وصـايـا رســــول الله لمـعـاذ

النبي صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمةً للعالمين صاحب الخُلُق العظيم يوصي معاذ بن جبل رضي الله عنه ومن هذه الوصيَّة يكون لنا إن شاء الله الحظ الأوفر في السمع و الطاعة.
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بعشر كلمات .
أولاً قال : لا تشرك بالله شيئاً وإن قُتِلْتَ وحُرِّقت.
نأخذ من هذه الوصية الأولى أنَّ الشرك يُحبط العملَ ويُشقي الإنسان في الدنيا والآخرة.
نحن إذا أشركنا أو لم نشرك فمن المنتفع؟
هل إذا أشركنا ينقص من ملك الله شيئاً ؟ الجواب : لا
هل إذا لم نُشرك ونكون من الموحدين هل يزيد في مُلك الله شيئاً ؟ الجواب : لا
إذاً ما هو التوحيد؟؟
دعونا نأخذ هذا المثال أولاً لنفهم معنى التوحيد.
إذا أردنا أن ننصح الصياد ونقول له وَحِّدْ وِجهَتَك على الهدف كي لا تخسر طلقتك وتذهب دون فائدة فتهرب الغزالة فهل ياترى إن امتثل الأمر ووحَّد نظره مع الشعيرة ومع الهدف وصاد الغزالة فهل هو بذلك انتفع أم لم ينتفع ؟؟
إنَّ التوحيد هو الذي يوحِّد وجهتك فتصبح أنت الإنسان الذي يحمل الكرامة…يحمل السَّعادة… يحمل وحدة الوجهة وغير مشتت فتكون بذلك ذو عزيمةٍ وهمةٍ عالية.
إذا أردنا أن نأخذ مثالاً عن الشرك وعن التوحيد نقول :
إذا كان لدينا بَحرة ماء ووضعنا حولها 20 صنبوراً وفتحناها جميعاً نرى أنَّ الماء يخرج منها ضعيفاً أما إذا أغلقناها جميعاً عدا صنبوراً واحداً يخرج الماء منه بقوة.
هكذا يكون العبد عندما يتوَّحد بالله تقوى روحانيته ويكون له طاقة روحانية عالية إذا إلتجأ إلى الله يكون لديه القوة أن يصل إلى منزلة عالية يتقرب بها إلى الرحمن وينتفع ويناجي الله ويستغفر الله ويوحد الله ويطيع الله فتكون له بذلك الفائدة العظمى.
ولكن عندما لا يكون له الطاقة الروحانية تراه مشتت عند مناجاة الله يقول الحمد لله وهو يفكر بطعامه وشرابه وأجار بيته و…و…و…
ولكن عندما يصل إلى كمال التوحيد الذي هو كمال المحبة والتولُّه تراه مع حبيبه لا يخطر في باله شيءٌ من هذه الأمور لأنه موصول بالله متولِّه به لذلك كانت هذه وصية رسول الله الأولى من هذه العشر الكلمات (لا تشرك بالله ولو قتلت ولوحُرِّقت). هذا هو التوحيد الذي هو عكس الشرك.
سيدنا إبراهيم عندما أراد الكفَّار أن يحرقوه هل تركه الله؟ (( يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم)). فأنت حينما تُحرَّق أو تُعذَّب في سبيل الله حاش وكلَّا أن يتركك الله وحيداً دون أن ينقذك
(( ولقد نادانا نوحٌ فلنعم المجيبون )).
وقال الله تعالى ايضاً : (( وكذلك ننجي المؤمنين )) فأنت ولو أوذيت في الله حاش وكلَّا أن يدعك الله للكفَّار يقتلوك ويمثِّلون بك فيجب عليك دائماً أن تبقَ على كمال محبتك وتولهك بالله فهذا هو التوحيد لو أنَّ الدنيا بأكملها تُغريك لا تلتفت عن الله لأنك أحببته . فهل يا ترى التقيت بمن يُحبِّبُك فيه؟؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إنَّ الحبَّ بالتحبب وإنّ العلم بالتَّعلم وإن الحِلم بالتحلم)) فأنت لابدَّ لك من معلم يعلِّمك الحب والحلم لأنك بدون من يعلِّمك الحبَّ تبقى ضعيفاً بمحبتك وبحلمك.
سيدنا أبو بكر رضي الله عنه عندما دعا سيدنا عثمان إلى الإسلام وجاء به مسلماً قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (خذه يا أبو بكر وعلِّمه) فكان أبو بكر رضي الله عنه يسهر طوال الليل وهو يعلمه محبة رسول الله فأنت حينما تتعلم كيف تحب الله وتحب رسوله تكون قد وصلت إلى كمال التوحيد. فمعنى التوحيد أن قلبي لا يتوله إلا بك يا الله، والتَّوحيد أعلى مراتب الحب.
المرتبة الأولى من مراتب المحبة هي الحب… ثم العشق… ثم الهيام… ثم الوله . فعندما نقول( لا إله إلا الله ) أي لا يتولَّه قلبي إلا بالله فأنت عندما تكون مع من تحب فهل تلتفت إلى غيره؟؟ …مستحيل.
كــيــف نـحـب اللـــــه ؟
النَّفسُ مفطورةٌ على حب من أحسن إليها.
( جُبِلَت النفوس على حب من كرَّمها وأحسن إليها ) فإذا تكلَّمنا عن التَّكريم..الله تعالى كرَّمك وخلقك بيده (( عبدي خلقتك بيَدِي ونفخت فيك من روحي وأسجدت لك ملائكتي و أنزلت إليك كتابي وبعثت فيك رسولي ))
انظر الى كل هذا الفضل الإلهي كم دفعنا نحن ثمنه؟؟ كلُّ هذا الفضل هو هديةً من الله لنا وليس هذا فحسب بل أيضاً (( وسخَّر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه)) كلُّ هذا تحت تصرفك هديةً من فضله
وبيَّن لنا الله أيضاً حُبَّه لنا فقال : (( عبدي إنِّي لك مُحب فبحَقِّي عليك كن لي محبَّاً ))
وبالنسبة للتكريم قال تعالى أيضاً : (( ولقد كرَّمنا بني آدم و حملناه في البرِّ والبحر ))
انظر إلى كل هذا التكريم الإلهي لبني آدم ،فلو جعل الله حياتك كحياة الحيوان يحملون عليك الأثقال ويضعون لك العلف والرسن وهذه الإهاناتِ كلِّها ماذا كنت ستفعل؟؟
فللحيوان قال : كن أمَّا لبني آدم قال : ( ولقد كرَّمنا بني آدم )
للحيوان : كن ولبني آدم ( خلقتك بيدي ونفختُ فيك من روحي وأسجدت لك ملائكتي).
انظر إلى كلِّ هذا الفضل الإلهي وغيرها من النِّعم التي أنعم الله بها علينا.. فبَدَل أن يُعطينا الله عيناً واحدة أعطانا اثنتين.. وبدل الأذن أذنين و أسنان علوية و سفلية. اسألوا من خسر أسنانه ما قيمة الأسنان واسألوا من خسر رجليه كم تدفع لتستطيع المشي. بالإضافة كلِّ هذا انظر إلى المعدة التي تَهضُم اللَّحم ولا تُهضَم وما حولها من أمعاء وطحال وكلاوي ((وإن تعدُّوا نعمة الله لا تحصوها)) ألا تستحق هذه النعم أن نحب صاحبها؟ بل ونعشق؟ بل و نتوله؟؟
عليك أن تبحث على مَنْ يُذكِّرك بالله ويعرِّفك من أنت وأنك بدون الله لا شيء.
(( هل أتى على الإنسان حينٌ من الدَّهر لم يكن شيئاً مذكورا ))
عندما يعطيك شخصٌ ما وردةً بطبيعة الحال تحبه وإذا طلب منك طلباً تلبيه فهل يا تُرى عطاء الله يستحق منَّا أن نُطيعه وأن نحبه.
إن منزلة الدَّواب أفضل من منزلة الشخص الذي لا يحبُّ الله فالدَّواب تحبُّ الله وتمتثلُ لأمره فهي تتحمل وتصبر على غِلظتنا فتراها تحمل الأثقال إلى البلدان البعيدة وتمشي في الصحراء وفي الليالي مع العلم أنَّ الله لو سلَّط علينا هذه الحيوانات من جمال وسباع ونمور ماذا كنَّا فاعلين!! انظر عندما سلَّط الله علينا الدَّبور عندما يدخل الغرفة تحدث معركة بيننا وبينه.
هذا المولى جلَّ جلاله لو أخذ منك عيونك وبحثت في أصقاع الأرض لا تجد من يزرع لك عيوناً جديدة ،و لو قالوا لك أنَّ هناك شخصاً يزرع فقط عيون جرادين لقبلت ذلك ولدفعت كلَّ ما تملك ثمنها.
الله تعالى من كَرَمِه أعطاك عين بني آدم لا كبَّرها مثلَ عيون البقر ولا صغَّرها مثل عيون الجرادين كي لا تُصبح مهزلةً أمام الناس، خَلَقَكَ في أحسن تقويم لكن إذا أبَيْت أن تفهم على الله فهناك شيءٌ آخر وهو ((ثم رددناه أسفل سافلين)) أي نحن قرَّرنا أن نرفعك إلى الطابق العاشر ولكن إذا بدأت تُخرِّب وتكسِّر، تهبط إلى أدنى منزلة وهي ((ثم رددناه أسفل سافلين)). أي أنَّه عاد إلى الطمع والجشع والدنيا وسواقي الوساخة والرزالة التي كان ناشئاً فيها قبل التوبة وقبل أن يأتي إلى مجالس الطُّهر والذِّكر والحب و المراقبة والإيمان وغير ذلك.
ما معنى التوحيد ؟؟ التوحيد هو : التَّوله والمحبة لله عندما تتذكر نِعَمَ الله وآلائه عليك وحفظه لك بالليل والنهار. فإذا درست فقط مجاري الدم في العروق كم هي رفيعة عند العين كي لا تجعلها تنسد مع العلم أنَّ مجاري المنزل تراها صُنِعَت متراً بمتر وتجدها تنسد.وهناك أعصاب اللسان التي تُعرِّفك ما هو الشيء المُر وما هو الشيء الحلو. وكذلك أعصاب الشَّم الموجودة في الأنف تنقل لك كل الروائح وتراها في الشتاء عندما يدخل الهواء بارداً تُسخِّنه وعندما يدخل الهواء الساخن في الصيف إلى الرئتين تبرِّده.
ومن وظائفها الأُخرى أنَّها إذا شَمَمْت رائحة العطر تنقل لك أي نوعٍ من العطر هذا فتعرف أنَّ هذه الرائحة هي رائحة الورد الجوري وهذا نرجس وهذا ..وهذا.. ولذلك عندما يشمُ الناسُ منك رائحةَ العطر يقولون لك ما هذه الرائحة؟؟ فتقول لهم أنَّها رائحة الياسمين. كيف عرفت رائحة الياسمين هذه ؟؟من أخبرك بها؟؟ إنها أعصاب الأنف.هذه الأعصاب التي تجعلك أيضاً تُميِّزُ رائحة الإنتان ورائحة الحريق قبل أن يحترق منزلك. إذا أردت أن تشتري جهازاً ليكشف لك الحريق في المنزل كم تدفع ثمنه؟؟
أعطاك الله جهازاً واحداً يكشف لك الحريق قبل أن يقع فتقول لمن حولك هل تشم رائحةَ شيءٍ يحترق؟؟ فتذهب وتبحث فتكتشف أنَّ طفلك الصغير يلعب بالنار ويحرق سجاد المنزل، فلولا هذه الحاسَّة لاحترق المنزل بأكمله دون أن تشعر ولأصبحت كالبومةِ التي جاءت إلى سيِّدنا سليمان تقول: يا نبي الله هل يعاقب اللهُ المذنبَ مباشرةً أم يؤجِّلُه فقال لها :إن الله يُمهِل ولا يُهمِل.أي يؤجل العقاب كي يتوب العبد. فهنا ذهبت البومة وفي طريقها شاهدت شخصاً يشوي فنزلت وسرقت بعض أسياخ اللحم وذهبت الى العُش لتأكل منها و تُطعم صغارها فبعد أن هبطت في العش لم تمر لحظات إلَّا وبدأ العشُّ يحترق ويحرق أطفالها وقطعةً من ذنبها فذهبت مسرعةً إلى سيِّدنا سليمان وقالت له : يا نبي الله كيف تقول إنَّ الله لايعاقب على الذنب مباشرة لقد سرقت الآن ولم يمهلني اللهُ أبداً فقد احترق العش واحترق معه أطفالي وقطعةً من ذَنَبي فقال سيدنا سليمان : أنا أعرف أنَّ الله يُمهِل ولكن لا أستطيع أن أقول لك شيئاً حتى يأتيني الوحي فأوحى الله إلى سليمان عليه السلام فقال : أخبر هذه البومة أنَّ الذَّنب الذي احترق فيه العش هو ذنبٌ قديم لم تتبْ منه من قبل والذنب الجديد إن لم تتبْ منه سوف يأتيها عقابه. هذا عذاب الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون .
نحن كذلك الأمر من رحمة الله فيك أنَّه يؤخِّرُك و يمهلك فإذا لم تتب وتشكر قال : (( فأخذه الله نكال الآخرة والأولى)) فالمجرم والكافر سيأخذ حظَّه من العقاب في الدنيا والآخرة ((فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيامٍ نَحِسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون)). نعود لنتحدث عن كمال خلق الله وعن الأنواع المختلفة للأعصاب التي خلقها الله عزَّ وجل في الإنسان
فانظر الى هذا الخلق العظيم للأعصاب. الأنف له أعصابٌ خاصة به وكذلك الأُذن لها أعصابٌ خاصة بها وكذلك العين وكذلك أعصاب اللمس كلٌ لها عملها فأعصاب العين تلتقط الصورة وتنقلها إلى المخ فيحوِّلها إلى معلومات تجعلك تتذكر صديقك الذي لم تره منذ 20 عاماً وكذلك أعصاب الأُذن التي تلتقط الصوت وتوصله إلى الدماغ ثم تحلله فتجعلك تميز صوت الأُنثى من صوت الرجل وتجعلك تعرف صوتاً لم تسمعه منذ سنوات عديدة. انظر إلى كلِّ هذه النِّعم و جُملة النِّعم هي أنَّه يُقال أنَّ خلايا الجسد تتغيَّر كلُّ ثلاثة أشهرٍ جميعُها إلَّا خلايا المخ لا تتغير.
لماذا لا تتغير خلايا المخ؟؟؟
لأنها اذا تغيرت هذه الخلايا لن تكون قادراً على أن تُميِّزَ أخيك من صديقك ولا زوجتك من أختك فهذه لوحدها تدلِّيك على الله وتوجب عليك أن تشكر وتخضع (( ولو نشاء لأنزلنا عليهم آيةً من السَّماء فظلَّت أعناقهم لها خاضعين)) فمن آيةٍ واحدة ظلُّوا خاضعين لله ، فأنت كيف لك أن تقول سأقوم بهذا العمل كي لا يتحدث الناس كذا وكذا ، هذا الرياء الذي هو نوع من أنواع الشرك. فلنسارع في التعرف على الله بدراسة أجسادنا وحياتنا فنعرف كم أن الله متفضِّلٌ علينا ((وفي أنفسكم أفلا تبصرون))
كل هذا ولم نتكلم بعد عن تسخير البحر وما حوى من أسماك ولؤلؤ وجوهر وهذا الماء الذي لا تجدون مشروباً آخر يعوِّضه ويسدُّ مكانه فلو أتينا لك بكلِّ أنواع المشروبات بدلاً عنه لا يمكن أن ترويك وتغنيك عنه. انظر إلى كل هذا الفضل الإلهي فكم نحن مدينون إلى الله ومع ذلك ترانا نتفاخر بركعتين مليئتين بالوساوس ونتلفظ بكلماتٍ تودي بنا إلى الشرك ..يا رب لماذا أعطيت فلان ولم تعطني.. لماذا كذا.. ولماذا كذا ..أتريد محاسبة الله (( لايُسأل عمّا يفعل وهم يسألون)).
إياك أن تقع في الشرك إنَّ الشِّرك لظلم عظيم
قال ربُّ العزَّة :(( إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) كل شيء يغفره الله إلَّا الشرك اذاً ما هو الشرك؟؟ الشرك هو أن تبقى على وضعك وتقول لولا فلان لما حدث كذا، ولولا فلان ما حدث كذا .هذا هو الشرك لأن معنى كلامك أن الله غير قادر على التصرف في الأرض وأنَّ هذا الشيء قد حدث دون علم الله ودون تقديره وهذا غير صحيح لأن الله يعلم كل شيء .(( ما فرَّطنا في الكتاب من شيء)) فلا تظن أن الله ينسى ويهمل لا بل يمهل فعلينا أن نتعرَّف على فضل الله ونعمه حتَّى قلوبنا التي أحبت من أعطاها الوردة تحب من أعطاها ما لا يعد ولا يحصى من أنواع الورود.
عليك أن تعرف أنَّ ما يحدث في حياتنا كله بإذن الله وقبل أن يخلق اللهُ الخلقَ و الأرض والسمٰوات وكل شيء كتب جلَّ جلاله أعمالهم. الله خلقنا وكتب لك ما ستصنع ومن ستصاحب وما هو رزقك وكل شيء مكتوب ونحن في حياتنا فقط ننفذ هذه الأعمال التي كُتبت علينا.
ولا يخطر ببالك أبداً أنَّ الله مثلاً قد كتب على شخص شرب الخمر فتقول أن هذا الشخص لا حول له ولا قوة فالله كتب عليه ذلك، لا هذا غير مقبول لأن الله تعالى كتب على عباده أعمالهم كتابة علم وليس كتابة إجبار، أي أن الله تعالى علم أنك ستسير في هذا الطريق فكتب لك أنك ستسير في هذا الطريق وهذا من دِقة علم الله جلَّ جلاله فإذا قلت أن الله هو الذي كتب عليَّ شرب الخمر مثلاً، هذا يعني أن الله ظلمك بأن كتب عليك شيئاً و سيعذبك عليه وهذا غير صحيح ولكن نظر بعلمه جلَّ جلاله ولله المثل الأعلى كالأستاذ الذي ينظر إلى بعض الطلاب فيراه يمضي وقته في اللهو والعب فقال الاستاذ حينها : هذا الطالب سيسقط في نهاية السنة لأنه لم يلتزم بأسباب النجاح وعمل بأسباب الفشل فتوقع المعلم سقوطه.
ورب العزَّة علم أنك ستقع في الذنب كذا ثم تتوب فكتب أنَّك ستقع في هذا الذنب ثم ستتوب.
هذا الإله العظيم الذي يعلم كل شيء يعلم مافي السموات وما في الأرض وما من حبًّة في السموات ولا في الأرض إلا يعلمها
ومن نعم الله علينا المواد النافعة في طبقات الأرض من بترول وفضَّة وماء وغير ذلك ((وإن تعدُّوا نعمة الله لا تحصوها إنَّ الانسان لظلومٌ كفَّار))
ألا يستوجب منَّا هذا الإله المتفضل علينا بكل هذا الفضل أن نتوجه إليه بكلِّيتنا لنزداد من عطاءه فكلما ازددنا شكراً له زادنا من فضله (( لإن شكرتم لأزيدنَّكم ولإن كفرتم إنَّ عذابي لشديد))
إن شكرت سيكون نصيبك ((فمن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فعليها ثمَّ إلى ربِّكم ترجعون))
النصيحة الثانية التي قدَّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ قال :
لا تعُقَّن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك . هنا علينا أنْ نفهم أنَّه يجب أن يكون الأب والأم صالحين لتطيع أوامرهما لأنَّ هناك من الوالدين من لا يكونا صالحين فيحرضان الابن على زوجته فيكونا سبب طلاقه فإذا لم يكن الأب والأم على مستوى من الصلاح لا يُطبَّق كلامهما أمَّا إذا كانا على مستوى من الصلاح فإنْ أمراك ان تترك زوجتك فلا تعقَّهم لأنَّك تستطيع أن تأتي كل يوم بزوجة ولكن لا تستطيع أن تأتي بأبٍ وأم إلا مرَّة واحدة.
النصيحة الثالثة قال : ولا تتركنَّ صلاةً مكتوبةً متعمِّداً فإنَّ مَنْ ترك صلاةً مكتوبةً متعمِّداً فقد بَرِأتْ منه ذِمَّةُ الله.
ورد في بعض الأحاديث أنَّه ((من ترك صلاة العصر كأنَّما وُتِرَ أهلُه ومالُه)) أي نُزِعَ منه كلُّ ما يملك وكلُّ أقربائه فبَقي وحيداً. فهذا مَن فَرَّط في صلاة العصر فقط وصفه النَّبي صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف كأنما وتر أهله وماله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً: ((مَن فاتته صلاة ثم ذكرها فليصليها)) أي عندما تتذكر أنَّ عليك من الصلوات التي لم تصليها ولو كان مدَّة سنة عليك قضاءها حتى تُتمِّمَها كي لا تأتي يوم القيامة بصلاةٍ غير كاملة فإنَّ أول عمل تُحاسب عليه في القبر بعد سؤال الملكين هو الصلاة فاسعى إلى الصلاة الكاملة من طهارة جسدية وطهارة ثوب وطهارة مكان وطهارة القلب التي أول ما أمر الله تعالى أمر بها فقال جلَّ جلاله :إنَّ الله يحب التَّوَّابين هذه طهارة القلب ويحب المتطهرين هذه طهارة الجسد من الحدثين وطهارة الثوب والمكان من النجاسة.
اذاً فطهارة القلب هي التوبة ثم الخشوع ثم الاطمئنان.
كان النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرَّةٍ جالساً في المسجد فدخل رجلٌ يصلي فصلى صلاةً سريعةً من غير خشوع ولا اطمئنان ثم جلس مع الصحابة فقال له رسول الله : قم فصلِّ فإنَّك لم تصلِّ اي أعد الصلاة، فقام الرجل وصلى مرَّة ثانية بنفس الطريقة ثم انتهي وجلس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارجع فصلَّ فإنَّك لم تصلِّ فأعاد صلاته عدَّة مرات ثم قال : يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا علم لي إلا بهذه الصلاة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إذا وقفت فاطمئن واقرأ بهدوء وإذا ركعت فاطمئن وسبح الله ؛ الظهر يجب أن يكون في الركوع زاويه قائمة إذا وضعت عليه كأس لا يقع. واذا رفعت فاطمئن وإذا سجدت فاطمئن.
عندما علَّمه النبي صلى الله عليه وسلم قام فصلَّى الصلاة على أكملها فلو لم ينصحه النبي صلى الله عليه وسلم لبقي يصلي كل حياته صلاةً لا ينتفع بها أبداً.
النصيحة الرابعة قال : ولا تشرب خمراً فإنَّه رأس كل فاحشة أي أنَّ كل مصيبة يكون وراءها شرب الخمر.
ورد في بعض الأحاديث أنَّ عابداً مشهوراً بالعبادة كان يتعبَّد الله في صومعته فأراد إبليس أن يطغيه فأتي بسجادة صلاة وبدأ يصلي عند باب الصومعة فكان العابد يصلي نصف الليل وإبليس يصلي كل الليل
العابد يصلي بالنهار يرتاح وإبليس يصلي طوال النهار دون راحة .عندما رأى العابد إبليس على هذه الحال وهو لا يعلم أنَّه إبليس أراد أن يسأله عن كيفية وصوله إلى هذه الدرجة من الهمة العالية وكان العابد في كل مرَّة يسأله فيها يقول له ابليس لا تشغلني عن عبادتي فقال له العابد أقسمت عليك بالله أن تجاوبني فقال له إبليس ماذا تريد فقال له من أين أتيت بكل هذه الهمَّة فقال له اذهب واقتل شخصاً فتصبح فيك هذه الهمة فقال العابد : معاذ الله لم أعد أريدها فقال إبليس :إذاً إزنِ وكل ما تذكرت هذا العمل تأتيك الهمة فقال العابد : معاذ الله أن أقوم بهذا الفعل فقال له إبليس : هناك ذنبٌ خفيف جداً اشرب كأساً من الخمر ثم تتوب و تأتيك الهمَّة بدأ العابد يفكر بهذا الفعل.
عليك أن تعرف أنَّ هناك من يكون عابداً وهناك من يكون عالماً والفرق بينهما كالفرق بين السماء والارض فالعابد يمثل ذاك الذي جاءه شخصٌ قاتلٌ ل99 شخصاً وقال له أريد أن أتوب فقال له هذا العابد اخرج من هنا أخاف أن تنزل النار من السماء تحرقني و تحرقك فليس لك من توبة فقام قاتل ال99 شخصاً وقتل هذا العابد. أما العالم هو من ذهب إليه هذا القاتل فدلَّه على طريق التوبة وتوَّبه.
خرج هذا العابد من قلة وعيه ليشرب الخمر معتقداً أنَّ هذا هو أصغر الذنوب يقوم به ثم يتوب منه فتزيد بذلك همَّته هكذا علَّمه جاره في المغارة ولكن عندما شرب هذا العابد الخمر ذهب عقله ولم يعد يرى أمامه فرأى إمرأة تمشي في الطريق فأراد أن يقع بها في الزنى وعندما اقترب منه الناس ليبعدوه عنها فضرب شخصاً فقتله فوقع في الجرائم الثلاث شَرِبَ الخمر و وقعَ في الزنا وقتلَ نفساً فلهذا سُمِّيت الخمر أم الخبائث وهناك خمرة أشد من خمرة السوق هذه فخمرة السوق يصحى شاربها بعد مُدَّةٍ من الوقت أمَّا شارب الدنيا فلا يصحو إلَّا في القبر وسيقول حينها ربي ارجعون.. لم يعد هناك من رجعة… ربي لولا أخَّرتني… ليس هناك من تأخير. فعليك أن تصحو من هذه الأشياء قبل أن تصل إلى القبر. يقول الشاعر :
شارب الخمر يصحو بعد سكرته وشارب الحُبِّ طول العمر سكرانا
فاحذروا من خمرة الدنيا والطَّمع والجشع والتَّنافس للمنزلة والمكانة أنا فلان.. أنا ابن فلان… أنا…أنا..
وهناك أيضاً أناس سُكارى بحبِّ الجمع ((ألهاكم التكاثر )) يجمع المال ويتركه للورثة وتراه أبخل البخلاء على دينه هذا الشخص الذي يبخل ولا يحمل الخير لدينه لو زُرِعَ وأُسكِن في الجامع وسُقي 100 درس كل يوم لا يخرج منه الخير والبخل شجرةً في جهنم أغصانها في الدنيا من تمسك بغصن منها قادته إليها و السخاء شجرة في الجنَّة أغصانها في الدنيا من تمسك فيها قادته إليها قال تعالى: ((وما تقدِّموا لأنفسكم)) فلا تظن أنَّك تقدِّم لدينيك او لجارك أو لفقير أو لمسكين أبداً لأنَّك عندما تقدم فإنَّك تقدم لنفسك وعليك أن تشكر مَن تقدم له لأنَّه قَبِل منك العطيَّة فهو ساعي البريد الذي يوصل لك هذه الصدقة فعليك أن تضع يده فوق يدك لأنَّ الصَّدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد آخذها.
النصيحة الأُخرى قال : وإيَّاك فالمعصية فإن المعصية حَلُّ سخط الله
أي احذر المعصية لأنك إن قصدت أن تقع فيها حتماً فإنَّ العقوبة ستنزل عليك وإذا أخذنا مثالاً مشابهاً لذلك نقول إنَّ مصيدة العصافير يضعون فيها الطعم فعندما يأتي العصفور و يأكل هذا الطعم حتماً ستمسك به المصيدة فالمعصية هي كالطعم يضعها الشيطان لك ويحليها لك و يرغّبك فيها فإذا وقعت فيها فلا تلوم إلا نفسك لأنك وقعت بشيء كان سبباً في سخط الله وغضبه وعقابه.
إياكم والمعاصي صغيرها وكبيرها فالمؤمن لو كان بجانب شيخه لا يجرؤ أن ينظر إلى معصية أو يفعلها فكيف برسول الله ؟؟؟ فكيف برب العزة وهو ينظر إليك ؟؟؟ كيف برب العزة وهو الذي يحرِّم عليك هذه المعاصي لأنه يحبك ولا يريد لك أن تتسخ بهذه النجاسات فالمعاصي كالنار لا تقترب منها كي لا تحرق نفسك فاذا أبيت إلا أن تضع يدك عليها فاعلم أنها ستحترق وعليك تحمل مسؤولية أفعالك لأنك لم تقبل النصح
ثم نصحه فقال : وإياك والفرار من الزَّحف وإن هلك الناس، وإن أصاب الناس موتاً فاثبت.
عندما يكون هناك عدو يريد ان يستحلَّ بلدك، عليك أن تثبت وتدافع عن أرضك ولا تسمح لأعداء الإسلام أن يستحلُّوا بلدك فمن لا أرض له لا عرض له.
بالسَّبات على حدود بلدك لك جائزتين إما أن تنتصر وإما أن تستشهد فتكون الجنة جائزتك الثانية هذه هي ثمرت الثبات على هذا الأمر.
وعليك أن تعرف أنَّ الشيطان هنا يكون أخطر ما يكون على الانسان عندما ذهب سيدنا موسى لمناجاة الله تعرض له إبليس فقال له: يا موسى اسال لي ربي هل يتوب عليَّ إن تبت؟ فسأل موسى رب العزة فقال له : أتوب عليه بشرط أن يسجد لآدم فذهب موسى وقال لإبليس: الله يغفر لك بشرط أن تسجد لآدم فمن شقائه قال : أنا لم أسجد له وهو على قيد الحياة أأسجد له بعد مماته وأبى أن يسجد وقال أبليس لسيدنا موسى : إنك يا موسى صنعت معي معروفاً وأنا سأنصحك ثلاث نصائح فقال له سيدنا موسى : اسجد لآدم و لا أريد نصائحك فأبى ابليس وقال له: احذرني عند اختلائك بالنساء يزينك لها و يزينها لك إلى أن يوقعك ويوقعها بسخط الله وعذابه .فقال سيدنا موسى : والله إنها لنصيحة. النصيحة الثانية قال : احذرني عند الغضب الشيطان يقول لك أثناء غضبك قم واضربه فقط بيدك فتقوم فتضربه فتكون تلك الضربة القاضية فتقع بجريمه القتل.
النصيحة الثالثة قال : احذرني في المعركة، فالشيطان يوسوس ويقول للشخص في المعركة أتترك زوجتك وولدك ومالك وكل ما تملك للآخرين، اترك مكانك هذا وعد إلى بيتك ويبقى الشيطان يوسوس للشخص إلى أن يهرب ويترك العدو يستحل أرضه وعندما يترك مكانه ويعود وجب عليه ((ومن يولّهم يومئذ دبره فقد باء بغضب من الله))
ثم أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ فقال: وأنفق على أهلك من طَولك ولا ترفع عنهم عصاك. أي أنفق بقدر استطاعتك فلا تبخل على أهلك، والله يكتب إنفاقك على أهلك صدقة ويبارك لك في مالك.
ولا ترفع عنهم عصاك. أي ابقى دائماً ممسكاً بعصاك للتهديد فقط وليس للضرب فإذا استعملتها للضرب فأنت تخرب أكثر مما تصلح.
ثم قال : وخِفهم في الله ،أي لا تتهاون معهم عند ارتكابهم المعاصي وتقصيرهم في الصلاة مثلاً لأن راحتهم وصحتهم وتوفيقهم في السجود على قدمي الله.
واياك أن تستخدم العصا في الضرب إلا للضرورة القصوى، أي إذا كرَّرت أوامرك أكثر من ثلاث مرات ولم تتم الاستجابة لهذه الأوامر تستخدم حينها العصا في مكان لا تُسبب فيه الأذى لأن الضرب مثلا على الرأس والرقبة مؤذي جداً فقد يُحدث الضرب على هذه الأعضاء خلل في السمع او البصر أو….أو…أو .

نسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتَّبعون أحسنه.

(Visited 5 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: