعالي على الآخرين بمالك وبغناك وبدنياك وتتكبر على الناس فإن الله جل جلاله ينزع كنز الغنى والقناعة من قلبك وتصبح كمثل الذي يشرب من ماء البحر وكل ما يزيد في شربه يزداد في عطشه ، لماذا….؟ لإنه لا يشرب الماء الصافي المحلى ، فعندما تتفرغ لعبادة الله فإن الله يسقيك كأس واحد فقط من المياه العذبة فتكتفي به وتحمد الله ، إذن هكذا الدنيا إذا أرادت أن تأخذها بالطمع والجشع ولست مهتم بالآخرة ، و الآخرة وراء ظهرك فإن مثلك كمثل الذي يركض خلف الظل والشمس من خلفه وهو يركض والدنيا تهرب أمامه وفي نهاية حياته عند الوفاة تراه مديون وغيرها من الهموم نسأل الله السلامة لماذا …؟ لإنه كان يركض وراء ظل زائل أما عندما يترك الظل ويسير في حياته طالباً النور الإلهي لقوله تعالى :((اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض)) ويكون هدفه (إلهي أنت مقصودي …ورضاك مطلوبي) ويسعى في طلبه للنور والهداية ، أي عندما تراه يركض خلف نور الشمس فإن خياله الذي يمثل الدنيا يتبعه ويركض خلفه ولا يفارقه ويكون ملازماً عند قدميه ، إذن عندما يريد الله أن يملأ صدرك بالغنى ويسدَّ فقرك والله فلو اجتمع أهل الأرض كلهم جميعاً على أن يجعلوك فقيراً فلن يستطيعوا على فعل ذلك ، وأما الآخر فتجدهُ يعمل ليلاً نهاراً وإن بحثتَ في أمره تجدهُ مديون أو يكون على مستوى دون الوسط من المعيشة ، يأخذ رزقه على مبدأ الكعكة بالكعكة ،فعند قول الله له في الحديث القدسي :(إلا تفعل) ، أي إن لم يتفرغ لعبادة الله فإن الله سيملأ صدره بالعمل والأشغال الكثيرة ليلاً ونهاراً ، ولم يسدّ فقره ، فهذه يا إخواننا كلها الإشارات على أن الإنسان يجب أن يرضى بفضل الله وتقديره وقسمته في الرزق وأن يكون طلبه :(إلهي أنت مقصودي ….ورضاك مطلوبي) ، فمثلنا في هذه الحياة كالذي خرج في رحلة ، فمهما يطيل في هذه الرحلة فإن نهايته العودة وطنه ، أما إذا انشغل بهذه الرحلة وأصبح يبني فعند الرجوع يكون قد خسر البناء ، أما الموفق يعمل لدنياه لا مانع من ذلك فإن الإسلام أمره بذلك لقول النبي ﷺ 🙁 اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا) .لكننا نحن نطيل جناح الطيارة مئة متر والجناح الآخر نجعله مترين فقط ونريد من الطيارة أن تطير بنا ، لن تطير يا بُني لإنه يجب عليك أن تعادل في حياتك ومماتك فعندما ما تقدم لحياتك وتقدم لآخرتك فإن بذلك يكون الإسلام الحقيقي الذي يجعلك تكسب قوله تعالى :((رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: