إتباع المعلم

السيرة النبوية الشريفة (8) 29_3_2021
استفتح سماحة الشيخ محمود المبارك الدرس ب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد إمام الذاكرين والمذكّرين وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.
سيرة النبي والتفقه فيها فرض عين أهمله كثير من الناس، من هذه السيرة العطرة تفقّه فيه وهو كيف كان قبل معركة بدر في ضعف المسلمين عندما كانت تنزل الآيات بتحريم القتال وهذا أمر جليل.
ولكن لماذا؟ لأنهم غير مؤهلين.
يقول سيدنا عمر رضي الله عنه: يا رسول الله لماذا هذا الهوان؟ ولم نحن مختبؤون في بيت ابن الأرقم؟ فيرد عليه النبي و يقول: إنكم قليل.
وبعد ذلك أُذن القتال ولم يفرض. قال تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذينَ يُقاتَلونَ بِأَنَّهُم ظُلِموا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصرِهِم لَقَديرٌ﴾ في سورة الحج.
عندما ظلم المسلمون …ثم كتب بعدها عليهم القتال. قال تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتالُ وَهُوَ كُرهٌ لَكُم ﴾ لأنهم قلَّة قليلين وليس لهم عتاد مناسب. وبعدها عندما صار عندهم القوة والعتاد فُرض عليهم القتال حتى يوصلوا العلم إلى أهله.
إذاً المعارك في الإسلام والقتال له هدف وهو لإيصال الدواء للمرضى وعندما يمنعك أحد من ذلك عليك أن تقاومه…
علينا يا بني أن نتعلَّم الفقه الكامل وليس فقط فقه الصلاة والوضوء وإنما فقه القتال أيضاً، فالنبي صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته كانت تُلقى أمام بيته القمامة وفي قدره الذي يطبخ فيه وعندما يجد القمامة النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما هذا؟ ما هكذا يُعامَل الجار الصالح. أي أن النبي لا يؤذيهم فلم يؤذونه؟!
لذلك وجدوا في بداية الدعوة المشاق فصبروا واحتسبوا. وفي يوم من الأيام جاء اليوم الذي فازوا وانتصروا.
من سخافة الكفار المشركين جاؤوا يوماً عند أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم و قالوا: دعنا نعطيك عمار بن الوليد خيرة شباب قريش وزينتهم وتجعله ابنك وأنت تعطينا ابن أخيك فنقتله، فردَّ عليهم أبو طالب ما أسخف عقولكم، هل تريدون أن تعطوني ابنكم أربّيه لكم وأنا أعطيكم ابني لتقتلوه؟! فاختزوا عندها ولم يردوا عليه بكلمة.
الله سبحانه وتعالى يهيئ في كل زمان من يحمي هذا الدين وهذه الدعوة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله رضي لهذه الأمة اليسر وكره لها العسر)
ولكن عليك أن تبقى مستمراً ولكن الشيطان يوهمك أن هذا الضباب عبارة عن جبال وتلال وعليك أن تغيّر وتبدّل هدفك.
يا بني سيّد الخلق مرَّ بشدائد وصعاب ولا بدَّ لنا منها فعلى حسب الشدائد يكون هناك الأجر العظيم.
بعض الصحابة دخل بجوار خاله والمسلمون يأكلون الذل والضرب، وهو في جوار خاله محمي بحمايته. وعندما رأى ذلك لم يصبر وردَّ جيرة خاله عليه و قَبِل بالضرب والهوان فسحب جيرته منه علانيةً عند الكعبة، فهمُّوا عليه وضربوه بشدة حتى تورّمت عينيه من شدة القسوة فشمت فيه خاله وقال: يا خال والله الذي لا إلٰه إلا هو إن عيني اليسرى مشتاقة أن تلاقي ما لاقت العين المضروبة. فيا بني عندما أنت تذهب للجامع وتريد أن تصلي فقط وهي في سبيل الله، يعطيك الله في كل خطوه حسنة وتكفير سيئة ورفْع درجة فما بالك عندما تذهب تدعو إلى دين الله وتجد المشقة والظلم، هل سيضيّعك الله؟!
كم يكتب لك الأجر والثواب وأنت لا تدري… نحن يا بني لا نريد أن نضع المشقة على أنفسنا لأن النبي يريد منا اليسر.
فإذا قمت للصلاة ولا تستطيع الوقوف سمح لك الدين أن تصلي قاعداً أو مستلقياً أو على جنبك حتى لو برأسك أو عيونك. قال تعالى: ﴿وَما جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدّينِ مِن حَرَجٍ ﴾
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشدُّد فقال: (لا تشدّدوا على أنفسكم فيشدّد الله عليكم فإن قوماً شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم)
فبنو اسرائيل أمرهم الله أن يذبحوا بقرة ليأخذوا من لحم فخذها قطعة ويضربوا بها الميّت ليعرفوا مرتكب الجريمة ويظهر القاتل، فأخذوا يشدّدون على أنفسهم ويخصصون في لون البقرة وشكلها وما إلى ذلك، حتى قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنهم ذبحوا أي بقرة لقبل الله منهم ذلك).
وكذلك مثال الذين اتخذوا الرهبانية وامتنعوا عن الزواج وهذا لم يأمر به الله وإنما هم من شدَّدوا على أنفسهم. ونحن في ديننا نقول لا رهبانية في الإسلام وإنما نلبس ونتطيّب و نتجمل من أجمل ما يكون.
النبي كان إذا مرَّ من شارع عرف المارة من بعده أنه مرَّ قبلهم من أثر عطره الغالي وكان يُرى على ثوبه أثر الزيوت العالقة من العطور عليها، فالإسلام جميل أجمل من العطور وملكات الجمال، لكن مصيبتنا أن هناك من وضع أقنعة تسيء للإسلام وتشوه صورته الحقيقية، فاذا أكرمنا الله تعالى بمن ينزع هذه الأقنعة ويظهر للناس حقيقة الإسلام لوجدت كيف أنه يسر وأنه لم يقاتل إلا مَن منع الماء عن العطشى، والنور عن الذين لا يرَون، والدواء عن المرضى وذلك للتمسك بهذا الدين الجميل
وهؤلاء الذين اتخذوا الرهبانية وتركوا العمل تجدهم ظلموا أنفسهم ولم يرعوها حق رعايتها، فالإسلام بيّن لنا كيف كان آدم فلاحاً و إدريس خياطاً ونوح نجاراً و محمد صلى الله عليه وسلم قال: (جعل الله رزقي تحت ظل رمحي) لأن النبي صلى الله عليه وسلم له من الغنائم الخمس بالجيش وله كل الغنائم إذا فتحت بالصلح دون قتال.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يواصل الصيام لعدة أيام دون فطر وهي فترة خاصة للنبي ولا يستطيع عليها الصحابة الكرام، مثاله مثال من يكون راكباً دراجة وأنت تريد أن تلاحقه مشياً على الأرجل، عندها ستهلك وتتضرر، عندما علم النبي أن الصحابة يريدون تقليده في مواصلة الصيام زاد صومه أياماً أكثر وأكثر حتى يعلّمهم أنهم لا يستطيعون مهاراته في ذلك حتى قدم العيد فتوقف النبي عن الصوم من اجل العيد .
ونحن علينا أن نصوم شهر رمضان وبعده نصوم ما استطعنا كيوم اثنين وخميس أو ثلاثة أيام البيض وكأننا صمنا الشهر بكامله.
وكذلك علينا أن نعرف حقوق أهلنا وبيوتنا وعملنا في هذه الأيام فلا نتفرّغ للصيام و ننسى حقَّ أنفسنا. قال صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والتعمق في الدين فإن الله جعله سهلاً فخذوا منه ما تطيقون فإن الله يحب ما دام من عمل صالح).
عندما تمشي السيارة وترتاح كل فترة تستطيع أن تدور الدنيا كلها، أما عندما تمشي مرّة واحدة دون توقف مهما كانت جيدة و جبّارة تتوقف عندما تتعب وتقطعك في الطريق.
الإسلام يجعل النساء لها همّة الرجال، بينما في زماننا نرى الرجال همتها كهمة النساء.
في زمان النبي قدمت النساء تطالب بحقها فقالت إحداهن: يا رسول الله الرجال يجاهدون ولا نجاهد، ويصلون الجماعة ولا نصلى، الرجال يعودون المرضى ولا نعودهم، ونحن في البيوت نحمل و نلد و نربي الأولاد ونحمي بيوتكم وبذلك ذهب الرجال بالأجر كله، وليس لنا شيء منه.
أم عمارة رضي الله عنها نسيبة المازنية كانت حاملة السيف في غزوة أحد وهي تقاتل بجوار رسول الله وتدافع و تحامي عنه.
في أحد المعارك تشاور رجل ما هو وزوجته أين المُلتقى إذا انتهت المعركة ؟ فقالت له: الملتقى إما في الجنة او في خيمة قائد العدو، فلما انتهت المعركة أتى الخيمة فوجدها قد سبقته.
فوصفهم سماحة الشيخ محمود المبارك : كانت نساؤهم بهمة الرجال فالنبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يفهم النساء أن الأجر لا يذهب منه شيء وإن كانت امرأة فقال: ( إن تبعُّل إحداكن لزوجها يعدل ذلك كله ) فالزوجة تنتظر زوجها عند الباب وتقوم بكل طلباته وتقضي كل حاجاته، حتى انها تتفرَّغ من خدمة أولادها لخدمته وتأمين الراحة له لدرجة أن صلاتها تكون الفرض فقط في حضوره.
ولكن المرأة المهملة التي لا تجد من يعلّمها فقه التعامل مع زوجها تجد بيتها مليئاً بالمشاكل، لذلك على الزوج أن يعلم زوجته ويربيها فقد أعطاه الله سبحانه وتعالى سنة كاملة من وقت الزواج وحتى مجيء الولد لكي يعلمها ويشرف على تربيتها وتصرفاتها معه و في بيتها والأفضل أن يسلّمها للآنسة والشيخ وهي في بيتها يعلمونها أمور دينها.
في بعض الأمور لا تستطيع أنت وإنما الآنسة و الشيخ يستطيعان.
فحدثنا سماحة الشيخ محمود المبارك أن : نساء الصحابة كانوا يريدن التشارك بكل شيء، فعلى المرأة أن تكون مرأة في بيتها لا تتعالى ولا تتكبر على زوجها، ولا ترفع صوتها بحضوره، ولا تزعجه بحسبها ونسبها، ولكن تختار كل ما يسعده ويرضيه، وإذا لم تمتثل بذلك سيطلقها زوجها و يخرب بيتها لعدم امتثالهم العلم و التزامهم بالمجالس التي تزكي النفوس و تفقّه العقول فترى الأولاد ضاعوا بين الأم والأب،فإذا أتوا الأب ضاعوا وإذا أتوا الأم جاعوا.
كان من النساء في عهد النبي من تداوي الجرحى ومن تسقي الماء فانظر همة المرأة المؤمنة التي تريد أن تصل وتوصل من حولها لبر الأمان.
قيل لجحا يوجد في بيتك مصيبة ، فقال: لعلها ليست في عائلتي، فقالوا: هي في عائلتك، فقال: لعلها لا تكون فيَّ، فقالوا: هي فيك، فقال: رجلي هذه لا علاقة لها بالرجل الأخرى. وهذا هو حالنا الآن لا تحمل المسؤولية ولا أهميه العمل الصالح.
في معركه أحد لم يبق مع النبي سوى ثلث الجيش فنفر عندها النساء ليساندوا النبي خوفاً عليه كي لا يضع الدين.
علينا دائما الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإذا أمرنا بالرفق نرفق وإذا أمرنا بالشدَّة نشدد.
عندما كان النبي عليه الصلاة والسلام في معركة الخندق مرُّوا بشدة وهي ظهور صخرة كبيرة وقاسية ولم تنكسر معهم فأتوا النبي يشتكون له ذلك، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ يضربها وقال بالضربة الأولى عندما انفلقت وخرج منها النور: ( أبشروا باتجاه اليمن) فبشرهم النبي أن اليمن ستفتح لهم وبلاد فارس وبلاد الشام في ضربات ثلاث وكذلك حصل بفضل الله.
فكسَّر النبي تلك الصخرة وحصلت المعركة وفاز النبي صلى الله عليه وسلم. والمسلمون بفضل الله وهذا الخندق الذي لم يكن معروفاً أصلاً عند أهل قريش.. وإنما استدلّ عليه النبي عندما سأل الصحابة عندما اتفقت قريش لقتال النبي والمكر بالمسلمين فأشار عليه سلمان الفارسي بهذه الخطة، وأخبره أنهفي بلاده بلاد فارس إذا أتانا العدو قمنا بحفر الخنادق وتحصنا فيها لأننا لا نستطيع بقوتنا الحقيقية مجابهة هذه الجيوش القوية ونملأ هذه الخنادق بالمياه لمنع الأحصنة من المرور فيها
يُقال أن ابن ود هو الذي استطاع اجتياز الخندق والوصول للمسلمين ولكن الله أرسل إليه سيدنا علي رضي الله عنه تصدى له و قضى عليه نهائياً.
استجاب النبي صلى الله عليه وسلم لنصيحة سلمان و لم يريد المحاربة من حرصه أن لا يراق دم مسلم ولا حتى كافر وهو صلى الله عليه وسلم يطمع في إسلامهم او إسلام ذريتهم .
النبي صلى الله عليه وسلم عندما خرج من الطائف وقد ضربوه و عذبوه حتى لم يعد يعرف طريقه، أتاه جبريل عليه السلام و ملك الجبال وقال له: إن الله قد عرف مقالتهم فيك، وهذا ملك الجبال تحت تصرفك إن أردت أن يطبق عليهم الأخشبين ويقضي عليهم، فردَّ النبي عليه الصلاة والسلام وقال: ( لا لعلَّ الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله)
بذلك نتعلم رحمة الله الذي لم يأمر ملك الجبال بذلك، ورحمة النبي صلى الله عليه وسلم الذي لم يثأر لنفسه عسى أن يخرج منهم من يوحد الله ويعبده.
و عندما وصل النبي من الطائف إلى مكة وجدهم قد منعوه من دخولها، ذهب النبي بعدها لغار حراء وأخذ يرسل لقريش يطلب جيرة أحد معارفه، فرفض طلبه عدة أشخاص حتى بعث للمطعم وقال له: ( أنا في حمايتك ) فقبل ذلك وأرسل له أبناءه وحرسوه وأدخلوه مكة.
اجتمعت قريش وسألت مطعم هل أنت مجير أم تابع؟ فقال: مجير، فقبلت جيرته وسمحوا للنبي صلى الله عليه وسلم بالدخول فذهب للكعبة وطاف فيها وصلَّى وهم يحرسونه وأخذوه بعدها لبيته.
وقد طلبت قريش من مطعم أن يكفَّ محمد صلى الله عليه وسلم عن الدعوة شرطاً لقبول جيرته، فلم يخبره المطعم بذلك علماً منه بالحق الذي يدعو إليه محمد صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يسلم بعد.. فهم يعرفون الحق ولا يخضعون له لدرجة أن بعضاً منهم كان يأتي خلسةً يسمع تلاوة القرآن ويطرب فيه.. كما أن بعضهم سأل أبا جهل عن صدق النبي فقال: أنا أعلم أنه صادق ونبي حق ولكن لا أؤمن به.
النبي صلى الله عليه وسلم مدرسة في كل شيء في كل أعماله وأخلاقه فنحن هل نستطيع أن نلتزم خلقه و نبقى على نهجه بنفس الطريق وإذا لم نلتزم سنقع في الوادي ونضيع، فنحن نقتدي به بكل شيء حتى لو كلف ذلك حياتنا.
ويكون لنا الإرادة في الاتباع، قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿قُل إِن كُنتُم تُحِبّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعوني يُحبِبكُمُ اللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾.
فالاتّباع الصادق يكون بكل شيء مع القافلة التي تقودك فالإمام يجب أن نسير خلفه و نترك وساوس أفكارنا ولا نضيع أنفسنا، فالعناية الإلهية ستنقلك من صفاتك السيئة للصفات والأخلاق الحميدة حتى تصبح نسخه عن القطار المرتبط به فتصبح سرعتك كسرعته و حمولتك كحمولته وعندما يصل القطار ستصل معه أيضاً
الأخ عندما يكون لديه دعوة وأراد أن يستخدم عقله يضيع و يضيّع من حوله وأخوته إلا الموفّق منهم و هو قليل الوجود الذي يرى الحق حقاً والباطل باطلاً
فاسألوا الله التوفيق و أنتم في حذر دائماً من الشيطان والنفس وزلات الحياة.
فلو رفع عنّا الغطاء لرأينا شيئاً يحزننا ولكن الفضل الإلهي ببركة أهل الله وأحبابه ترى الله يسترنا ويتلطف بنا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما أنا فلا أعلم ماذا يفعل الله به ولا بكم) فابقوا محافظين على الاقتداء برسول الله، فإذا أردت الوصول لرسول الله عليك أن تقتدي بمن اقتدى به، وإذا أردت السير لوحدك و بينك وبينه 1400 عام ستضل وتتوه الطريق ولو استخدمت العقل والكتاب لأن الكتاب نفسه قال فيه تعالى:﴿ يُضِلُّ بِهِ كَثيرًا وَيَهدي بِهِ كَثيرًا وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الفاسِقينَ الَّذينَ يَنقُضونَ عَهدَ اللَّهِ مِن بَعدِ ميثاقِهِ وَيَقطَعونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يوصَلَ وَيُفسِدونَ فِي الأَرضِ أُولئِكَ هُمُ الخاسِرونَ﴾
أي وصال بعد صلة الأرحام وقبلها سنة أهل الله التي هي أولى من صلة الوالدين إن لم يكونوا مؤمنين.
كان مصعب رضي الله عنه عندما أسلم لا يستجيب لحبل أمه الذي ربطت نفسها به لتردعه عن دينه حتى إنها امتنعت عن الطعام والشراب وربطت نفسها في الصحراء حتى تستعطف قلبه ويترك دينه ولكنه لم يستجيب لها وقال: لو كانت لك مئة روح لما ارتددت عن ديني أبداً.
وخرج من عندها وهو صادق فمن صدقه رجعت وأكلت وشربت و كانت تفتخر بابنها الثاني الذي أسلم ومن هنا الله أتى هذا الولد الثاني الذي لم يسلم ومن فضل الله أتى هذا الولد الثاني المسمى عامر وأسلم مع النبي.
عندما وقع سعدٌ أخوه في الأسر قبل إسلامه، قال لهم: إن هذا امه ثريّة فاطلبوا له مبالغ عالية لفك أسره.
لم يقل هذا أخي وأمي وإنما إيمانه الصادق كان أغلى عليه من أهله الذين لم يستقيموا، قال تعالى: ﴿قُل إِن كانَ آباؤُكُم وَأَبناؤُكُم وَإِخوانُكُم وَأَزواجُكُم وَعَشيرَتُكُم وَأَموالٌ اقتَرَفتُموها وَتِجارَةٌ تَخشَونَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللَّهِ وَرَسولِهِ وَجِهادٍ في سَبيلِهِ فَتَرَبَّصوا حَتّى يَأتِيَ اللَّهُ بِأَمرِهِ وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقينَ﴾.
أي علينا أن نتبع المعلم و يكون أحب إلينا من كل شيء وبذلك نحصّل صفة الإيمان وإلا علينا أن ننتظر حتى يأتينا الموت فترى عذاب الله.
ختاماً قال سماحة الشيخ محمود المبارك :فمن جد وجد ومن سار على الدرب وصل، ما دامت النحلة تخرج وتقوم بواجبها سيأتي يوم من الأيام بعناية إلهية تمتلئ الخلية عسل، والعسل يوضع على موائد الملوك والعظماء ونحن يا بني نسير بفضل من الله وكرمه وسر أهل الله و يأتي يوم ونستكمل جميعنا الفضائل وإذا استكملناها يصبح كل شيء ملك لنا.
الطير عندما يستكمل الفضائل يأكل قبل الفلاح من الأرض.
لهذا عليك أن تتعلم من الطير الطيران فتصبح السماء والأرض وكل شيء ملك لك ولكن إذا بقيت بجناح واحد عندها ستقع وتجد القطط تنتظرك فتقضي عليك، فلا تطير قبل استكمال جناحيك.
أسأل الله لي ولكم التوفيق وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه هداة مهديّين غير ضالّين ولا مضلّين وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

(Visited 2 times, 1 visits today)

About The Author

You Might Be Interested In

LEAVE YOUR COMMENT

%d bloggers like this: