السيرة (الجزء الثالث)

      بسم الله الرحمن الرحيم 

وخير الفواتح الحمد فاستفتح سماحة الشيخ محمود المبارك المجلس بالحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
في سيرة الحبيب النفوس تطيب
السيرة هي رباط الحب الحقيقي لأن المحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يتعلم سيرته وأفعاله وأقواله وإقرار وكل حركة من حركاته يعيش في سيرته ، وكأنه خلف رسول الله في كل أمر
ففي كل عمل المحب يتخيل حبيبه أمامه يعمل هذا العمل
أتى الوحي إلى رسول الله في غار حراء وعمل له دورة سعادة ومنهاج التوفيق ، وهذه الفقرة يجب أن تعاد حتى تتركز
فعندما أتى جبريل عليه السلام ووضع البساط على وجه رسول الله وقال له إقرأ ( مع أن يده تكفي ) ولكن ذُكر البساط ليفهم المتلقي أن هناك قطع للنفس
أخذ جبريل البساط ويغطى وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، لنفهم اننا عندما نغمض عن الكون نصير مع المكون
وما دمت مع الكون فعقلك يشرد عن المكون
فإغماض العين حتى لا ينشغل عقلك عن الخالق ، لذلك امروك بالجلوس في مكان هادئ حتى لا تنشغل بأي شيء عن الله
فبالتركيز تستطيع ان تصيب هدفك ، وغاية ابليس ان يشغلك فلا تحقق هدفك
فإذا تخليت عن السمع والبصر والشم والحس فعندها تخرق الجاذبية وتصير تسبح في الفضاء ، كمركبة الفضاء تبقى في مشقة وتعب وبحاجة ل قوة دافعة حتى تتخلص من الجاذبية الارضية ، فإذا تخلصت من الجاذبية الارضية صارت تسبح في الفضاء براحتها ، وهكذا روحك عندما تتخلص من الجاذبية الحسية المادية وصارت على صلة بالله عندها بدات راحتك
وكذلك أيضا الإرتباط بالشيخ هو كالجلوس بجانب مدرب السياقة ، فكلما انحرفت قليلا اعاد المقود إلى الطريق الصحيح ، وهكذا يستمر التدريب حتى تصير لك مَلَكَة في القيادة
هناك فرق بين ( إقرأ باسم ) و ( إقرأ اسم )
إقرأ اسم : تقرأ الاسم مرة واحدة وانتهى
إقرأ باسم : يعني اذكر الاسم وكرره حتى يأتيك أمر بالتوقف
لذلك لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم ونزل عليه قوله تعالى: { يا أيها المدثر . قم فأنذر . وربك فكبِّر . وثيابك فطهر . والرجز فاهجر . ولا تمنن تستكثر . ولربك فاصبر} سورة المدثر 1-7
فعندما بدأ يذكرهم ودعاهم فكذبوه واستهزؤوا فيه آتاه الدعم الإلهي بقوله تعالى : (( …. قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) الأنعام
أي اذكر اسم ربك كما علمناك في الغار الذي هو الله ، قوله تعالى :(( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) سورة مريم
فليس لله سوى هذا الاسم ، اسم الذات (( الله )) اما ما تبقى فهي صفات
فاتعب على نفسك بالإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، السعيد المسعِد ، الرحمة المهداة
اي ان تكون رحمة كرسول الله صلى الله عليه وسلم في رحمته لليتيم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَعْطِنِي، فَإِنَّكَ لَا تُعْطِي مِنْ مَالِكِ وَلَا مِنْ مَالِ أَبِيكَ، وَأَغْلَظَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَثَبَ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: يَا عَدُوَّ اللَّهِ تَقُولُ هَذَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: «عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَّا أَمْسَكْتُمْ» . فَدَعَاهُ فَدَخَلَ بَيْتَهُ فَأَعْطَاهُ فَقَالَ: «أَرَضِيتَ؟» قَالَ: لَا، ثُمَّ أَعْطَاهُ أَيْضًا، فَقَالَ: «أَرَضِيتَ؟» قَالَ: لَا، ثُمَّ أَعْطَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: «أَرَضِيتَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاخْرُجْ إِلَى أَصْحَابِي فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّكَ قَدْ رَضِيتَ؛ فَإِنَّ فِي قُلُوبِهِمْ عَلَيْكَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَتَدْرُونَ مَا مَثَلِي وَمَثَلُ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ؟، مَثَلُ رَجُلٍ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، مَعَهُ زَادُهُ وَرَاحِلَتُهُ فَنَفَرَتْ رَاحِلَتُهُ فَاتَّبَعَهَا النَّاسُ، فَمَا زَادُوهَا إِلَّا نُفُورًا، فَقَالَ: دَعُونِي فَإِنِّي أَعْلَمُ بِنَاقَتِي مِنْكُمْ، فَعَمَدَ إِلَى قُمَامِ الْأَرْضِ – يَعْنِي الْحَشِيشَ – فَجَعَلَ يَقُولُ لَهَا: هُوِّي هُوِّي، حَتَّى رَجَعَتْ، فَأَنَاخَهَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا زَادَهُ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى مَتْنِهَا، فَلَوْ تَرَكْتُكُمْ حِينَ قَالَ مَا قَالَ فَقَتَلْتُمُوهُ، دَخَلَ النَّارَ فَمَا زِلْتُ حَتَّى فَعَلْتُ مَا فَعَلْتُ وَقَالَ مَا قَالَ ” أخرجه أبو داوود والنسائي
وقد نوه سماحة الشيخ محمود المبارك أنه يجب في الدعوة أن تحتمل كما احتمل رسول الله من الأذى فوطؤوا عنقه وآذوه وكذبوه وطعنوا فيه …..

النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ معه القليل من الماء والقليل من السويق من التمر ( وهو التمر القاسي ) ويصعد إلى غار حراء الذي كان يتعبد فيه جده عبد المطلب ومن قبله كثير وكان تعبّدهم التفكر في عبادة الخلق للأحجار من دون الله
وكان صلى الله عليه وسلم يختلي بربه ويتحنث ويتفكر حتى صفا قلبه ، فصار قلبه جاهزاً للإلهام الرباني ، حتى أتاه الوحي
وفي البداية كان الأمر صعبا على رسول الله وكان لا يقدر على إحتماله حتى كان يرجع إلى بيته وهو يرتجف ويقول زملوني زملوني ، دثروني دثروني

وختم سماحة الشيخ محمود المبارك بجكمة حياتية : نظرت إلى الراحة الكبرى فلم أرها تنال إلا على جسرٍ من التعب

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: