الحث على الكسب الحلال

2020- 01- 16
الحمد لله والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم .

يقول تعالى في سورة الجمعة : ” فإذا قُضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلّكم تفلحون ” ، إذاً علينا أن نكسب الكسب الحلال فهو عبادة وأن نزكي أموالنا عندما تبلغ النّصاب وأن نذكر الله الذكر الكثير… ولا نكون كالمنافقين ” ولا يذكرون الله إلّا قليلاً ” ،لقد حثنا الإسلام على الكسب الحلال… سيدنا داود كان يصنع الدّروع من الحديد قال تعالى : “أن اعمل سابغات وقدّر في السّرد ” ، السّابغات يعني حلقات من حديد يلبسها المحارب فتغطي جسمه ولا تصيبه السّهام .

وسيّدنا سليمان كان نبيّاً وملكاً وكان يفهم لغة الحيوانات وقد سخّر الله له الرّيح تجري بأمره… وكلّ هذا لنشر دينه ، ومرّةً جاء أحد الأغنياء طلب من سيّدنا سليمان أن يدعو له ربّه كي يفهم على الحيوانات… نصحه سيّدنا سليمان ليس خيراً لك ذلك ولكنّ الرجل اصرّ…وذات يوم استيقظ وسمع كلام الديكة والدجاجات فحمد الله أن استجاب الدّعاء وأصبح يفهم لغة الحيوان…

ذات يوم جاء الثعلب وطلب من الدّيك دجاجة ليأكلها قال الدّيك : لن أفرط بها …انتظر للغد ستموت البغلة وتأكل منها… لمّا سمع الرجل أن البغلة ستموت نصح صاحبها ببيعها… قال الدّيك : باعوا البغلة ولكن بعد يومين ستموت الجارية ويذبحوا لها فتأكل وتشبع وانتظر الثّعلب.. ذهب الرّجل لأهل الجارية وأخبرهم فباعوها…كاد الثّعلب يموت جوعاً وعاتب الدّيك قال : أتهزأ بي… قال بعد يومين سيموت صاحبي ويذبحوا له …فسمع ذلك الرّجل وذهب وأبلغ النبي قال : طلبت علماً لا ينفعك كانت ستفدى القصّة بالدّجاجة الآن صاحب الدّجاجة سيموت .

أنت لا تتدخل فيما لا يعنيك ولست أهلاً لهذه الأمانة ، اعمل واكسب الكسب الحلال فالأنبياء كانوا يعملون… قال صلّى الله عليه وسلّم : ( إنَّ الله يحبّ العبد المؤمن المحترف الحكيم ) كانوا يقولون : صنعة في اليد أمان من الفقر وقال صلّى الله عليه وسلّم : (إنَّ الله يحبّ أن يرى عبده تعباً في طلب الحلال ) .

النبي صلّى الله عليه وسلّم سأل أحد العمّال لماذا يدك خشنة قال : من المجرفة… فأخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم يده وقبّلها أمام النّاس حتّى يفهموا أن الإسلام يعظّم العامل ويكرّمه ، وعلى ربّ العامل أن يعطي العمل ما يستحق على تعبه ولا يغشّه ولا يأكل تعبه لأنّه إن فعل ذلك سيتحول العامل إلى مقصّر وغشّاش وربما يترك العمل .

سيّدنا موسى عمل عشر سنوات عند النّبي شعيب برعي الأغنام والقصّة عندما هرب سيّدنا موسى من فرعون حين أخبروه أنّه يبحث عنه ليقتله بسبب قتله لأحد الرجال خطأً ” فوكزه موسى فقضى عليه ” طه ، عندما أراد أن يحلّ نزاعاً بين متخاصمين… وسافر من مصر إلى فلسطين وعمل عند النّبي شعيب راعياً للأغنام عشر سنوات وتزوّج من ابنة النبي شعيب وذلك لأنّه هرب من فرعون لينجو من حكم الإعدام .

وقانون فرعون عندما يغيب الشخص عن البلد عشر سنوات يسقط عنه الحكم ، وأراد فرعون أن يتخلّص من موسى فقال: ” ذروني أقتل موسى إني أخاف أن يبدّل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ” فأراد أن يغيّر القانون ليقتل موسى فلم يوافق النّاس … وقال موسى : ” إنّي عذت بربّي وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب ” ، أراد سيّدنا موسى بعد أن أنهى خدمة سيّدنا شعيب أن يعود إلى مصر فسار بأهله وفي الطّريق رأى ناراً مشتعلة فقال لأهله : “امكثوا إنّي آنستُ ناراً لعلّي آتيكم منها بقبس أو أجد على النّار هدى ” .

فسار باتجاه النّار…فوجدها نوراً… قال تعالى : ” اخلع نعليك إنّك بالوادي المقدّس طوىً وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنّني أنا الله لا إله إلّا أنا فاعبدني وأقم الصّلاة لذكري إنّ السّاعة آتيةٌ أكاد أخفيها لتجزى كلّ نفس بما تسعى فلا يصدّنّك عنها من لا يؤمن بها واتّبع هواه فتردى وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى قال : ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حيّة تسعى فال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى …” طه .

إنّ الله تعالى درّب سيّدنا موسى ليذهب إلى هداية فرعون ” اذهب إلى فرعون إنّه طغى “، فطلب منه أن يذهب لهداية فرعون الطّاغية ويأتيه بالأسلوب اللّين اللّطيف ويقنعه بالتوحيد عن طريق آيات واضحات أول إشارة العصا التي تتحوّل إلى حيّة تسعى وثاني إشارة : أن يضمّ يده الشّديدة البياض من البرص إلى إبطه فتخرج بيضاء من غير برص… لعلّه يهدي فرعون…

فطلب سيّدنا موسى من الله أن يذهب معه أخاه هارون فقال : ” اجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبّحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنك كنت بنا بصيراً ” طه ،أراد أن يأخذ معه أخاه هارون ” ربّ اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني ” طلب أخاه معه لأنّه أفصح منه لساناً وسبب لكنه سيّدنا موسى قصّة حدثت له وهو صغير …

كان في حضن فرعون وأراد فرعون أن يختبره لأنّه شكّ انّه سيصبح عدوّه ويقضي على ملكه فكان فرعون يلاعبه وموسى يشدّ لحية فرعون عندما بلغ السّنة فأراد ذبحه فتدخلت آسيا زوجته وقالت هذا طفل لا يفهم افحصه أحضر له صحناً من التّمر وصحن من الجمر وانظر ما يأخذ وعندما نفّذ ذلك فرعون …مدّ سيّدنا موسى يده على صحن التّمر فجاء سيّدنا جبريل وسحب يده إلى صحن الجمر فأخذ جمرة ووضعها على لسانه فلذع لسانه قال له آسيا أرأيت إنّه طفل لا يفهم فعفى عنه فرعون . لذلك طلب سيّدنا موسى ” اجعل لي وزيراً من أهلي” وعندما وصل موسى إلى مصر وجد أخاه هارون ينتظره… قال من أخبرك ؟ قال أخبرني الله …

يا بني إذا كسبت السّعادة في الدّنيا والآخرة عندما تصدّق تكسب رضا الله فمن كسب رضا الله كسب كلّ شيء ومن خسر رضا الله خسر كلّ شيء .

(Visited 1 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: