فضل قضاء حوائج المسلمين

افتتح سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس داعياً : اللهم إنَّا نسألك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً ودعاءً مستجاباً وشفاءً من كلِّ داء.
يقول الله تعالى في سورة الملك((تَبارَكَ الَّذي بِيَدِهِ المُلكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ * الَّذي خَلَقَ المَوتَ وَالحَياةَ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا وَهُوَ العَزيزُ الغَفورُ))[الملك:١- ٢] خلق الله هذه الدنيا وجعل فيها الموت والحياة لغايةٍ وهدفٍ عظيم، خلقها للاختبار والابتلاء والامتحان، وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان.
وفي الآخرة تظهر النتائج إمَّا أن تكون من الفائزين أو الهالكين وعندئذٍ يندم العاصي ويقول: ((رَبِّ ارجِعونِ)) ويأتي الجواب ((كَلّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِن وَرائِهِم بَرزَخٌ إِلى يَومِ يُبعَثونَ)) أي فات الأوان.
العاقل الموفق من يعمل لهذا اليوم ويغتنم وقته بعمل الخير والطاعات والقربات فيتهجد ويستغفر ويذكر الله الذِّكر الكثير وينهلُ من مورد أهل الله ويحافظ على صحبتهم فيكون مثال الشَّجرة الخضراء التي لها مورد ماء تخضرُّ وتُثمرُ أمَّا التي ليس لها مورد ماء تذبل وتموت وتصبح يابسة تُشعَل النار بها فليكن بحثك عن أهل الكمال لتصرَّمنهم أو تصير منهم……. ولا يكن بحثك عن أهل النَّقص كمن نظر إلى قارون ((إِنَّهُ لَذو حَظٍّ عَظيمٍ)) هكذا رآه أهل القلوب العمياء أعجبتهم الثياب والزينة والمجوهرات والأموال أما أهل الإيمان لم تخدعهم هذه المظاهر لأنهم تمسكوا برباط وثيق رباط العلماء وأعانوا بعضهم على ذلك كما ورد في الحديث ((إنَّ الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه))
إنَّ الله تعالى يضع لك في حياتك مجموعة اختبارات وحُسنُ خلقك سيساعدك على النجاح فيها.
ورد أن رجلا استوت حسناته وسيئاته فقال يا رب أمهلني لأبحث عمن يعطيني حسنة حتى أدخل الجنة فقال الله: أمهلتك، فذهب لأهله وزوجته وأولاده فهربوا منه جميعهم وكلٌّ منهم يقول نفسي نفسي قال تعالى: ((يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَخيهِ وَأُمِّهِ وَأَبيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنيهِ لِكُلِّ امرِئٍ مِنهُم يَومَئِذٍ شَأنٌ يُغنيهِ)) فرجع العبد إلى ربه فقال يا رب ما وجدتُ أحداً من أهلي فيقول الله اذهب انظر في غير أهلك فيأتي ويلتقي بأخيه المؤمن الذي كان يحبه بدون هدف أو غاية ، كان اجتماعهما على العلم والذِّكر فروى له قصته فما كان من الأخ المؤمن ألا أن قال له خذ ما شئت من حسناتي وادخل الجنة، هذه الصحبة الحقيقية والسعادة الحقيقية، قال له خذ الحسنة وادخل بها وأنا سعيد بدخولك الجنة فيقول يا رب أعطاني حسنة فيقول الله تعالى قبلتها، …..ويقول الله تعالى كريم تفضل على كريم …..لكما الكرم مني خذ بيد أخيك وادخلا الجنة معاً.
عندما تقرأ ((فَما لَنا مِن شافِعينَ وَلا صَديقٍ حَميمٍ)) تجد الفرق بينك وبين من جمعتهم المصالح والأنانية وحبُّ الدُّنيا لن يشفع أحد لأحد لانهم لم يتحابوا في الله.
قال ابن عباس رضي الله عنه ((لأن أقضي حاجة أخي أحبُّ إليَّ من أن أعتكف سنة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم))
قال عليه الصلاة والسلام ((من اعطى معسراً او خفف عنه الدٔين أظله الله في ظله)) وفي الحديث: ((إنَّ لله قوماً يخصهم في منافع الناس))
ثم تابع سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس مذكراً : إذاً يا بني أبواب النَّفع للخلق كثيرة ومن أهمها أن تنقل لهم العلم فاكتب الدرس لتحفظه وتنقله لغيرك فيدعو لك بالخير وتأخذ أجر من عمل بهذا العلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الدال على الخير كفاعله)) هذه نعمة إن حفظتها أعزك الله، يقول تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ المُلكِ تُؤتِي المُلكَ مَن تَشاءُ وَتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشاءُ بِيَدِكَ الخَيرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾ [آل عمران: ٢٦] سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحبُّ النَّاس إلى الله قال ((أنفعهم للناس)) وسُئل عن أحبُّ الأعمال فقال ((سروراً تُدخله على قلب مؤمن))
ما أعظم هذا الدين فحتى تخفيفك من هم أخيك بكلمة تواسيه بها وإدخالك السرور على قلبه أو نصيحة تقدمها له كلها أعمال ستزيد من محبة الله لك فكن لأخيك عوناً وسنداً وسامحه إن أخطأ في حقك واكظم غيظك ولا تتكبر عليه فما أخرج إبليس من الجنة إلا تكبُّره وعدم سجوده لسيدنا آدم عندما أمره الله بذلك.
حدثت قصة مع سيدنا موسى عليه السلام وهو ذاهبٌ لمناجاة ربِّه حيث اعترضه إبليس وطلب منه أن يشفع له عند الله ليتوب الله عليه وفعلاً في المناجاة طلب سيدنا موسى من الله تعالى فقبل الله توبته بشرط أن يسجد لسيدنا آدم ففرح سيدنا موسى وأسرع ليُخبر إبليس بقبول التوبة من الله بهذا الشرط لكن إبليس المتكبر عندما سمع هذا الكلام قال له: لم أسجد له وهو حيٌّ، أأسجد له وهو ميت؟! هذا هو عين الضلال وعين الشقاء.
من الناس من هو أشد جحوداً من إبليس تعمل معهم مئة معروف ولا يشكروك قال صلى الله عليه وسلم :((من أسدى إليك معروفاً فكافئه وإن لم تستطع فاشكره وانشره))
لكن إبليس قال لسيدنا موسى سأشكرك على المعروف وأسدي لك نصيحة احذرني عند ثلاث، أحذرني في خلوتك في النساء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان)) فالشيطان يزين الرجل للمرأة والمرأة للرجل حتى يقعا في الحرام.
واحذرني في المعركة حيث آتي إليك في المعركة وأقول لك الآن تُقتل وزوجتك تتزوج غيرك ويصبح ابنك خادماً لزوج أمه ويُؤخذ مالك وفرسك وأبقى اوسوس لك حتى تسمع كلامي فتبوء بغضب الله. واحذرني عند الغضب لان الغضب يجعل الناس يقتل بعضهم بعضاً.
يقول العلماء تعقيبا على هذه القصة أن نورانية سيدنا موسى أخرجت ما في قلب إبليس .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما يشاء ))
ياربنا اجعلنا من أحاسن الناس أخلاقاً لأن سُوء الخُلق يُفسد العمل كما يفسد الخلَّ العسل ولتصبح أخلاقك حسنة عليك بكثرة الذكر لأنك عندما تذكر يصبح لديك إرادة تتحكم بأهوائك كما يتحكم المكبح بالسيارة فنفسك أشد خطورة من السيارة المسرعة
ختم سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس موصياً : أكثروا من ذكر الله ولازموا على مجالسة العلماء وتحلوا بالأخلاق فإنما الحلم بالتَّحلم والعلم بالتَّعلم
أسال الله أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: