دور الآباء في صلاح الأبناء

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربِّ العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، اللهم أفتح على قلوبنا فتحاً يليق بجمال وجهك وعظيم سلطانك سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم إنا نسألك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً ودعاءً مستجاباً وشفاءً من كل داء، اللهم إني أبرء إليك من حولي وقوتي وألتجئ إلى حولك وقوتك يا ذا القوة المتين علمنا يا مولانا ما ينفعنا وينفع الخلائق أجمعين.
الله سبحانه وتعالى يعلمنا في كتابه العزيز كيف نكون مع ذرياتنا لننشئ جيلاً صالحاً ينفعنا في الدنيا والآخرة فقال جل جلاله: ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) سورة البقرة الآية رقم 124
فإذا جاءك الخير والفضل فلا تنسَ أن تدعو لذريتك وتجعل لهم نصيباً وكأن رب العزة يقول له ومن ذريتك لكن بشرط ((لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))
آيةً أخرى: (( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ))
كان عليه الصلاة والسلام يقول أنا دعوة أبي إبراهيم لما قال: ((رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ)) سورة البقرة الآية رقم 129
آية أخرى: (( وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)) سورة البقرة الآية رقم 132
آية أخرى: ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ))سورة الجاثية الآية رقم 15
كل هذه الآيات كي لا نهمل ذرياتنا ونتركهم كالأرض البور المهملة
(( حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا)) سورة الفرقان الآية رقم 18
فالأرض البور لا تنبت الأشواك فحسب وإنما تحتوي على الحشرات الضارة والحيوانات المؤذية.
آية أخرى: ((رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء))سورة إبراهيم الآية رقم 40
نحن نمر على هذه الآيات مرور الكرام لكن من منَّا وقف على هذه الآيات ليعتبر ويلتفت إلى أبنائه ويعطهم القدر والأهتمام ليصلحهم ويوصلهم الى المصلح الحقيقي؟
بعض الإخوان أرسل لي رسالة كتب فيها: أتأذن لي أن اشتري الهدايا وأعطيهم لأبنائي وأقل لهم أنها من عند الشيخ ؛أجبته نعم يا بُني بكون عملت الصواب.
وإذ بعد فترة الأولاد يسجلون أصواتهم (نحن سنحفظ أكثر من القرآن، سنصلي، لن نعذب أهلنا، وصلتنا هداياك وشكراً)
فأرسلت لهم رساله إذا بقيتم هكذا وأخبرني والدكم بذلك الهدايا ستزداد.
هذا اسمه عقل وفهم، وتجد رجل آخر يعامل الشيخ وكأنه سوف يبعده عن ولده وذلك من قله فهمه وإدراكه.
علينا ان نعتني بأولادنا كما نعتني بقطعة الارض حتى تصبح مزرعة ولا نهملها حتى تصبح بورا مليئة بالأشواك والحيايا والضباع.
النبي صلى الله عليه وسلم يوصينا بأولادنا حتى ان نعدل بينهم غي القُبَل فقال صلى الله عليه وسلم: ((اعدلوا بين أبنائكم ولو بالقبل)) تجد أحدهم يركض إليه أبنه يستقبله بالأحضان والقبل واذا ركضت إليه ابنته أعرض عنها ونهرها، هذا ليس من الإيمان أن تكسر خاطر ابنتك مع العلم أنه قد تكون البنت أفضل من مليون ولد
فالشب لا يتذكرك إلا عند حاجته للمال أو لتنقذه من مشكلة قد وقع بها ولا يقول لك مرحباً إلا اذا كان لديه مصلحة أما البنت تزورك كل أسبوع تنظف بيتك تعتني بك تطبخ لك دون جزاء او شُكورا وأنت من قلة معرفتك تهتم بالذكر أكثر من البنت.
نحن لا نريد أن تهتم بالبنت وتهمل الولد أو تهتم بالولد وتهمل البنت نريد أن تعدل بينهما نربيهم على الإيمان وعلى ذكر الله.
أنظر إلى أكثر هدية تفرح الطفل وقل له هذه هدية من الشيخ لك لأنك تذكر واذا توقفت عن الذكر لن يرسل لك الهدايا مرة أخرى.
شاهدَ أحد الصالحين طفلاً يذكر الله بينما أصدقائه يلعبون بالقرب منه فاقترب منه وسأله عن عدم لعبه فأجابه جواب العقلاء: أوَا خلقنا لهذا؟! فأراد الرجل أن يفحص ذكره فسأله لماذا خلقنا إذن؟ فأجابه ((وما خلقت الحن والإنس إلا ليعبدون )) فدُهش الرجل وقال له ما زلت صغيراً
قال له يا عماه إني أرى أمي عندما توقد النار في التنور تبدأ بالحطب الصغير ليكون شعلةً للحطب الكبير وأخشى أن أكون شعلةً صغيرةً في النار ((وقودها الناس والحجارة)) جواب ذا عقلٍ ولبٍ وفهم. وبينما هذا الرجل يمشي يفكر في كلام الصبي إذ رأى صديقه فأخبره بما جرى فقال له صديقه: أتعجب من هذا الطفل؟ الذكر يجعل الصغار كبارا
هكذا كانت اطفالهم لديهم هذا الإدراك الذي حُرموه رجالنا اليوم حُرموه لأنه لا يوجد من يزرع هذا العقل فالمزرعة التي لا يوجد من يعتني بها تبقى بور وغبار وحشرات، فالتفتوا إلى أبنائكم.
الإنسان عندما يُربى على الذكر يصبح عظيما وهو صغير الجسم صغير العمر. وعندما لا يُربى على ذلك يكون همه السيجارة واللعب والافلام الخلاعية و….بالجسم والعمر كبير أما بفكره وعقله صغير.
عندما يلقح العقل منذ الصغر كما تلقح حبة المشمش الصغيرة بذرتها مُرَّة بمشمش حبة كبيرة بذرة حلوة تتحول شجرة المشمش الى مشمش بلدي حبة كبيرة بذرة حلوة هذا هو الطعم نطعِّمها بالعقول العظيمة الذاكرة المجالسة لله
يقول الله في الحديث القدسي: ((أنا جليس من ذكرني إذا ذكرني عبدي في نفسه)) (الذكر الخفي)
((ذكرته في نفسي)) أي أعطيه عطاءً لا يعلم به احد.
((وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه يذكرني بين العباد المذنبين واذكره بين الملائكة المقربين))
انتبهوا لأولادكم علموهم الذكر حببوهم بالعلم والعلماء.
أحد الصالحين وضع ابنيه عند العلماء وقبل أن يتوفى اوصى ابنيه بملازمة العلماء وأن يكونا يداً واحدة فكانا يزرعان الارض سوياً ويحصدان سوياً و……مع بعضهما
فلما حرس الصغير المحصول أخذ يفكر: أخي متزوج وله أولاد ومصاريفه كبيره أما انا ليس لدي مصروف وإذا أعطيته سوف يُحرج مني فبدأ يحمل من حصته ويضع فوق حصة أخيه، في اليوم الذي حرس فيه الكبير أيضاً فكر باخيه الصغير: أنا لدي زوجة وأولاد أخي لديه خطبه وتكاليف عرس وزواج ومهر و…..هو أحوج مني للمال وإن أعطيته سوف يُحرج مني فبدأ يحمل من حصته ويضعها فوق حصة أخيه. من اين جاؤوا بهذا الحنان والمحبة والإيثار؟ هذه ثمرة مجالس العلم.
فلما زرعوا السنة التالية خرج محصولهم كل حبة قمح بحجم الجوزة كافئهم الله على حسن صنيعهم فبدل أن يبيعوه بالكيلو والطُّن باعوه بالحبة وضرب بهم مثل (مثل بركة الأخين).
كل شخص يسعى لسعادة أخيه هذه البضاعة التي صارت أندر من النادر من سيعلمنا إياها أصبحنا اليوم نسعى لشقاوة بعضنا أصبحنا نفرح بعزاء بعضنا أنا انتظر أن تقع لأضحك عليك وأنت تتنظر أن اقع لتشمت وتضحك علي كل ذلك من قلة الايمان والدين والعلماء الذين يغذونا بالإيمان
أصبح من النادر أن نجد من يُرضعنا حليب الإيمان الذي يُنمي إيماننا وقلوبنا وأرواحنا ويجعلنا ننظر نظرة واقعية إلى حقيقية الدنيا على أنها مزرعة الأخرة
قال تعالى: ((وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ))سورة الزمر الآية رقم 74
فما نريده بالآخرة علينا تحصيله الآن مثلاً أعطيناك الهاتف لتطلب من السوبر ماركت ما تريد فعطَّلت الجهاز او أضعته فلم تحصل على شيء من السوبر ماركت .
اعملوا على قلوبكم والتزموا بأذكاركم وانتبهوا لأولادكم قال تعالى: (( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ)) سورة الروم الآية رقم 43
ما معنى يَصَّدَّعُونَ أي ان الارض تتشقق وتتفرق
قال تعالى: ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)) سورة الجاثية الآية رقم 15
ويقول الله تعالى: (( قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) سورة الأحقاف الآية رقم 15
سيدنا ابراهيم لم يكتف بالدعاء لنفسه ولأولاده بل دعا لنا ايضاً ((رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) سورة البقرة الآية رقم 128
إذاً نحن جميعا مدينون لسيدنا ابراهيم على هذه الدعوة فعلينا أن نأخذ درساً بأن ندعو لأبنائنا ولأولادنا ولذرياتنا، كم جيل كان بين سيدنا محمد وسيدنا إبراهيم؟ ألاف الأجيال فالله يعلمنا أن ندعو لهم
الله يقول: ((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)) سورة الطور الآية رقم 21
وكذلك آية أخرى: (( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)) سورة الحديد الآية رقم 2 ً((لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ)) سورة الغاشية الآية رقم 22
عليك أن تدعو لأبنائك وتعلم: (( وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ))سورة هود الآية رقم 88
وتعلم أيضا ((لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ)) سورة الغاشية الآية رقم 22
أما إذا أهملنا الاولاد وأعطينا الولد اكثر من البنت وحرمنا البنت من ميراثها لأنها إن أخذت سيأخذه الصهر وكأنك تقول حكمي أفضل من حكم الله إذاً انتظر العقوبة من الله (( فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ))ةسورة سبأ الآية رقم 45
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجلين ليعملان بطاعة الله ستين سنة)) أي الرجل والمرأة يتعبدون ستين سنة
((حتى إذا حضرا الموت جارا في الوصية)) عندما يأتي الموت أعطوا فلان وأحرموا فلان ولا تعطوا الصهر !
أيضاً الام تعطي الذهب لابنتها وتحرم الباقي جارت في الوصية
((فوجبت لهما النار)) لن تنفعك ابنتك ولا ابنك لن ينفعك الا العمل الصالحفانتبهوا لأعمالكم ولا تنغروا
آية اخرى: ((وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)) سورة الفرقان الآية رقم 74
آية اخرى(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)) سورة التحريم الآية رقم 6
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته فالإمام راعٍ والرجل راعٍ في بيته والمرأة راعيةٌ في بيتها واولادها والخادم راعٍ في مال سيده )) حديث صحيح رواه البخاري
اذا كُلفت برعاية خمس غنمات تبقى طوال اليوم تهتم بهم تراقبهم كي لا يدخلوا أرضا محمية وتغرم بعقوبة، وتهتم بهم أيضاً لتحصل على الحليب والجبن وتستفيد من صوفهم و….. يا تُرى الغنمات تُعطيهم اهتمام اكثر ام أبنائك؟!
يامن بدنياه اشتغل وغره طول الامل
الموت يأتي فجأة والقبر صندوق العمل
فلا تغركم الدنيا واموالها وأعمالها والصحبة والمسلسلات و……وغيره إياكم وطول الامل ؛ ليوم القيامة بفرجها اللهنصبح مثل الارنب والسلحفاة، الارنب انغرَّ بسرعته وقال لنفسه بقفزتين أسبق السلحفاة ونام أما السلحفاة فاتكلت على الله وتابعت السير وعندما استيقظ الارنب وجدها قد شارفت على الوصول ولم يتمكن من لحاقها.
شباب وقوة ومال سرعان ما ينزل الى القبر والاموال تقاسموها الاولاد وقد لا يوجد من يقول رحمه الله
الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل
أسأل الله أن يجعلنا ممن يتبع القول فيتبع أحسنه هداة مهديين غير ضالين ولا مضلين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: