العناية بالنبي ﷺ وكراماته

البث الأسبوعي مساء الخميس 14-10-2021
العناية بالنبي ﷺ وكراماته
استفتح سماحة الشيخ محمود المبارك في شهرنا الفضيل شهر ربيع الأول المسمى ربيع الأنور الذي ولد فيه المصطفى ﷺ لا بد أن نتذاكر فيه أحداثاً مر بها ﷺ لنرى العناية الإلهية به منذ ولادته وطفولته وشبابه ورجولته .
بعد أن رجعت أمه من زيارة أخواله في المدينة وهم بني عدي بن النجار وكانت تأخذ النبي ﷺ لأخواله لتعرفه بهم، وفي طريق رجوعها إلى مكّة ماتت في الطريق، عند ذلك تكفّل به ﷺ جدّه عبد المطلب الذي هو بمثابة شيخ قريشي يجلس بجوار الكعبة على فراش يذكّر النّاس بملّة إبراهيم الخليل عليه السلام .
وكان له مكانة مرموقة في قريش وكان فراشه يوضع في ظل الكعبة ويجلس حوله جميع أبنائه والمحبين…. ولا يجلس أحد على هذا الفراش إجلالاً له….
لكن النبي ﷺ كان يأتي وهو صغير فيجلس على هذا الفراش فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه فيقول جدّه عبد المطلب دعوا ابني هذا فوالله إن له لشأن عظيم في المستقبل، ثم يجلسه معه على الفراش ويمسح على ظهره بيده..
وقيل إن عبد المطلب كان يخرج لغار حراء يتنسّك ومعه النبي ﷺ لذلك عندما حُببّ إلى النبي ﷺ الخلوة والعزلة عن النّاس رجع إلى المكان الذي كان يصعد إليه جدّه في جبل النور في غار حراء وكان نُسُكُهم التفكّر.
يتفكرون في هذه الخلائق التي تعبد الأحجار التي لا تضر ولا تنفع ومنهم من يعبد أيضاً الشمس والقمر وغيرها والله هو ربّ الكون وخالقه فأبرم لهذه الأمة أمر الرشد ليرجعوا عن غيّهم ويعبدوا الله وحده.
فكان عبد المطلب يحبّ النبي ﷺ ويخاف عليه، ومرّة سافر في السنة السادسة إلى سيف بن ذي يزن الحميري ويقال إنه كان ملكا..
ً فأخبره أن الكهّان أخبروه أنه في الكتب القديمة مكتوب أنّ نبوّة محمّد ستكون من ذريّته وأنه سيكون نبي هذه الأمة ولا نبي بعده، فكان عبد المطلب يخشى عليه من الأعداء أن يقتلوه ويخشى عليه من الضياع.
قال كندي بن سعد عن أبيه قال: حججت في الجاهلية فبينما أنا أطوف في البيت إذ رجل يقول ردّ إليّ راكبي محمّد فقلت من هذا فقيل لي: هذا عبد المطلب بن هاشم بعث ابنه في إبل ضلّت وما بعثه في شيء إلا جاء به (وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج إلى عمل إلا جاء به) فما برح حتى جاء بالإبل معه (وهو لا يزال طفلاً) فقال: يا بني حزنت عليك حزناً لا يفارقني بعده أبدا…ً
قالوا: وكانت أم أيمن تحدّث فتقول: كنت أحضن النبي ﷺ فغفلت عنه يوماً فلم أدر إلا بعبد المطلب قائماً على رأسي يقول يا بركة، قلت: لبيك، فقال: أتدرين أين وجدت ابني؟ قلت: لا أدري، قال: وجدته مع غلمان قريباً من السدرة …….لا تغفلي عن ابني فإن أهل الكتاب يزعمون أن ابني نبي هذه الأمة وأنا لا آمن عليه منهم
وكان لا يأكل طعاماً (أي عبد المطلب) إلا قال: عليّ بابني فيأتوا به، وهذا من شدة حرصه واعتنائه به لأن العلامات التي رآها في النبي ﷺ وفطنته وحكمته وكرامته كلها تدل على أمر عظيم، مع العلم أنه لم يكن يعرف بالنبي إنما الشاب محمد .
وكانوا إذا مرّت عليهم سنين قحط استسقوا به، قال الزهري: سمعت أمي رقية بنت أبي صفي بن هاشم بن عبد مناف تحدّث..
وكانت لدى عبد المطلب قال: تتابعت على قريش سنون ذهبت بالأموال والخفي (أي أن الجمال ماتت من القحط)..
فسمعت قائلا يقول في المنام: يا معشر قريش إن هذا النبي المبعوث فيكم وهذا إبان خروجه (أي وقت خروجه) وبه تأتيكم الحياة والخصب فانظروا رجلا من أوسطكم نسباً أبيضاً مقرون الحاجبين أهدب الأشفار جعداً أسهل الخدّين ..
فليخرج هو وجميع ولده (أي يصف النبي ﷺ) وليخرج منكم من كل بطن رجل (أي من كل عشيرة) فتطهروا وتطيبوا ثم استلموا الركن (أي الركن اليماني) ثم ارقوا الى رأس أبي قبيص (أي جبل الصفا) ثم يتقدّم هذا الرجل فيستسقي فتؤمنّوه فإنكم ستسقون.
فأصبحت هذه المرأة فقصّت رؤياها على القوم، فنظروا في هذه الصفات التي وصفتها فوجدوها في عبد المطلب لأنه ﷺ يشبه جدّه في هذه الصفات فاجتمعوا إليه ونفّذوا المنام ومعهم النبي ﷺ وهو غلام ….
وقال جدّه عبد المطلب: اللهم هؤلاء عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك وقد نزل بنا ما ترى وتتابعت علينا هذه السنون فذهبت بالظلف والخلف وشقت على الأنفس فأذهب عنا الجدب وائتنا بالحياة والخصب .
فما برحوا حتى سالت الأودية، لذلك كان عبد المطلب ينشد هذه الأبيات في حق النبي ﷺ فيقول:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمالُ اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة وفواضل
فكرامات النبي ﷺ كثيرة وفضائله عظيمة خاصة عندما اختلفوا على رفع الحجر الأسود عندما بنوا الكعبة وكانت السيول قد هدمتها…
ومن البلاء عندما آمن بعض أحبارهم كعبد الله بن سلام وقال يا رسول الله إن قومي بُهّت وإن علموا بإسلامي سيقولون لاقيمة لي عندهم فخبئني واسألهم عني حتى ترى مكانتي فيهم فوافق النبي ﷺ فلما سألهم قالوا أنه سيدهم وتاجهم وحبرهم فلمّا علموا بإسلامه غيروا كلامهم وقالوا أنه رخيص ومجنون وخبيث.
وكذلك قريش فعلت حيث كان النبي ﷺ قبل البعثة الصادق الأمين وبعدها عندما نزل الهدى والتقى والفضل أصبح أفّاك أشر شاعر مجنون، والآن دورنا نحن …..يمدحوننا قبل أن نلتزم وعندما يأتي دورك في الالتزام بالشرع والاستقامة ينكرون عليك الأخلاق التي وصفوك بها من قبل ؟!!
والعجب ممن يصلي وينظر للنساء أليس عنده شرف أو مخافة من الله على عرضه؟ الأولى أن يخاف على نفسه أن يرسل الله له مرضاً يفقده فيه بصره والأعجب من الناس الذين يتلذذون بالغيبة ولا يخافون أن يأخذ الله سمعهم وكلامهم عقاباً لهم وكأنهم لا يسمعون كلام الله ولا كلام رسوله ولا ينتفعون بالعلم ولا بالنصح نقول له ازرع ما شئت ستحصده عاجلا أم آجلاً
سيحصد عبد الله ما كان زارعاً فطوبى لعبد كان لله يزرع
فكلّ منا يدّعي محبّة رسول الله ويصلّي ويصوم لكن الموفق هو الذي يغض البصر ويحفظ الحواس ((إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا))
روى لنا سماحة الشيخ محمود المبارك قصة أتى رجل الى النبي ﷺ يقول: يا رسول الله إني حاضر لكل ما تأمرني به إلا النظر الى النساء لا أستطيع عليه فأعطاه النبي ﷺ الدواء بالحكمة والحوار الرشيد فأجلسه بجانبه وقال أتريد أن ينظر أحد لأختك …؟..قال لا والله أقتله،….. فسأله كذلك عن ابنته وأمه … ثم قال وكذلك النّاس يخافون على شرفهم وأعراضهم ثم مسح ﷺ على صدره بيده الشريفة فقال الرجل: دخلت على النبي ﷺ وأحب شيء الى قلبي الزنا وخرجت وهو أبغض شيء الى قلبي.
فيا بني إذا لم تجد من يمسح لك على صدرك فاحضر مجالس العلم عسى الله أن يجعل لك مسحة إلهية ربّانية وتزول الغمامة عن عينيك ببركة رسول الله وبسر القرآن العظيم
فاحذروا يا بني وخافوا على أعراضكم واحسبوا حساب لوقوف بين يدي الله وأن سيسألك وأنه لا تخفى عنه خافية ((يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)) وعندما تنظر نظرة حرام وتظن أنه لا يراك اعلم أنه قد رآك وعلم بك لذلك دعونا نجدد إيماننا في هذا الشهر الفضيل الذي بُعث فيه المصطفى رحمة للعالمين ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين))
فلا تفرح في المولد على الحلويات وتكون ممن لو علم النبي ﷺ بهم لقطع رؤوسهم قبل الكفار، لأن المنافقين خطرهم أشد وضررهم أشد فالكافر كالسم في فم الأفعى تتجنبه بتجنب الأفعى أما المنافق كالسم في كأس العصير لا تراه ولا يمكنك تجنبّه
فدعونا نعود كالجسد الواحد بالمحبّة والإخاء قال النبي ﷺ مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) أنت إذا أصابتك شوكة في طرف إصبعك يستجيب لها سائر الجسد بالحرارة والتعب وهذا حال الأمة الإسلامية وليس كما يحدث الآن من شماتة وكيد نسأل الله السلامة.
الله يردنا الى دينه رداً جميلاً ولكن لا يكون ذلك بالدعاء فقط فالسيّارة لا يمكن إصلاحها بالدعاء فقط إنما تأخذها الى الاختصاصي فيصلحها وتعود جديدة ونحن علينا أن نجد من يصلح قلوبنا فنمشي على صراط مستقيم ((أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم)) هذا طريق الله الذي تصبح فيه سعيداً مسعداً موفقاً
أما اذا بقيت على شقائك فلا صلاتك تنهاك عن الفحشاء ولا صيامك لأنها ليست العبادة الحقيقية ولنعاهد ربنا في هذا الشهير الفضيل على الاستقامة على شرع الله فلا نسير إلا باستشارتهم لأنهم ينيرون لنا الطريق فهم أهل الخبرة فيه لأن العالم يجتهد مع نفسه فيصل لآخر الطريق ثم يعود ليأخذ بأيدي تلامذته وينقذ الناس وهذا هو حال الشيخ بعد أن يصل يعود لينقذ الغرقى .
ختاماً قال سماحة الشيخ محمود المبارك لذلك دعونا نتوب توبة نصوحة ليكون شهر المولد حقيقة ويفرح بنا رسول الله ﷺ وإن استطعنا أن نؤمن بعض الحاجات للفقراء والمساكين الذين لا يستطيعون أن يقفوا في أدوار الخبز، لأن الفرحة برسول الله ليست بالرقص والتمايل ثم عندما نخرج تجدنا مثل الضباع والذئاب لكن عندما نعاهد رسول الله على كل خير تتغير حياتنا ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم))
جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه هداة مهديين غير ضالين ولا مضلين والحمد لله رب العالمين

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: