طلب العلم فريضة

                                    درس النساء     
                                 ٨ ربيع الثاني١٤٤٣             
                                 13 /11/2021

                          _بسم الله الرحمن الرحيم 

استفتح سماحة الشيخ محمود المبارك الدرس بالحمد ، الحمدلله رب العالمين وافضل الصلاة وأتمّ التسليم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.بعث
_ النبي صلى الله عليه وسلم بأمر وقال *إنّما بعثتُ معلماً لأتمم مكارم الأخلاق)
مادام النبي صلى الله عليه وسلم معلماً وقال (طلب العلم فريضة)
وكان عليه الصلاة والسلام دائماً مجلسه ومسجده مملوءاً بحلقات العلم والذكر لذلك عندما خرج على قوم من أصحابه وهم يذكرون ويتعلمون قال ماتصنعون؟ فقالوا نذكر الله ونحمده على أن منَّ علينا بك ، فالمعلم نعمة لايعرفها الجميع لأنها جوهر.
فأبو جهل خسر إلى يوم القيامة لعدم معرفته …..ففي كل عصر فرعون فيه موسى وأبو جهل *(في الورى)* ومحمد …
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : آلله لم تجلسوا إلا لهذا وكرّر عليهم ؟!
وقال فأنا لاأتهمكم تهمة ولكن جاءني جبريل وأخبرني أن الله يباهي بكم ملائكتهُ فصلى الله عليك يامعلم الناس الخير، يقول الشاعر:
العلم يرفع بيوتاً لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العز والكرم

لذلك البيت الذي لا يحوي العلم والنور والذكر تجد البيت كله ضياع بضياع
وقد يكون الزوج أو الزوجة أو الولد حتى وقد يكون الولد ذاكر ولكن لايسمع أهله لكلامه كما حصل مع آزر والد سيّدنا إبراهيم .
قال تعالى على لسان إبراهيم وهو يعظ أباه …..ياأبتِ لم تعبد مالايسمع ولا يبصر ولايغني عنك شيئاً ، ياأبت لاتعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيّا ً ياأبتِ إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً). فتصبح عابداً كاملاً للشيطان ويريد أن ينقذه من الغرق في الوصل ، فقال الأب له ……أراغب أنت عن آلهتي ياإبراهيم ، لئن لم تنتهي لأرجمنك واهجرني مليا)
ومع هذا كله قال له *سلام عليك سوف أستغفر لك ربي …..) فنلتزم كلام الأدب واللطف مع الوالدين والحنان معهم ولو وجّهونا ولو أهانونا أحيانا لأنهم يريدون الخير لنا .
وقال (وأعتزلكم وماتدعون من دون ادلله وأدع ربي….)
*فلما اعتزلهم ومايعبدون من دون الله *… *وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلاً جعلنا نبيا *
فإذا تقربت من الله شبراً تقرب منك ذراعاً وإذا تقربت ذراعاً تقرب باعاً ، فهو سبحانه دائما يتقرب بنا ضعف مانتقرب إليه ….
مرة حصل مع امرأة خرجت لجمع الحطب فوجدت في طريقها رجلاً فقيراً وفي يدها طعام تأكل منه فأعطته إياه وآثرته على نفسها ، ووضعت ابنها في مكان ما وذهبت لجمع الحطب وعندما عادت وجدت الذئب قد أمسك ولدها بفمه وركض به ، فصاحت المرأة : يارب احميلي ابني ورده إلي.
فأمر الله الذئب أن يعيد ابنها فأعاده ولم يصبه شيء وفي تلك الليلة شاهدت في المنام : من يقول لها لقمة بلقمة فلأنّها أعطت الفقير لقمة أعطاها الله لقمة الذئب وهو ابنها ، كذلك إذا أتينا إلى الله نمشي مع العلم أن طريق التوبة يحتاج مسارعة …..وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض) ولكن تجدنا نمشي ببطء وكسل وننام وكأن العمر يطول بنا ، مع العلم أن العمر غفلة ولمحة ، فاحذروا من تأجيل التوبة فقد لانلحق بها ويدركنا الموت…. وقال النبي صلى الله عليه وسلم (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ) فلاتقولي أنك درست وانتهيت ولكن عليك علم ثان … العلم القلبي عليك تعلمه ، قال التبي صلى الله عليه وسلم …العلم علمان علم على اللسان وهو حجة الله على ابن آدم وعلم على القلب وهو العلم النافع ) وهو العلم اللدني فتتكلم بكلام الأنبياء والحكماء وأنت أميّ كما كان أغلب الصحابة الكرام
كذلك النبي صلى الله عليه وسلم عندما أراد فك الأسرى ببدر جعل شرطاً وهو أن يعلّم كل اسير عشرة صحابة ، وقال تعالى اقرأ باسم ربك الذي خلق …
كذلك قال تعالى …*وعلّمناه من لدنّا علما) ونحن نقرأ هذه الآية في كل أسبوع مرة في سورة الكهف لتكون لنا نورا بين الجمعتين مثل أقواس تبقى معنا من النور ..
فأول آية نزلت الذكر من أجل العلم اللدني وكذلك قال (اقرأ باسم ربك … الذي علم بالقلم ) فالعلم علمان ، قراءة اسم الله الذي هو (الله نور السموات والأرض ) وعندما سيميل قلبك بنور الله يهرب الظلام وتنطقين بالحكمة …
فالجنيد أتته بعض الصالحات لتتعلم الحكم منه فكانت تقول إحداهن : الجسم مني للجليس مجالساً وحبيب قلبي في فؤادي أنيسي فهذا المذكور في قلبك هو الله ورسوله وعلماؤه وكل منسوب إليهم ، قال أحدهم :أحبها وأحب كل منسوب إليها.
ذكر لنا سماحة الشيخ محمود المبارك حديث النبي : قال أبو الدرداء عن سيدنا رسول اله صلى الله عليه وسلم *من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله به طريقاً إلى الجنة)) فعلينا أن نسعى للعلم و الأدب مع العلم حتى لا يتم الطرد وذلك حسب نوعية الطرد منهم من يطرد أسبوعاً ومنهم من يطرد أكثر من ذلك ومنهم طرد بشكل نهائي.
مرة خرج سماحة سيدنا من الدرس وهو منهك … فوجد رجلاً قليل الأدب يقف بقلة أدب وأخذ يسأل الشيخ معتبراً نفسه من الأحباب، فحصد عمله فلم يستطع أن يعود بعدهاللدرس، وعندما شعر بخطئه أخذ يبعث واسطات حتى يعود للمجلس ،ويقال حُرِمَ سنتين أو ثلاثة..
فالمجلس له أدب نلتزم به،فالمكان الذي نسمع فيه العلم نعتبره كالمسجد،والنبي صلى الله عليه وسلم يقول *ما يضر العين يضر المسجد)فإذا استطعت- ويا هنيأً لكِ _إذا أحضرت معكِ كيساً لتضعي حذاءكِ فيه،أو استطعتِ تنظيف أحذية الأحباب،وهو وسيلة للثبات على المجالس ومقربة…
وقال صلى الله عليه وسلم *وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاءً بما يصنع)مثل الرؤساء والعظماء وكيف يضعون لهم السجاد الأحمر ونحوها من التكريم،فطالب العلم يسير بحفظ الله وملائكته،فتصير الشوارع أجنحة مصفوفة لكِ وأنتِ لا تشعرين بشيء.
مرة أحد السفهاء يصدق هذا الحديث فقام بوضع مسمار في نعله وسار كي يدهس جناح الملك، فحصل العكس حيث سار وتعثّر من الطريق وانكسرت قدمه وقال أنا سبب في كسر قدمي واعتبر من حالهِ
هل تعرفون كرامة الإنسان في العلم حيث تنزل الملائكة لمجلس العلم تبحث عنه وإذا رأته ينادون هلمّوا إلى بغيتكم أي للملائكة .. فهم يعرفون المواقع كلها …
ومرة حصل مع سيدنا رسول الله عندما طلب أبا هريرة فلم يسمعه وسمعه حمار رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعفور)فذهب لبيت أبي هريرة وأخذ ينطح الباب فعلم أبو هريرة بحاجة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه.
مع العلم أنّ كل ما يدب على الأرض يسمى دابّة فهو ليس بتنقيص وكذلك الملائكة عندما تصل لمجالس العلم تأخذ شكل الحلقات إلى عنان السماء ،وتسمع بدون مكبرات وتتسع كلها بدون مكان يحيطها ، فيقول الله لهم وهو أعلم بهم: ما بغيتهم، فيقولون: يطلبون العلم، فيقول الكريم: اغفروا لهم جميعاً فإنهم القوم لا يشقى بهم جليسهم،
فكرامة لعين تكرم مرج عيون ، فإذا جلستِ بين الأخوات ولو كنتِ تأتين للانتقاد والاستهزاء والسخرية ومع ذلك تنالينِ حصتكِ ونصيبكِ ،فالكمال لله فلا تنتقدي مهما رأيتِ :لا تعيّر أخاك بما فيه فيعافيه الله ويبتليك.. فلا تكون عينك ناقصة تجد النقص ولكن انظرِ لكل كمال ..لو رأيتِ إحداهنّ عارية ترتدي حجاباً فقط مثلاً فقولي رأيتها في حجاب ما شاء الله عليها، فمن يسمع النقص ويراه فهو لأن عينه فيها نقص …
وهذا العلم أين نتعلّمه؟ نتعلّمه في مجالس العلم التي تسقي الكل كما الماء يسقي الأشجار والأعشاب حتى الحشرات الضارة…. فالملائكة تقترب من بني آدم وترتقي درجات ، ومجلس العلم لكِ مثل الحمّام لذنوبكِ وإذا كنتِ موّفقة تشدّي الهمّة للعمل الصالح ولو علق بكِ بعض الأوساخ تعودي الأسبوع المقبل تجدّدي همتك حتى تصلي لمبتغاكِ مثل الذي يذهب للحج فإذا تعب في طريقه يجلس وينام ويرتاح ثم يقوم ويجدد طريقه حتى يصل كذلك أنتِ شدّي الهمة لتوصلي العلم إلى الآخرين وتنقليهم من الظلمة إلى النور وتعملي في الدعوة إلى الله..
•تلك آثارنا تدل علينا فانظروا ، بعدنا إلى الآثار•
ويقول صلى الله عليه وسلم *إنًّ العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء))فهنيئاً لمن سخّر الله له من يستغفر له، إضافة (( وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب )) ومعنى العالم أي ذكر وأنثى فإذا قلنا بلد ما فيه 100نسمة فقصدنا رجل و امرأة … وقيل *إنّ العلماء ورثة الأنبياء )
ومثال ذلك:إذا قالت وزارة الداخلية فلان وارث للمختار بعد موته ، فإذا أردت أخذ جواز تذهبين للوارث بعد موت الذي ورث عنه ، وهذا الوارث يستعرض كل ما تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم من علم وعمل وحتى أذى الآخرين له وهجرته و ——
وأنتِ يوم القيام سوف تسألين عن تصرفاتك مع النبي صلى الله عليه وسلم فتقولي : لم أكن بعهد النبي فيقولون لك العالم وارث للنبي وحالك معه كما حالك مع رسول الله إذا كنت على زمانه فلم لا تكوني صديقة زمانك وتكملي إيمانك وتكوني أجنحة للعالم الذي يحمل الحب للبشرية كلها فتحملين معه ونوصل الخير للبشر كلهم ، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لقومه *اللهم اهدِ قومي فإنهم لايعلمون)
رغم كل أذاهم له ، حيث كانوا سبباً لوفاة ابنته وهي حامل ، وعندما أتى الذي قتلها وهو مسلم عفا النبي صلى الله عليه وسلم عنه ، فقد أتى لمدرسة العلم ليتخلص من جهله إلى النبي ودخل إلى لا إله إلا الله عفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم …
قال تعالى في استغفار الملائكة للمؤمنين (ويستغفرون للذين تابوا) (ويستغفرون للذين آمنوا) (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم و…. …)
وإن الأنبياء لم تورث درهماً ولا ديناراً ، فمن أخذ به فقد أخد بحظ وافر ، فعلينا أن نفتح أذاننا ونخزن من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومرة حصل مع أبي هريرة أن خرج للسوق وأخذ ينادي التجار ….. ياقوم أنتم مشغولون ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد يقتسمون ميراثه فخرجوا وهم يعرفون أنه لايكذب أبداً وحسبوه أنه مالاً وذهباً فلم يجدوا إلا حلقات العلم والذكر ،
فهذا هو ميراث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لذلك عليكم أن تشدوا الهمة في كسب العمل القلبي بذكر اسم الله في جلسات الذكر وعندها تنتهي بالعلم وتتكبري على الناس ، وهو لا ينفع بل يضر فمهما حصلت من علوم وشهادات تتذكري قوله تعالى (وفوق كل ذي عليم عليم)
فختاماً قال سماحة الشيخ محمود المبارك انه عليكي : تتواضعي للخلق واذا أتاك من يجهل عليك تظهري له مصدري النور والعلم اللدني القلبي والعلم الدنيوي فتقيمي عليه الحجة … أسأل الله لكم التوفيق جعلني الله وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه (وماأوتيتم من العلم إلا قليلا)
وتذكري أن هذا فضل من الله منَّ عليك به ، وتعترفي أن العلم الحقيقي هو العلم اللدني.

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: